دور المحكمة الجنائية الدولية الدائمة (2)
بقلم: محمد عبداللطيف صقر
تناولنا فى المقال السابق الخلاف بين الولايات المتحدة الأمريكية و المحكمة الجنائية الدولية وفي هذا الجزء الذى نلقى به على ظلال الدور المتعاظم الذى تقوم به المحكمة الجنائية الدولية، ونبدأ بإدانه المحكمة الجنائية الدولية للعقوبات التى فرضتها الولايات الامريكة على بعض أعضاء المحكمة.
ونددت بها وصرحت بأنها تقف بجانب موظفيها، وبأن تلك العقوبات تدخل سافر فى حكم القانون وما هى إلا عرقله لجهود المحكمة لمحاربة الإفلات من العقاب لفظائع جماعية وأنها إجراءات غير مسبوقة وغير مقبولة فى مواجهة منظمة دولية قائمة على معاهدات دولية وذلك على لسان المستشار جون كون رئيس هيئة الدول الأطراف بالمحكمة كما دعى الأتحاد الأوروبي.
حيث صرح جوزيب بوريل المفوض الأعلى للشؤون الخارجية والأمن للإتحاد الأوروبى بأن تلك العقوبات غير مسبوقة وغير مقبولة وهى تعرقل عدالة المحكمة ، وقد اعربت فرنسا و كندا عن استيائهم الشديد من تلك العقوبات ، كما قد عبر الأمين العام للأمم المتحدة ، انطونيو غوتيريس عن قلقه من تلك الإجراءات الغير مسبوقة والغير مقبولة من الولايات المتحدة الأمريكية.
أن المحكمة الجنائية الدولية الدائمة تسطر التاريخ الأن ، فدائماً ما يحاكم المنتصر المهزوم فالتاريخ له ألف وجه والوجه المعترف به هو الذى سطره المنتصر ، فبتاريخ المحاكم الدولية المؤقته ، نشأت المحكمة العسكرية الدولية نورمبرج فقد نشأت من قبل دول الحلفاء المنتصريين لمحاكمة قادة دول المحور المهزومة عما صدر منهم من جرائم فى أوروبا عقب الحرب العالمية الثانية وذلك بموجب اتفاق لندن فى 8 أغسطس 1945 ، لا يختلف الحال بالنسبة للمحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى التى تشكلت بأمر من القائد العام للقوات الحليفة الأمريكى مارك أرثر فى 19 يناير 1946 ، لمحاكمة القادة العسكرين اليابانين بما فيهم أمبراطور اليابان ، هيروهيتو الذى أعفى من المحاكمة وجميع العائلة الأمبراطورية من تلك المحاكمة ، وكذلك الحال فى محكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة حيث أصدر مجلس الامن قراره رقم 727 فى 25 مايو عام 1993 بإنشاء تلك المحكمة لمقاضاة كبار الساسه مثل الرئيس الأسبق ليوغسلفيا ، سلوبودان ميلوشيفيتش ، والرئيس السابقة لصرب البوسنه ، بليانا بلافسيتش وذلك لمحاكمتهم عن الفظائع التى ارتكبت بعد تفكك جمهورية يوغسلافيا إلى عدة دول تصراعت فيما بينها فتفتت إلى دول أخرى جراء جرائم وحشية وتطهير عرقى وحروب أهلية ومن الحظ العثر بعد أقل من سنة من أحداث يوغسلفيا ، الجيش الرواندى والميشليات الشبه عسكرية قامت بمجازر ممنهجة ضد قبائل التوستى وقبائل الهوتو الرواندين مما نتج عنه ما يزيد عن 800 ألف قتيل وضحية وذلك من عام 1990 إلى عام 1994 ، ورغم اتفاق السلام بعد مقتل الرئيس هاييار ريمانا فى حادث تصادم طائرة عند عودته من تنزانيا إلا أن فتيل الحرب الأهلية قد أشتعل مرة أخرى من أبريل وحتى يوليو 1994 لذلك قد قرر مجلس الأمن أنشاء محكمة روندا الدولية الجنائية.