حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٢ لسنة ١٧ دستورية

حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢٢ لسنة ١٧ دستورية
تاريخ النشر : ١٧ – ٠٢ – ١٩٩٦

منطوق الحكم : عدم دستورية

مضمون الحكم : حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، فيما نصت عليه من أن يكون الطعن في قرارات الجمعية العمومية للنقابة الفرعية موقعاً عليه من خمسين عضواً علي الأقل ممن حضروا اجتماعها، ومصدقاً كذلك من الجهة الإدارية ذات الإختصاص علي توقيعاتهم التي مهروا بها في تقرير الطعن.

الحكم

برياسة عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة وحضور محمد ابراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير وعبد المحيد فياض ومحمد على سيف الدين وعدلى محمود منصور أعضاء وحنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين وحمدى أنور صابر أمين السر .

– – – ١ – – –
لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها ، ذلك أنهما لا تختلطان ببعضهما ولا تتحدان فى شرائط قبولهما بل تستقل كل منهما عن الأخرى فى موضوعها وكذلك فى مضمون الشروط التى يتطلبها القانون لجواز رفعها وليس من بين المهام التى ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا ، الفصل فى شروط اتصال الدعوى الموضوعية بمحكمة الموضوع وفقاً للأوضاع المقررة أمامها وإنما تنحصر ولايتها فيما يعرض عليها من المسائل الدستورية لتقرير صحة النصوص المطعون عليها أو بطلانها والمسائل الدستورية التى تعرض على المحكمة الدستورية العليا تدخل ـ بقوة القانون ـ فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها ، بإعتبار أن الحكم الصادر فيها ، يكون محدداً آمراً للقاعدة القانونية التى يتعين على محكمة الموضوع تطبيقها فى النزاع الموضوعى وإعمال كامل آثارها ذلك أن المسائل الدستورية هى جوهر رقابتها وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها ومناطها مقابلة النصوص المطعون عليها بالقيود التى فرضها الدستور فى شأنها لضمان النزول عليها . ومن ثم يكون إهدار هذه النصوص بقدر تعارضها مع الدستور ، إطاراً وحيداً للخصومة الدستورية ، وهى كذلك موضوعها وغايتها وليس لها بالتالى أن تفصل فى غير المسائل التى تثيرها الخصومة الدستورية وبقدر اتصالها بالنزاع الموضوعى وإبطال المحكمة الدستورية العليا لنص المادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن التطبيقية يعنى زوال القيود التى أحاط بها المشرع الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للنقابة الفرعية ، وانفتاح طريق الطعن فيها دون قيد ، لتفصل محكمة الموضوع فى المناعى الموجهة اليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، بإعتبارها جهة الاختصاص بإعمال أثره فىالنزاع الموضوعى المعروض عليها .

– – – ٢ – – –
لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها ، ذلك أنهما لا تختلطان ببعضهما ولا تتحدان فى شرائط قبولهما بل تستقل كل منهما عن الأخرى فى موضوعها وكذلك فى مضمون الشروط التى يتطلبها القانون لجواز رفعها وليس من بين المهام التى ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا ، الفصل فى شروط اتصال الدعوى الموضوعية بمحكمة الموضوع وفقاً للأوضاع المقررة أمامها وإنما تنحصر ولايتها فيما يعرض عليها من المسائل الدستورية لتقرير صحة النصوص المطعون عليها أو بطلانها والمسائل الدستورية التى تعرض على المحكمة الدستورية العليا تدخل ـ بقوة القانون ـ فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها ، بإعتبار أن الحكم الصادر فيها ، يكون محدداً آمراً للقاعدة القانونية التى يتعين على محكمة الموضوع تطبيقها فى النزاع الموضوعى وإعمال كامل آثارها ذلك أن المسائل الدستورية هى جوهر رقابتها وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها ومناطها مقابلة النصوص المطعون عليها بالقيود التى فرضها الدستور فى شأنها لضمان النزول عليها . ومن ثم يكون إهدار هذه النصوص بقدر تعارضها مع الدستور ، إطاراً وحيداً للخصومة الدستورية ، وهى كذلك موضوعها وغايتها وليس لها بالتالى أن تفصل فى غير المسائل التى تثيرها الخصومة الدستورية وبقدر اتصالها بالنزاع الموضوعى وإبطال المحكمة الدستورية العليا لنص المادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن التطبيقية يعنى زوال القيود التى أحاط بها المشرع الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للنقابة الفرعية ، وانفتاح طريق الطعن فيها دون قيد ، لتفصل محكمة الموضوع فى المناعى الموجهة اليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، بإعتبارها جهة الاختصاص بإعمال أثره فىالنزاع الموضوعى المعروض عليها .

