مارست أشد أساليب التعذيب و راح ضحيتها خمسة ملايين إنسان.. فما هي محاكم التفتيش؟
كتب/ عبدالعال فتحي
بدأت أعمالها بهدم الحمامات العربية، ومنع الاغتسال على الطريقة العربية، ومنع ارتداء الملابس العربية أو التحدث باللغة العربية أو الاستماع إلى الغناء العربي، ومنع الزواج على الطريقة العربية أو الشريعة الإسلامية، ووضعت عقوبات صارمة بحق من يرفض شرب الخمر أو تناول لحم الخنزير، وكل مخالفة تعد خروجًا على الكاثوليكية يحال صاحبها إلى المحاكمة داخل محاكم ذات نمط عجيب وغريب، مارست أساليب في التعذيب لم يمارسها أكثر الطغاة وحشية عبر التاريخ، إنها محاكم التفتيش، التي عرفت بأنها ديوان أو محكمة كاثوليكية نشطت خاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر.
مثلت محاكم التفتيش إبادة لهوية أمة، وكان يكفي لإدانة أي إنسان مجرد الاشتباه به دون وجود تهمة حقيقية أو شواهد، وكانت تقبل شهادة الأطفال والخدم والمجانين والعبيد والسكارى، كما كان الطرد والحرق والتعذيب والإهانة هو وسيلة تلك المحاكم لإخراج الناس من عقيدتهم.
وذكر أنه كان المحكوم عليهم بالموت حرقًا يقادون عبر الطرقات حتي الساحة التي يتلون فيها حكم المحكمة، ثم يتم تحريقهم وسط ضجيج المتفرجين. وكانوا يأتون بأهل المحكوم عليهم ليشاهدوا حرقهم، وكان الإحراق بطيئا حتي لا يتم الموت بسرعة.
كان المتهم الذي يمثل أمام المحكمة يخضع لاختبار أولي، وهو أن يشرب كؤوسًا من الخمر يحددها المحاكمون له، ثم يُعرض عليه لحم الخنزير ويطلب منه أن يأكله، وبذلك يتم التأكد من المتهم أنه غير متمسك بالدين الإسلامي وأوامره، ولكن هذا الامتحان لا يكون عادة إلا خطوة أولى يسيرة جدًّا إزاء ما ينتظر المتهم من رحلة طويلة جدًّا من التعذيب، إذ يعاد بعد تناوله الخمر وأكل لحم الخنزير إلى الزنزانة في سجن سري ودون أن يعرف التهمة الموجهة إليه.
ذكر من ألوان التعذيب التي استخدمتها تلك المحاكم
تعذيب الماء
يتم توثيق المتهم في آلة شبيهة بالسلم ويخفض رأسه ويفتح فمه ويصب فيه الماء صبًا بكميات كبيرة وقد تنفجر معدته.
تعذيب التعليق
يوضع ذراع المتهم خلف ظهره ثم يعلق منها ويوضع ثقل من الحديد في جسده وقد تنخلع ذراعاه أحيانًا.
ألوان أخرى من العذاب
تعذيب الأسياخ المحمية في القدم وطحن العظام وتفسيخ الأرجل وخلع الفك وآلات لسل اللسان، ولتمزيق أثداء النساء، وسحبها من الصدور بواسطة كلاليب حديدية، ومجالد من الحديد الشائك لجلد المعذبين وهم عرايا حتي يتناثر اللحم من العظم، والكثير والكثير ولم يكن هناك حد معين للتعذيب.
جاء في تعريف تلك المحاكم
أنها ديوان أو محكمة كاثوليكية نشطت خاصة في القرنين الخامس عشر والسادس عشر، مهمتها اكتشاف مخالفي الكنيسة ومعاقبتهم. ان محاكم التفتيش هي “سلطة قضائية كنسيه استثنائية” التي وضعها البابا غريغوري التاسع لقمع، في جميع أنحاء العالم المسيحي، جرائم البدع والردة، وأعمال السحر، من القرن الثالث عشر إلى السادس عشر.
يمكننا أن نضيف على هذا أن محاكم التفتيش، التي أنشئت أصلا لمحاربة الهراطقة: الكاثار، والوالدان باتارينس، انها ضد البدع الأخرى والسحر وفي أسبانيا – حيث تبقى فترة طويلة – ضد اليهود والمسلمين المتحولين. وكما انها تستخدم في كثير من الأحيان كأداة سياسية (على سبيل المثال، في فرنسا، استخدمها الملك فيليب لوبيل ضد فرسان الهيكل).
على مر التاريخ، كانت هناك العديد من المحاكم المتخصصة من هذا القبيل. فمن الممكن التمييز بين ثلاثة محاكم تفتيش مختلفة، والتي لها بنود مستقلة:
محاكم التفتيش في القرون الوسطى، التي تعرض على المحاكم الكنسية من قبل البابا اينوسون الثالث.
محاكم التفتيش الإسبانية، تابعا لملك إسبانيا، التي تأسست في 1478، والتي اعتمدت عليها محاكم التفتيش البرتغالية، ومحاكم التفتيش في المستعمرات الإسبانية والبرتغالية
محاكم التفتيش الرومانية (مجمع للمحاكم التفتيش الرومانية والعالمي)، التي تأسست في 1542، والتي أعاد تسميتها في عام 1909 المجمع المقدس للمكتب المقدسة.
وقد ألغيت في القرن التاسع عشر واستبدلت بالمجمع المقدس لشؤون العقيدة والإيمان في الفاتيكان، وتعتبر محاكم التفتيش من أكثر مؤسسات البشرية السيئة الصيت، وقد تمت المبالغة في نقل فعالياتها حتى قيل أنه راح ضحيتها خمسة ملايين إنسان، في حين توضح كارين آرمسترونغ، أن ضحايا محاكم التفتيش لا يتجاوز 13 ألفًا.