عقبات حول جرائم الشكوى

بقلم: محمد جفلان

تحدثنا عند تعرضنا لسؤال سابق في ظل المادة ٢٣٧ من قانون العقوبات المصري، والتي بموجبها تمنح القاضي وتلزمه بتخفيف العقوبة حتما، كونها ضمن الأعذار القانونية المخففة، وفي الحقيقة فإن هذا التساؤل المطروح الآن إنما هو يمس موضوع في غاية الأهمية، وكنت قد تعرضت لهذه النقطة في راسلتي للدكتوراه، حيث أن هناك فراغ تشريعي ينظم هذه الحال، ومن ثم تنطبق عليها القواعد العامة، طبقا للقواعد العامة في قانون العقوبات المصري، وطبقا للمادة (٢٤٥) والتي تنص صراحة على أنه: لا عقوبة مطلقة على من قتل غيره أو أصابه بجراح أو ضربه اثناء استعماله حق الدفاع الشرعي عن نفسه أو ماله أو غيره أو ماله أو عن نفسه، هذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى، وبمراجعة المادة المشار إليها من قبل ذلك، الخاصة بمفاجاة الزوج لزوجتة متلبسة بالزنا، نجد أن المشرع غفل تماما، عن نقطة هامة في هذا الصدد، وهي تعطيل حق الدفاع الشرعي في مواجهة الزوج المخدوع، وهو ما سجلنه كتوصية للمشرع المصري، حيث ناديت بتعديل نص المادة لتشمل فقرة مفادها، ولا يستفيد مرتكب جريمة الزنا في هذا الوضع من حق الدفاع الشرعي.

وذلك حتى نتفادى الآتى:
أولا: طبقا للقانون المصري، فإن جريمة الزنا، وتحريكها، تعد من الجرائم الخاصة التي قيد المشرع بصددها سلطة النيابة العامة في تحريك الدعوى، أي أنه لا تملك النيابة العامة تحريك دعوى الزنا ضد الزوج أو الزوجة إلا بناء على تقديم شكوى من أحدهما، (فقط) من يملك تحرك الدعوى ضد الزوج الزاني هي الزوجة، ومن يملك تحرك الدعوى ضد الزوجة الزانية هو الزوج، بخلاف ذلك لا يجوز لأي شخص مهما كانت صلة القرابة بينه وبين الزوجة الزانية، أو الزوج الزاني أن يقدم هذه الشكوى،
ويترتب على ذلك إنه في حالة موت الزوج فلا يوجد لدينا إذن دعوى زنا ضد الزوحة، (اللهم إذا اعترفت الزوجة بتفاصيل الواقعة، وهو أمر مستبعد الحدوث ونادر) فغالبا الزوحة تنكر بل وتحاول وللاسف الدفاع عن عشيقها.

ثانيا: العشيق في هذه الحالة يستفيد من حالة الدفاع الشرعي، كونه يدافع عن نفسه ضد اعتداء حال، ومن ثم قد يتصور عدم توقيع أي عقوبة على العشيق الزاني، القاتل، طبقا لنصوص القانون المصري.

وجدير بالذكر، إن هناك كثير من التشريعات العربية، تدخلت وعطلت حق الدفاع الشرعي في مواجهة الزوج المخدوع، الذي يفاجأ بهذا الفعل، واعتبرت أن العشيق هنا مرتكب جريمة قتل عمدا، كما أنه تجدر الإشارة أيضا إلى أن كثير من التشريعات العربية منحت حق الاستفادة من هذا العذر للزوجة أيضا، بل ومن هذه التشريعات من توسع فجعل حق الاستفادة من عذر مفاجاة الزوحة بهذا الفعل بجانب الزوج، الاب، والاخ، للزوجة، بل منها من جعله للمحارم مطلقا، أي يجوز لمن شاهد اخته، أو امه، أو عمته، أو خالته،،، في هذا الوضع المشين أن يستفيد إذا قتلها أو قتل من معها، أو قتلهما معا.

راجع من هذه التشريعات، التشريع العراقي، والتشريع الاتحادي، والتشريع الأردني، والتشريع اللبناني، والتشريع الليبي، والتشريع القطري، والتشريع.

زر الذهاب إلى الأعلى