عناصرالغِشِّ التِّجَارِيّ فى القانون المصري
بقلم الدكتور/ فرج الخلفاوي
الغش التِّجاري الذي يعتد به المشرع المصرى هو الذي يتوافر فيه عنصران :
– أحدهما العنصر المادي : وينصب على فعل الغش نفسه أو العملية التي يقوم بها المنتج أو التاجر أو المورد لتغير خواص السلعة محل البيع أو عملية بيع السلع المغشوشة أو طرحها للبيع.
– وثانيهما العنصر المعنوي: ويتمثل في علم المنتج أو التاجر أو المورد بأنه يقوم بعملية غش السلع أو بيع أو يطرح للبيع سلعًا مغشوشة واتجاه إرادته إلى ذلك .
العُنْصُرُ المَادِّيُّ للغِشِّ التِّجَارِيِّ:
العنصر المادي هو كل فعل من شأنه تغيير طبيعة أو خواص أو فائدة المواد المغشوشة، ويشترط في حالة حائز المواد المغشوشة أن يكون هدفه قصد التعامل والاتجار في هذه السلعة ولا يشترط لقيام المسئولية على الغش الإضرار بصحة الإنسان أو الحيوان، فالهدف الحفاظ على السلعة نفسها وعلى سمعة الصناعات المتصلة بها وحماية المستهلك ومكافحة الغش التِّجاري ذاته على أساس أنه وسيلة غير مشروعة للكسب وتعدٍّ على المنافسة التجاريَّة بين منتجي وموردي السلعة الواحدة، فإذا ترتب على الغش الأضرار بصحة الإنسان أو الحيوان أو تعريضهما لذلك فإن ذلك يعد ظرفًا مشددًا للعقوبة . ويتحقق الفعل المادي للغش التِّجاري بأية صورة من الصور الآتية :
أولًا : فعل الغش نفسه أو الشروع فيه:
يقع الغش في هذه الحالة على جنس البضاعة، وهي مجموع صفاتها الجوهرية وخواصها التي تلازمها والتي لولاها لما أقدم المشتري على شرائها؛ لأن فقدانها يغير من طبيعة السلعة المبيعة ويتحقق الغش إما بتغير ذات الشى أو نوعه أو مصدره .
وحدد المشرع المسئولية عن فعل الغش متى انصب على المواد نفسها التي سيتم طرحها للبيع أو بيعها بعد ذلك أو على المواد أو الأدوات التي تستعمل في غش المواد السابقة مادام ذلك قد تم بشكل ينفي جواز استعمال تلك المواد استعمالا مشروعا أو بقصد الغش ويتحقق فعل الغش بأحد الوسائل الآتية :
1- الغش بالإضافة أو الخلط :
وهذه الوسيلة من اشهر وسائل الغش وأكثرها شيوعا وسهولة من الناحية العملية وتتحقق بإضافة مواد مختلفة من ناحية الكم والكيف ومن ذات الطبيعة لكن من نوعية أقل بحيث يؤدي ذلك إلى إحداث تغير يضعف من طبيعتها أو يفقدها بعض خواصها ومجرد الإضافة أو الخلط يكفي وحده لقيام الغش ولو لم يترتب عليه الإضرار بالصحة، ويثبت الغش بالإضافة أو الخلط إذا كانت المادة المضافة لا تدخل في التكوين الطبيعي للمادة الأصلية.
وتسمح الأعراف التجاريَّة أو المهنية ببعض الإضافات أو الخلط لأغراض مختلفة إما لحفظها من التلف كالمواد المضافة إلى المواد الغذائيَّة، وإما لتحسين نوعيتها كإضافة الماء للعصير لتحسين مذاقه والتي لا تسبب الإضرار بصحة الإنسان أو الحيوان . فهذه الإضافات لا ينطبق عليها وصف الغش، ويلزم لاعتبارها أن يؤدي الغش بالإضافة إلى تغير يدرك بوضوح ويغير في خواص السلعة أو نوعها وجودة عناصرها الرئيسية التي تعتبر هامة للمتعاقد .
