لماذا تعجلت الرحيل؟
أحمد بسيوني
لماذا تعجلت الرحيل، وأنت بعد على الموت صغير؟ لماذا غادرت دون أن تودع أو تقول؟ لماذا أسرعت المسير، ولم تقلد سيفك ولا رمحك إلى أدهم الصغير، وتركته وحيدا لا يعلم أين يمشى أو يسير؟ أتذكر يا خالد لقاءنا الأول وأيضا الأخير، هاتفنى يومها نقيب الإسكندرية، رحمه الله، محمد المغربى، ليوصينى بك خيرا، وأن أستقبلك بدمنهور فى أول انتخابات لك فى 2001، فقلت له إن لوالده النقيب الأمين أبو كريشة، نقيب سوهاج، دينا فى رقبتى، وجب على أن أؤديه، فهو على رأس الذين علمونى العمل النقابى الحر الجرئ، وأنا فى بداياتى مازلت عضوا صغيرا . لم تمكنى أنت يا خالد من أقدم لك شيئا، بعد أن قدمتك للمحامين، فلقد كنت مفوها، ولديك قبول.. انتزعت لنفسك فى قلوب المحامين مكانا بك يليق. ومن يومها، أكملت أنت المسير، منطلقا بلسان قوى الحجة، أمين العرض، نزيه اليد، شامخ الرأس. هكذا، كان قوامك يا خالد وطريقك، طوال عشرين عاما. حتى الانتخابات الأخيرة، التى زاملتك فيها عضوا عن الخمسة عشر على مستوى الجمهورية، كنت أنت فيها الأول، وأنا الوصيف. عشرون عاما قضيتها يا خالد غريبا بعيدا عن أهلك، ودارك، وبلدك، ومحبيك، فى انتظار أن تأتى المقادير بما يرضيك. وأسفاه، عدت إلى دارك فى صندوق أصم، يودعك أحباؤك وأصدقاؤك، وهم فى ذهول . أين خالد ؟ ماذا جرى؟ ماذا حدث؟ لماذا تلك الميتة الخاطفة؟ لماذا هذا السفر الطويل؟ هكذا يا صديقى، قدرت لك المقادير . أتذكر اللقاء الأخير، لم يكن بتدبير، إنما بدعوة منك لألقاك بمكتب السيد النقيب، مساء الإثنين الماضى، وكأنك يا عزيزى تودعنى، ولم أرك من بعدها . لمن ماضيك؟ لمن لمن غدك؟ إذن، لن يضيع هباء، سيكون نبراسا لمحبيك، ولطلاب مدرسة أنت سيدها، مدرسة الأخلاق الحميدة، يحملون رسالة تقول: هكذا العمل النقابى الأمين، وإلا فلا. لله درك يا خالد، عشت أبياً، ومت خالداً، وتركت علامة استفهام كبيرة بأن الدنيا لا تساوى شيئا، فليرحمك الله رحمة واسعة.. إنا لله وإنا إليه راجعون.