محاماة مرفوعة الرأس
ماهر الحريري
هياج بلا هدنة، ورياح بلا سكينة، أشبه ببحر تتلاطم أمواجه، وتشتد به الأعاصير، فبات خطره يهدد السفينة والركاب.. تلك هي أحوالنا على صفحات التواصل، تظهر اختلافات حول تعديلات قانون المحاماة الآراء ما بين مؤيد لها ومعارض، ولكل رأيه ويحترم، عندما ترافقه الحجة، ويعززها السند القانوني برأي حر سديد، وتفسير صحيح لنصوص الدستور والقانون، منزه عن كل هوى، وبعيدا عن كل الخلافات.
ذلك ما تقتضيه المصلحة العامة، إن كنا بحق نعمل لمصلحة المحامين والمحاماة. وعجبت كل العجب من تفسيرات المعارضين لهذه التعديلات، وطفت على السطح نياتهم، ففضحت الأغلبية منهم.
وجاءت بعض التفسيرات لا تتوافق إلا وأهواء شخصية، وكثير منها تحمل بين طياتها مقاصد تحريضية، قاصدة إثارة المحامين فقط، في محاولة من أصحاب المصالح لعرقلة مناقشة التعديلات، وصدور القانون.
ولن أخوض في التعديلات بحثاً، فكل حسب هواه يفسر. وفي النهاية للمشرع في التعديلات مقصد، وللمعارضين ألف هدف، وهدف فالأساسي منهم هو محاولة إبعاد عاشور عن الانتخابات. فالواضح أن جميعهم يخشى معه المواجهة، ولا أدري لذلك سبباً، مادام المحامون
هم أصحاب الاختيار، وأسياد القرار، لكن يبدو أنه لهم هو الأسد المرعب. وأيا كان السبب، فستبقى هذه التعديلات إنجازا يحسب لعاشور ومجلسه، يسجله التاريخ لهم بحروف من نور.
وقبل أيام من عرض تلك التعديلات للمناقشة، أهيب بكل الحكماء، أساتذتي وزملائي، توخى الموضوعية في التقييم، والأمانة في التفسير، في ضوء تعديلات مطروحة، نصوص دستور واضحة جلية، تتجلي فيها عظمة المحاماة، تحمي المحامى، وترتقي بضمانات حق الدفاع، بحسبانها ضمانات تمتد لمجتمع بأسره، يستفيد منها القائم بمهام الدفاع.. محاماة تستبعد عن نقابة المحامين كل دخيل، وتعود بها نقابة المحامين لأصحابها الأصليين.. محاماة تستفيد منها هذه الفئة بعلاج ككل مواطني الدولة، بحسبانهم من مواطنيها، شأنهم في ذلك شأن كل مواطن.. محاماة تجمع وتحافظ على أموال المحامين لتستفيد منها النقابة، يمثلها تحصيل مباشر لأتعاب المحاماة لتزيد بها مواردنا.. محاماة نرتقي بها فكرا لنعود بها، بعد تنقية، محاماة شامخة أبية مرفوعة الرأس، تقهر ظالما، وتقتص، دون خوف أو تهديد،
لكل مظلوم.