حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٠ لسنة ١٨ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٣٠ لسنة ١٨ دستورية
– – – ١ – – –
البت فى إختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائياً بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة على الخوض فى شرائط قبولها أو الفصل فى موضوعها ، وتواجهه المحكمة من تلقاء نفسها ، إذ لا يتصور أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى توافر شروط إتصال الخصومة القضائية بها وفقاً للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها ، قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها يدخل إبتداء فى ولايتها . كذلك فإن قضاءها باختصاصها بنظر خصومة بذاتها ، لا يحول بينها والفصل فى الشرائط التى يتطلبها المشرع لقبولها ، والتى يعد توافرها مدخلاً للفصل فى موضوعها .
– – – ٢ – – –
العلاقة بين البنك الرئيسى والبنوك التابعة ، قد حددتها كذلك المادة ٢٥ من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه ، بنصها على أن يعمل ــ وفيما لا يتعارض مع أحكامه ــ بالأحكام المنصوص عليها بالقانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للإئتمان الزراعى والتعاون والبنوك التابعة لها بالمحافظات ، وكانت المادة (٥) من القانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٦٤ المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٥ تقضى بأن تحول فروع بنك التسليف الزراعى والتعاونى فى المحافظات إلى بنوك للإئتمان الزراعى والتعاونى تتخذ كلاً منها شكل شركة المساهمة ، وكان القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه قد نص كذلك فى المادتين ١٦ و ١٧ على أن تباشر مجالس إدارة هذه الفروع ــ وباعتبارها بنوكاً تابعة ــ إختصاصاتها على الوجه المبين بالقانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٦٤ وعلى ضوء أنظمتها الأساسية ، وأن يكون للبنك الرئيسى ولكل من البنوك التابعة ، موازنة خاصة يتم إعدادها وفقاً للقواعد الخاصة بموازنة الجهاز المصرفى ، وكان مفاد ما تقدم أن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى ، وإن كان من أشخاص القانون العام باعتباره هيئة عامة قابضة ، إلا أن البنوك التابعة تعمل جميعها بوصفها شركات مساهمة يتعلق نشاطها بتطبيق قواعد القانون الخاص ، وبالوسائل التى ينتهجها هذا القانون ، فلا تنصهر البنوك التابعة فى الشخصية المعنوية للبنك الرئيسى ، بل يكون لها إستقلالها وذاتيتها من الناحيتين المالية والإدارية فى الحدود التى يبينها القانون . وما تقدم مؤداه ، أن الفواصل القانونية لا تنماع بين البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى وبين البنوك التابعة التى لا يعتبر العاملون فيها موظفين عامين يديرون مرفقاً عاماً ، بل يباشر هؤلاء العاملون مهامهم فى بنوك تجارية بمعنى الكلمة تزاول نشاطها فى الحدود المنصوص عليها بالقانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ فى شأن البنك المركزى والجهاز المصرفى ، ويرتبط عمالها بها بوصفها أرباباً للعمل و وفق الشروط التى يرتضونها .
– – – ٣ – – –
اللائحة المطعون عليها ، وإن كانت قد صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والإئتمان الزراعى ، متوخياً بها تقرير القواعد القانونية التى تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة ، إلا أن تعلق هذه اللائحة بعمال هذه البنوك الذين يخضعون أصلاً لقواعد القانون الخاص ، وبمجال نشاطها فى دائرة هذا القانون ، لا يجعلها تنظيماً إدارياً عاماً ، وإنما الشأن فيها شأن كل لائحة يتحدد تكييفها بمجال سريانها . فكلما كان هذا المجال متصلاً مباشرة بمنطقة القانون الخاص ، إنحسرت الصفة الإدارية عنها ، ولو كانت الجهة التى أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام . كذلك فإن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين فى البنك الرئيسى والبنوك التابعة ، لا يزيل الحدود التى تفصل هذه البنوك عن بعضها البعض ، فلا زال لكل منها شخصيته القانونية المستقلة ، ودائرة نشاط لها نظامها القانونى الخاص بها . وفى إطار هذه الدائرة وحدها ، تتحدد حقيقة الرابطة القانونية بينها وبين عمالها .
