فراسة المحامي
فراسة المحامي
بقلم: أ. محمود عرابي
يحدثنا التاريخ عن خالد الذكر مكرم باشا عبيد، أنه قد تولى الدفاع عن رجل قتل ((زوجته)) بعد أن علم بخيانتها، فماذا يفعل المحامي وأن القاتل أو المتهم لم يضبطها متلبسة فتخفف العقوبة، ولاسيما أن المتهم معترف، ولسان حاله غسلت عاري؟
وفي اليوم المحدد للمرافعة نادى الحاجب على القضية، فلم يجب أحد فالمحامي مكرم باشا لم يأتي بعد!
وتم تأجيلها لنهاية اليوم، عسى أن يأتي هذا المحامي المستهتر؟؟!!، أليس من يتأخر عن قضيته يستحق هذا الذم!
وقد كان جاء مكرم باشا متبخترا، وكأن شيئا لم يحدث، فحدثه رئيس المحكمة مؤنبا إنت مش عارف أن عندك النهاردة قضية ومرافعة يا أستاذ.
فجاءت إجابة مكرم باردة والله يا ريس انا كنت في المكان الفلان في الشارع الفلاني في الدور الفلاني، وقد لاحظ أن ملامح الرئيس كانت تتغير وتطاير الغضب من عينيه واحمرت أوداجه، ولاسيما أنه ذكر أنه كان على ميعاد مع امرأة أوصافها كذا …وكذا….وهنا كان رئيس المحكمة قد بلغ مبلغ البركان قبل أن يطفح ليغرق الأرض لهيبا؟!
وهنا انطلق المحامي بفراسة المدافع ومراوغة الثعالب…ما بال القاضي الرزين صاحب الهيبة لم يتحمل أن أذكر اوصاف زوجته (لأن مكرم باشا كان يذكر عنوان القاضي وملامح زوجته تفصيلا)، وكان ذلك بقروش معدودة جمعت بها هذه المعلومات؟!
فما بال هذا المتهم ذو الحظ العاثر الذي لم يتعلم ولم يدرس القانون وقد طعن في شرفه أنه هو المجني عليه يا حضرات السادة المستشارين، وظل هكذا إلى أن انتهت مرافعته.
وصدر الحكم مخففا باعتباره قتلها متلبسة بالزنا، وللحديث بقية عن هذا الفارس.