حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٠ لسنة ١٦ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٤٠ لسنة ١٦ دستورية
تاريخ النشر : ١٤ – ٠٩ – ١٩٩٥

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه البند (أ) من المادة الثالثة من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ في شأن التأمين الصحي علي الطلاب، من إفراد كل طفل في رياض الأطفال الخاصة، وكل طالب من طلاب المدارس الخاصة بمصروفات، بالتحمل باشتراكات سنوية لتمويل هذا التأمين، تزيد علي تلك التي فرضتها علي غيرهم من الطلبة.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور فاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وسامى فرج يوسف وعبد المجيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله أعضاء وعادل عمر شريف المفوض وحمدى أنور صابر أمين السر .

– – – ١ – – –
إن قضاء المحكمة الدستورية العليا ، مستقر على أن المصلحة الشخصية المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع ، وكانت مناعى المدعى تدور جميعها حول الزيادة فى الاشتراكات السنوية المنصوص عليها فى البند (أ) من المادة الثالثة من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب ، والتى مايز المشرع بها ، بين الالتزامات المالية للملتحقين بالمدارس الحكومية الخاصة غير المعانة ، ومن عداهم دون غيرها من الخدمات التى ساواهم فيها بنظرائهم ـ كالزيارات المنزلية والمساهمة فى ثمن الأدوية ـ إذ تتكافأ فئتها المالية فيما بين الطلاب جميعهم ،وكانت الاشتراكات السنوية التى نازع المدعى فيها ـ والتى يتصل بها النزاع الموضوعى هى تلك التى تم تحصيلها منه استناداً إلى البند (أ) من المادة الثالثة المشار اليها فإن نطاق الطعن ينحصر فى هذا البند ولا يمتد لسواه من البنود التى انتظمتها هذه المادة .

– – – ٢ – – –
إن الدستور ، نص فى المادة ١٨ على أن يكون التعليم حقاً ، والزامياً فى المرحلة الابتدائية ، مع جواز مد هذا الالزام إلى مراحل أخرى تتصل حلقاتها وتتضافر مكوناتها ليكون قوامها جميعاً بنياناً صلباً متماسكاً نفاذاً إلى آفاق العلوم واقتحاماً لدروبها ، وارتباطاً بحقائق العصر ومعطياته وبوسائل التنمية وأدواتها ، وبعوامل القوة ومظاهرها ، وبموازين الصراع والوفاق ، ويقيم الحق والخير والجمال ، وبتكامل الشخصية الإنسانية لا تراجعها ، وبنواحى التقدم ومناحى القصور ، وبإنماء التقاليد التربوية والخلقية والثقافية وتكريسها ، وبألوان الابداع وأشكال الفنون إطلالاً عليها وتزويداً بها وبالمعايير التى التزمتها الأمم المتحضرة تأميناً لحقوق مواطنيها وحرياتهم ، وبالعوامل الجوهرية التى تكفل للوطن والمواطن آمالاً لا ينحصر محيطها ، بل تمتد دائرتها إلى غير حد ، إيماناً بغد أفضل قوة وبأساً حقاً وعدلاً ، واقعاً ومصيراً .

– – – ٣ – – –
إن الدستور حرص فوق هذا ـ وبنص المادة ١٨ ذاتها ـ على ألا تقف الدولة من التعليم موقفاً سلبيا ، وإنما حملها مسئولية الاشراف على مختلف صوره . وعزز دورها بإلزامها أن تكفل استقلال التعليم الجامعى ، ومراكز البحث العلمية على اختلافها تطويراً لرسالتها ، وبما يكفل انفتاح مجالاتها دون قيد ، متوخياً بذلك أن تتكامل العملية التعليمية فى وسائلها وغاياتها ، وأن تتعدد روافدها لتكون نهراً متصلاً فلا تنعزل بعض حلقاتها عن بعض ، بل تتحد أجزاؤها وتتعاون عناصرها لتقيم بنيانها الحق ، وأن يكون نبعها تلك القيم والتقاليد الغائرة فى أعماق بيئتها ، وما ذلك الا لأن قيمتها بصفة رئيسية فى انبثاقها عن مجتمعها ، وتعبيرها عن المصالح والأسس التى يقوم عليها تثبيتاً لها وتعميقاً لمضمونها .

– – – ٤ – – –
إن التعليم ـ على ضوء ما تقدم ـ كان ولازال من أكثر المهمام خطراً وأعمقها اتصالاً بآمال المواطنين وطموحاتهم وأوثقها ارتباطاً بمصالح الجماعة ومقاييس تقدمها وكان على الدولة بالتالى أن تهيمن على عناصره الرئيسية ، وأن توليه رعايتها ، وأن توفر التعليم وبقدر طاقتها ـ شرايين الحياة الجوهرية التى لا تقوم الا بها ، وأن يكون إنفاقها على التعليم تعبيراً عن اقتناعها بأن ثماره عائدة فى منتهاها اليها وأن اجتناءها بيد مواطنيها فليس التعليم حرثا فى البحر بل هو نبض الحياة وقوامها ، لا تستقيم بغيره شئونها ولازال متطلباً كشرط مبدئى لمواجهة المواطنين لمسئولياتهم مع تنوعها وشمولها ليكون اضطلاعهم بها منتجاً وفعالاً وهو كذلك تعميق لمشاعر الانتماء يتمحض الهاماً للضمائر وتقريراً للحقائق واستنهاضاً للهمم نحو ما ينبغى أن يكون نهجاً قويماً للعمل ، واستناداً للحقائق ، واستنهاضاً للهمم نحو ما ينبغى أن يكون نهجاً قويما للعمل واستثارة لتلك القيم والمثل العليا التى يكون غرسها وإيقاظها فى النشء مشكلاً لعقولهم محدداً مآلاً أنماطا لتصرفاتهم فلا يوجهون فى الأعم ـ طاقاتهم بدداً ، ولا يتراجعون عن الاقدام طريقاً ، ولا يتخاذلون أو يمارون بل يوازنون بين حقوقهم و واجباتهم مستبصرين حدودها فلا يتفرقون أو يفرطون .

– – – ٥ – – –
والتعليم فوق هذا يعدهم للحياة ، ويدربهم على مواجهة صعابها ويقيم لهم معالمها فلا تتنافر وسائلها ، أو تتعارض ملامحها وهو أسوياء بالتعليم ، يتوافقون من بيئتهم ويندمجون فى مجتمعاتهم فلا يسعون لغير مظاهر التفوق إصراراً ولا يميلون عن الحق طريقاً ليكون التعليم دوماً حقاً أصيلاً لا تابعاً لا تداخل الأهواء فرص النفاذ اليه ولا تمليها نزوة عابرة بل يكون القبول بالمعاهد التعليمية على اختلافها محدداً وفق أسس موضوعية تستقيم بها متطلبات ممارسة هذا الحق فلا يكون التعليم على ضوئها شكلياً أو رمزيا ، ولا يقيد المشرع من مداه اعتسافاً ، بل يكون ملبياً واقعاً ومضموناً ـ للأغراض التى يتوخاها أصلاً وموازناً بين مستواه فى مرحلة بذاتها وما ينبغى أن يلائمها من شروط الالتحاق بها ؛ على ضوء نظره كلية تكفل الارتقاء بالجماعة حضارياً ، وإنماء طرائق النظر والاستدلال ، لتطوير العلوم فى مختلف مجالاتها والتمكين من أسبابها .