– – – ٣ – – –
لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها ، ذلك أنهما لا تختلطان ببعضهما ولا تتحدان فى شرائط قبولهما بل تستقل كل منهما عن الأخرى فى موضوعها وكذلك فى مضمون الشروط التى يتطلبها القانون لجواز رفعها وليس من بين المهام التى ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا ، الفصل فى شروط اتصال الدعوى الموضوعية بمحكمة الموضوع وفقاً للأوضاع المقررة أمامها وإنما تنحصر ولايتها فيما يعرض عليها من المسائل الدستورية لتقرير صحة النصوص المطعون عليها أو بطلانها والمسائل الدستورية التى تعرض على المحكمة الدستورية العليا تدخل ـ بقوة القانون ـ فى حوزتها لتهيمن عليها وحدها ، بإعتبار أن الحكم الصادر فيها ، يكون محدداً آمراً للقاعدة القانونية التى يتعين على محكمة الموضوع تطبيقها فى النزاع الموضوعى وإعمال كامل آثارها ذلك أن المسائل الدستورية هى جوهر رقابتها وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها ومناطها مقابلة النصوص المطعون عليها بالقيود التى فرضها الدستور فى شأنها لضمان النزول عليها . ومن ثم يكون إهدار هذه النصوص بقدر تعارضها مع الدستور ، إطاراً وحيداً للخصومة الدستورية ، وهى كذلك موضوعها وغايتها وليس لها بالتالى أن تفصل فى غير المسائل التى تثيرها الخصومة الدستورية وبقدر اتصالها بالنزاع الموضوعى وإبطال المحكمة الدستورية العليا لنص المادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن التطبيقية يعنى زوال القيود التى أحاط بها المشرع الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للنقابة الفرعية ، وانفتاح طريق الطعن فيها دون قيد ، لتفصل محكمة الموضوع فى المناعى الموجهة اليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا ، بإعتبارها جهة الاختصاص بإعمال أثره فىالنزاع الموضوعى المعروض عليها .

– – – ٤ – – –
إن المصلحة الشخصية المباشرة ـ وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية ـ مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية المرتبطة بها ، والمطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق عضو النقابة الفرعية فى الطعن فى قررارتها دون التقيد بالشروط التى تضمنها النص المطعون فيه ـ محدداً نطاقاً على النحو المتقدم ـ وكان الفصل فى دستورية الشروط التى فرضها هذا النص ، هو مدار دعواه الدستورية التى ابتغى بها إبطال هذه الشروط وتجريدها من كل آثارها فإن دعواه هذه ترتبط بالنزاع الموضوعى برابطة وثقى بإعتبار أن الحكم فى المسائل الدستورية التى تدور حولها الخصومة الدستورية يؤثر بالضرورة فى الطلبات الموضوعية المتصلة بها .

– – – ٥ – – –
إن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلاً بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها كى لا تقتحم إحداها المنطقة التى يحميها الحق أو الحرية أو تتداخل معها بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها ـ من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة ـ مطلباً أساسياً توكيداً لقيمتها الاجتماعية وتقديراً لدورها فى مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها ، ولردع كل محاولة للعدوان عليها .