– – – ٤ – – –
الدستور قد عهد ــ بنص المادة ١٧٥ ــ إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها يتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون ، وكان المشرع ــ وبناء على هذا التفويض ــ قد أصدر قانون المحكمة الدستورية العليا ، مبيناً إختصاصاتها ، محدداً ما يدخل فى ولايتها حصراً ، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها ، فخولها إختصاصاً منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح ، مانعاً أى جهة أخرى من مزاحمتها فى ذلك ، مفصلاً طرائق هذه الرقابة ، وكيفيتها ، ومؤكداً أن إختصاص المحكمة الدستورية العليا ــ فى مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية ــ منحصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها ، متى كان ذلك ، فإن محل الرقابة القضائية على الدستورية ، إنما يتمثل فى القانون بمعناه الموضوعى الأعم ، محدداً على ضوء النصوص التشريعية التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى تقرها السلطة التشريعية ، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها التى ناطها الدستور بها .
– – – ٥ – – –
متى كان النزاع الراهن يتعلق بأحد البنوك التابعة للبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى ، وكان البند رقم ٨ من المادة ١٤٣ المطعون عليه ، وارداً بلائحة أصدرها مجلس إدارة هذا البنك منظماً بها – بين ما تشمل عليه – شئون العاملين بالبنوك التابعة – لا ليخرجها من دائرة القانون الخاص ويردها إلى منطقة القانون العام ، وإنما ليحدد لعلاقتهم بجهات عملهم إطاراً لا ينافى طبيعتها ، تقديراً بأن أوضاع العاملين فى جهة ما ، إنما يتحدد تكييفها القانونى على ضوء الدائرة التى تنتظمها أصلاً . فإذا كان القانون الخاص يهيمن عليها – ولو نظمتها قواعد آمرة فى بعض جوانبها – كان هذا القانون محورها وقاعدة بنيانها ، بما مؤداه أن كل تنظيم للعلائق القانونية فى دائرة بذاتها ، لا يجوز أن يكون مجافياً لحقيقتها . بل يتعين دوماً الرجوع إلى الأصل فيها ، وأن ينظر إليها بافتراض إتساقها مع هذا الأصل . متى كان ما تقدم ، فإن اللائحة التى إندرج تحتها البند رقم ٨ المطعون عليه – وفى مجال سريان أحكامها فى شأن البنوك التابعة للبنك الرئيسى للتنمية والإئتمان الزراعى – لا تعتبر تشريعاً بالمعنى الموضوعى ، ولا تمتد إليها بالتالى الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية .
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة . حيث إن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليه الثالث كان قد أقام الدعوى رقم ١١ لسنة ١٩٩٤ عمال كلى منيا القمح مختصما فيها رئيس مجلس إدارة بنك التنمية والائتمان الزراعى بالشرقية ووزيرة التأمينات الاجتماعية بصفتها طالبا الحكم بتسوية معاشه طبقا لمرتبه الأساسى مضافا إليه كافة الامتيازات التى تعهد البنك بها، على أن يكون المعاش كاملا دون تخفيض مع مايترتب على ذلك من آثار، قولا منه بأنه كان يعمل ببنك التنمية الزراعى بالشرقية وتقدم بطلب تسوية معاشه على أساس أن وظيفته من الوظائف الملغاة . وقد قضى بأحقيته فى صرف معاشه وكافة مستحقاته التأمينية اعتبارا من تاريخ انتهاء خدمته بالبنك المدعى عليه فى ١٥ / ٦ / ١٩٩٣ وحتى تاريخ صدور الحكم . بيد أن المحكوم ضدهما استأنفا هذا الحكم بالاستئنافين رقمى ١٧٩٨ و ١٩٠٩ لسنة ٣٨ قضائية . وأثناء نظرهما دفع الحاضر عن وزيرة التأمينات الاجتماعية – وبصفتها رئيس مجلس إدارة الهيئة القومية للتأمين الاجتماعى – بعدم دستورية نص البند ٨ من المادة ١٤٣ من لائحة نظام العاملين بالبنك الرئيسى للتنمية وفروعه التى تقضى بانتهاء خدمة العامل عند إلغاء الوظيفة، وذلك على سند من مخالفته لنص المادة ١٤ من الدستور . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وأذنت للمدعية برفع دعواها الدستورية، فقد أقامتها . وحيث إن البت فى اختصاص المحكمة الدستورية العليا ولائيا بنظر دعوى بذاتها سابق بالضرورة على الخوض فى شرائط قبولها أو الفصل فى موضوعها .