– – – ٦ – – –
إن الحق فى التعليم فحواه أن يكون لمن يطلبونه الحق فى ضمان قدر منه يلتئم مع مواهبهم وقدراتهم وكذلك اختيار نوع من التعليم يكون أكثر اتفاقاً مع ملكاتهم وميولهم ولا ينحصر الحق فى التعليم فى مجرد النفاذ اليه وفق الشروط الموضوعية التى تتحدد على ضوئها فرص قبول الطلبة بالمعاهد التعليمية كتلك التى تتصل بملائمة تكوينهم علمياً واستعدادهم ذهنياً ونفسيا لنوع وخصائص المناهج الدراسية بتلك المعاهد وعلى ضوء مستوياتها الأكاديمية ، ذلك أن الالتحاق بالمعاهد التعليمية وفق الشروط الموضوعية المحددة للقبول بها يعتبر مشتملاً بالضرورة على حق الانتفاع بمرافقتها وتسهيلاتها وخدماتها بقدر اتصالها بالعملية التعليمية فى ذاتها وارتباطها بما يكفل تكامل عناصرها وبلوغ غاياتها يؤيد ذلك أن الاعتبار الأظهر فى العملية التعليمية ، وإن كان عائدا أصلاً إلى خصائص مناهجها الدراسية ومستوياتها ، وكذلك إلى شروط تكوين الهيئة التى تقوم بتدريسها وعلى الأخص من زاوية كفاءتها العلمية ، وقدرتها على الاتصال بالطلبة ، والتأثير فيهم وجذبهم اليها ، وإشرابهم تلك القيم والمثل التى تمليها المصالح الحيوية فى درجاتها العليا الا أن ذلك لا يقلل من دور مرافق المعاهد التعليمية وخدماتها كتلك التى هيأتها لدعم النواحى الرياضية والترويحية والصحية لطلبتها ، وكذلك تلك التى أنشأتها لاستثارة مواهبهم نهوضاً برسالتها . إذ لا تستقيم أغراض التعليم لغير الأسوياء الأصحاء القادرين بدنياً ونفسياً ـ على النظر فى العلوم وتدبرها وإنشاء علائق اجتماعية مع زملائهم والاندماج فى محيطهم .

– – – ٧ – – –
إن ما تقدم مؤداه أن التعليم حق ، وأن العملية التعليمية تتكامل عناصرها ، فلا يجوز تبغيضها بفصل بعض أجزائها عن البعض ، ذلك أن تضافر مكوناتها هو الضمان لفعاليتها ، لتمتد الحماية التى كفلها الدستور للحق فى التعليم ، إلى كل العناصر التى بتألف منها ، فلا يجوز تعطيل بعض جوانبها أو تقييدها بنصوص قانونية أو تدابير إدارية من شأنها الاخلال بركائز التعليم بما ينال من محتواه وبوجه خاص يجب أن تتخذ السلطات العامة جميعها التدابير التى يقتضيها إنهاء التمييز غير المشروع سواء فى مجال شروط القبول فى المعاهد التعليمية أو من خلال القواعد التى تفرق بين الطلبة فى شأن مصروفاتهم ، أو منحهم الدراسية أو فرص متابعتهم لتعليمهم فى الدول الأجنبية وبوجه عام لا يجوز للمعاهد التعليمية أن تمايز بين طلبتها فى شأن صور التعامل وإشكال العلائق التى ترتبط بها معهم ، مالم يكن التمييز بينهم ، مستنداً إلى جدارتهم ، أو متصلاً بأوضاع تلك المعاهد واحتياجاتها .

– – – ٨ – – –
ولا يسوغ كذلك أن تتخذ السلطات العامة ، من أشكال المعونة التى تقدمها إلى المعاهد التعليمية وأيا كان مقدارها ـ موطناً لتقييد حقوق فئة بذاتها من طلبتها أو تقديمها وتفضيلها على نظرائهم وليس لها أن تعطل حق أولياء أمور الطلبة فى إلحاق أبنائهم بمعاهد تعليمية غير التى أنشأتها بشرط ألا يقل مستواها عن الحدود الدنيا التى تتطلبها الجهة ذات الاختصاص بتنظيم شئون التعليم .

– – – ٩ – – –
وفضلا عما تقدم ، لا يجوز ، أن يكون إنتفاع طلبة المعاهد التعليمية ، بمرافقها أو خدماتها مرتبطاً بقدراتهم المالية ، ذلك أن التمييز بين المواطنين ، فى مجال مباشرتهم للحقوق الأساسية عينها على ضوء ثرواتهم ، كان دائماً أمراً محظوراً منهيا عنه دستورياً .

– – – ١٠ – – –
ولئن صح القول بأن الأصل فى التعليم الخاص ، وهو جوازه فى الحدود التى يبينها المشرع وبما لا يناقض نصوص الدستور وبشرط ألا يكون متوخياً استبعاد فئة بذاتها من المواطنين انحرافاً وأن يكون ملتزماً ـ من حيث مستواه فى كل مرحلة تعليمية ـ بالمقاييس التى تفرضها الجهة الإدارية ذات الاختصاص فى شأن المرحلة المناظرة ، فإن من الصحيح كذلك أن الحماية التى يكفلها الدستور للحق فى التعليم ـ بكل العناصر التى يشتمل عليها ـ إنما تمتد إلى المعاهد التعليمية جميعها بغض النظر عمن يملكها أو يديرها .

– – – ١١ – – –
إن الأسس السالف بيانها ، هى التى تبنتها المواثيق الدولية ، فالإعلان العالمى لحقوق الانسان ، يؤكد فى ديباجته أن الحقوق المنصوص عليها فيه مرجعها إيمان شعوب الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان وبقيمة كل فرد وكرامته وضرورة أن يعامل مع غيره وفقاً لمقاييس تتكافأ مضموناتها فلا يضطر مع غيابها إلى مقاومة القهر والطغيان ، وإنما يكون ضمانها كافلاً معايير أفضل لحياة تزدهر مقوماتها فى إطار حرية أعمق وأبعد وكان من بين هذه الحقوق تلك المنصوص عليها على المادة ٢٦ من ذلك الاعلان فى شأن التعليم فقد جاء حكمها صريحاً فى أن لكل إنسان حقا فيه ويجب أن يقدم مجاناً على الأقل فى مرحلتيه الابتدائية والأساسية ويكون التعليم الابتدائى الزامياً فإذا كان التعليم فنياً أو مهنياً وجب أن يكون متاحاً بوجه عام ولا يتاح التعليم العالى الا على أساس من الجدارة والاستحقاق وللآباء حق أولى aprior right فى إختيار نوع بذاته من التعليم لأبنائهم . وتؤكد المادة ١٣ من العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أن التعليم حق ينبغى أن يكون موجهاً نحو التطوير الكامل للشخصية الانسانية معززاً الاحترام لحقوق الانسان وحرياته الأساسية مقترناً بضمان حق الناس جميعاً فى مجال الاسهام الفعال فى بناء مجتمعاتهم الحرة ، ومؤدياً لتعميق الفهم والتسامح بين الأمم ودعم صداقتها كذلك يبين من الاتفاقية التى اقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والشئون العلمية والثقافية فى ١٤ ديسمبر ١٩٦٠ فى شأن مناهضة التمييز فى مجال التعليم Convention Against Discrimination in Education adopted on ١٤ th december ١٩٦٠ by the genersl conference of the United Natioal Education scientifec and Cultural Organisatio (unesco ) ٠ إن هذا التمييز ، يماثل انتهاكاً للحقوق التى نص عليها الاعلان العالمى لحقوق الانسان وإن منظمة اليونسكو ، تؤكد أن إحترامها للتنوع فى النظم التعليمية الوطنية ، لا يجوز أن يخل بالتزامها ـ ليس بتحريم أشكال التمييز فى نطاق التعليم على اختلافها فحسب ـ بل كذلك بالعمل على إرساء التكافؤ فى الفرص والمعاملة المتساوية على صعيد التعليم ، ليكون حقا مكفولاً لكل إنسان ذلك أن أشكال التمييز ـ على تبيانها ـ تكتنفها مخاطر بعيدة آثارها وكان لازماً بالتالى أن يتناولها تنظيم دولى ، ويكون منهياص لصورها غير المبررة وهو مانصت عليه الفقرة الأولى من المادة الأولى من الاتفاقية الآنف بيانها ، ذلك أن التمييز وفقاً لحكمها يعنى كل تفرقه Distinction أو تقييد Limitation أو استبعاد Exdusion أو تفصيل preference يستند إلى لون الاشخاص أو جنسهم أو لغتهم أو عقائدهم أو آرائهم أو أصلهم الوطنى أو الاجتماعى أو حالتهم الاقتصادية Economic Condition إذا كان هذا التمييز يتوخى ، أو من أثره إلغاء المعاملة المتكافئة فى مجال التعليم أو الاخلال بها ويندرج تحت ذلك بوجه خاص حرمان شخص أو مجموعة من الأشخاص من النفاذ إلى التعليم بمختلف صوره ومراحله ، أو الزامهم الالتحاق بأشكال من التعليم تنحدر مستوياتها أو فرض أوضاع عليهم تأباها كرامة الإنسان تبعاً وتنافياً أو إنشاء نظم تعليمية أو إبقائها إذا كان هدفها الفصل بين الأشخاص تبعاً لجنسيتهم ما لم يكن حق النفاذ اليها متكافئاً من خلال دور للتعليم تتعادل مستوياتها سواء من ناحية خصائص أبنيتها أو تجهيزاتها ، أو كفاءة مدرسيها وقدراتهم ، أو نوع مناهجها . وعملاً بالفقرة الثانية من المادة الأولى من تلك الاتفاقية ، بقصد بالتعليم ـ فى تطبيق أحكامها ـ صور التعليم ومختلف مراحله ، وهو يشمل كذلك على حق الالتحاق بالتعليم والنفاذ إلى نوعه ومستواه ، والشروط التى يمنح على ضوئها .
The conditions under which education is given
ويبين كذلك من الاتفاقية الأوروبية لحماية حقوق الإنسان ، أن بروتوكولاً برقم (١) ألحق بها ، ليضيف اليها بعض الحقوق التى أغفلتها ، من بينها الحق فى التعليم المنصوص عليها فى المادة الثانية من هذا البروتوكول ، والتى تقضى بأن حق كل شخص فى التعليم لا يجوز إنكاره وأن على الدولة فى ممارستها لاختصاصاتها ـ احترام حق الاباء فى أن يوفروا لأبنائهم نوعاً من التعليم والتدريس ، يكون ملبيا لعقائدهم ومفهوماتهم الفلسفية وتنص المادة ١٧ من الميثاق الافريقى لحقوق الانسان والشعوب African Charter on Human and peoples Rights على أن لكل فرد حقا فى التعليم وفى الإسهام الحر فى الحياة الثقافية لبلده .

