دَوْرُ هَيْئَةِ تَنْمِيَةِ صنَاعَةِ تِكْنُولُوجْيَا المَعْلُومَاتِ فِي حِمَايَةِ حُقُوقِ المِلْكِيَّةِ الفِكْرِيَّةِ
بقلم الدكتور: فرج الخلفاوي
لا يقتصر الهدف من تأسيس هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات على الإشراف على تنفيذ قانون التوقيع الإلكتروني فحسب، لكنه يشمل كذلك الإسهام في تنمية قطاع تكنولوجيا المعلومات بوجه عام. وجدير بالذكر أن هذه الهيئة قد تأسست بموجب القانون رقم 15 لعام 2004، وهي تمثل خطوة أخرى تخطوها الحكومة في طريق تعزيز مجتمع المعلومات المصري. هذا وستكون من مهام الهيئة الجديدة دعم تطوير التعاملات الإلكترونيَّة والحكومة الإلكترونيَّة، إلى جانب الإشراف على تنفيذ قانون التوقيع الإلكتروني والعمل على تنمية ودعم قطاع تكنولوجيا المعلومات الهادف إلى التوجيه إلى التصدير.
ويُعتبر دعم وتطوير صناعة البرمجيات من أولويات وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وذلك من خلال نشر وزيادة الوعي الاجتماعي حول شئون وقضايا الملكيَّة الفكريَّة. وينطوي هذا الهدف على إصلاح قانون حق النشر الذي شهد إدراج قانون جديد حول حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة في يونيو 2002.
وأسست هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات مكتب حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة من أجل تمكين التغيرات التي طرأت على قانون حق النشر والتأليف، وكذلك إدارة نظام وطني للملكية الفكريَّة وحقوق النشر والتأليف.
ومكتب حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات يطبق أحكام القانون رقم 82 لسنة 2002 بشأن حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة ولائحته التنفيذية الصادرة بقراري السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 497 لسنة 2005 ورقم 2202 لسنة 2006 وقرار السيد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات رقم 107 لسنة 2005 والكتاب الدوري رقم 11 لسنة 2007 الصادر من السيد المستشار النائب العام فيما يخص حماية مصنفات برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات.
وعقد مكتب حقوق الملكيَّة الفكريَّة منذ تدشينه عددًا كبيرا من الندوات، ونظم ورش عمل ودورات تدريبية؛ الأمر الذي يدل على تحول الطريقة التَّقليدية في التعامل مع الملكيَّة الفكريَّة في مصر. وكنتيجة لذلك تمكنت الدولة من حفض معدل قرصنة البرمجيات إلى 59% في عام 2009 بقيمة تجاريَّة وصلت إلى 146 مليون دولار للبرمجيات غير المرخصة وفقًا لجمعية منتجي البرمجيات العالمية ( BSA) وما أشارت إليه دراسة قرصنة البرمجيات الدولية الصادرة عن شركة أبحاث السوق IDC) ).
يضمن المكتب الذي يتخذ من هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات مقرًا له الحماية الفعالة لحقوق الملكيَّة الفكريَّة. ويُدير عمليات إصدار شهادات إيداع برامج الكمبيوتر وقواعد البيانات وعمليات استخراج تراخيص قانونية وتراجم للأغراض التعليمية. ويعمل مكتب حقوق الملكيَّة الفكريَّة، بالإضافة إلى ذلك، مع مختلف الهيئات المعنية بحقوق الملكيَّة الفكريَّة على الصعيدين المحلي والدولي، ويلتزم برفع مستوى الوعي والفهم بحقوق الملكيَّة الفكريَّة في مجتمع البرمجيات ولدى عموم الجمهور.
ونظرًا لضرورة التدريب، قدمت هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات دورات تدريبية مُتقدمة لعدد 1960 قاضيا يمثلون مختلف محاكم الدولة وعدد1013 مُدعِيًا عامًّا. ويهدف تدريبهم إلى التعريف بالإجراءات السليمة التي تضمن أقصى مدى لإنفاذ القانون. كما وفرت الهيئة دورات إضافية لأكثر من 258 ضابط يعمل على إنفاذ القانون من شتى أنحاء الدولة لضمان معرفتهم الكاملة بالجوانب الفنية المتعلقة بتطبيق القانون.