2- الغش بالانتقاص أو الانتزاع :
وهذه الوسيلة من أقل وسائل الغش حدوثا من الناحية العملية، وإن كانت في هذه الآونة الأخيرة قد اتخذت طابعا يتسم بالاتساع؛ مما يخشى معه انتشارها في كافَّة أنواع المواد محل الغش. ويتحقق الغش بهذه الوسيلة بإنقاص أو سلب أو نزع كل من العناصر الحقيقية المكونة للسلعة أو جزء منها وإظهارها في صورة أجود مما هي عليه في الحقيقة؛ وذلك بغرض الاستفادة من العنصر المسلوب. ويشترط في الطريقة التي استخدمت أن تترك للسلعة المظهر الخارجي الذي يوحي بأنها السلعة الأصلية.
ويتضمن هذا النوع من الغش – على عكس الغش بالإضافة- تشويه الإنتاج الحقيقي، وليس فقط إخفاء ضعف المادة الأمر الذي يكون من أثره نزع بعض جوهر المادة ذاتها والتقليل من قيمتها، ولكن لا يصل إلى الاستنفاد الكامل أو الإلغاء الكلى لهذه المادة. وقد يجتمع الغش بالانتزاع والغش بالإضافة ؛ إذ إن كلًّا منهما قد يكون مكملًا للآخر، فبعد أن يتم انتزاع أو إنقاص عنصر من عناصر السلعة يضاف إليها مادة أو لون أو سلعة أخرى من أجل إعادة المظهر الحقيقي للسلعة المغشوشة.
3- الغش بالصناعة :
والغش بالصناعة هو صناعة المنتجات من مواد لا تدخل بتكوينها الأصلي أو استحداث المادة عن طريق التعديلات التي يجريها التاجر على المادة الصحيحة بطريقة تعطيها مظهر المادة الحقيقية أو مادة أخرى مشابهة لها، أو تغير المظهر العام للمادة، وذلك بطريقة التمويه أو التلوين أو استبدال عنصر أجنبي بتلك التي تحتويه.
وكذلك الحال إذا تم إنتاج أو تصنيع سلعة غير مطابقة للمواصفات والمقاييس المقررة فيعد غشا إنتاج سلعة بغرض إعدادها للتداول في السوق مع افتقارها للخواص أو المميزات التي استلزمها القانون . وقد ألزمت المادة الثالثة من قانون حماية المستهلك رقم 181لسنة 2018 المورد بقواعد الصحة والسلامة ومعايير الجودة وضمانها للمستهلك وفقًا للمواصفات القياسية الدولية المعتمدة في مصر حال عدم وجودها. ومنحت المادة 5 من القانون رقم 281 لسنة 1994 للوزير المختص قرارات ملزمة يضع فيها حدا أدنى للمواصفات المقررة للمنتجات من حيث العناصر الداخلة في تركيبها والنسب التي تحتويها. كما ألزمت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك المورد بأن يعرض على السلع البيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو قانون حماية المستهلك أو لائحته التنفيذية بشكل واضح تسهل قراءته . وألزمت المادة 6 من اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك المورد بأن يضع على السلع مجموعة من البيانات، هي: اسم السلعة وبلد المنشأ، واسم المنتج أو المستورد واسمه التِّجاري وعنوانه وعلامته التجاريَّة إن وجدت، وكذلك تاريخ الإنتاج، ومدة الصلاحية للسلع التي لها فترة زمنية لصلاحيتها الاستهلاكيَّة، وشروط التداول، والتخزين، وطريقة الاستعمال, الأنواع، والسمات، والأبعاد، والأوزان، والمكونات، ومدة الضمان للسلع المشمولة بالضمان ، والعمر الافتراضي.
وتوسع المشرع المصري بهدف حماية المستهلك من الغش التِّجاري فألزم المورد في الأحوال التي يؤدي فيها استخدام المنتج إلى الإضرار بصحة وسلامة المستهلك بأن يضع على المنتج ما يبين الطريقة الصحيحة لاستخدامه وكيفية الوقاية من الأضرار المحتملة وكيفية علاجها في حالة حدوثها.