– – – ١٢ – – –
إنه متى كان ما تقدم ، وكان من المحقق ان الحقوق الاساسية للإنسان لا تستمد من صفته كمواطن فى بلد ما ، بل مردها إلى الخصائص التى تميز الشخصية البشرية وتبرر بالتالى حمايتها وطنيا ودولياً ، وكانت الدساتير المصرية جميعها بدءاً بدستور سنة ١٩٢٣ وانتهاء بالدستور القائم ترد المواطنين جميعاً إلى قاعدة موحدة حاصلها مساواتهم أمام القانون بإعتبارها قواما للعدل وجوهر الحرية والسلام الاجتماعى وعلى تقدير أن الأغراض التى تستهدفها تتمثل أصلاً فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها فقد أضحى مبدأ المساواة أمام القانون فى أساس بنيانه ـ وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لا يقتصر مجال تطبيقها على الحقوق والحريات التى نص عليها الدستور بل يمتد مجال إعمالها كذلك ، إلى تلك التى كفلها المشرع للمواطنين ـ فى حدود سلطته التقديرية وعلى ضوء ما يكون قد ارتآه كافلا للصالح العام . ولئن نص الدستور فى المادة ٤٠ ، على حظر التمييز بين المواطنين فى أحوال بعينها هى تلك التى يقوم فيها على أساس من الأصل أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة الا أن إيراد الدستور لصور بذاتها يكون التمييز فيها محظوراً مرده أنها الأكثر شيوعا فى الحياة العملية ، ولا يدل البتة على انحصاره فيها ، إذ لو صح ذلك ـ وهو غير صحيح ـ لكان التمييز فيما عداها جائزاً دستورياً ـ وهو ما يناهض المساواة التى كفلها الدستور وينقض أسسها ويعطل مقاصدها وآية ذلك أن مكن صور التمييز التى أغفلتها المادة ٤٠ من الدستور ما لا تقل عن غيرها وزناً وخطراً سواء فى محتواها أو من جهة الآثار التى تتولد عنها وترتبها كالتمييز بين المواطنين فى نطاق حقوقهم وحرياتهم لاعتبار مرده إلى المولد أو الثروة أو المركز الاجتماعى أو انتمائهم الطبقى أو ميولهم الحزبية وآرائهم أو نزعاتهم العرقية أو إلى موقفهم من السلطة العامة وإعراضهم عن تنظيماتها أو مناوأتهم لها أو تبينهم لأعمال بذاتها . كذلك فإن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطويا على تقسيم أو تصنيف Classification أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها على البعض أو المزايا أو الحقوق التى يمنحها لفئة دون غيرها الا أن إتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية ـ التى نظم بها المشرع موضوعاً محدداً ـ عن أهدافها ، ليكون اتصال الأغراض التى توخاها بالوسائل اليها ـ منطقياً وليس واهياً أو راهناً بما يخل بالأسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستورياً .
Classification is inherent in legislatio in that legislators may select different persons or groups for different treament however the state may not rely on a classificatio whose relationship to an asserted goal is so attenuated as to render the distinction arbitrary or irrational
كذلك فإن صور التمييز التى تناقض مبدأ المساواة أمام القانون وإن تعذر حصرها الا أن قوامها كل تفرقه أو تقييد أو تفصيل أو استبعاد ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون وذلك سواء بإنكار أصل وجودها أو من خلال تقييد آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواه الكاملة بين المؤهلين قانونا للانتفاع بها .
Equality before the law requires an absence of discriminatory treatment except for those in differnt circumstances

– – – ١٣ – – –
إنه متى كان ذلك وكان حق التعليم يعنى ابتداء حق الالتحاق بالمعاهد التعليمية وفق الشروط الموضوعية التى تنظم القبول بها وكان التكافؤ فى هذه الشروط فيما بين المتزاحمين على فرص النفاذ اليها مؤداه تساويهم فى المراكز القانونية بالنسبة إلى المرحلة التعليمية التى قبلوا بها وتعادل حقوقهم فى مجال الانتفاع بمرافق معاهدتهم وتسهيلاتها وخدماتها التى تتكامل بها العملية التعليمية وتتصل حلقاتها ؛ وكان التأمين الصحى يندرج تحتها ؛ فقد تعين أن تتكافأ التزاماتهم المالية فى مجال هذا التأمين إذ كان ذلك وكان النص المطعون فيه يفترض أن الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان يملكون من مصادر الثروة ما يعينهم على تحمل الأعباء المالية الأثقل إسهاما من جانبهم بنصيب أكبر فى تمويل هذا التأمين وكان هذا الافتراض لا دليل عليه ذلك أن هذا النوع من التعليم قد يتمحض طريقاً وحيداً متاحاً أمامهم لإكمال دراستهم وقد يتحملون ماليا سعياً لبلوغ هدفهم هذا ـ بما لا يطبقون وقد يزداد موقفهم سوءاً من خلال الأعباء المالية الأعلى التى فرضها عليهم النص المطعون فيه لتتضاءل خيارتهم بما قد يؤول إلى حرمانهم من الاستمرار فى التعليم ، وليس بكل المقاييس نهجاً حميداً أو مطلوباً بل هو إخلال بالتضامن الاجتماعى وبالحق فى التعليم يؤيد ذلك بوجه خاص أمران : –
أولهما : أن ما نص عليه الدستور فى المادة ٧ من قيام المجمتع على أساس التضامن الاجتماعى يعنى وحدة الجماعة فى بنيانها وتداخل مصالحها لا تصادمها وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض تزاحمها ، واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهم لبعض ظهيراً فلا يتفرقون بدداً ، أو يتناحرون طمعاً أو يتنابذون بغياً وهو بذلك شركاء فى مسؤوليتهم قبلها لا يملكون التنصل منها أو التخلى عنها وليس لفريق من بينهم أن يتقدم على غيره انتهازاً ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها ـ عدواناً ـ أكثر علواً ولا أن يحرم من بعضها بهتاناً ، بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها التى تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق .
ثانيهما : أن افتراض ملاءة أولياء أمور الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان ـ حتى وإن صح والزامهم بأعباء مالية تزيد على غيرهم من نظرائهم لا يعدو أن يكون تمييزاً فيما بينهم على أساس من الثروة فى مجال مباشرتهم للحقوق الأساسية التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً على سواء ، لينحل تمييزاً منهياً عنه دستورياً ، ذلك أن تكافأهم فى الشروط الموضوعية التى تم على ضوئها قبولهم فى مرحلة تعليمية بذاتها يقتضى بالضرورة تعادلهم فى مجال الانتفاع بالمرافق والخدمات التى تتصل بالعملية التعليمية والتى هيأتها المعاهد التى التحقوا بها لغيرهم من زملائهم وآية ذلك أن القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب وإن مايز بنص البند (أ) من مادته الثالثة ـ وهو النص المطعون فيه ــ فيما بين الطلبة بعضهم البعض فى شأن اشتراكاتهم السنوية التى يسهمون بها فى تمويل هذا التأمين الا أن البندين (ج) ، (د) من هذه المادة ذاتها يكفلان مساواتهم جميعاً فى شأن إسهامهم فى ثمن الدواء ، وأجر الزيارة الطبية المنزلية .