وتعمل الهيئة مع وزارة الثقافة عن كثب لتعزيز “قانون حماية الملكيَّة الأدبيَّة والفنية” من خلال إطلاق حملات مُصممة لزيادة الوعي بحقوق الملكيَّة الفكريَّة ودورها في استدامة النمو الاقتصادي وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر. وتم تصميم الحملات وتنفيذها بالتعاون الوطيد مع الجهات الحكومية والمنظمات “الأهلية” غير الحكومية (NGOs) ، ومن بينها المركز المصري للملكية الفكريَّة (ECIPT) فضلًا عن الشركات متعددة الجنسيات المتخصصة في نفس المجالات، مثل: مايكروسوفت وأوتو ديسك وغيرهم.
ويقدم المكتب خدمات وأنشطة ومنها: خدمات الإيداع والتسجيل لمصنفات برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات وإصدار الشهادات الخاصة بها.
إصدار تراخيص مزاولة النشاط للشركات والجهات والمنشآت المختصة بمجال تداول مصنفات برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات بكافَّة صورها وأشكالها، وإصدار تراخيص مقاهي الإنترنت والبلاي ستيشن.
قيد التصرفات الواردة على مصنفات برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات وتسجيل عقود تراخيص أو استغلال البرمجيات بأية صورة من الصور.
إصدار تراخيص النسخ والبيع والتداول لمصنفات برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات.
التفتيش على كافَّة الشركات والجهات ومقاهي الإنترنت والمنشآت فيما يتعلق بحماية مصنفات برامج الحاسب الآلي وقواعد البيانات.
تقديم الخبرة الفنية للنيابات والمحاكم بشأن القضايا المتعلقة بالبرمجيات وقواعد البيات بكافَّة أشكالها وأنواعها.
ولتيسير إجراء التحقيقات وتحليل الأدلة الجنائيَّة والإبلاغ عن الجرائم الرقمية، تم إطلاق أول معمل طب شرعي رقمي متخصص لحماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة، وذلك ضمن عدد من الإجراءات التنفيذية الرامية لمكافحة قرصنة البرمجيات.
ويعد المعمل هو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومقره بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “ايتيدا”- التابعة لوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات المصرية والتي تعمل على إنفاذ حقوق الملكيَّة الفكريَّة المتعلقة بمنتجات البرمجيات وقواعد البيانات من خلال مكتب حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة بالهيئة.
ويضم المعمل برمجيات وتقنيات متطورة تمثل خارطة طريق لكل الأطراف المعنية بالمسائل الخاصة بانتهاكات الملكيَّة الفكريَّة الرقمية، وعمليات التمييز بين المنتجات الأصلية والمقلدة، لتيسير التعامل مع قضايا القرصنة، كما إنه مصمم خصيصا لدعم حل القضايا المتعلقة بقرصنة البرمجيات التجاريَّة والقرصنة على الإنترنت، بجانب استعادة المحتوى الأصلي الموجود في الأجهزة الرقمية واكتشاف تقنيات الاحتيال الجديدة.
وقد تم اتخاذ إجراءات شاملة لضمان إنفاذ حقوق الملكيَّة الفكريَّة مع كل الجهات المعنية، ومنها: المحاكم الاقتصاديَّة من القضاة، ووكلاء النائب العام، وضباط الشرطة، وأصحاب حقوق الطبع والنشر.
حيث تمكن مكتب حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة خلال عام 2017 فقط من تقديم عدد من البرامج ودورات التدريب المكثفة، ضمت أكثر من 900 ضابط شرطة من المتخصصين في المصنفات الفنية، و97 صحفيا من الهيئة الوطنيَّة للصحافة، و125 موظفا من مختلف شركات البرمجيات، إضافة إلى 473 قاضيا من المحاكم الاقتصاديَّة، لافتا إلى أن هذه الجهود أسفرت عن تقديم تقارير الخبرة الفنية للمحاكم الاقتصاديَّة في 96 قضية، وتسجيل 203 برامج حاسب إلى و267 رخصة برمجيات.