– – – ٦ – – –
إن قضاء المحكمة الدستورية العليا مضطرد على أن حق العمال فى تكوين تنظيمهم النقابى فرع من حرية الاجتماع ، وان هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفاً إرادياً حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية ، بل يستقل عنها ، ليظل بعيداً عن سيطرتها ومن ثم تنحل الحرية النقابية إلى قاعدة أولية فى التنظيم النقابى ، تمنحها بعض الدول ـ ومن بينها جمهورية مصر العربية ـ قيمة دستورية فى ذاتها لتكفل لكل عامل حق الإنضمام إلى المنظمة النقابية التى يطمئن اليها وانتقاء واحدة أو أكثر من بينها ـ عند تعددها ـ ليكون عضواً ، فيها وأن ينعزل عنها جميعها فلا يلج أياً من أبوابها وكذلك فى أن يعدل عن البقاء فيها منهياً عضويته بها .

– – – ٧ – – –
إن قضاء المحكمة الدستورية العليا مضطرد على أن حق العمال فى تكوين تنظيمهم النقابى فرع من حرية الاجتماع ، وان هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفاً إرادياً حراً لا تتداخل فيه الجهة الإدارية ، بل يستقل عنها ، ليظل بعيداً عن سيطرتها ومن ثم تنحل الحرية النقابية إلى قاعدة أولية فى التنظيم النقابى ، تمنحها بعض الدول ـ ومن بينها جمهورية مصر العربية ـ قيمة دستورية فى ذاتها لتكفل لكل عامل حق الإنضمام إلى المنظمة النقابية التى يطمئن اليها وانتقاء واحدة أو أكثر من بينها ـ عند تعددها ـ ليكون عضواً ، فيها وأن ينعزل عنها جميعها فلا يلج أياً من أبوابها وكذلك فى أن يعدل عن البقاء فيها منهياً عضويته بها .

– – – ٨ – – –
ينبغى أن يعامل مبدأ الحرية النقابية بإعتباره لازماً لاستقرار العمال وتطوير أوضاعهم على تقدير أن حق العمال ـ وأيا كان قطاع عملهم ودون تمييز فيما بينهم ـ فى تكوين منظماتهم التى يختارونها غير مرتبط بآرائهم السياسية أو معتقداتهم أو انتماءاتهم ، ودون إخلال بحق النقابة ذاتها فى أن تقرر بنفسها أهدافها و وسائل تحقيقها وطرق تمويلها وإعداد القواعد التى تنظم شئونها ولا يجوز بوجه خاص إرهاقها بقيود تعطل مباشرتها لتلك الحقوق أو تعلق تمتعها بالشخصية الاعتبارية على قبولها الحد منها ولا أن يكون تأسيسها رهناً بإذن من الجهة الادارية ولا أن تتدخل هذه الجهة فى عملها بما يعوق إدارتها لشئونها ولا أن تحل نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه أكفل لتأمين مصالح أعضائها ولا أن تقرر إنهاء وجودها عقاباً لها .

– – – ٩ – – –
ينبغى أن يعامل مبدأ الحرية النقابية بإعتباره لازماً لاستقرار العمال وتطوير أوضاعهم على تقدير أن حق العمال ـ وأيا كان قطاع عملهم ودون تمييز فيما بينهم ـ فى تكوين منظماتهم التى يختارونها غير مرتبط بآرائهم السياسية أو معتقداتهم أو انتماءاتهم ، ودون إخلال بحق النقابة ذاتها فى أن تقرر بنفسها أهدافها و وسائل تحقيقها وطرق تمويلها وإعداد القواعد التى تنظم شئونها ولا يجوز بوجه خاص إرهاقها بقيود تعطل مباشرتها لتلك الحقوق أو تعلق تمتعها بالشخصية الاعتبارية على قبولها الحد منها ولا أن يكون تأسيسها رهناً بإذن من الجهة الادارية ولا أن تتدخل هذه الجهة فى عملها بما يعوق إدارتها لشئونها ولا أن تحل نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه أكفل لتأمين مصالح أعضائها ولا أن تقرر إنهاء وجودها عقاباً لها .

