دروس من حديث النقيب

بقلم الأستاذ/ أشرف الزهوي

تحدث إلينا نقيب المحامين بقلب مفتوح عن العلاقة التي تربط المحامي بالسلطات القضائية في مجال العمل اليومي الذي لايخلو من الشد والجذب واختلاف الرؤي في بعض الأمور القانونية.

ويمكن تلخيص رسالة النقيب في أمرين مهمين؛ الأول يتعلق بأهمية إصرار المحامي علي التمسك بحقه أمام جهات التحقيق أو في ساحة القضاء بما خوله له القانون في إثبات مايريد في محضر التحقيقات، أو محضر الجلسة وضرب لنا أمثلة من الواقع وكشف لنا عن مواقف حدثت معه شخصيا أثناء الحضور أمام النيابة وأمام المحكمة، وكيف تمسك بحقه وأصر عليه عن فهم ووعي حرصا على مصلحة موكلة، وأثبت لنا النقيب عن معنى سرعة البديهة وحسن التصرف التي يجب أن يتحلى بها المحامي أثناء آداء مهنة المحاماة.

قدم لنا النقيب درسا وهو يوجه موكلة الماثل أمام النيابة العامة أثناء التحقيق للالتزام بالصمت ردا على رفض السيد المحقق إثبات طلبا لسيادته مع بدء التحقيق، وكيف تعامل النقيب مع المستجدات حتى تحقق له مااراد وفقا لما يخوله له القانون، واللجوء إلي المحامي العام الأول الذي انصفه في شأن ماطلب.

وهذا يعد درسا مهما يوضح أن المحامي الواثق في قدراته العالم بحقوقه القانونية يستطيع أن يظفر بحقه إذا ماتمسك به، اما الأمر الثاني الذي يمكن أن نستخلصه من حديث النقيب، هو التأكيد على احترام السلطات وتوقيرها بما يحفظ لها هيبتها، دون التراجع عن التمسك بالحقوق القانونية التي ينشدها المحامي.

وفي المثال الأخير حرص النقيب على تقديم الشكر والتقدير لسيادة المحقق، رغم أنه لم يثبت في محضر التحقيق مااراده النقيب الا بعد توجيه رئيسه في العمل لحفظ ماء الوجه. ضرب لنا النقيب مثلا من خلال حياته العملية، عندما تمسك أمام المحكمة بحقه في إثبات مايريد في محضر الجلسة وظل ثابتا على طلبه حتى كان له مااراد… من خلال الحديث الشائق الذي قدمه النقيب يمكن أن نصل إلى نتائج مرضية من خلال المقترحات الآتية: –

أولاً : إنشاء إدارة الدعم القانوني التي اقترحها النقيب تحت مسمى نجدة المحامي ولن يختلف المسمى في تحقيق الهدف من إنشائها. تقوم إدارة الدعم القانوني بالتدخل لإثبات الحقوق القانونية مع الزميل الذي يطلب الدعم على أن تكون هذه الإدارة على درجة من الخبرة وسرعة البديهة لتحقيق الدعم بما لايخل بالاحترام والتوقير اللازمين للسلطات القضائية.

على أن يظل عمل هذه الإدارة تحت إشراف أعضاء مجالس النقابات الفرعية ومجلس النقابة الفرعي في كل محكمة.

وأود أن أشير إلى أن أغلب التعاملات التي تتم بين المحامين والسلطات القضائية تقوم على الاحترام المتبادل من أجل تحقيق العدالة.

ثانيا : يجب التوسع في عقد الدورات التدريبية والندوات واللقاءات الدورية بين شباب المحامين وكبار الأساتذة الذين صقلتهم التجربة.

وتاكيدًا للدور الإيجابي لهيئة المحكمة في تجربة شخصية، أردت أن أثبت بعض الطلبات والدفوع في محضر الجلسة، مع التصريح باستخراج إفادة من أحد البنوك بتفاصيل مطولة وكان سكرتير الجلسة ردئ الخط إلى درجة مزعجة، فخشيت أن يسطر السكرتير طلباتي والتصريح الذي انشده بخط غير واضح، فقمت بمقابلة السكرتير قبل الجلسة وأردت أن أبلغه بمخاوفي دون أن احرجه بالنسبة لمسألة رداءة الخط، فاخبرته أن لي طلبات كثيرة سوف أثبتها أثناء الجلسة في محضر الجلسة وإنني اشفق عليه في كتابة الطلبات لحظة انعقاد الجلسة، فابدي السكرتير مساعدتي في أن أكتب طلباتي والتصريح الذي أريده وأطلب من المحكمة إثباته بما يتراءي لها، وبالفعل أبدت المحكمة تفهما ونبهت السكرتير بإثبات الطلبات والتصريح بخط واضح ومقروء.

ومن الطرائف التي حدثت معي في إحدى القضايا أمام محكمة الجنح المستأنفة، أنني حاولت أن أقرأ جملة واحدة من التحقيق الذي سطره السكرتير بخطه، ولكنني عجزت عن ذلك، فطلبت من المحكمة الموقرة إعادة التحقيق الذي تم بناء عليه إصدار محكمة أول درجة لحكمها، وكانت المفاجأة أن المحكمة تعاني من رداءة خط هذا السكرتير واستجابت المحكمة لطلبي بإعادة التحقيق لرداءة الخط وحتى عندما طلب محام الخصم إحضار السكرتير ليقرأ ماسطره بخطه في التحقيق كان رد المحكمة الذي اذهلني، انها استعانت بهذا السكرتير من قبل ليقرأ ماسطره ولكنه عجز عن ذلك. إذن لابد وأن تتسع دائرة البحث في شأن المشكلات والعقبات والمتاوشات والاحتكاكات التي تحدث يوميا للمحامي أثناء آداء رسالته.

وأخيرا علينا أن نؤمن بأن أصحاب الرسالات لم يستطيعوا تحقيق أهدافهم والوصول إلى غاياتهم إلا بمواجهة الصعاب و بذل المستحيل.

زر الذهاب إلى الأعلى