4- الغش في مجال الخدمات :
ويتم الغش في مجال الخدمات، كخدمات العلاج أو الخدمات الماليَّة أو المصرفية أو البريد، وذلك بالغش في مواصفات الخدمة بمختلف الطرق، كالإنقاص من فاعلية الخدمة، مثل: خدمات العلاج، أو الخدمات الثقافية، أو الخدمات الفندقية، أو خدمات المياه. وقد أصاب المشرع المصري حيث ألزم مورد الخدمات في نص المادة 25 من قانون حماية المستهلك رقم 181لسنة 2018 برد مقابل الخدمة أو مقابل ما يجبر النقص فيها أو إعادة تقديمها إلى المستهلك في حالة وجود عيب أو نقص بها وفقًا لطبيعتها وشروط التعاقد عليها والعرف التِّجاري أو تنفيذ ما يقرره جهاز حماية المستهلك عند الخلاف.
ثانيًا : فعل البيع أو الطرح أو العرض للبيع :
ساوى المشرع المصري بين فعل الغش وبين فعل البيع أو الطرح للبيع، فلم يقم المسئولية عن غش تلك المواد فقط، بل هدف إلى مساءلة من يتعامل فيها بالبيع أو بغير ذلك، وقد خص ذلك بالنص الصريح؛ لأنه يمثل الصورة المألوفة للتعامل فيها.
وعرض السلعة للبيع هو تقديمها إلى مشترى معين لفحصها وشرائها إن شاء إما طرح السلعة للبيع بوضعها في مكان عام ليتقدم لشرائها من يرغب في ذلك، ولا يلزم أن يصدر العرض أو الطرح من صاحب المحل أو مديره ، بل يكفي من شخص مسئول عن إدارة المحل حتى يسأل عنه وقد يسأل الاثنان معًا إذا ثبت تواطؤهما.
وجرم المشرع المصري بنص المادة الثانية من قانون قمع الغش والتدليس رقم 281 لسنة 1994 كل من طرح أو عرض للبيع أو باع شيئا من أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات أو منتجات مغشوشة كانت أو فاسدة أو انتهى تاريخ صلاحيتها مع علمه بذلك. وكذلك كل من صنع أو طرح أو عرض للبيع أو باع مواد أو عبوات أو أغلفة مما يستعمل في غش أغذية الإنسان أو الحيوان أو العقاقير أو البيانات الطبية أو الأدوية أو الحاصلات الزراعية أو المنتجات الطبيعية أو المنتجات الصناعيَّة على وجه ينفي جواز استعمالها استعمالا مشروعًا بقصد الغش، وكذلك كل من حرض أو ساعد على استعمالها في الغش بواسطة كراسات أو مطبوعات أو بأية وسيلة أخرى من أي نوع كانت.
ويلزم في السلعة المعروضة للبيع أن تكون مغشوشة بفعل فاعل، سواء بالإضافة أو الانتزاع أو الاصطناع أو بمخالفة المواصفات المقررة، وأن تكون فاسدة بفعل عوامل طبيعية والفساد الذي يعد غشًّا يتطلب توافر علم البائع به والقيام بالبيع أو الطرح أو العرض وهو عالم بذلك وقد ساوى المشرع بين فساد السلعة أو غشها وبين انتهاء صلاحيتها .
وألزم المشرع المصري في قانون حماية المستهلك بنص المادة 6المورد بأن يضع على السلع البيانات التي توجبها المواصفات القياسية المصرية أو القانون أو اللائحة التنفيذية لهذا القانون. كما حظر المشرع في المادة 8 من ذات القانون حبس المنتجات الاستراتيجية المعدة للبيع عن التداول بإخفائها أو عدم طرحها للبيع أو الامتناع عن بيعها أو بأية صورة أخرى.