– – – ١٠ – – –
ينبغى أن يعامل مبدأ الحرية النقابية بإعتباره لازماً لاستقرار العمال وتطوير أوضاعهم على تقدير أن حق العمال ـ وأيا كان قطاع عملهم ودون تمييز فيما بينهم ـ فى تكوين منظماتهم التى يختارونها غير مرتبط بآرائهم السياسية أو معتقداتهم أو انتماءاتهم ، ودون إخلال بحق النقابة ذاتها فى أن تقرر بنفسها أهدافها و وسائل تحقيقها وطرق تمويلها وإعداد القواعد التى تنظم شئونها ولا يجوز بوجه خاص إرهاقها بقيود تعطل مباشرتها لتلك الحقوق أو تعلق تمتعها بالشخصية الاعتبارية على قبولها الحد منها ولا أن يكون تأسيسها رهناً بإذن من الجهة الادارية ولا أن تتدخل هذه الجهة فى عملها بما يعوق إدارتها لشئونها ولا أن تحل نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه أكفل لتأمين مصالح أعضائها ولا أن تقرر إنهاء وجودها عقاباً لها .

– – – ١١ – – –
إن الحرية النقابية ـ محدداً إطارها على النحو المتقدم ـ لا تعارض ديمقراطية العمل النقابى بل هى المدخل اليه ذلك أن الديمقراطية النقابية هى الرئيسية ويبلور ارادتها وينفض عن تجمعاتها عوامل الجمود وهى كذلك مفترض أولى لوجود حركة نقابية تستقل بذاتيتها ومناحى نشاطها ولازمها أمران ؛ أولهما أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصبها المختلفة ـ على تباين مستوياتها وأيا كان موقعها ـ رهناً بالارادة الحرة لأعضائها ويتعين أن تتهيأ لكل منهم ـ الفرص ذاتها ـ التى يؤثر من خلالها ـ متكافئاً فى ذلك مع غيره ممن انضموا اليها ـ فى إدارة شئونها واتخاذ قراراتها ومراقبة نشاطها بطريق مباشر أو غير مباشر يقترعون وينتخبون وفق أسس موضوعية تتم الحملة الانتخابية على ضوئها بما يكفل إنصافها وفعاليتها ـ بما فى ذلك حيدتها ـ لتكون مدخلهم إلى مباشرة مسئولياتهم قبل نقابتهم .
ثانيهما : أن الحرية النقابية أهدافاً لا تريم عنها ، ولا يعتبر طلبها حقاً لفئة بذاتها داخل النقابة الواحدة ولا هى من امتيازاتها وليس لها أن تتخذها موطئاً لفرض وصايتها على أحد ذلك أن العمل النقابى لا يمتحض عن انتفاء حلول بذاتها تستقل الاقلية بتقديرها وتفرضها عنوة على المخالفين لها بحكم موقعها أو سيطرتها بل يتعين أن يكون إسهاماً جماعياً Collective Decison – Making فاعلاً يعتمد على تعدد الأراء وتزاحمها واتساع آفاقها ليكون أعضاء النقابة ـ على ضوئها ـ شركاء فى تقرير أهدافها ، وصوغ نظمها وبرامجها وتحديد طرائق تنفيذها ، بما فى ذلك وسائل تمويلها فلا تكون السيادة إلا لجموعهم ولا تفرض قوة من بينهم أو غريبة عنهم هيمنتها على شئونهم بل يكون القرار بأيديهم نابعاً من قناعتهم ملبياً مصالحهم يؤيد ذلك أن مفهوم الحرية ليس سلبياً ولا عملاً واقعاً وراء جدران مغلقة منعزلاً عن مفاهيم الحق والعدل محددة من منظور اجتماعى بل قوامها ارتباطاً بتربتها ومناطها إرادة الاختيار تعقلاً لا انفلاتاً ليفاضل من يمارسونها بين البدائل تبصراً ليظل مترامياً ومتطوراً ، كافلاً للحقوق التى تتولد عنها أو تتصل بها ضماناتها سواء فى جوهر بنيانها أو من خلال دعم وسائل الدفاع عنها .

