محمد فريد شهيد الوطنية الذى لاقى الجحود والنكران (13)

من تراب الطريق ( 1269 )

نشر بجريدة المال الأحد 27/2/2022
ـــــــــــــــــ
بقلم: الأستاذ/رجائى عطية نقيب المحامين

وجدت فى الصحيفة (227) من مراسلات محمد فريد ، كتابًا موجهًا إليه من وكيل الحزب على فهمى كامل ، وهو شقيق مصطفى كامل ، ونافس محمد فريد على رئاسة الحزب ، ولكن الأعضاء انتخبوا محمد فريد ، فيما يبدو ومن شواهد رأيناها أن ذلك ترك آثارًا سلبية لدى على فهمى كامل تجاه هذا الزعيم الوطنى الكبير.
كتب إليه فى 13 سبتمبر 1912 ، يقول :
« عزتلو حضره محمد بك فريد
السلام عليكم … وبعد فقد كلفتنى اللجنه المنتدبة من قبل اللجنة الإدارية للحزب للنظر في المسائل المستعجلة أن أبعثت إليكم هذا الخطاب المتضمن قراراتها الصادرة في 13 سبتمبر الجاري في البيان الآتى :

« نشرت جريدتا السيكل والاكسيون » اللتان تصدران في باريس ثلاث مقالات بإمضائكم إحداها عن المؤامرات الجنائية والأخريان اتهمتم فيهما الخديو بأنه اتفق مع إنكلترا سرًا على حمايتها مصر وفصلها من الدولة العلية في مقابل تسميته خليفة المسلمين . وقد ظهر إستياء الرأى العام المصري عامة والحزب الوطنى خاصة على أثر نشر كل مقال من هذه المقالات في أكبر مظاهرة . الأمر الذي عنيت به اللجنة الإدارية فاجتمعت في يومي 30 أغسطس ، 8 سبتمبر الجاري للنظر فى هذه المسألة الهامة بين مسائل أخرى و قررت تأليف لجنه من بين أعضائها لوضع حد لهذه الأمور وإصدار قراراتها باسم اللجنة الإدارية وقد اجتمعت هذه اللجنة المنتدبة اليوم لأول مرة و قررت بعد المناقشة سؤالكم فيما يأتي :
أولاً : هل حقيقة هذه المقالات من قلمكم .

ثانيًا : إذا كانت هذه المقالات من قلمكم فاللجنة تسألكم أن تدافعوا عن نفسكم كما يقضي بذلك قانون الحزب الأساسي .

ثالثًا : قد حددت لكم اللجنة ثلاثة أسابيع من هذا التاريخ بحيث إذا لم يصلها الرد على هذا لغاية يوم الخميس الثالث من شهر أكتوبر المقبل فإنها تعتبر ذلك امتناعًا منكم عن الإجابة .

هذا وتفضلوا فائق تحياتنا . وكيل الحزب ــ علي فهمي كامل » .
هذا والمؤامرات الجنائية التى يشير إليها الخطاب ، هى قضية المؤامرة الجنائية تتعلق بإتهام بعض شباب الحزب الوطنى فى تلك الفترة بالتآمر على اغتيال الخديو وكتشر ومحمد سعيد (باشا) رئيس الوزراء ، وقد ذهب البعض إلى القول بأن الاتهام كان مدبرًا وملفقًا للتصاعد بالإرهاب الاستعمارى إلى الذروة ، وقد حكم فى هذه القضية على إمام واكد بالأشغال الشاقة 15 سنة كما حكم على كل من : محمود طاهر العربى ومحمد عبد السلام بالسجن 15 سنة .
وواضح بسطور الخطاب ، إنحياز علي فهمي كامل والذين معه ، إلى الخديو ، والرغبة فى إرضائه ، وهذا هو الذي يعد خروجًا على مبادئ الحزب الوطني (القديم) ، وأن صيغة الخطاب (عدائية) تتجاوز العقوق إلى الإهانة ، فيما لا يجوز في اي عرف توجيهه لرئيس أي حزب ، ناهيك بهذا الزعيم الوطنى الكبير ، وأكد هذا التوجه الراغب ممالأة الخديو ، وإنتهاز الفرصة لمخاطبة رئيس الحزب بهذه الصيغة ، القيام بإرسال البيان إلى الأهرام لنشره ، لتكون الإساءة على عينك يا تاجر .

وجديرٌ بالذكر ، أن مقدمة مذكرات محمد فريد ، دراسة قيمة ، كتبها الدكتور عاصم دسوقي ، وقد أخذت على الخديو أنه أظهر إستجابته للحركة الوطنية ثم جعل يجهضها سرًّا ، وانقلب ممالئًا للإنجليز ، وأخذ يخطط بمساعدة بطرس غالى لضرب الحركة الوطنية ، وكان الإثنان قد سافرا إلى إنجلترا حيث « تقوت » سياسه الوفاق ، ومما ساعد الخديوي على استخدام سياسة الشدة ضد الحزب ، حصوله على أوراق مصطفى كامل بواسطة شقيقه على فهمي كامل ، وهى تتعلق بالمقابلات السرية التي كانت تتم بين مصطفى والخديوي في أوروبا ومصر . عندئذ أسرع محمد فريد إلى مهاجمة الخديو فى الصحف والإعراض عنه في مختلف المناسبات ، كما حدث عندما تواجد الإثنان في الآستانة بمناسبه احتفالات 23 يوليو 1909 الخاصه بالدستور التركى .

زر الذهاب إلى الأعلى