حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٦ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٥ لسنة ١٦ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ١٢ فبراير سنة ٢٠٠٦م، الموافق١٣ محرم سنة ١٤٢٧ه
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين: ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور وأنور رشاد العاصى والدكتور حنفى على جبالى وماهر سامى يوسف ومحمد خيرى طه
وحضور السيد المستشار / نجيب جمال الدين علما رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٥ لسنة ١٦ قضائية دستورية
المقامة من
السيد / محمود عبد الحى إبراهيم عبده
ضد
١– السيد رئيس مجلس الوزراء
٢– السيد وزير المالية
٣ – السيد المستشار النائب العام
٤ – السيد المستشار وزير العدل
الإجراءات
بتاريخ الثالث والعشرين من فبراير سنة ١٩٩٤، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طلباً للحكم بعدم دستورية الباب الثامن من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها أصلياً الحكم بعدم قبول الدعوى ، واحتياطياً برفضها.
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ٧٠٤ لسنة ١٩٩٣ أمام محكمة طنطا الابتدائية مأمورية المحلة الكبرى الابتدائية ضد المدعى عليه الثانى ، طلباً للحكم بإلغاء القرار الصادر من لجنة التظلمات لضريبة المبيعات بطنطا برفض تظلمه عن الضريبة المستحقة عليه عن الأشهر من مايو إلى يوليو سنة ١٩٩١، وأثناء نظر الدعوى ، دفع المدعى بعدم دستورية قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١، تأسيساً على أنه يحول بينه وبين اللجوء إلى القاضى العادى لفض النزاع بينه وبين مصلحة الضرائب، وإذ قدرت المحكمة جدية هذا الدفع وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الماثلة ، مستندة فى ذلك إلى قالة إنها لم تتصل ب
المحكمة الدستورية العليا
وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى المادة (٣٠) من قانونها، وأن المدعى جهل –فى دفعه – بالنصوص المطعون عليها، ومن ثم فإن تقدير محكمة الموضوع لجدية الدفع قد انصب على غير محل، ويدل على ذلك مضى المحكمة فى نظر الدعوى حتى قضت فيها بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا.
وحيث إن ما ذهبت إليه هذه الهيئة – فى مختلف أو جهه مردود بما هو مقرر –فى قضاء هذه المحكمة – بأن كل شكلية ولو كانت جوهرية فرضها المشرع لمصلحة عامة حتى ينتظم التداعى وفقاً لحكمها –لايجوز فصلها عن دواعيها، وإلا كان القول بها إغراقاً فى التقيد بضوابطها، وانحرافاً عن مقاصدها، وأن التجهيل بالمسائل الدستورية يفترض أن يكون بيانها قد تمحض فعلا بما يحول عقلاً دون تجليتها، فإذا كان إعمال النظر فى شأنها، ومن خلال الربط المنطقى للوقائع المؤدية إليها – يفصح عن حقيقتها، وما قصد إليه الطاعن حقا من إثارتها، فإن قالة التجهيل بها تكون غير قائمة على أساس كما أن تقدير محكمة الموضوع جدية المطاعن الدستورية المثارة أمامها، ليس لازما أن يكون صريحا، بل حسبها فى ذلك أن يكون قرارها فى هذا الشأن ضمنيا، لما كان ذلك وكان المدعى قد أثار دفعه بعدم الدستورية أمام محكمة الموضوع على سند من أن قانون ضريبة المبيعات يحول بينه وبين اللجوء مباشرة إلى قاضى الموضوع لفحص نزاعه الضريبى ، وذلك بتشكيل لجنة لفض هذا النزاع أولا، وهو أمر قاطع الدلالة على انصراف دفعه إلى المواد التى نظمت هذا الأمر، وهى المواد المنصوص عليها فى الباب الثامن من القانون، وأصلها المنصوص عليه فى المادة ١٧ من القانون ذاته، كما أن قرار المحكمة بتأجيل نظر الدعوى مع التصريح له بإقامة الدعوى الدستورية ، يكون متضمناً تقديراً لجدية دفعه بعدم الدستورية ، ومن ثم فإن قالة مخالفة المادة (٣٠) من قانون
المحكمة الدستورية العليا
