محكمة النقض لا تطبق القانون فقط..بل تفسر تطبيقه
بقلم: وليد محمد وهبه المحامى
بالطبع ان محكمة النقض هى السلطة القضائية والمرجعية العليا في الأحكام القضائية، ولكن كثير ما نسمع أن محكمة النقض تضع مبدأ قانونى جديد
وهذه جملة تحمل اللبس فهل محكمة النقض سلطة تشريعيه؟ تصدر قوانين؟ أم أن أحكامها تأتى بالمخالف لنصوص القانون؟
وفي واقع الأمر هذا لبس كبير يقع فيه المتصفحون لمبادئ محكمة النقض دون الرجوع إلى حيثيات وأسباب حكم النقض.
وأن المتبحر فى أحكام محكمة النقض يجد أن هناك أحكام قد خرقت النصوص الصريحة، والواضحة لكثير من النصوص القانونية، وفى هذا أهمية وميزة كبيرة أضافتها محكمة النقض لتوضح التطبيق السليم والصحيح للقانون.
وفي حقيقة الأمر محكمة النقض منذ بداية عهدها تعمل على التفسير العملى، والواقعى للقانون لذلك لا تستندوا لمبادئ الأحكام قبل أن تقرأوا مضمونها حتى تقفوا على الموقف الحقيقي، والصريح من المبادئ التى تقررها محكمة النقض ولهذا الامر اهمية وميزة كي يستفاد منها الباحثون للدفوع القانونية الرصينة التى يستند اليها فى مذكرات الدفاع
فعلى سبيل المثال لا الحصر.
فمحكمة النقض فى القضايا الاشهر وهى الايجارات اقرت بان قضاء محكمه الموضوع بالزام المؤجر بتحرير عقد إيجار لورثه المستأجر من الدرجه الثانيه مخالفه لحكم المحكمه الدستوريه العليا الصادر بعدم دستوريه نص الفقره الثانيه من المادة٢٩ من قانون الإيجارات، فهي أول من قررت مبدأ المساكنة وأول من وضعت شروط كي يكون المساكن مستأجر أصلي
فى دعاوى الفسخ على الرغم من الزام القانون الدائن بأن يعذر المدين قبل رفع الدعوى إلا أن محكمة النقض اقرت بإعفائه من الأعذار إذا اشتمل التكليف بالوفاء فى صحيفة الدعوى، بل إنها اكتفت أن الشرط الفاسخ الصريح الذى يعفى من الأعذار يطبق، ولكن لا يعفى من اللجوء للقضاء حيث أن محكمة النقض هى أول من أعملت نفاذ الشرط الفاسخ الصريح.
محكمة النقض أول من طبقت الحقيقة العملية للدفع بالتجريد للكفيل سواء كان عادى أو متضامن حيث أقرت أن الكفالة إلتزام تابع للدين الأصلي، ولا ترفع الدعوى على الكفيل دون المدين ولو كان القانون قد نص على جواز ذلك لكن فى هذا تأصيل هام للحفاظ على الحقوق والأموال الخاصة، وحتى لا يتعسف فى استعمال الحق تجاه شخص واحد دون الأخر، وفي هذا إقرار لمبدأ العدالة.
محكمة النقض أول من استثنت عمليات البنوك من الفوائد القانونية المنصوص عليها فى القانون المدني، والقانون التجاري على الرغم من تقيدها للمطالبات بالفوائد القانونية، على ألا تزيد عن القدر المحدد بقرار البنك المركز فى حاله مرور فتره من الزمن على تاريخ استحقاق الدين لا تحتسب فوائد تاخير عن تلك المده كخطأ للدائن وتقصيره للمطالبة.
ولو تحدث عن الممثله فلن يتسعنى مقال بل سوف يكون فى مجلد ضخم من تفسير العقود والالتزامات وترتيب الحقوق ونشأتها من عدمه بحسب اختلاف الحالات.
الأمر الذى يجعل الكثيرين متطربين ويدعون بان احكام محكمة النقض متناقضة أو أن مبادئها لم تساير حيثياتها، فنحن نرد عليهم ونصحح لهم هذا الفكر بأن، محكمة النقض تفسر التطبيق العملى للنصوص القانونية بحسب كل حالة علي حدى فلا تكتفوا بقراءه المبادئ وانما اقرأوا حيثيات الاحكام حتى تقفوا على التطبيق العملى لنصوص القانون