– – – ١٤ – – –
إنه متى كان ذلك وكان حق التعليم يعنى ابتداء حق الالتحاق بالمعاهد التعليمية وفق الشروط الموضوعية التى تنظم القبول بها وكان التكافؤ فى هذه الشروط فيما بين المتزاحمين على فرص النفاذ اليها مؤداه تساويهم فى المراكز القانونية بالنسبة إلى المرحلة التعليمية التى قبلوا بها وتعادل حقوقهم فى مجال الانتفاع بمرافق معاهدتهم وتسهيلاتها وخدماتها التى تتكامل بها العملية التعليمية وتتصل حلقاتها ؛ وكان التأمين الصحى يندرج تحتها ؛ فقد تعين أن تتكافأ التزاماتهم المالية فى مجال هذا التأمين إذ كان ذلك وكان النص المطعون فيه يفترض أن الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان يملكون من مصادر الثروة ما يعينهم على تحمل الأعباء المالية الأثقل إسهاما من جانبهم بنصيب أكبر فى تمويل هذا التأمين وكان هذا الافتراض لا دليل عليه ذلك أن هذا النوع من التعليم قد يتمحض طريقاً وحيداً متاحاً أمامهم لإكمال دراستهم وقد يتحملون ماليا سعياً لبلوغ هدفهم هذا ـ بما لا يطبقون وقد يزداد موقفهم سوءاً من خلال الأعباء المالية الأعلى التى فرضها عليهم النص المطعون فيه لتتضاءل خيارتهم بما قد يؤول إلى حرمانهم من الاستمرار فى التعليم ، وليس بكل المقاييس نهجاً حميداً أو مطلوباً بل هو إخلال بالتضامن الاجتماعى وبالحق فى التعليم يؤيد ذلك بوجه خاص أمران : –
أولهما : أن ما نص عليه الدستور فى المادة ٧ من قيام المجمتع على أساس التضامن الاجتماعى يعنى وحدة الجماعة فى بنيانها وتداخل مصالحها لا تصادمها وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض تزاحمها ، واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهم لبعض ظهيراً فلا يتفرقون بدداً ، أو يتناحرون طمعاً أو يتنابذون بغياً وهو بذلك شركاء فى مسؤوليتهم قبلها لا يملكون التنصل منها أو التخلى عنها وليس لفريق من بينهم أن يتقدم على غيره انتهازاً ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها ـ عدواناً ـ أكثر علواً ولا أن يحرم من بعضها بهتاناً ، بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها التى تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق .
ثانيهما : أن افتراض ملاءة أولياء أمور الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان ـ حتى وإن صح والزامهم بأعباء مالية تزيد على غيرهم من نظرائهم لا يعدو أن يكون تمييزاً فيما بينهم على أساس من الثروة فى مجال مباشرتهم للحقوق الأساسية التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً على سواء ، لينحل تمييزاً منهياً عنه دستورياً ، ذلك أن تكافأهم فى الشروط الموضوعية التى تم على ضوئها قبولهم فى مرحلة تعليمية بذاتها يقتضى بالضرورة تعادلهم فى مجال الانتفاع بالمرافق والخدمات التى تتصل بالعملية التعليمية والتى هيأتها المعاهد التى التحقوا بها لغيرهم من زملائهم وآية ذلك أن القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب وإن مايز بنص البند (أ) من مادته الثالثة ـ وهو النص المطعون فيه ــ فيما بين الطلبة بعضهم البعض فى شأن اشتراكاتهم السنوية التى يسهمون بها فى تمويل هذا التأمين الا أن البندين (ج) ، (د) من هذه المادة ذاتها يكفلان مساواتهم جميعاً فى شأن إسهامهم فى ثمن الدواء ، وأجر الزيارة الطبية المنزلية .

– – – ١٥ – – –
إنه متى كان ذلك وكان حق التعليم يعنى ابتداء حق الالتحاق بالمعاهد التعليمية وفق الشروط الموضوعية التى تنظم القبول بها وكان التكافؤ فى هذه الشروط فيما بين المتزاحمين على فرص النفاذ اليها مؤداه تساويهم فى المراكز القانونية بالنسبة إلى المرحلة التعليمية التى قبلوا بها وتعادل حقوقهم فى مجال الانتفاع بمرافق معاهدتهم وتسهيلاتها وخدماتها التى تتكامل بها العملية التعليمية وتتصل حلقاتها ؛ وكان التأمين الصحى يندرج تحتها ؛ فقد تعين أن تتكافأ التزاماتهم المالية فى مجال هذا التأمين إذ كان ذلك وكان النص المطعون فيه يفترض أن الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان يملكون من مصادر الثروة ما يعينهم على تحمل الأعباء المالية الأثقل إسهاما من جانبهم بنصيب أكبر فى تمويل هذا التأمين وكان هذا الافتراض لا دليل عليه ذلك أن هذا النوع من التعليم قد يتمحض طريقاً وحيداً متاحاً أمامهم لإكمال دراستهم وقد يتحملون ماليا سعياً لبلوغ هدفهم هذا ـ بما لا يطبقون وقد يزداد موقفهم سوءاً من خلال الأعباء المالية الأعلى التى فرضها عليهم النص المطعون فيه لتتضاءل خيارتهم بما قد يؤول إلى حرمانهم من الاستمرار فى التعليم ، وليس بكل المقاييس نهجاً حميداً أو مطلوباً بل هو إخلال بالتضامن الاجتماعى وبالحق فى التعليم يؤيد ذلك بوجه خاص أمران : –
أولهما : أن ما نص عليه الدستور فى المادة ٧ من قيام المجمتع على أساس التضامن الاجتماعى يعنى وحدة الجماعة فى بنيانها وتداخل مصالحها لا تصادمها وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض تزاحمها ، واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهم لبعض ظهيراً فلا يتفرقون بدداً ، أو يتناحرون طمعاً أو يتنابذون بغياً وهو بذلك شركاء فى مسؤوليتهم قبلها لا يملكون التنصل منها أو التخلى عنها وليس لفريق من بينهم أن يتقدم على غيره انتهازاً ولا أن ينال قدراً من الحقوق يكون بها ـ عدواناً ـ أكثر علواً ولا أن يحرم من بعضها بهتاناً ، بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها التى تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق .
ثانيهما : أن افتراض ملاءة أولياء أمور الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان ـ حتى وإن صح والزامهم بأعباء مالية تزيد على غيرهم من نظرائهم لا يعدو أن يكون تمييزاً فيما بينهم على أساس من الثروة فى مجال مباشرتهم للحقوق الأساسية التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً على سواء ، لينحل تمييزاً منهياً عنه دستورياً ، ذلك أن تكافأهم فى الشروط الموضوعية التى تم على ضوئها قبولهم فى مرحلة تعليمية بذاتها يقتضى بالضرورة تعادلهم فى مجال الانتفاع بالمرافق والخدمات التى تتصل بالعملية التعليمية والتى هيأتها المعاهد التى التحقوا بها لغيرهم من زملائهم وآية ذلك أن القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب وإن مايز بنص البند (أ) من مادته الثالثة ـ وهو النص المطعون فيه ــ فيما بين الطلبة بعضهم البعض فى شأن اشتراكاتهم السنوية التى يسهمون بها فى تمويل هذا التأمين الا أن البندين (ج) ، (د) من هذه المادة ذاتها يكفلان مساواتهم جميعاً فى شأن إسهامهم فى ثمن الدواء ، وأجر الزيارة الطبية المنزلية .

