فراسة القاضي
الأستاذ/ أشرف الزهوي
من أروع الكتب التي أصدرتها مكتبة الأسرة كتاب القضاء في الإسلام للمستشار/ محمود الشربيني وقد تضمن هذا الكتاب فطنة وفراسة القاضي، فهو لا ينخدع بالكلام المنمق ويفهم ما يبغي الخصم.
وقد روي عن الشعبي : أن كعب بن سوار كان جالسا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجاءته امرأة فقالت : يا أمير المؤمنين ما رأيت رجلا أفضل من زوجي، والله انه ليبيت ليله قائما ويظل نهاره صائما وفي اليوم الحار ما يفطر.
فاستغفر لها وأثنى عليها وقال مثلك أثنى بالخير. قال واستحيت المرأة فقامت راجعة. فقال كعب : يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها – بمعنى هل عرفت شكواها – قال : وما شكت. قال : شكت زوجها أسوأ الشكاية.
قال : أو ذاك أرادت، قال نعم، قال ردوا على المرأة. فقال لا بأس بالحق أن تقوليه أن هذا زعم أنك جئت تشكين زوجك أنه يتجنب فراشك. قالت أجل إني امرأة شابة واني لأبتغي ما يبتغي النساء، فأرسل إلى زوجها فجاء فقال لكعب ( اقض) قال : أمير المؤمنين أحق أن يقضي بينهما.
قال عزمت عليك أن لتقضين بينهما فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم. قال : فإني أرى كأنها عليها ثلاث نسوة وهي رابعتهن فاقض له بثلاثة أيام بلياليهن يتعبد فيهن ولها يوم وليلة. فقال عمر رضي الله عنه : والله ما رأيك الأول أعجب إلى من الآخر، اذهب فأنت قاضي على البصرة، ومن ذلك ترى عمر رضي الله عنه ولي كعبا القضاء لما لمسه فيه من فطنة وفراسة