، وتواجهه المحكمة من تلقاء نفسها، إذ لايتصور أن تفصل المحكمة الدستورية العليا فى توافر شروط اتصال الخصومة القضائية بها وفقا للأوضاع المنصوص عليها فى قانونها، قبل أن تتحقق من أن النزاع موضوعها يدخل ابتداء فى ولايتها . كذلك فإن قضاءها باختصاصها بنظر خصومة بذاتها، لايحول بينها والفصل فى الشرائط التى يتطلبها المشرع لقبولها، والتى يعد توافرها مدخلا للفصل فى موضوعها . حيث إن مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى – وإعمالا لنص المادة ١١ من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٦ الصادر فى شأن تنظيم الأوضاع التى يمارس فيها نشاطه – كان قد أصدر بتاريخ ٢٣ / ٣ / ١٩٨٥ لائحة تتضمن – بين ماتشتمل عليه – تنظيما لشئون العاملين فى البنوك التابعة يتناول تحديد مرتباهم ومكافآتهم ومزاياهم وبدلاتهم وبدل السفر المستحق لهم عن المهام التى يعهد إليهم بها داخل مصر أو خارجها، على ألايتقيد هذا التنظيم بالقواعد المعمول بها فى شأن العاملين المدنيين بالحكومة أو بالقطاع العام، ومع مراعاة الإطار المحدد للوائح البنوك التجارية . وحيث إن المادة الأولى من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٦ فى شأن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى، تنص فى فقرتها الأولى على أن تحول المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى إلى هيئة عامة قابضة يكون لها شخصية اعتبارية مستقلة تسمى << البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى . وفى فقرتها الثانية على أن تتبع بنوك التسليف الزراعى والتعاونى الحالية بالمحافظات، والمنشأة طبقا لأحكام القانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٦٤، البنك الرئيسى وتسمى بنوك التنمية الزراعية، وتتولى تحقيق أغراض البنك الرئيسى فى النطاق الذى يحدده لها . وحيث إن العلاقة بين البنك الرئيسى والبنوك التابعة، قد حددتها كذلك المادة ٢٥ من القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه، بنصها على أن يعمل – وفيما لايتعارض مع أحكامه – بالأحكام المنصوص عليها بالقانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٦٤ بإنشاء المؤسسة المصرية العامة للائتمان الزراعى والتعاونى والبنوك التابعة لها بالمحافظات؛ وكانت المادة (٥) من القانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٦٤المعدل بالقانون رقم ٤٠ لسنة ١٩٦٥ تقضى بأن تحول فروع بنك التسليف الزراعى والتعاونى فى المحافظات إلى بنوك للائتمان الزراعى والتعاونى تتخذ كلا منها شكل شركة المساهمة؛ وكان القانون رقم ١١٧ لسنة ١٩٧٦ المشار إليه قد نص كذلك فى المادتين ١٦و١٧ على أن تباشر مجالس إدارة هذه الفروع – وباعتبارها بنوكا تابعة – اختصاصاتها على الوجه المبين بالقانون رقم ١٠٥ لسنة ١٩٦٤ وعلى ضوء أنظمتها الأساسية، وأن يكون للبنك الرئيسى ولكل من البنوك التابعة، موازنة خاصة يتم إعدادها وفقا للقواعد الخاصة بموازنة الجهاز المصرفى؛ وكان مفاد ماتقدم أن البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى، وإن كان من أشخاص القانون العام باعتباره هيئة عامة قابضة، إلا أن البنوك التابعة تعمل جميعها بوصفها شركات مساهمة يتعلق نشاطها بتطبيق قواعد القانون الخاص وبالوسائل التى ينتهجها هذا القانون، فلاتنصهر البنوك التابعة فى الشخصية المعنوية للبنك الرئيسى، بل يكون لها استقلالها وذاتيتها من الناحيتين المالية والإدارية فى الحدود التى يبينها القانون . وحيث إن ماتقدم مؤداه أن الفواصل القانونية لاتنماع بين البنك الرئيس للتنمية والائتمان الزراعى وبين البنوك التابعة التى لايعتبر العاملون فيها موظفين عامين يديرون مرفقا عاما، بل يباشر هؤلاء العاملون مهامهم فى بنوك تجارية بمعنى الكلمة تزاول نشاطها