[الطعن رقم ٤٠ – لسنــة ١٦ ق – تاريخ الجلسة ٠٢ / ٠٩ / ١٩٩٥ – مكتب فني ٧ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ١٩٤ – تم قبول هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق ؛ والمداولة . حيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام أمام محكمة بندر ثان طنطا الدعوى رقم ٤٥ لسنة ١٩٩٤؛ بطلب الحكم برد المبالغ التى دفعها مقابل التأمين الصحى على أولاده الثلاثة الملحقين بإحدى المدارس الخاصة بمصروفات؛ وقال شرحاً لدعواه إنه عملا بحكم المادة الثالثة من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب؛ كان عليه أن يدفع مبالغ سنوية عن أولاده الملتحقين بمدارس خاصة بمصروفات؛ تمثل حصتهم فى التأمين الصحى . وهى مبالغ تزيد كثيرا عما تقتضيه الدولة من نظرائهم فى المدارس الحكومية والمعاهد الازهرية والمدارس الخاصة المعانة. وأثناء نظر دعواه الموضوعية؛ دفع بعدم دستورية المادة الثالثة من القانون المشار إليه. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه ؛ وصرحت بأن يقيم دعواه الدستورية؛ فرفعها. وحيث إن المادة الثالثة من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب؛ تنص على ما يأتى: يمول نظام التأمين الصحى على الطلاب على النحو الأتى: – ( أ ) الاشتراكات السنوية التى يتحملها الطالب فى كل مرحلة من المراحل؛ والتى تسدد كل عام دراسى وفقا للتنظيم؛ وفى المواعيد التى يصدر بتحديدها قرار من وزير الصحة بالاتفاق مع الوزير المختص بواقع : – أربعة جنيهات عن كل طفل من رياض الأطفال ؛ وكل طالب من طلاب التعليم الأساسى والثانوى بأنواعه ؛ والمدارس الفنية نظام الخمس سنوات ؛ والمدارس الفنية التجربيبة التحضيرية . – ١٠% من قيمة المصروفات التعليمية السنوية ؛عن كل طفل من رياض الأطفال الخاصة؛ وكل طالب من طلاب المدارس الخاصة بمصروفات بحد أقصى قدره خمسون جنيها . (ب) الاشتراكات السنوية التى تتحملها الخزانة العامة ؛ بواقع اثنى عشر جنيها عن كل طالب فى المدارس ورياض الأطفال المملوكة للدولة ؛ والمدارس الخاصة المعانة . (ج) مساهمة الطالب فى ثمن الدواء خارج المستشفى بواقع الثلث ؛ عدا حالات الامراض المزمنة التى تحدد بقرار من وزير الصحة؛ فيعطى الدواء للطلاب مجانا؛ وكذلك الجهاز التعويضى؛ مرة واحدة كل سنتين ؛ كلما اقتضت الحاجة ذلك . (د) حصيلة الزيارات المنزلية بما لايقل عن ثلاثة ؛ جنيهات ولايجاوز خمسة جنيهات؛ عن كل زيارة منزلية وفقا لمكان اقامة الطالب؛ وطبقا للقواعد التى يصدر بها قرار وزير الصحة . (ه) الاعانات والتبرعات والهبات التى تقدم لأغراض هذا النظام . (و) حصيلة رسم تأمين صحى بمقدار عشرة قروش ؛ تفرض على كل عشرين سيجارة مباعة بالسوق المحلى ؛ سواء الوطنية أو الأجنبية . ………………………………………………. ” وحيث إن المدعى ينعى على المادة الثالثة المشار إليها ؛ إلزامها طلاب المدارس الخاصة بمصروفات؛ بأداء اشتراكات سنوية لمقابلة خدمات التأمين الصحى المقدمة لهم؛ تزيد فى مقدارها عن تلك التى تقتضيها الدولة من نظرائهم الذين التحقوا بالمدارس الحكومية والمدارس الخاصة المعانة أو المعاهد الازهرية ؛ والذين يتمتعون بذات الخدمات؛ مما يخل بمبدأ المساواة أمام القانون؛ باعتبار أن التمييز بين هاتين الفئتين لايقوم على روابط منطقية؛ بل يعد تمييزاً تحكميا منهيا عنه بنص المادة ٤٠ من الدستور . كذلك فإن الأصل فى خدمات التأمين الصحى؛ أن تقدمها الدولة لمستحقيها من الطلاب ؛ عند توافر موجباتها ؛ سواء بسبب عجزهم أو مرضهم . ولاصلة لها بالتالى – وبوصفهاحقا تكفله الدولة للمواطنين جميعا على ماتقضى به المادة ١٧ من الدستور – بما إذا كانت المدارس التى يلتحقون بها حكومية؛ أو مشبهة بها؛ أو من المدارس الخاصة غير المعانة . ولايسوغ القول؛ بأن تلك المغايرة فى القواعد القانونية التى تحكم هاتين الفئتين ؛ مردها ضرورة تعاون القادرين مع غير القادرين فى إطار العدالة الاجتماعية . ذلك إن هذا المفهوم؛ وإن صح أن يكون أساسا للضريبة العامة؛ إلا أن الطلاب جميعهم يتمتعون بالخدمة الصحية عينها؛ وبالوسائل ذاتها؛ ودون تمييز فيما بينهم. ويتعين بالتالى أن يكون مقابل هذه الخدمة واحدا بالنسبة إليهم . وافتراض ملاءة أولياء الأمور الذين ألحقوا أبناءهم بالمدارس الخاصة غير المعانة؛ لا دليل عليه؛ ولا تظاهره أية مصلحة اجتماعية. وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا؛ مستقر على أن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يقوم ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية؛ و ذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية لازماً للفصل فى الطلبات المرتبطة بها المطروحة على محكمة الموضوع؛ وكانت مناعى المدعى تدور جميعها حول الزيادة فى الاشتراكات السنويةالمنصوص عليها فى البند (أ) من المادة الثالثة من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب ؛ والتى مايز المشرع بها؛ بين الالتزامات المالية للملتحقين بالمدارس الحكومية الخاصة غير المعانة؛ ومن عداهم؛ دون غيرها من الخدمات التى ساواهم فيهابنظرائهم – كالزيارات المنزلية والمساهمة فى ثمن الأدوية – إذ تتكافأ فئتها المالية فيما بين الطلاب جميعهم؛ وكانت الاشتراكات السنوية التى نازع المدعى فيها – والتى يتصل بها النزاع الموضوعى – هى تلك التى تم تحصيلها منه استنادا إلى البند ( أ ) من المادة الثالثة المشارإليها ؛ فإن نطاق الطعن ينحصر فى هذا البند؛ ولايمتد لسواه من البنود التى انتظمتها هذه المادة . وحيث إن الدستور؛ نص فى المادة ١٨ على أن يكون التعليم حقا؛ وإلزاميا فى المرحلة الابتدائية؛ مع جواز مد هذا الإلزام إلى مراحل أخرى تتصل حلقاتها ؛ وتتضافر مكوناتها؛ ليكون قوامها جميعا بنيانا صلبا متماسكا ؛ نفاذا إلى آفاق العلوم واقتحاما لدوربها ؛ وارتباطا بحقائق العصرومعطياته؛ وبوسائل التنمية وأدواتها؛ وبعوامل القوة ومظاهرها ؛ وبموازين الصراع والوفاق؛ وبقيم الحق والخيروالجمال؛ وبتكامل الشخصية الإنسانية لا تراجعها؛ وبنواحى التقدم ومناحى القصور؛ وبإنماء التقاليد التربوية والخلقية والثقافية وتكريسها؛ وبألوان الإبداع وأشكال الفنون إطلالا عليها وتزودا بها؛ وبالمعايير التى التزمتها الأمم المتحضرة تأمينا لحقوق مواطنيها وحرياتهم؛ وبالعوامل الجوهرية التى تكفل للوطن