، يكون لغواً.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن اتصال الخصومة الدستورية بها من خلال رفعها إليها وفقاً للقواعد وطبقاً للإجراءات المنصوص عليها فى قانونها، يعنى دخولها فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها، فلا يجوز بعد انعقادها أن تتخذ محكمة الموضوع إجراءاً وتصدر حكماً يحول دون الفصل فى المسائل الدستورية التى تثيرها، وعلى محكمة الموضوع أن تتربص قضاء
المحكمة الدستورية العليا
فى الدعوى الدستورية حتى تنزل قضاءها على وقائع الدعوى الموضوعية ، بما مؤداه أنه –فيما عدا الأحوال التى تنتفى فيها المصلحة فى الخصومة الدستورية بقضاء من
المحكمة الدستورية العليا
، أو التى ينزل فيها خصم عن الحق فى دعواه الموضوعية من خلال تركها وفقاً لقواعد قانون المرافعات، أو التى يتخلى فيها عن دفع بعدم الدستورية سبق لمحكمة الموضوع تقدير جديته، أو التى يكون عدول محكمة الموضوع فيها عن تقديرها لجدية دفع بعدم الدستورية أو قرارها بالإحالة مبناه إعمالها للآثار المترتبة على قضاء للمحكمة الدستورية العليا فى شأن النصوص ذاتها التى قام عليها الدفع أو انبنى عليها قرار الإحالة ، فإن على محاكم الموضوع – على اختلاف درجاتها – أن تتربص قضاء
المحكمة الدستورية العليا
، وإلا كان قضاؤها نكولاً من جانبها عن التقيد بنص المادة (١٧٥) من الدستور التى تخول
المحكمة الدستورية العليا
دون غيرها الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح وتسليطا لقضاء أدنى على قضاء أعلى بما يناقض الأسس الجوهرية التى يقوم التقاضى عليها، وتعطيلاً للضمانة المنصوص عليها فى المادة (٦٨) من الدستور، وما يتصل بها من حق اللجوء إلى
المحكمة الدستورية العليا
للفصل فى المسائل الدستورية التى اختصها الدستور بها، بوصفها قاضيها الطبيعى ، ومن ثم فلا يكون لقضاء محكمة الموضوع – بعد تقديرها لجدية الدفع وإقامة الدعوى الدستورية بالفعل بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإدارى بطنطا – أى أثر على استمرار نظر الدعوى الدستورية والفصل فيها.
وحيث إن قضاء هذه المحكمة ، قد جرى على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون هناك ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها والمطروحة أمام محكمة الموضوع، لما كان ذلك وكان البين من الدعوى الموضوعية أن ثمة نزاعا قد قام بين المدعى ومصلحة الضرائب على قيمة ضريبة المبيعات المستحقة على مصنعه خلال فترة معينة ، وكان النص فى المادة (٣٧) من القانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ يتعلق بتطبيق إجراءات التحكيم المنصوص عليها فى قانون الجمارك بالنسبة للسلع المستوردة ، ومن ثم فلا يكون للمدعى ثمة مصلحة فى الطعن على هذه المادة ، ومن ثم يتحدد نطاق الطعن بالمواد ١٧ و٣٥ و٣٦ من ذات القانون دون غيرها.
وحيث إن هذه المحكمة سبق لها أن حسمت المسألة الدستورية المثارة فى الدعوى الراهنة بحكمها الصادر بجلستها المعقودة فى ٦ / ١ / ٢٠٠١ فى القضية رقم ٦٥ لسنة ١٨ قضائية دستورية والذى قضى بعدم دستورية نص المادة (١٧) من قانون الضريبة العامة على المبيعات الصادر بالقانون رقم ١١ لسنة ١٩٩١ فيما تضمنه من أن لصاحب الشأن أن يطلب إحالة النزاع على التحكيم المنصوص عليه فى هذا القانون إذا رفض تظلمه أو لم يبت فيه، وإلا اعتبر تقدير المصلحة نهائياً، وبعدم دستورية نص المادة (٣٥) من القانون ذاته، وسقوط المادة (٣٦) منه، وإذ نشر هذا الحكم فى الجريدة الرسمية فى العدد رقم (٣) بتاريخ ١٨ / ١ / ٢٠٠١، وكان مقتضى المادتين (٤٨، ٤٩) من قانون
المحكمة الدستورية العليا
الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، أن يكون لقضاء هذه المحكمة فى الدعاوى الدستورية حجية مطلقة فى مواجهة الكافة وبالنسبة إلى الدولة بسلطاتها المختلفة باعتباره قولاً فصلاً لا يقبل تأويلاً ولا تعقيباً من أى جهة كانت، وهى حجية تحول بذاتها دون المجادلة فيه أو السعى إلى نقضه من خلال إعادة طرحه عليها من جديد لمراجعته، ومن ثم فإن الخصومة فى الدعوى الراهنة – وهى عينية بطبيعتها – تغدو منتهية .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة باعتبار الخصومة منتهية .