فى الحدود المنصوص عليها بالقانون رقم ١٢٠ لسنة ١٩٧٥ فى شأن البنك المركزى والجهاز المصرفى، ويرتبط عمالها بها بوصفها أربابا للعمل ووفق الشروط التى يرتضونها . وحيث إن اللائحة المطعون عليها، وإن كانت قد صدرت عن مجلس إدارة البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى، متوخيا بها تقرير القواعد القانونية التى تنظم أوضاع العاملين بالبنوك التابعة، إلا أن تعلق هذه اللائحة بعمال هذه البنوك الذين يخضعون أصلا لقواعد القانون الخاص، وبمجال نشاطها فى دائرة هذا القانون، لايجعلها تنظيما إداريا عاما، وإنما الشأن فيها شأن كل لائحة يتحدد تكييفها بمجال سريانها . فكلما كان هذا المجال متصلا مباشرة بمنطقة القانون الخاص، انحسرت الصفة الإدارية عنها، ولوكانت الجهة التى أصدرتها تعتبر من أشخاص القانون العام . كذلك فإن سريان هذه اللائحة على كل من العاملين فى البنك الرئيسى والبنوك التابعة، لايزيل الحدود التى تفصل هذه البنوك عن بعضها البعض، فلازال لكل منها شخصيته القانونية المستقلة، ودائرة نشاط لها نظامها القانونى الخاص بها . وفى إطار هذه الدائرة وحدها، تتحدد حقيقة الرابطة القانونية بينها وبين عمالها . وحيث إن الدستور قد عهد – بنص المادة ١٧٥ – إلى المحكمة الدستورية العليا دون غيرها بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون؛ وكان المشرع – وبناء على هذا التفويض – قد أصدر قانون المحكمة الدستورية العليا، مبينا اختصاصاتها، محدداً مايدخل فى ولايتها حصراً، مستبعدا من مهامها مالايندرج تحتها، فخولها اختصاصا منفرداً بالرقابة على دستورية القوانين واللوائح، مانعا أى جهة أخرى من مزاحمتها فى ذلك، مفصلا طرائق هذه الرقابة، وكيفيتها، ومؤكدا أن اختصاص المحكمة الدستورية العليا – فى مجال مباشرتها الرقابة القضائية على الدستورية – منحصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضعها أو نطاق تطبيقها أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها؛ متى كان ذلك، فإن محل الرقابة القضائية على الدستورية، إنما يتمثل فى القانون بمعناه الموضوعى الأعم، محدداً على ضوء النصوص التشريعية التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة، سواء وردت هذه النصوص بالتشريعات الأصلية التى تقرها السلطة التشريعية، أم تضمنتها التشريعات الفرعية التى تصدرها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها التى ناطها الدستور بها . وحيث إن النزاع الراهن يتعلق بأحد البنوك التابعة للبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى؛ وكان البند رقم ٨ من المادة ١٤٣ المطعون عليه، واردا بلائحة أصدرها مجلس إدارة هذا البنك منظما بها – بين ماتشمل عليه – شئون العاملين بالبنوك التابعة – لاليخرجها من دائرة القانون الخاص ويردها إلى منطقة القانون العام، وإنما ليحدد لعلاقتهم بجهات عملهم إطارا لاينافى طبيعتها، تقديرا بأن أوضاع العاملين فى جهة ما، إنما يتحدد تكييفها القانونى على ضوء الدائرة التى تنتظمها أصلا . فإذا كان القانون الخاص يهيمن عليها – ولونظمتها قواعد آمرة فى بعض جوانبها – كان هذا القانون مِحْوَرها وقاعدة بنيانها، بما مؤداه أن كل تنظيم للعلائق القانونية فى دائرة بذاتها، لايجوز أن يكون مجافيا لحقيقتها، بل يتعين دوما الرجوع إلى الأصل فيها، وأن ينظر إليها بافتراض اتساقها مع هذا الأصل . وحيث إنه متى كان ما تقدم، فإن اللائحة التى اندرج تحتها البند رقم ٨ المطعون عليه – وفى مجال سريان أحكامها فى شأن البنوك التابعة للبنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى – لاتعتبر تشريعا بالمعنى الموضوعى، ولا تمتد إليها بالتالى الرقابة القضائية التى تباشرها هذه المحكمة فى شأن الشرعية الدستورية . فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وبمصادرة الكفالة وألزمت المدعية المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة