فترة التمرين
بقلم: عبدالعال رضا
ينظر بعض حضرات المحامين المبتدئين إلى فترة التمرين نظرة غير مستحبة مصحوبة بشيء غير قليل من الضجر وعدم الاصطبار، لأن حامل شهادة الحقوق المملوء حماسًا للمهنة يريد أن يبرز وحده لميدان العمل المستقل ويدلي من فوره بدلوه بين الدلاء ويضرب بسهم في هذا الميدان الشريف بلا مهل ويرى أن ارتباطه بمكتب محامٍ يتمرن فيه يفقده لذة الاستقلال بالعمل الذي تصبو إليه نفسه.
كما أن المحامين الذين ألجأتهم الظروف إلى الاشتغال بالمحاماة يستعجلون الوقت الذي تكون لهم فيه مكاتب مستقلة يجدون فيها موارد للكسب.
والواقع أن مدة التمرين متى أحسن استعمالها هي خير وبركة على المحامي المبتدئ فهي لا تحرمه من استقلاله بالعمل إلى حد ما لأنه يمكنه أن يترافع باسمه أمام المحاكم الجزئية وفي الوقت نفسه توفر له معينًا ومرشدًا في خطواته الأولى يأمن بجانبه العثار الخطر ويفتح عينيه على كثير من الحقائق العملية التي يحتاج إلى الإلمام بها قبل أن يتوسط ميدان العمل في المحاماة كما تجعله يتصل بأرباب القضايا اتصالاً نافعًا، فمواظبته على العمل في المكتب الذي يتمرن فيه وعلى حضور جلسات المحاكم هي دراسة تطبيقية جليلة الفائدة.
والمحامي الذي يؤدي التمرين أداءً شكليًا يعرض نفسه لأذى كبير ويعمل على تأجيل إصلاح الخطأ الذي يتعرض له كل مبتدئ ثم تكون أخطاؤه بعد ذلك محسوبة عليه ولا يلبث أن يؤثر ذلك في عمله أدبيًا وماديًا وعندئذٍ يشعر بالندم ولكن بعد فوات الوقت على تفريطه في مدة التمرين.
وليس بعيب أن يخطئ المحامي المبتدئ لأن التعثر في الخطوات الأولى لا يدل على شيء من العجز بل هو طبيعي في كل بداية ولكن متى انقضت الفترة المعقولة لذلك فعندئذٍ يكون تعثره دليلاً في الغالب على نقص في استعداده ومن شأن ذلك أن يضعف الثقة به والثقة هي رأس مال المحامي.
فلنقبل إذًا على التمرن على أعمال المحاماة في المدة المقررة للتمرين بانشراح ولنفرح كلما عثرنا لأن هذا يدل على أننا نتقدم وأننا كنا بحاجة إلى هذا التمرين لنتحاشى مثل هذا العثار في المستقبل.