ثانيًا : استيراد أو جلب أو حيازة مواد مغشوشة أو فاسدة أو منتهية الصلاحية:
ويتحقق العنصر المادي بأحد هذه الأفعال : إما استيراد المواد المغشوشة أو الفاسدة أو منتهية الصلاحية أو جلبها إلى البلاد، وعرفت المادة 15/1 من اللائحة التنفيذية لقانون 281لسنة 1994 الاستيراد بأنه” إتمام إدخال البضائع إلى جمهورية مصر العربية عبر المنافذ الرسمية.
– وعرفت الجلب : بأنه” إدخال البضائع الأجنبية إلى البلاد عن غير الطريق الرسمي دون اتخاذ اية إجراءات استيرادية أو خضوع السلعة الأجنبية لأي شخص ، “ويستعمل المشرع عادة لفظي الجلب والاستيراد كمترادفين لنفس المعنى، فكل فعل يؤدي إلى إدخال الشيء أراضي مصر يعتبر استيرادا أو جلبا ، وتقدير ذلك يرجع إلى قاضى الموضوع في كل حالة على حدة .
لم يورد المشرع سواء في القانون رقم 48 لسنة 1941 أو تعديلاته أي تحديد لمعنى الحيازة أو الحرز ، ولكن يمكننا الرجوع إلى التقنين المدني لبيان المقصود بالحيازة وتعني” السيطرة الفعلية لشخص معين على الشيء سواء أكانت تتمثل في الحيازة الكاملة بقيام عنصرين (المادي والمعنوي) يتمثل الأول في الفعل المادي لحبس الشيء والسيطرة عليه، أما الثاني فيعنى إرادة ملكية الشيء .أما الحيازة العارضة أو الناقصة فلا تتضمن إلا عنصرا واحدا، وهو العنصر المادي المتمثل في السيطرة المادية على الشيء وحبسه دون إرادة الظهور بمظهر المالك فالحائز يتصرف وفقًا لأحد العقود التي تخوله حق الحيازة العارضة مثل الإيجار والحائز إنما يحوز الشيء ليس لنفسه بل لحساب الغير . والحيازة التي يعنيها القانون رقم 281لسنة 1994 هي الحيازة الكاملة أو الناقصة، أما الإحراز فله دلالة أخرى غير مفهوم الحيازة بنوعيها فيقصد به اليد العارضة للشخص على الشيء ، فلا يتوافر فيه لا العنصر المادي ولا المعنوي .
وجرم المشرع المصري بنص المادة الثالثة من قانون قمع الغش والتدليس رقم 281 لسنة 1994 كل من حاز بقصد التداول لغرض غير مشروع شيئًا من الأغذية أو الحاصلات أو المنتجات أو المواد المشار إليها في المادة الثانية من ذات القانون وضاعف المشرع العقوبة إذا كانت هذه الحيازة لعقاقير أو نباتات طبية أو أدوية؛ مما يستخدم في علاج الإنسان أو الحيوان. أو إذا كانت الأغذية أو الحاصلات المنتجات أو العقاقير أو النباتات الطبية أو الأدوية أو المواد المشار إليها في المادة السابقة ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان.
وحظر كذلك بنص المادة 13 من قانون حماية المستهلك استيراد منتجات أو إنتاجها أو تداولها أو الإعلان عنها على نحو يكون من شأنه التميز بين المواطنين أو الإساءة إليهم أو الإخلال بقواعد النظام العام أو الآداب العامة.
العُنْصُر المَعْنَوِيُّ للغِشِّ التجَارِيِّ:
استحدث المشرع المصري بقانون قمع الغش والتدليس رقم 281لسنة 1994 بنص المادة 6 مكرر والتي مد فيها مسئولية عن فعل الغش أو البيع أو الطرح للبيع لتشمل صورة الخطأ غير العمدي إذا وقع عن طريق الإهمال أو عدم الاحتياط والتحرز أو الإخلال بواجب الرقابة . وتجاوز المشرع بنص المادة( 6 مكرر-2) من ذات القانون نطاق الشخص الطبيعي مرتكب الغش إلى الشخص المعنوي الذي ارتكب الفعل لحسابه أو باسمه بواسطة أحد أجهزته أو ممثليه أو أحد العاملين لديه، وهذ ما سنتناوله تفصيلا.
أولًا : الغش العمدي :
بينت المادة الثانية من القانون رقم 281 لسنة 1994 أن الغش الذي يعتبر من الأفعال العمدية هو الذي يلزم لتوافر العنصر المعنوي فيه انصراف إرادة الفاعل نحو تحقيق فعل الغش مع العلم بتوافر عناصره في الواقع، أي: العلم بعناصر الغش واتجاه الإرادة نحو تحقيقه أو قبوله.
ويشترط توافر نية الغش وقت وقوع الفعل، أما فيما يتعلق بفعل الغش القائم على الطرح أو العرض للبيع فيعد الفاعل مرتكبا من وقت العلم بالغش أو بفساد السلعة المعروضة أو المطروحة للبيع وإن لم يكن عالما بذلك مع بداية الطرح أو العرض للبيع ويقوم العنصر المعنوي على أمرين هما:
1- عنصر العلم: ويتعين أن تتجه إرادة الفاعل نحو الإحاطة بكافَّة عناصر السلوك المادي لفعل الغش من حيث كيفية وطبيعة المواد الواقع عليها . وان يعلم أن ما يطرحه أو يعرضه للبيع مغشوشا أو فاسدا أو منتهى الصلاحية، وإذا كان العلم بالقانون مفترضًا فالعلم بالواقع غير مفترض ويلزم إقامة الدليل عليه بإثبات أن الفاعل هو الذي قام بعمل الغش أو يعلم بالغش الذي وقع.
2- عنصر الإرادة : بأن تكون إرادة الفاعل حرة طائعة مختارة، وأن تتجه صوب إدخال التعديل في طبيعة وخواص المواد التي أدخلت عليها لتحقيق فعل الغش أو بهدف عرض السلعة للبيع .
ثانيًا : الخطأ غير العمدي :
حدد المشرع المصري في نص المادة 6 مكرر صور الخطأ غير العمدي المعاقب عليه، وهي الإهمال أو عدم الاحتياط والتحرز أو الإخلال بواجب الرقابة. ويعرف الخطأ العمدي بأنه إخلال الشخص عند تصرفه بواجب الحيطة والحذر الذي يفرضه القانون وعدم حيلولته تبعا لذلك دون أن يفضي تصرفه إلى حدوث النتيجة، في حين كان ذلك في استطاعته ومن واجبه. أو هو عدم اتجاه الإرادة نحو تحقيق النتيجة والتي تكون ثمرة الرعونة أو عدم الاحتياط أو الإهمال أو عدم الانتباه أو عدم مراعاة اللوائح .
ويحدد المشرع المصري المسئولية عن الخطأ غير العمدي على النشاط المادي وحده دون استلزام تحقيق النتيجة المترتبة عليه والمعيار الموضوعي قوامه الشخص العادي مع مراعاة الظروف الشخصية لمن صدر عنه فعل الغش. وينبغي هنا أن يريد المنتج العمل أو الامتناع عن العمل الذي نتج عنه غش السلعة أو فسادها أو انتهاء صلاحيتها أو عرضها أو طرحها للبيع أو استيرادها أو جلبها بحيث تتخلف الإرادة لا يمكن مساءلة الشخص الذي ارتكب الفعل وعند هذا تترتب على نشاطه .
ونص المشرع في المادة 6مكرر من قانون قمع التدليس والغش رقم 281لسنة 1994على ثلاثة صور للخطأ هي:
1- الإهمال: وهو إغفال اتخاذ العناية الازمة لتجنب حدوث الغش . فالخطأ يتحقق عن طريق الامتناع بألا يتخذ الفاعل احتياطات يدعو إليها الحذر ومن شأنها أن تحول دون حدوث النتيجة.
