سبق الإصرار ورقابة محكمة النقض

بقلم/ أشرف الزهوي المحامي

سبق الإصرار في جريمة القتل العمد، عبارة عن حالة ذهنية تقوم في نفس الجاني، قد لا يكون لها في الخارج أثر محسوس يدل عليها مباشرة وإنما تستفاد من وقائع وظروف داخلية وللمحكمة التوصل إليها من خلال بحث الوقائع الخارجية التي يستخلصها القاضي، والعبرة في توافر سبق الإصرار هي بما يقع من تفكير وتدبير في الزمن ما بين التصميم على الجريمة وقوعها طال ام قصر.

هذا الظرف المشدد يخضع لتقدير المحكمة وهو من اطلاقات قاضي الموضوع، يستنتجه من ظروف الدعوى وعناصرها، مادام موجب تلك الظروف وهذه العناصر لا يتنافر عقلا مع هذا الاستنتاج. ويجب أن يعرض الحكم لهذا الظرف ويكشف عن توافره ويسوق لإثباته من الدلائل والقرائن ما يكفي لتحققه وفقا للقانون ولا يشترط توافر سبق الإصرار والترصد، في جريمة القتل العمد المجردة. اما في حالة توافرهما، أو توافر أحدهما، فإن المشرع قد جعلهما ظرفا مشددا يصل بالعقوبة إلى الإعدام.

لم يرسم القانون شكلا خاصا لصياغة الحكم فيكفي أن يكون مجموع ما أورده الحكم، كافيا في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها بما يحقق حكم القانون.

ومن خلال التطبيق العملي نسوق مقتطفات من حكم للنقض للتوضيح

الطعن رقم ٦٠ لسنة ٦٠ ق

العقوبة المقررة لجناية القتل مع سبق الإصرار أو الترصد، أوجبت المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام، بكل من قتل نفس عمدا مع سبق الإصرار والترصد في حين تنص المادة ٣/٢٣٤ من قانون العقوبات علي انه وأما أن كان القصد منها – أي من جناية القتل العمد – المجرد من سبق الإصرار والترصد – التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة و كان الحكم المعروض – و على ما يبين من مدوناته – قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين – سبق الإصرار و الاقتران – و جعلهما معاً عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليهما الثاني والثالث، فإنه قد شاب استدلاله على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن والحالة هذه الوقوف على ما كانت تنتهي إليه المحكمة لو انها تفطنت إلى ذلك ولا يعرف مبلغ الأثر الذي كان يتركه تخلف الشرط المشار إليه في وجدان المحكمة لو انها اقتصرت على أعمال الظرف المشدد الآخر وهو الاقتران الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام. لما كان سبق الإصرار كما هو معرف به في القانون يقتضي أن يكون الجاني قد قام لديه القصد المصمم على ارتكاب جريمته بعد أن تسني له التفكير في عمله في هدوء وروية، وكان البحث في توافر هذا الظرف، ولئن كان من اطلاقات محكمة الموضوع تستنتجه من ظروف الدعوى وملابساتها، الا ان ذلك مشروط بأن يكون موجب تلك الظروف والملابسات غير متنافر عقلا مع ذلك الاستنتاج واذا كان ما ساقه الحكم المعروض استظهار لتوافر سبق الإصرار في حق المحكوم عليهم، وأن كان يوحي في ظاهرة يتوافر هذا الظرف، الا انه لا يعدو في حقيقته أن يكون ترديدا لما اسلف الحكم بيانه من وقائع الحادث مما لا يفيد سوي اتفاق المحكوم عليهم على سرقة حلى المجني عليها، وتدبيرهم لارتكاب هذه السرقة وتصميمهم عليها وهو مالا يقطع في ذاته بقيام القصد المصمم لديهم على قتل المجني عليها، لأن توافر نية السرقة والتصميم عليها، لا ينعطف أثره حتما على جريمة القتل لتغاير ظروف كل من الجريمتين خاصة وأن ما حصله الحكم من أدلة تمثلت في أقوال رئيس المباحث واعترافات المحكوم عليها الأولى، قد خلا مما يدل يقينا على توافر سبق الإصرار على ارتكاب جريمة القتل، بل إن الحكم في بيانه لاعترافات المحكوم عليها الأولى وهي عماد قضائه قد نقل عنها أن ما قامت به بناء على اتفاق مع المحكوم عليها الآخرين من استدراج المجني عليها، إنما كان بقصد الاستيلاء علي حليها الذهبية دون الإشارة إلى أن قتل المجني عليها كان يدخل في تنفيذ الخطة الموضوعة للاستيلاء على تلك الحلى، الأمر الذي كان يتعين معه على الحكم المعروض أن يوضح كيف انتهى على الرغم من ذلك إلى توافر ظرف سبق الإصرار لدى المحكوم عليهم، وأن يورد الإمارات والمظاهر الخارجية المنتجة التي تكشف عن توافره، وإذا فاته ذلك فإنه يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب، ولا يشفع له في ذلك أن تكون عقوبة الإعدام التي انزلها بالمحكوم عليهما الثاني والثالث مقررة لجريمة القتل العمد المقترن بجنحة سرقة طبقا للمادة ٢٣٤ فقرة ٣ من قانون العقوبات ذلك بأنه وأن كان يكفي لتغليظ العقاب عملا بهذه المادة أن يثبت الحكم استقلال الجريمة المقترنة عن جناية القتل وتميزها عنها وقيام الارتباط السببي بينهما، وهو مالم يخطئ الحكم في تقديره، الا إنه لا جدال في أن لكل من الجريمتين اركانها وظروفها والعقوبة المقررة لها.