– – – ١٢ – – –
إن البين مما تقدم ، أن لكل تنظيم نقابى خصائص لا يقوم إلا بها من بينها :
١) أن مباشرة أعضاء هذا التنظيم لحقوقهم التى كفلها الدستور ـ يعتبر قيداً على كل قرار يصدر عن أغلبيتهم كذلك لا يجوز أن يعطل هذا التنظيم مباشرة الآخرين لحقوقهم فى الحدود التى نص عليها الدستور .
٢) أن التنظيم النقابى يعد تجمعاً منظماً تتولد عنه كل الحقوق التى ترتد فى أساسها إلى حرية الاجتماع ومبناه بالضرورة الحوار والاقناع باعتبار أن تنوع الآراء فى شأن المسائل التى يثور حولها الجدل ، وكذلك تعددها Diversity and Plurality of Opinions يفترض التعبير عنها والاستماع اليها ليكون اختلافها فيما بينها ومقابلتها ببعض لازماً لتقرير الحلول التى توفق بينها قدر الامكان أو تبدلها بغيرها فلا يكون العمل النقابى إملاء أو التواء بل تراضياً والتزاماً وإلا كان مجاوزاً لحدوده Ultra Vires Actions
٣) أن مجتمعاً مدنياً هو الاطار الوحيد لكل تنظيم نقابى . وهو يكون كذلك إذا كان مفتوحاً لكل الآراء قائماً على ضمان فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها مقيداً بما يكون منها محققاً لمصلحة مبتغاه موازناً بين حقوق المنتمين اليه و واجباتهم نائباً عما يعد بالمعايير الموضوعية انحرافاً بالسلطة كافلاً ديمقراطية بنيانها على تعدد مستوياتها مقرراً مباشرة مسئولياتها من خلال الوسائل القانونية التى ينبغى أن تكون ضابطاً لها وفقاً للدستور أو القانون ، فلا يتنصل منها القائمون على تطبيقها ، بل تتم محاسبتهم وفقاً لمعاييرها وتنظيماً نقابياً محدداً نطاقاً على ضوء هذه المفاهيم ، لا يستقيم بتنحيتها بل يكون التقيد بها ـ إنقاذا لمحتواها ـ ضرورة يلتزمها .
٤) يتعين أن تفرض النقابة على كيفية ممارستها لنشاطها ، أشكالاً من الرقابة الذتية فى حدود أهدافها ليكون تقييمها لنواحى القصور فيه ، موضوعياً و واقعياً ، معتمداً على وسائل تحليلية Factual and Analatycal Material موثوق بها .
٥) أن تقرير ما إذا كان التنظيم النقابى صحيحاً أم باطلاً لا يجوز أن يكون معلقاً على تدخل مسبق لا من الجهة الادارية ولا من قبل السلطة القضائية ولو بدا هذا التنظيم مشوباً بالبطلان أو كان قد تقرر لغرض غير مشروع وفى ذلك يقول المجلس الدستوري الفرنسى فى شأن الجمعيات ـ والتنظيم النقابى من صورها ما يأتى :
La constitution d associations alors meme qu elles paraitraient entachees de nullite ou auraient un objet illicite no peut etre soumise pour sa validite a l intervention prealable de l autorite administrative ou meme de l autorite judiciaire
( nom ٧٧ – ٤٤ DC ,١٦ JUILLET ١٩٧١ , CONS, ٢ , Rec . P . ٢٩ )