2- عدم الاحتياط والتحرز: هو إتيان الفاعل مسلكا إيجابيا دون أن يدخل في اعتباره قواعد الخبرة العامة التي تشير بعدم إتيانه في هذه الحالة لنتائجه الضارة . فالفاعل هنا توقع الأخطار التي قد تترتب على عمله إلا أنه مضى فيها دون أن يتخذ الوسائل الواقية بالقدر اللازم لدرء هذه الأخطار ويتفق عدم الاحتياط والتحرز مع الإهمال في أن كليهما خروج على قواعد الخبرة العامة لكن ما يميز عدم الاحتياط والتحرز عن الإهمال هو أن الأول سلوك إيجابي، بينما الثاني سلوك سلبي.
3- الإخلال بواجب الرقابة : هو إتيان سلوك يتعارض مع الواجب المفروض عليه بالرقابة فإذا وقع الإخلال من متولي الرقابة كان إهمالًا أما إذا وقع ممن تقع عليه الرقابة كان ذلك إخلالًا بواجب الرقابة.
ثالِثًا : مسئولية الشخص المعنوي :
لم يكن المشرع المصري يعترف بمسئولية الشخص المعنوي في جرائم التدليس والغش قبل صدور القانون رقم 281لسنة 1994 لكن بموجب صدور القانون رقم 281لسنة 1994 أقر المشرع مسئولية الشخص المعنوي بنص المادة (6 مكرر/1) بقصد أحكام الرقابة على حلقات تداول السلع. والشخص المعنوي هو مجموعة من الأشخاص أو الأموال تتمتع بالشخصية القانونيَّة، ويشترط لمساءلة الشخص المعنوي طبقًا لنص المادة(6 مكرر/1) ما يلي:
1- مخالفة أحكام المواد1،2،3مكرر،5،6،6مكرر الفقرة1من القانون رقم 281لسنة 1994: حيث قصر البعض مسئولية الشخص المعنوي على الجرائم غير العمدية لعدم امكان إثبات القصد الجنائي في حقه. وذهب آخرون إلى امكان مساءلته عن الجرائم العمدية ؛ إذ يستفاد القصد الجنائي له ضمنا من القصد الجنائي لمرتكب الجريمة طالما توافرت شروط المسئولية الجنائيَّة للشخص المعنوي .
2- وقوع فعل الغش لحساب الشخص المعنوي أو باسمه: بأن يحمل بين طياته الفائدة والمصلحة : له ولا يشترط أن تكون هذه الفائدة مادية؛ إذ قد تكون معنوية يستفيد بها الشخص المعنوي . وتوسع المشرع في مسئولية الشخص المعنوي باستخدامه لفظ (أو) فى: ” إذا وقعت لحسابه أو باسمه “؛ حيث تنعقد مسئوليته حتى ولو لم يكن مرتكب الغش التصرف باسم الشخص المعنوي وكذلك من يرتكب الغش لحسابه الشخصي في أثناء تأدية عمله وليس لحساب الشخص المعنوي وعلى العكس يذهب البعض إلى اشتراط الامرين معا أي أن يكون فعل الغش قد ارتكب باسم ولحساب الشخص المعنوي .
3- وقع فعل الغش بواسطة أحد أجهزة الشخص المعنوي أو أحد ممثليه أو احد العاملين لديه: الأصل أن يمثل الشخص المعنوي أحد الأشخاص الطبيعيين الذي يعين خصيصا لمباشرة الأعمال باسم الشخص المعنوي ولحسابه بحيث يكون معبرًا عن إرادته، ويكون تحديده خاضعًا للنظام الأساسي للشخص المعنوي، ويجب أن يكون الشخص الطبيعي مختصًّا بالأفعال المعاقب عليها ولا يخرج عن دائرة اختصاصه وفقًا للنظام الأساسي، فإذا خرج عن ذلك فلا مسئولية للشخص الطبيعي، وتنحصر المسئولية في الشخص الطبيعي وحده، لكن المشرع خرج عن هذا الامر؛ إذ قرر مسئولية الشخص المعنوي ليس فقط إذا وقع الأمر من ممثله القانوني وفقًا للنظام الأساسي وانما اعتبر أي عامل لدى الشخص المعنوي أو أحد أجهزته أو أحد ممثليه معبرا عن إرادة الشخص المعنوي طالما كان الغش قد ارتكب باسم ولحساب هذ الشخص المعنوي .