لا يجوز النقض حيث لا يجوز الاستئناف
بقلم: عمر محمود عبد الصمد المحامي
يقول الأستاذ الدكتور رؤوف عبيد: “حين ينسد طريق الاستئناف، ينسد الطعن بطريق النقض”.
ومعنى أن الأحكام الجائزة الاستئناف فقط هي التي يجوز لاحقا (بعد استئنافها) الطعن عليها بالنقض يتضح من خلال: المادة 248 من قانون المرافعات المدنية والتجارية رقم ١٣ لسنة ١٩٦٨، والمادة رقم 30 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض رقم 57 لسنة 1959.
حيث تنص المادة 248 مرافعات على أنه ” للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف إذا كانت قيمة الدعوى تجاوز مائتان وخمسون ألف جنيه أو كانت غير مقدرة القيمة.
وتؤكد محكمة النقض هذا المعنى وتشير إلى الاستثناء الوارد عليه في المادة 249 مرافعات بقولها: ذلك أن المقرر – أصلاً – بنص المادة ٢٤٨ / ١ من قانون المرافعات أن الطعن أمام محكمة النقض إنما يكون في الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف في الحالتين المنصوص عليهما بها وأنه استثناء من هذا الأصل تنص المادة ٢٤٩ من ذات القانون على أن للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي – أياً كان المحكمة التي أصدرته – فصل خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الأمر المقضي وهى مرتبة يصل إليها الحكم إذا أصبح أثره الملزم نهائياً غير قابل للطعن فيه بطريق من طرق الطعن الاعتيادية وإن ظل قابلاً للطعن فيه بطريق غير عادى.
ومؤدى ذلك أنه لا يجوز الطعن بالنقض في الأحكام الصادرة من المحاكم الجزئية القابلة للاستئناف حتى ولو صارت نهائية بفوات ميعاد استئنافها أو بقبولها من المحكوم عليه، وإنما يكون الطعن بالنقض في الاستئناف الذي يرفع عنها فإن استغلق سبيل هذا الاستئناف صارت باتة لا يجوز الطعن عليها بطريق النقض.
وتنص المادة 30 حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على أنه: “لكل من النيابة، والمحكوم عليه، والمسئول عن الحقوق المدنية والمدعى بها الطعن بالنقض في الحكم النهائي الصادر من آخر درجة في مواد الجنايات والجنح وذلك في الأحوال الآتية:
١ – إن كان الحكم المطعون فيه مبنيًا على مخالفة القانون أو على خطأ في تطبيقه أو في تأويله.
٢ – إذا وقع بطلان في الحكم.
٣ – إذا وقع في الإجراءات بطلان أثر في الحكم.
ويستثنى من ذلك الأحكام الصادرة في الجنح المعاقب عليها بالغرامة التي لا تجاوز عشرين ألف جنيه، ومع ذلك، فللنائب العام الطعن في الحكم لمصلحة المتهم “.
ويستبين من نص المادة 30 سالف الإشارة أن الطعن بالنقض في الأحكام الجنائية يكون لتلك الصادرة من محكمة آخر درجة في الجنح والجنايات أي محكمة الجنح المستأنفة في الأولى والجنايات في الثانية، مع ملاحظة أن محاكم الجنايات حتى الآن هي من درجة واحدة هي الأولى والأخيرة، وفي انتظار تعديل القانون حتى يتوافق مع النص الدستوري الذي يلزم بأن يكون هناك استئناف للجنايات أي درجة أخرى، حيث تنص المادة 240 من الدستور المصري الصادر في 2014 على أنه “تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك”، وينظر الطعن بالنقض في الجنح المستأنفة محكمة أو أكثر من محاكم الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، على أن تسرى أحكام قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض على الطعون التي تختص بنظرها هذه المحاكم.
وختاما وكما بينا: فلا يجوز (بحسب الأصل) الطعن بالنقض طالما لا يجوز الطعن بالاستئناف، فلابد أولا من ولوج طريق الطعن بالاستئناف قبل طرق باب النقض، فإذا ما ضيع الطاعن حقه في الاستئناف، استتبع ذلك حتما أن يجعل درب النقض مؤصد.