في حكم لها.. «النقض» توضح مدى صحة استعانة الشاهد بصورة ضوئية لمحضر الإجراءات أثناء الشهادة
كتب: عبدالعال فتحي
أكدت محكمة النقض خلال حكمها بالطعن رقم 14070 لسنة 90 قضائية، أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أو صورة ضوئية لمحضر الإجراءات أثناء الشهادة ـ بفرض صحته ـ أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى، وإذ أقرت المحكمة تصرف المحقق سماحه للشاهد الأول الاستعانة بصورة محضر الإجراءات أثناء الادلاء بشهادته، فإن ما يثيره الطاعن في شأن شهادته بتحقيقات النيابة لا يكون مقبولاً.
الوقائــــع
اتهمـت النيابـة العامـة الطـاعـن ………………. الـريس في القضـيـة رقــم ۲۳۸۱
لسنة ٢٠٢٠ جنايات مركز دمياط المقيدة برقم ٢٢٤ لسنة ٢٠٢٠ كلي.
بأنه في يوم 21 من فبراير سنة 2020 – بدائرة مركز دمياط – محافظة دمياط.
ــــــــ أحـرز بقصد الاتجـار جـوهـراً مـخـدراً نبـات الحشيش الجـاف فـي غيـر الأحـوال المصرح بها قانوناً.
وأحـالـتـه إلـى محكمة جنايات دمياط لمحاكمته طبقـاً للقيـد والـوصـف الـــــواردين بـأمر الإحالـة.
والمحكمـة المذكورة قضـت حضــورياً بجلسـة 17 مـن أغســطـس سـنة ٢٠٢٠ عمـلاً بـالمواد ۱، ۲، 38/1، 42/1 مـن القـانون ۱۸۲ لسنة 1960 المعـدل بالقـانونين 61 لسنة ۱٩٧٧، ۱۲۲ لسنة 1989 والبنـد ( 56 ) مـن القــــــسم الثـانـي مـن الجـدول رقـم (1) الملحـق بالقـانون الأول المعـدل بمعاقبة ولـيـد رفيـق الـسـيـد المتـولي الـريس بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات وتغريمـه خمســـيـن ألـف جـنيـه وألزمتـه المصاريف الجنائيـة . وذلك باعتبار أن إحراز المخدر كان بغير قصد من الققصود الخاصة المسماة قانوناً.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض بتاريخ 31 من أغسطس سنة 2020، وأودعت مذكرة بأسباب الطعن بتاريخ 17 من أكتوبر سنة 2020 موقعاً عليها من محام مقبول للمرافعة أمام محكمة النقض.
وبجلسة اليوم سمعت المحكمة المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
المحكمـــة
بعد الاطلاع علي الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون.
ومن حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة إحراز جوهر مخدر بغير قصد من القصود الخاصة المسماة في القانون، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون ومخالفة الثابت بالأوراق، ذلك بأنه خلا من بيان واقعة الدعوى والأدلة التي أقام عليها قضاءه ومواد القانون التي طلبت النيابة العامة تطبيقها، والتفت عن دفاعه القائم على بطلان إذن النيابة العامة لصدوره عن جريمة مستقبلة، وعما قدمه من إقرارات موثقة لشهود نفي تدليلاً على تلفيق الاتهام، ومستندات تدليلاً على حدوث القبض والتفتيش قبل صدور إذن النيابة العامة.
ولم تعن المحكمة بإجراء تحقيق في ذلك الشأن ولم يتم عرض الطاعن على النيابة العامة فور ضبطه بالمخالفة لنص المادة 23 من قانون الإجراءات الجنائية مما حال دون إجراء النيابة العامة معاينة لمكان الضبط، وعول على أقوال شهود الإثبات رغم عدم معقوليتها وانفرادهما بالشهادة فضلاً عن أن شاهد الإثبات الأول تلا أقواله بالتحقيقات من صورة ضوئية لمحضر الإجراءات، وأورد الحكم قيام شاهد الإثبات الأول بإجراء التحريات المشتركة مع الثاني وانتقاله والشاهد الثالث لتنفيذ الإذن بالمخالفة للثابت في الأوراق، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت بتقرير المعمل الكيميائي، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رُتب عليها، وقد أورد الحكم مضمون كل منها في بيان واف ــ خلافاً لما يزعمه الطاعن ـ وكان القانون لم يرسم شكلاً خاصاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، فمتى كان مجموع ما أورده الحكم ــ كما هو الحال في الدعوى المطروحة ـ كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن على الحكم أنه لم يبين مواد العقاب التي طلبت النيابة العامة تطبيقها مردود بما هو مقرر من أن إغفال الحكم الإشارة في ديباجته إلى مواد القانون التي طلبت النيابة تطبيقها لا يبطله.
لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في مدوناته أن التحريات السرية التي أجراها المقدم ………….. ــــــــ رئيس مباحث مركز شرطة دمياط ـــــــــ بالاشتراك مع العقيد علي عبد العزيز عامر ــــــــ رئيس قسم مكافحة المخدرات بدمياط ــــــــ دلت على أن المتهم يحوز مواد مخدرة خاصة نبات البانجو ويستخدم سيارة ربع نقل بيضاء اللون رقم (د ب ج 2493) في نقل تلك المخدرات، فاستصدر إذناً من النيابة العامة بضبطه وتفتيشه، فإن مفهوم ذلك أن الأمر قد صدر لضبط جريمة تحقق وقوعها من مقارفها لا لضبط جريمة مستقبلة أو محتملة، وإذ انتهى الحكم إلى أن الإذن قد صدر لضبط جريمة واقعة بالفعل ترجحت نسبتها إلى المأذون بتفتيشه وليس عن جريمة مستقبلة فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ومن ثم فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن الرد على الدفع ببطلان إذن التفتيش لصدوره عن جريمة مستقبلة طالما أنه دفع قانوني ظاهر البطلان، ويضحي ما ينعاه الطاعن في هذا الشأن على غير أساس. لما كان ذلك.
وكان لا محل لما يثيره الطاعن من التفات المحكمة عن أقوال شهود النفي وما حوته المستندات المقدمة منه تدليلاً على وقوع الضبط والتفتيش قبل صدور الإذن بها، إذ هي غير ملزمة بالإشارة إلى أقوالهم ما دامت لم تستند إليها كما لها ألا تأخذ بدليل النفي ولو حملته أوراق رسمية، وفي قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردتها دلالة على أنها لم تطمئن إلى أقوال هؤلاء الشهود وتلك المستندات فأطرحتها مما يكون معه النعي في هذا الصدد غير سديد.
لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يطلب إلى المحكمة إجراء تحقيق بشأن دفاعه آنف البيان فليس له من بعد النعي عليها قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه.
لما كان ذلك، وكان لا جدوى مما يثيره الطاعن من عدم عرضه على النيابة العامة فور ضبطه ـ بفرض صحته ـ طالما أنه لم يدعي أن هذا الإجراء قد أسفر عن دليل منتج من أدلة الدعوى، ومن ثم فإن منعاه في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان البين من محضري جلستي المحاكمة أن الطاعن لم يثر بها ما يدعيه من وجود نقص في تحقيقات النيابة ومن ثم فلا يحل له ـ من بعد ـ أن يثير شيئاً من ذلك لأول مرة أمام محكمة النقض إذ هو لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للطعن في الحكم إذ العبرة في الأحكام هي بإجراءات المحاكمة والتحقيقات التي تحصل أمام المحكمة.
لما كان ذلك، وكان الأصل أن من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقديرها مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه بغير معقب ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشاهد فإن ذلك يفيد اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها إلى عدم الأخذ بها.
وأن سكوت الضابط عن الادلاء بأسماء القوة المصاحبة له لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضباط شهود الإثبات وصحة تصويرهم للواقعة على النحو الذي حصله حكمها، فإن ما يثيره الطاعن من تشكيك في أقوال هؤلاء الشهود وما ساقه من قرائن تشير إلى تلفيق الاتهام لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن استعانة الشاهد بورقة مكتوبة أو صورة ضوئية لمحضر الإجراءات أثناء الشهادة ـــــــــ بفرض صحته ــــــــ أمر يقدره القاضي حسب طبيعة الدعوى وإذ أقرت المحكمة تصرف المحقق سماحه للشاهد الأول الاستعانة بصورة محضر الإجراءات أثناء الادلاء بشهادته، فإن ما يثيره الطاعن في شأن شهادته بتحقيقات النيابة لا يكون مقبولاً.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد الذي يعيب الحكم هو الذي يقع فيما هو مؤثر في عقيدة المحكمة التي خلصت إليها وكان ما يثيره الطاعن من أن الضابطين الذين أجريا التحريات هما الأول والثالث ومن قام بالضبط هما الأول والثاني خلافاً لما أثبته الحكم المطعون فيه فإنه ـــــــــ بفرض تردى الحكم في هذا الخطأ ــــــــ فإنه لا يمس جوهر الواقعة ولا أثر له في منطقه أو النتيجة التي خلص إليها، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير أساس. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة:- بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع برفضه.
أميـــــن الســــــــــر رئــيــــس الدائــرة