رجائي.. ورداء الدفاع

عصام الدين جاد

من منا لا يعرف الأستاذ رجائي عطية.. هذا العلامة الذي عمل بالمحاماة لأكثر من خمسين عاماً؟!..

تشبعت بحب أن أكون مثله وأنا طالب بكلية الحقوق وازداد أملي وقتها أن أكون في فصاحته، ومن حسن حظي أنني خريج جامعته “جامعة القاهرة”.. تمنيت أن أكون مدافعاً عن مصر دائماً كما فعل.. حارب الأعداء والخائنين بقلمه وتصريحاته، وعلي الجانب الثقافي وددت أن أكون علي دربه مثقفًا أحب العلم.. ومثل مهنيته فهو من ظل واقفًا بجوار المظلومين مترافعًا في قضاياه.. فقيهًا في تفسيره للقانون، علامة في حل أصعب العقد، كان محبًا للإسلام وسطي القلب والقلم داعياً الله صباحاً ومساءً.

ازداد حبي له عندما تخرجت في الجامعة لألتحق بمهنة المحاماة.. كان من حظي السعيد أنني أقسمت قسم المحاماة أمامه في قاعة نقابة عمال مصر في عام ٢٠٢٠، وشرفت أنني حملت كارنيه المحاماه به توقيعه كنقيب للمحامين.. لم ولن أنسي هذا التاريخ، علمنا بكلمات مؤثرة معني أن تكون محاميًا، وعلمنا أن السير في المهنة يجب أن يكون بشرف ومعه ثقافتك في شتي العلوم.

كتبت في مطلع عام ٢٠٢١ رواية “طيف النسيان” وبها إهداء إلى الأستاذ رجائي عطية نقيب المحامين.. حبًا له وعرفانًا وشكرًا لما يقوم به تجاه أبنائه المحامين، شكراً للأمل الذي أعطاه لنا في رسالاته التي يبثها إن كانت بمقالاته أو لقاءاته المتلفزة.
بعد طباعة الرواية ارسلت نسخة بالبريد إلى سيادته، حصلت علي رقم هاتفه وارسلت له رسالة، ولكرم أخلاقه وبساطته رد على رسالتي وهو لا يعرفني بأنها لم تصل.

مسرعاً ذهبت إلى النقابة العامة برمسيس أصعد درج النقابة.. وأجد أنه غير موجود بمكتبه، لتاخذني الحماسة والشجاعة لأذهب إلى مكتبه بعمارة الإيموبيليا بشارع شريف بوسط البلد، دخلت مكتبه وطلبت من السكرتيرة الدخول للأستاذ لمصافحته فقط.. كانت تلك أمنيتي… ولكنها قالت إن الأستاذ رجائي لديه اجتماع.. شاهدتني الأستاذة مي رجائي ورحبت بي ودخلت للفقيه واعطت له الكتاب ونادتني للدخول، أصابني شعور التردد كيف سأصافح هذه القامة والقيمة؟!.. هل سيبتسم في وجهي؟!.. هل سيرحب؟!

إلا انني وجدته مرحبًا بحفيد صغير لا يعرفه، ابتسم ابتسامة لن أنساها، بل هي سر طموحي في هذه المهنة، طلبت منه أن ألتقط صورة لاحتفظ بها لم يتردد في الترحيب أبدًا.

سمعت يوم ٢٦ مارس ٢٠٢٢ وشاهدت صورته مفارق الحياة وهو في محراب العدالة ليترافع في قضية عن المحامين..
إنه ودع عالمنا برداء الدفاع.. ودع الجميع ورايته السمو بالمحامين، وغايته رفعة زملائه وأبنائه وتلاميذه.. سلامًا يا محب المحاماه.. وداعًا يا شيخ المحامين وجليل المهنة وفقيهنا وقدوتنا.

رحم الله الأستاذ والمفكر العظيم أ. رجائي عطية.

رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهمنا الصبر والسلوان.

زر الذهاب إلى الأعلى