رثاء نقيب المحامين للراحل سيد عبد الغني
كتب: محمد علاء
قام نقيب المحامين الأستاذ رجائي عطية، برثاء الراحل سيد عبد الغني أمين صندوق النقابة، والأمين العام المساعد لاتحاد المحامين العرب، ورئيس الحزب الناصري، الذي وافته المنية أمس الثلاثاء.
الأستاذ / سيد عبد الغنى
صديقي الحبيب . وداعًا !
لم أعرف الأستاذ الكبير سيد عبد الغنى، إلاَّ من تسعة شهور، ولكنها بميزان المحبة والصداقة الخالصة تعادل تسعين سنة، من الوفاء والمحبة والإخاء. تمنّينا معًا أن نكون قد التقينا من سنوات طويلة، وجعل بكرمه ومحبته يذكر لكل من يتوسم فيه خيرًا، أنه تمنّى لو كان قد عرفني وعرفتني النقابة من سنوات بعيدة، وأنه رحمه الله التقت أحلامه للمحاماة ونقابتها في شخصي، وقد بادلته حبًّا بحب، وتقديرًا بتقدير، وكان بذلك جدير، فقد لمست فيه نقاء الضمير وصفاء القلب ومتانة الأخلاق ودماثة الطبع وأريحية لا تكف عن العطاء.
فقدت برحيله عن دنيانا بأمس، أخًا عزيزًا، وصديقًا حقيقيَّـا، وإنسانًا عظيمًا، ووطنيَّـا رائعًا.
كم كان عظيما وكريمًا حينما نقلت إليه أن زميلنا الأستاذ عمر هريدي «واخد على خاطره منه!» فسألني عن السبب، فلما رويته له، أقسم بأيمان مغلظة أنه برئ من هذه المظنة، بل ولا علم له بالواقعة التي حسب الأستاذ عمر هريدي أنه كان وراءها، وكم كان هذا الإنسان أعظم حين طلبت إليه أن يصاحبني إلى مكتب الزميل عمر هريدي، طلبت إليه ذلك مترددًا، أخشى من ردة فعل أكثرية الناس، لماذا وهو البريء يذهب إلى مكتبه ساعيًا إليه للتوضيح ورفع عكارة.. رأيت بحكم سني ومكانتي من الأطراف وواجبي إزاءهم أن أزيلها، فإذا بهذا الإنسان العظيم يقبل بلا أي تردد، ويذهب معي لزيارة زميلنا الأستاذ عمر هريدي في مكتبه، حيث صفت القلوب على وئام.
تأكد لي هذا الوئام، أكثر ما تأكد، بصلاة الجنازة للفقيد الغالي عصر أمس الثلاثاء. فقد سرني أن يكون الأستاذ عمر هريدي في مقدمة الحاضرين، حريصًا على وداعه والصلاة عليه.
هذه الإنسانية الفياضة، والعطاء المغموس بالمحبة والوفاء، رأيتها رأى العين فيما اكتشفته في هذا الإنسان العظيم من مصاحبة شبه دائمة لزميلنا المرحوم الأستاذ عبد العظيم المغربي المحامي وأمين عام اتحاد المحامين العرب لدولة المقر، كان الأستاذ المغربي يمر بمحنة إثر وفاة زوجته التي سبق رحيلها مرض طويل وعسير، زادت عليها محنة صحية ألمّت به فرضت عليه نظامًا قاسيًا وغسيلاً كلويًّا ثلاث مرات كل أسبوع، وإذا بي أعرف مصادفة أن الحبيب سيد عبد الغنى لا يفارقه في ذهابه وإيابه، ويحرص على رفقته، وأن يكون عصاه التي يتوكأ عليها، في الوقت الذي نرى فيه بعض الأقرباء يفرون من المريض إذا طال مرضه وثقلت أعباؤه.
ماذا أقول لكم ؟!
إن شريط الذكريات مع هذا الإنسان الدمث الخلوق العظيم طويل لا ينفد، رغم قصر المدة التي أتيح لي فيها الاقتراب منه . كان طبعه السماحة، لم تفارقه قط، وكم من وقائع كان فيها صاحب حق، ولكنه بسماحته أنزل عليها ستار النسيان، وكأنها لم تحدث قط.
كم تناقشنا في العمل النقابي، وكم اختلفنا أحيانًا، فكان الاختلاف موضوعيَّـا دائمًا، محصورًا في دائرته، لا يتعداها إلى الدائرة الإنسانية التي ظلت على صفاء نادر وكأننا قد جمعتنا صحبة السنين العديدة إن لم تكن الدهور الطوال !
ماذا أقول لكم ؟!
سيد عبد الغنى رحمه الله، حفر لنفسه مكانة عزيزة في قلبي وفي قلوب كل من عرفوه، وكان من حسن حظى أنني عرفته، فعرفت أخًا لي لم تلده أمي، وصديقًا نادرًا، ومعينًا رائعًا . أدمعت عليه عيناي، ولا تزالا، وانفطر قلبي . لهفي عليه، سيظل حيًّا في قلبي إلى أن ألقاه في دار البقاء . رحمه الله.
رجائي عطية