وتصل نسبة القرصنة في مصر إلى61% ، وهي تعد نسبة أقل من منافسيها من المواقع الموفرة لخدمات تكنولوجيا المعلومات والتعهيد، ومنهم: المغرب 65%، والفلبين 67% وفيتنام 78%..
وقد حصل مكتب حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة بهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات “إيتيدا” على تجديد شهادة “الأيزو 9001:2008” حتى عام 2018 ، وذلك عقب اجتيازه لإجراءات التدقيق والمراجعة اللازمة لتجديد الشهادة والتي حصل عليها المكتب باعتباره الأول على مستوى الشرق الأوسط وإفريقيا، وذلك عن جودة خدمات الملكيَّة الفكريَّة وتطبيق معايير الجودة الشاملة الصادرة عن المنظمة الدولية للتقييس ISO ومقرها جنيف في سويسرا. وحصل على المركز الثاني على مستوى الدولة كأفضل منفذ حكومي يقدم خدمات للجمهور عام 2009.
وأصدر مكتب حقوق الملكيَّة الفكريَّة خلال عام 2015 حوالي 1368 ترخيص مزاولة نشاط لشركات البرمجيات ومقاهي الإنترنت ومحلات الألعاب الإلكترونيَّة وخاصة “البلاي ستيشن”. كما قام بدعم الشركات الناشئة ورواد الأعمال في مجال حماية حقوق الملكيَّة الفكريَّة للبرامج والتطبيقات وأفكار المشروعات.
وتتزايد عدد الشركات المصرية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بمعدل سنوي 15% تقريبًا في عامي 2011/2012 لتصل إلى عدد إجمالي يتجاوز 5000 شركة في عام 2012 ، وبلغت إيرادات قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 65 مليار جنيه مصري في عام2011/2012 ، وقد بلغ إجمالي صادرات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات1,442مليون جنيه مصري في عام 2012 ، وأسهم قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في إجمالي الناتج المحلي بنسبة 3,3 نقطة أساس في عام 2012/2013 ، ووظف قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات 283,000عاملًا مباشرة في عام 2013.
وثبت أن مصر جهة استثمارية جذابة للشركات الأجنبية العاملة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لأكثر من عقد من الزمان؛ إذ أنشأت شركات مثل : أبل وسيسكو ، وهوليت باكارد وإنتل ومايكروسورفت وأو راكل وتيراداتا وفاليو وفودارون وياهو وغيرها فروعا في مصر.
وجدير بالذكر أنه – في ظل الزخم المستمر الذي تكتسبه مصر في مجال الإبداع التكنولوجي وريادة الأعمال وفي إطار استراتيجية الدولة نحو التحول الرقمي في كافَّة القطاعات- قامت الحكومة المصرية مُمَثَّلَةً في وزارة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بوضع استراتيجيتها للبرمجيات الحرة والمفتوحة المصدر موضع التنفيذ في عام 2016. وتمثل السياسة المعتمدة حديثا نقلة نوعية في قواعد الملكيَّة الفكريَّة كونها توفر نموذجا بديلًا لتراخيص البرمجيات، مع تطوير نظام وبيئة عمل مواتية لإنتاج برامج جديدة ومبتكرة.
ونحن من جانبنا نرى : ضرورة اهتمام هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا بنشر الوعي بثقافة احترام حقوق الملكيَّة الفكريَّة وحمايتها على شبكة الإنترنت والوسائط الرقمية، وذلك من خلال حملات توعية عبر وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، والعمل على تسويق الإبداعات والابتكارات المصرية عالميًّا ، والتركيز على استقطاب المزيد من الصناعات ذات قيمة مضافة عالية مثل صناعة البرمجيات.