والمواطن آمالاً لاينحصر محيطها؛ بل تمتد دائرتها إلى غير حد؛ إيمانا بغد أفضل؛ قوة وبأسا؛ حقا وعدلاً؛ واقعا ومصيراً . وحيث إن الدستور حرص فوق هذا – وبنص المادة ١٨ ذاتها – على ألا تقف الدولة من التعليم موفقا سلبيا؛ وإنما حَمَّلَها مسئولية الإشراف على مختلف صوره . وعزز دورها بإلزامها أن تكفل استقلال التعليم الجامعى؛ ومراكز البحث العلمية على اختلافها ؛ تطويرا لرسالتها؛ وبما يكفل انفتاح مجالاتها دون قيد؛ متوخيا بذلك أن تتكامل العملية التعليمية فى وسائلها وغاياتها؛ وأن تتعدد روافدها لتكون نهرا متصلاً؛ فلا تنعزل بعض حلقاتها عن بعض؛ بل تتحد أجزاؤها وتتعاون عناصرها؛ لتقيم بنيانها الحق؛ وأن يكون نبعها تلك القيم والتقاليد الغائرة فى أعماق بيئتها؛ وما ذلك إلا لأن قيمتها تتمثل بصفة رئيسية فى انبثاقها عن مجتمعها؛وتعبيرها عن المصالح والأسس التى يقوم عليها ؛ تثبيتا لها؛وتعميقا لمضمونها . وحيث إن التعليم – على ضوء ما تقدم – كان ولازال من أكثر المهام خطرا؛ وأعمقها اتصالاً بآمال المواطنين وطموحاتهم ؛ وأوثقها ارتباطاً بمصالح الجماعة ومقاييس تقدمها؛ وكان على الدولة بالتالى أن تهيمن على عناصره الرئيسية؛ وأن توليه رعايتها؛ وأن توفر لدور التعليم – وبقدر طاقتها – شرايين الحياة الجوهرية التى لاتقوم إلا بها؛ وأن يكون إنفاقها على التعليم ؛ تعبيراً عن اقتناعها بأن ثماره عائدة فى منتهاها إليها . وأن اجتناءها بيد مواطنيها؛ فليس التعليم حرثا فى البحر؛ بل هو نبض الحياة وقوامها؛ لا تستقيم بغيره شئونها؛ ولازال متطلبا كشرط مبدئى لمواجهة المواطنين لمسئولياتهم مع تنوعها وشمولها؛ ليكون اضطلاعهم بها منتجا وفعالا؛ وهو كذلك تعميق لمشاعر الانتماء ؛ يتمحض إلهاما للضمائر؛ وتقريراً للحقائق؛ واستنهاضا للهمم؛ نحو ماينبغى أن يكون نهجا قويما للعمل؛ واستثارة لتلك القيم والمثل العليا التى يكون غرسها وإيقاظها فى النشىء؛ مشكلا لعقولهم ؛ محددا مآلاً أنماطا لتصرفاتهم؛ فلا يوجهون – فى الأعم – طاقاتهم بددا؛ ولايتراجعون عن الإقدام طريقا؛ و لا يتخاذلون أو يمارون؛ بل يوازنون بين حقوقهم وواجباتهم؛ مستبصرين حدودها؛ فلا يتفرقون أو يفرطون . والتعليم فوق هذا يعدهم للحياة . ويدربهم علي مواجهة صعابها ؛ ويقيم لهم معالمها؛ فلا تتنافر وسائلها؛ أو تتعارض ملامحها . وهم أسوياء بالتعليم ؛ يتوافقون مع بيئتهم؛ ويندمجون فى مجتمعاتهم؛ فلا يسعون لغير مظاهر التفوق إصراراً ؛ولايميلون عن الحق طريقاً؛ ليكون التعليم دوما حقا أصيلاً لا تابعا ؛ لا تُدَاخل الأهواء فرص النفاذ إليه ؛ ولاتمليها نزوة عابرة؛ بل يكون القبول بالمعاهد التعليمية على اختلافها؛ محدداً وفق أسس موضوعية تستقيم بها متطلبات ممارسة هذا الحق؛ فلا يكون التعليم على ضوئها شكليا أو رمزيا ؛ ولا يقيد المشرع من مداه اعتسافا؛ بل يكون ملبيا – واقعا ومضمونا – للأغراض التى يتوخاها أصلاً؛ وموازنا بين مستواه فى مرحلة بذاتها؛ وما ينبغى أن يلائمها من شروط الالتحاق بها؛ على ضوء نظره كلية تكفل الارتقاء بالجماعة حضاريا؛ وإنماء طرائق النظر والاستدلال؛ لتطوير العلوم فى مختلف مجالاتها؛ والتمكين من أسبابها . وحيث إن الحق فى التعليم فحواه؛ أن يكون لمن يطلبونه الحق فى ضمان قدر منه يلتئم مع مواهبهم وقدراتهم؛ وكذلك اختيار نوع من التعليم يكون أكثراتفاقا مع ملكاتهم وميولهم . ولاينحصر الحق فى التعليم؛ فى مجرد النفاذ إليه وفق الشروط الموضوعية التى تتحدد على ضوئها فرص قبول الطلبة بالمعاهد التعليمية؛ كتلك التى تتصل بملاءمة تكوينهم علميا واستعدادهم ذهنيا ونفسيا لنوع وخصائص المناهج الدراسية بتلك المعاهد؛ وعلى ضوء مستوياتها الأكاديمية؛ ذلك أن الالتحاق بالمعاهد التعليمية وفق الشروط الموضوعية المحُدَدة للقبول بها؛ يعتبر مشتملا بالضرورة على حق الانتفاع بمرافقها وتسهيلاتها وخدماتها؛ بقدر اتصالها بالعملية التعليمية فى ذاتها؛ وارتباطها بما يكفل تكامل عناصرها؛ وبلوغ غاياتها؛ يؤيد ذلك أن الاعتبارالأظهر فى العملية التعليمية؛ وإن كان عائدا أصلا إلى خصائص مناهجها الدراسية ومستوياتها؛ وكذلك إلى شروط تكوين الهيئة التى تقوم بتدريسها؛ وعلى الأخص من زاوية كفاءتها العلمية؛ وقدرتها على الاتصال بالطلبة ؛ والتأثير فيهم وجذبهم إليها؛ وإشرابهم تلك القيم والمثل التى تمليها المصالح الحيوية فى درجاتها العليا ؛ إلا أن ذلك لايقلل من دور مرافق المعاهد التعليمية وخدماتها؛ كتلك التى هيأتها لدعم النواحى الرياضية والترويحية والصحية لطلبتها؛ وكذلك تلك التى أنشأتها لاستثارة مواهبهم نهوضا برسالتها . إذ لاتستقيم أغراض التعليم لغير الأسوياء الأصحاء – القادرين بدنيا ونفسيا – على النظر فى العلوم وتدبرها وانشاء علائق اجتماعية مع زملائهم؛ والاندماج فى محيطهم . وحيث إن ما تقدم مؤداه؛ أن التعليم حق ؛ وأن العملية التعليمية تتكامل عناصرها؛ فلايجوز تبعيضها بفصل بعض أجزائها عن البعض؛ ذلك أن تضافر مكوناتها هو الضمان لفعاليتها؛ لتمتد الحماية التى كفلها الدستور للحق فى التعليم؛ إلى كل العناصر التي يتألف منها؛ فلايجوزتعطيل بعض جوانبها أو تقييدها بنصوص قانونية أو تدابير إدارية من شأنها الإخلال بركائز التعليم بما ينال من محتواه؛ وبوجه خاص يجب أن تتخذ السلطات العامة جميعها؛ التدابير التى يقتضيها إنهاء التمييز غير المشروع؛ سواء فى مجال شروط القبول فى المعاهد التعليمية؛ أو من خلال القواعد التى تفرق بين الطلبة فى شأن مصروفاتهم؛ أومنحهم الدراسية؛ أو فرص متابعتهم لتعليمهم فى الدول الأجنبية . وبوجه عام؛ لايجوز للمعاهد التعليمية أن تمايز بين طلبتها فى شأن صور التعامل واشكال العلائق التى ترتبط بها معهم؛ ما لم يكن التمييز بينهم؛ مستندا إلى جدارتهم؛ أو متصلا بأوضاع تلك المعاهد واحتياجاتها . ولايسوغ كذلك أن تتخذ السلطات العامة؛ من اشكال المعونة التى تقدمها الى المعاهد التعليمية؛ – وأيا كان مقدارها – موطئا لتقييد حقوق فئة بذاتها من طلبتها؛ أو تقديمها وتفضيلها على نظرائهم؛ وليس لها أن تعطل حق أولياء أمور الطلبة فى إلحاق أبنائهم بمعاهد تعليمية غير التى أنشأتها؛ بشرط ألا يقل مستواها عن الحدود الدنيا التى تتطلبها الجهة ذات الاختصاص بتنظيم شئون التعليم . وفضلا عما تقدم؛ لا يجوز؛ أن يكون انتفاع طلبة المعاهد التعليمية؛ بمرافقها أوخدماتها؛ مرتبطا بقدراتهم المالية؛ ذلك أن التمييز بين المواطنين – ” فى مجال مباشرتهم للحقوق الأساسية عينها” – على ضوء ثرواتهم؛ كان دائما أمرا محظوراً منهيا عنه دستورياً . ولئن صح القول بأن الأصل فى التعليم الخاص؛ هو جوازه فى الحدود التى يبينها المشرع؛ وبما لا يناقض نصوص الدستور؛ وبشرط ألا يكون متوخيا استبعاد فئة بذاتها من المواطنين انحرافا؛ وأن يكون ملتزماً – من حيث مستواه فى كل مرحلة تعليمية – بالمقاييس التى تفرضها الجهة الإدارية ذات الاختصاص فى شأن المرحلة المناظرة ؛ فإن من الصحيح كذلك أن الحماية التى يكفلها الدستور للحق فى التعليم – بكل العناصر التى يشتمل عليه – إنما تمتد إلى المعاهد التعليمية جميعها؛ بغض النظر عمن يملكها أو يديرها . وحيث إن الأسس السالف بيانها؛ هى التى تبنتها المواثيق الدولية . فالإعلان العالمى لحقوق الإنسان؛ يؤكد فى ديباجته؛ أن الحقوق المنصوص عليها فيه؛ مرجعها إيمان شعوب الأمم المتحدة بالحقوق الأساسية للإنسان؛ وبقيمة كل فرد وكرامته؛ وضرورة أن يعامل مع غيره وفقا لمقاييس تتكافأ مضموناتها؛ فلا يضطر مع غيابها إلى مقاومة القهر والطغيان؛ وإنما يكون ضمانها كافلا لمعايير أفضل لحياة تزدهر مقوماتها فى إطار حرية أعمق وأبعد . وكان من بين هذه الحقوق؛ تلك المنصوص عليها فى المادة ٢٦ من ذلك الإعلان فى شأن التعليم؛ فقد جاء حكمها صريحا فى أن لكل إنسان حقا فيه؛ ويجب أن يقدم مجانا على الأقل فى مرحلتيه الابتدائية والأساسية؛ ويكون التعليم الابتدائى إلزاميا ؛ فإذا كان التعليم فنيا أو مهنيا ؛ وجب أن يكون متاحا بوجه عام . ولايتاح التعليم العالى إلا على أساس من الجدارة والاستحقاق ؛ وللآباء حق أولى A prior right فى اختيار نوع بذاته من التعليم لأبنائهم . وتؤكد المادة ١٣ من العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية؛ أن التعليم حق ينبغى أن يكون موجها نحو التطوير الكامل للشخصية الإنسانية؛ معززاً الاحترام لحقوق الإنسان وحرياته الأساسية؛ مقترنا بضمان حق الناس جميعا فى مجال الإسهام الفعال فى بناء مجتمعاتهم الحرة؛ ومؤديا لتعميق الفهم والتسامح بين الأمم ودعم صداقتها . كذلك يبين من الاتفاقية التى أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والشئون العلمية والثقافية فى ١٤ ديسمبر ١٩٦٠ فى شأن مناهضة التمييز فى مجال التعليم .Convention against discrimination in education adopted on ١٤ th. december , ١٩٦٠ , by the General Conference of The United Nations Educational, Scientifec and Cultural Organisation ( UNESCO) إن هذا التمييز؛ يمثل انتهاكا للحقوق التى نص عليها الإعلان العالمى لحقوق الإنسان؛ وإن منظمةاليونسكو؛ تؤكد أن احترامها للتنوع فى النظم التعليمية الوطنية؛ لايجوز أن يخل بالتزامها – ليس بتحريم أشكال التمييز فى نطاق التعليم على اختلافها فحسب – بل كذلك بالعمل على إرساء التكافؤ فى الفرص والمعاملة المتساوية على صعيد التعليم ؛ ليكون حقا مكفولا لكل إنسان . ذلك أن أشكال التمييز – على تباينها – تكتنفها مخاطر بعيدة آثارها .وكان لازما بالتالى أن يتناولها تنظيم دولى؛ يكون مُنْهيِاً لصورها غير المبررة. وهو ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة الأولى من الاتفاقية الآنف بيانها ؛ ذلك أن التمييز وفقا لحكمها يعنى كل تفرقة Distinction أو تقييد Limitation أو استبعاد Exclusion أو تفضيل Preference يستند إلى لون الأشخاص أو جنسهم أو لغتهم أو عقائدهم أو آرائهم ؛ أو أصلهم الوطنى أو الاجتماعى أو “حالتهم الاقتصادية” Economic Condition إذا كان هذا التمييز يتوخى ؛ أو من أثره؛ إلغاء المعاملة المتكافئة فى مجال التعليم أو الإخلال بها؛ ويندرج تحت ذلك بوجه خاص حرمان شخص أو مجموعة من الأشخاص من النفاذ إلى التعليم بمختلف صوره و مراحله؛ أو إلزامهم الالتحاق بأشكال من التعليم تنحدر مستوياتها؛ أو فرض أوضاع عليهم تأباها كرامة الإنسان وتنافيها؛ أو إنشاء نظم تعليمية أو إبقاؤها إذا كان هدفها الفصل بين الأشخاص تبعا لجنسهم؛ ما لم يكن حق النفاذ إليها متكافئا من خلال دور للتعليم تتعادل مستوياتها سواء من ناحية خصائص أبنيتها أو تجهيزاتها؛ أو كفاءة مدرسيها وقدراتهم ؛ أو نوع مناهجها . وعملا بالفقرة الثانية من المادة الأولى من تلك الاتفاقية ؛ يقصد بالتعليم – فى تطبيق أحكامها – صور التعليم ومختلف مراحله ؛ وهو يشتمل كذلك على حق الالتحاق بالتعليم والنفاذ إلى نوعه ومستواه ؛ والشروط التى يمنح على ضوئها . The conditions under which education is given . ويبين كذلك من الاتفاقية الأوربية لحماية حقوق الإنسان ؛ أن بروتوكولاً برقم (١) أُلحق بها ؛ ليضيف إليها بعض الحقوق التى أغفلتها ؛ من بينها الحق في التعليم المنصوص عليه فى المادة الثانية من هذا البروتوكول ؛ والتى تقضى بأن حق كل شخص في التعليم لايجوز إنكاره ؛ وأن على الدولة – فى ممارستها لاختصاصاتها – احترام حق الآباء فى أن يوفروا لأبنائهم نوعا من التعليم والتدريس ؛ يكون ملبيا لعقائدهم الدينية ومفهوماتهم الفلسفية وتنص المادة ١٧ من الميثاق الإفريقى لحقوق الإنسان والشعوب Charter African on Human and Peoples Rights على أن لكل فرد حقا فى التعليم ؛ وفى الإسهام الحر فى الحياة الثقافية لبلده . وحيث إنه متى كان ما تقدم؛ وكان من المحقق أن الحقوق الأساسية للإنسان لاتُسْتَمد من صفته كمواطن فى بلد ما؛ بل مردها الى الخصائص التى تميز الشخصية البشرية وتبرر بالتالى حمايتها وطنيا ودوليا؛ وكانت الدساتير المصرية جميعها بدءاً بدستور سنة ١٩٢٣ وانتهاءً بالدستور القائم ؛ ترد المواطنين جميعا إلى قاعدة موحدة ؛ حاصلها مساواتهم أمام القانون؛ باعتبارها قواما للعدل وجوهر الحرية والسلام الاجتماعى؛ وعلى تقدير أن الأغراض التى تستهدفها؛ تتمثل أصلا فى صون حقوق المواطنين وحرياتهم فى مواجهة صور التمييز التى تنال منها أو تقيد ممارستها؛ فقد أضحى مبدأ المساواة أمام القانون فى أساس بنيانه – وسيلة لتقرير الحماية القانونية المتكافئة التى لايقتصر مجال تطبيقها علي الحقوق والحريات التى نص عليها الدستور؛ بل يمتد مجال إعمالها كذلك ؛ إلى تلك التى كفلها المشرع للمواطنين – فى حدود سلطته التقديرية – وعلى ضوء ما يكون قد ارتآه كافلا للصالح العام . ولئن نص الدستور فى المادة ٤٠ ؛ على حظر التمييز بين المواطنين فى أحوال بعينها هى تلك التى يقوم التمييز فيها على أساس من الأصل أو الجنس أو اللغة أو الدين أو العقيدة؛ إلا أن إيراد الدستور لصور بذاتها يكون التمييز فيها محظوراً؛ مرده أنها الأكثر شيوعا فى الحياة العملية؛ ولا يدل البته على انحصاره فيها ؛إذ لو صح ذلك – وهو غير صحيح – لكان التمييز فيما عداها جائزا دستورياً؛ وهو ما يناهض المساواة التي كفلها الدستور؛ وينقض أسسها ويعطل مقاصدها . وآية ذلك أن من صور التمييز التى أغفلتها المادة ٤٠ من الدستور مالا تقل عن غيرها وزنا وخطرا سواء فى محتواها؛ أو من جهة الآثار التى تتولد عنها وترتبها ؛ كالتمييز بين المواطنين فى نطاق حقوقهم وحرياتهم لاعتبار مرده إلى المولد أو الثروة أو المركز الاجتماعى أو انتمائهم الطبقى أو ميولهم الحزبية وآرائهم ؛ أو عصبيتهم القبلية؛ أو نزعاتهم العرقية؛ أو إلى موقفهم من السلطة العامة وإعراضهم عن تنظيماتها؛ أومناوئتهم لها؛ أو تبنيهم لأعمال بذاتها . كذلك ؛ فإن الأصل فى كل تنظيم تشريعى أن يكون منطويا على تقسيم أو تصنيف Classification أو تمييز من خلال الأعباء التى يلقيها على البعض؛ أو المزايا أوالحقوق التى يمنحها لفئة دون غيرها؛ إلا أن اتفاق هذا التنظيم مع أحكام الدستور؛ يفترض ألا تنفصل النصوص القانونية – التى نظم بها المشرع موضوعا محدداً – عن أهدافها؛ ليكون اتصال الأغراض التى توخاها بالوسائل إليها؛ منطقيا؛ وليس واهيا أو واهنا بما يخل بالأسس الموضوعية التى يقوم عليها التمييز المبرر دستوريا . Classification is inherent in legislation in that legislators may select different persons or groups for different treatment . However, the state may not rely on a classification whose relationship to an asserted goal is so attenuated as to render the distinction arbitrary or irrational . كذلك فإن صور التمييز التى تناقض مبدأ المساواة أمام القانون؛ وإن تعذر حصرها؛ إلا أن قوامها كل تفرقة أو تقييد أو تفضيل أو استبعاد؛ ينال بصورة تحكمية من الحقوق والحريات التى كفلها الدستور أو القانون؛ وذلك سواء بإنكار أصل وجودها؛ أو من خلال تقييد آثارها بما يحول دون مباشرتها على قدم من المساواة الكاملة بين المؤهلين قانوناً للانتفاع بها. Equality before the law requires an absence of discriminatory treatment except for those in different circumstances . وحيث إنه متي كان ذلك؛ وكان حق التعليم يعنى ابتداء حق الالتحاق بالمعاهد التعليمة وفق الشروط الموضوعية التى تنظم القبول بها؛ وكان التكافؤ فى هذه الشروط فيما بين المتزاحمين على فرص النفاذ إليها؛ مؤداه تساويهم فى المراكز القانونية بالنسبة إلى المرحلة التعليمية التى قبلوا بها؛ وتعادل حقوقهم فى مجال الانتفاع بمرافق معاهدهم وتسهيلاتها وخدماتها؛ التى تتكامل بها العملية التعليمية وتتصل حلقاتها ؛ وكان التأمين الصحى يندرج تحتها؛ فقد تعين أن تتكافأ التزاماتهم المالية فى مجال هذا التأمين؛ إذ كان ذلك ؛ وكان النص المطعون فيه؛ يفترض أن الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان؛ يملكون من مصادر الثروة ما يٌعينهم على تحمل الأعباء المالية الأثقل؛ إسهاما من جانبهم بنصيب أكبر فى تمويل هذا التأمين؛ وكان هذا الافتراض لادليل عليه؛ ذلك أن هذا النوع من التعليم قد يتمحض طريقا وحيدا متاحا أمامهم لإكمال دراستهم؛ وقد يتحملون ماليا – سعيا لبلوغ هدفهم هذا – بما لا يطيقون. و قد يزداد موقفهم سوءاً من خلال الأعباء المالية الأعلى التى فرضها عليهم النص المطعون فيه؛ لتتضاءل خياراتهم؛ بما قد يؤول إلى حرمانهم من الاستمرار فى التعليم . وليس ذلك بكل المقاييس نهجا حميدا أو مطلوبا؛ بل هو إخلال بالتضامن الاجتماعى ؛ وبالحق فى التعليم . يؤيد ذلك – بوجه خاص – أمران: – أولهما: أن مانص عليه الدستور فى المادة ٧ من قيام المجتمع على أساس التضامن الاجتماعى؛ يعنى وحدة الجماعة فى بنيانها؛ وتداخل مصالحها لاتصادمها؛ وإمكان التوفيق بينها ومزاوجتها ببعض عند تزاحمها؛ واتصال أفرادها ببعض ليكون بعضهم لبعض ظهيرا؛ فلا يتفرقون بدداً؛ أو يتناحرون طمعا؛ أو يتنابذون بغيا ؛ وهم بذلك شركاء في مسؤليتهم قبلها؛ لايملكون التنصل منها أو التخلى عنها؛ وليس لفريق من بينهم أن يتقدم على غيره انتهازاً؛ ولا أن ينال قدرا من الحقوق يكون بها – عدوانا – أكثر علوا؛ ولا أن يحرم من بعضها بهتاناً؛ بل يتعين أن تتضافر جهودهم ؛ لتكون لهم الفرص ذاتها التى تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق . ثانيهما: أن افتراض ملاءة أولياء أمور الطلبة الذين يلتحقون بالتعليم الخاص غير المعان – حتى وإن صح – وإلزامهم بأعباء مالية تزيد على غيرهم من نظرائهم؛ لا يعدو أن يكون تمييزاً فيما بينهم على أساس من الثروة “فى مجال مباشرتهم للحقوق الأساسية التى كفلها الدستور للمواطنين جميعا ً على سواء”؛ لينحل؛ تمييزاً منهيا عنه دستوريا؛ ذلك أن تكافؤهم فى الشروط الموضوعية التى تم على ضوئها قبولهم فى مرحلة تعليمية بذاتها؛ يقتضى بالضرورة تعادلهم فى مجال الانتفاع بالمرافق والخدمات التى تتصل بالعملية التعليمية؛ والتى هيأتها المعاهد التى التحقوا بها؛ لغيرهم من زملائهم. وآية ذلك ؛ أن القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحي على الطلاب؛ وإن مايز بنص البند (أ) من مادته الثالثة – وهو النص المطعون فيه – فيما بين الطلبة بعضهم البعض فى شأن اشتراكاتهم السنوية التى يسهمون بها فى تمويل هذا التأمين؛ إلا أن البندين (ج) ؛ ( د) من هذه المادة ذاتها؛ يكفلان مساواتهم جميعا فى شأن إسهامهم فى ثمن الدواء؛ وأجر الزيارة الطبية المنزلية . وحيث إن مؤدى ما تقدم؛ أن النص المطعون فيه؛ قد وقع فى حمأة المخالفة الدستورية لمخالفته المواد ٧ ؛ ٨ ١ ؛ ٤٠ من الدستور . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية ما تضمنه البند (أ ) من المادة الثالثة من القانون رقم ٩٩ لسنة ١٩٩٢ فى شأن التأمين الصحى على الطلاب؛ من إفراد كل طففى رياض الأطفال الخاصة؛ وكل طالب من طلاب المدارس الخاصة بمصروفات؛ بالتحمل باشتراكات سنوية لتمويل هذا التأمين؛ تزيد عن تلك التى فرضتها على غيرهم من الطلبة؛ وألزمت الحكومة المصروفات؛ ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة

زر الذهاب إلى الأعلى