سلطة القاضي في تقدير التعويض
بقلم الأستاذ: علام محمد عبدالعزيز
أولاً: مفهوم التعويض وأنواعه:
يقصد بالتعويض جبر الضرر الذي أصاب المضرور، بمعنى إزالة الضرر الواقع على المضرور أو تخفيف حدته، تطبيقا للقاعدة الفقهية الضرر يزال.
وينقسم التعويض إلى نوعين:
1- التعويض في المسؤولية التقصيرية ويشمل الضرر المباشر سواء كان ماديا أو معنويا متوقع أو غير متوقع.
2- التعويض في المسؤولية العقدية ويشمل الضرر المباشر المتوقع فقط.
والتعويض عن الضرر المباشر يكون بتعويض المضرور عما لحقه من غرم وما فاته من غنم.
ثانيا: الشروط الواجب توافرها للحكم بالتعويض.
يشترط لتعويض المضرور عن الضرر قيام أركان المسئولية المدنية سواء كانت عقدية أم تقصيرية، وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية.
1- الخطأ:
وهو الفعل الضار الغير مشروع أو الاخلال بالتزام قانوني عن ادراك.
كمن يقوم بدهس دابة الغير أثناء تجوله بالسيارة في احدى الشوارع، والبائع الذي يخل بالتزامه بنقل الملكية في عقد بيع عقار،وللخطأ عنصرين يقوم عليهما هما التعدي ( الاخلال بالتزام قانوني)، والإدراك ( التمييز بين الخير والشر).
2- الضرر:
الضرر هو ما يصيب الشخص في حق من حقوقه، أو في مصلحة مشروعة له، وهو اساس المسئولية التقصيرية، فبدونه لا تقوم المسئولية وبالتالي لا يكون هناك تعويض.
ويشترط للضرر أن يكون محقق الوقوع أي وقع فعلا أو من المؤكد أو المحتمل أن يقع في المستقبل، كما يشترط أن يكون شخصيا بمعنى أنه وقع على الشخص طالب التعويض أي يقتصر في المطالبة بالتعويض على الشخص المتضرر سواء كان شخصا طبيعيا ( الإنسان)، أو شخصا معنويا (الشركات وغيرها من الاشخاص المعنوية).
كما يشترط في الضرر أن يكون مباشرا وهو ما كان نتيجة طبيعية للإخلال الذي صدر من المدين، ولم يكن باستطاعة الدائن المضرور أن يتوقاه، ببذل جهد معقول، فإذا باع شخص لآخر دجاجة مريضة، فنقلت العدوى إلى دواجن المشتري وماتت ومات معها كل دواجن المشتري، بالضرر الذي وقع على المشتري هنا ضررا مباشر وهو موت دواجنه نتيجة شراءه الدجاجة المريضة وهنا يسئل البائع عن موت الدواجن وتعويض المشتري.
واخيرا يشترط في الضرر أن يقع على مصلحة مشروعة يحميها القانون.
3- توافر علاقة السببية:
يقصد بعلاقة او رابطة السببية أن يكون الضرر الواقع على الشخص المشروع نتيجة الفعل الخاطئ المرتكب من المخطئ. كما أوضحنا في المثال أعلاه، وتكون السببية في الضرر المباشر الناتج عن الخطأ، ويفهم من ذلك أن رابطة السببية لا تتوافر في الضرر الغير المباشر.
ويمكن نفي علاقة أو رابطة السببية بإثبات السبب الاجنبي مثل خطأ المضرور أو القوة القاهرة أو فعل الغير، فاذا انتفت علاقة السببية فإن إنتفاء المسئولية تكون نتيجة حتمية لانتفاء رابطة السببية.
خلاصة القول للمطالبة بالتعويض يجب توافر أركان المسئولية التقصيرية وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية بينهما.
ثالثا: طرق التعويض
تعويض المضرور يتم بثلاث طرق هي:
أ- طريقة التعويض العيني وهو إعادة الحال إلى ما كان عليه قبل حدوث الضرر ويظهر ذلك في حالة إجبار الشخص بهدم الحائط الذي بناه وحجب الضوء عن جاره، ويجد التعويض العيني تطبيق مجاله في المسؤولية العقدية أكثر من المسؤولية التقصيرية.
ب- طريقة التعويض النقدي: وهو جبر ضرر المضرور بمبلغ مالي سواء كان دفعة واحدة أو على اقساط، أو مرتبا مدى الحياة.
ت- التعويض بأداء: هو أن يصدر القاضي في حكمه بأداء أمر معين متصل بالفعل الضار ، كنشر الحكم بالإدانة في جرائم السب والقذف على سبيل التعويض.
ويجدر بنا التنويه إلى أن سلطة القاضي في التعويض مطلقة، فله مطلق الحرية في تقدير التعويض الملائم لجبر الضرر الذي لحق بالمضرور، وعليه أن يراعي الظروف والملابسات التي تحاط بالمضرور الذي لحق به الضرر وقت صدور الفعل الموجب للتعويض ومدى تأثيره في المستقبل.
وقد يلجأ القاضي الى تقدير التعويض بشكل شامل للضرر سواء كان مادي أو معنوي فيكون مقدار التعويض المالي الذي يحكم به القاضي شامل لكل الاضرار التي لحقت بالمضرور، وقد يصدر القاضي حمكه بالتعويض مفصلا ومحدد استجابته لبعض طلبات التعويض ومستبعدا لطلبات اخرى ، مبتعدا عن التقدير الجزافي للتعويض تحقيقا لمبادئ العدالة.