 

أوجبت المادة ٢٣٠ من قانون العقوبات عند انتفاء موجبات الرأفة إنزال العقوبة الوحيدة وهي عقوبة الإعدام بكل من قتل نفسا عمدا مع سبق الإصرار والترصد، في حين تنص المادة ٢٣٤ من قانون العقوبات فقرة ٣ على أنه وأن كان القصد منها اي من جناية القتل العمد المجرد من سبق الإصرار والترصد، التأهب لفعل جنحة أو تسهيلها أو ارتكابها أو مساعدة مرتكبيها أو شركائهم على الهرب أو التخلص من العقوبة فيحكم بالإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة، ولما كان الحكم المعروض وعلى مايبين من مدوناته قد جمع في قضائه بين الظرفين المشددين، سبق الإصرار و الإقتران وجعلهما معا عماده في إنزال عقوبة الإعدام بالمحكوم عليهما الثاني والثالث فإنه قد شاب استدلاله على ظرف سبق الإصرار قصور يعيبه فلا يمكن والحالة هذه الوقوف على ماكانت تنتهي إليه المحكمة لو انها اقتصرت على أعمال الظرف المشدد الآخر وهو الإقتران الذي يبرر عند توافره توقيع عقوبة تخييرية أخرى مع الإعدام.

 

إن المادة ٤٦ من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض سالف البيان تنص على أنه اذا كان الحكم صادرا حضوريا بعقوبة الإعدام يجب على النيابة العامة أن تعرض القضية على محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برايها في الحكم وذلك في الميعاد المبين بالمادة ٣٤، وتحكم المحكمة طبقا لما هو مقرر في الفقرة الثانية من المادة ٣٥ والفقرتين ٢، ٣ من المادة ٣٩

لما كان العيب الذي لحق الحكم يندرج تحت حكم الفقرة الثانية من المادة ٣٠ التي احالت إليها الفقرة الثانية من المادة ٣٩ فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة للقضية ونقض الحكم المعروض، والاعادة بالنسبة للمحكوم عليها الثاني والثالث المقضي عليهما بعقوبة الإعدام وايضا بالنسبة للمحكوم عليها الأولى التي لم تطعن في الحكم وذلك لوحدة الواقعة وحسن سير العدالة.

زر الذهاب إلى الأعلى