لماذا سقط حكم الإخوان وضاع الأمل إلى الأبد !
بقلم: رجائي عطية نقيب المحامين
نشر بجريدة أخبار اليوم السبت 25/9/2021
ما قبل يناير 2011 ، كان الإخوان فى حالة صعود ، عددًا وانتشارًا ، وتعاطفًا من البعض ، ويبدو لى مما حدث بعد ذلك من تداعيات ، أن الإخوان لم يفهموا أسباب الصعود الذى كان ، فانقبلوا عليه وصولاً إلى ما أملوا أنه سيكون . صعود حركة الإخوان سلفًا ، من أسبابه أنهم نشدوا خدمة الناس فى سعيهم لنشر الدعوة والانتشار ، ولم يعادوهم كما عادوا الأنظمة ، وتعددت وسائل هذا الاقتراب لها ما بين توزيع السلع التموينية والخدمات ، وأنشطة المستوصفات ، والاقتصار « ظاهرًا » على الدعوة ، وإخفاء ما تعلق بالتطلعات إلى الحكم ، وتاه بين البعض سبب العداوة التى بينهم وبين الأنظمة ، هل سياستهم هى التى تستعدى الأنظمة أم أن الأنظمة هى التى تستهدفهم كما يقولون . ولم يهدأ الإخوان عن محاولة إقناع الناس بأن كل حوادث التفجير والاغتيالات مفتراة عليهم ، وأنهم منها أبرياء ، ووجدوا أحيانًا من يصدق أن حادث المنشية مدبر للإطاحة بهم ، وبذل الإخوان جهودًا خاصة لترميم ما يؤخذ عليهم ، كيما يحسنوا صورتهم فى عيون وقلوب الناس .
كل ذلك غاب عن الإخوان حين تطلعوا للوثوب إلى الحكم فى يناير 2011 ، وغاب عنهم أكثر فى سعيهم الحثيث لإقصاء الآخرين من على مسرح الانتفاضة التى قام بها الشباب وعمت البلاد , اعتراضًا على الحكم الذى كان ! ولم ينج من هذا الإقصاء ـ حتى أصحاب الانتفاضة ـ ليخلو للإخوان الجو على مسرح الأحداث ، وتنعدم المنافسة لهم على الحكم الذى أخذ عليهم كل رغابهم وتفكيرهم وتدبيرهم .
ومن هنا بدأ التباعد يزداد بينهم وبين الناس .
وزاد هذا التباعد حين وصلوا إلى دست الحكم بعد مناورات يطول فيها الحديث وتناولتها سلفًا بالتفصيل فى موضع آخر ـ أما ازدياد التباعد ، فكان سببه الأساسى الانحياز الواضح الصارخ ـ إنحياز حكم الإخوان ـ للأهل والعشيرة ، وهو انحياز لازمه ممارسات جمعت بين إقصاء الأغيار أو محاولة هذا الإقصاء ، وتقريب الأشياع من الأهل والعشيرة ، ولم يقم حكمهم بإخفاء هذا ، فإذا بقاتلى الرئيس أنور السادات يدعون إلى احتفالية حرب أكتوبر وهو صانعها وبطلها ، ويظهرون أمام الناس فى المهرجان الكبير بالإستاد ، بينما جرى تجاهل أسرة الرئيس الشهيد ، وتابع الناس محاولات هدم القضاء بإصرار ووسائل ومشاريع متعددة لأخونته , وكأن قضاة مصر من الكفار ما داموا من غير الأهل والعشيرة , ولم يخلق هذا تباعدًا بينهم وبين القضاة فقط , بل مع جميع المصريين , وقرروا ذات السياسة فى ضرب الصحافة وأخونتها فى مشاهد مؤسفة , فضلاً عن المحاولات المحمومة لهدم المحكمة الدستورية العليا بعد محاصرتها وفشل محاولات إلزامها بالحكم بما يرومونه تغطيةً للأخطاء الفادحة فى قرارات ما أنزل الله بها من سلطان , إلى غير ذلك مما ابتعد به الإخوان عن الناس الذين كانوا يتقربون إليهم واعتمدوا عليهم بأمس .
ثم كانت الخطيئة الكبرى فى موقفهم إزاء انتفاضة أربعة وثلاثين مليون مصرى خرجوا فى 30 يونيو 2013 ليقولوا « لا » لحكم الإخوان ، فإذا بالإخوان يعادون الشعب المصرى بأكمله ، ويتورطون فى اغتيالات استهدفت بسطاء الناس والنساء والأطفال إلى كبارهم والمسئولين وكبار الحكم ، وتدمير للمرافق العامة ومصادر ثروة وحياة الوطن ، وإشعال الحرائق ، وإقامة الحواجز أمام انسياب السلع المهمة ، لاسيما البترول ، إلى غير ذلك من النسف والتدمير , وإهلاك الزرع والضرع وهدم أبراج الكهرباء فى ربوع مصر , حتى تسبب قطع الكهرباء فى وفاة أطفال بالحضانات فى المستشفيات التى انقطع عنها التيار لم يعد العدو هو أنظمة الحكم , فهم وثبوا إلى الحكم , وإنما صار العدو هو الشعب ذاته , كل الشعب , والناس ترى وتفهم وتتصابر , حتى لم يعد فى قوس الصبر منزع , وهم يرون فيما يجرى اعتناق الإخوان لمبدأ لم يعد خافيًا عن الناس : إما أن نحكمكم أو نقتلكم !!! هنالك خسر الإخوان الجلد والسقط ، لم يخسرو الحكم فقط , ولكن لم يعد لهم أى أمل فى استرداد الحكم ، ولو بعد ألف عام !!