– – – ١٣ – – –
إن المعايير والخصائص التى يقوم عليها التنظيم النقابى هى التى قننها الدستور ـ فى مجمل أحكامها ـ بنص المادة ٥٦ التى تحتم إنشاءه وفق أسس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها راعياً لدوره فى تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية التى استهدفها مرتقياً بكفايتها ضامناً تقيد من يسهون فيها بسلوكهم الاشتراكى فلا يتنصلون من واجباتهم أو يعملون على نقيضها ودون إخلال بحقوقهم المقررة قانوناً وهو ما يعنى أن إفراد النقابات بنص المادة ٥٦ المشار اليها لا يعدو أن يكون اعترافاً من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التى تمثلها وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها وما ينبغى أن يتخذ من التدابير للدفاع عنها فى مجموعها ، وتوكيداً لضرورة أن يظل العمل النقابى تقدمياً فلا ينحاز لمصالح جانبية أو ضيقة محدودة أهميتها ـ قطاعاً أو أثراً ـ Sectionsl or Lnfuential Interests بل يكون متبنياً نهجاً سياسياً مقبولاً من جموعهم وقابلاً للتغيير على ضوء إرادتهم .

– – – ١٤ – – –
إن الشرطين المتقدمين ينالان من حق التقاضى ، ويعصفان بجوهره ، ذلك أن الدستور كفل للناس جميعاً ــ وبنص المادة ٦٨ ـ حقهم فى اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى لا يتمايزون فى ذلك فيما بينهم فلا يتقدم بعضهم على بعض فى مجال النفاذ اليه ولا ينحسر عن فئة منهم سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الاجرائية أو المالية التى يحاط بها ليكون عبئاً عليهم حائلاً دون اقتضاء الحقوق التى يدعونها ويقيمون الخصومة القضائية لطلبها ، ذلك أنهم يتماثلون فى استنهاض الأسس الموضوعية التى نظم المشرع بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها فقد كفل الدستور لكل منهم ـ سواء أكان شخصاً طبيعياً أم معنوياً ـ الحق فى الدعوى ليكون تعبيراً عن سيادة القانون ونمطاً من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها وتكون بذاتها عاصماً من جموحها وانفلاتاً من كوابحها وضماناً لردها على أعقابها إن هى جاوزتها لتظهر الخصومة القضائية بوصفها الحماية التى كفلها القانون للحقوق على اختلافها وبغض النظر عمن يتنازعونها ودون اعتداد بتوجهاتهم فلا يكون الدفاع عنها ترفاً أو إسرافاً بل لازماً لاقتضائها وفق القواعد القانونية التى تنظمها .

– – – ١٥ – – –
إن الخصومة القضائية لا تعتبر مقصودة لذاتها بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التى يطلبها المتداعون ويسعون للحصول عليها تأميناً لحقوقهم وهم بذلك لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها ولا يعبرون فى الفراغ عن قيم يطرحونها بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التى أضيروا من جراء الاخلال بها ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقاً بمجاوزة نقابتهم للقيود التى فرضها الدستور عليها لتنفصل حقوقهم هذه عن تلك المصالح الجماعية التى تحميها نقابتهم بوصفها شخصاً معنوياً يستقل بالدفاع عنها فى إطار المصالح الجماعية التى تحميها نقابتهم بوصفها شخصاً معنوياً يستقل بالدفاع عنها فى إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التى تحتضنها ، وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها ــ منظوراً اليها فى مجموعها ـ لا يعتبر قيداً على حق كل منهم فى أن يستقل عنها بدعواه التى يكفل بها حقوقاً ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة ليتعلق بها مركزه القانونى الخاص فى مواجهة غيره فلا ينال من وجوده قيد تقرر دون مسوغ .

– – – ١٦ – – –
إن الخصومة القضائية لا تعتبر مقصودة لذاتها بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التى يطلبها المتداعون ويسعون للحصول عليها تأميناً لحقوقهم وهم بذلك لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها ولا يعبرون فى الفراغ عن قيم يطرحونها بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التى أضيروا من جراء الاخلال بها ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقاً بمجاوزة نقابتهم للقيود التى فرضها الدستور عليها لتنفصل حقوقهم هذه عن تلك المصالح الجماعية التى تحميها نقابتهم بوصفها شخصاً معنوياً يستقل بالدفاع عنها فى إطار المصالح الجماعية التى تحميها نقابتهم بوصفها شخصاً معنوياً يستقل بالدفاع عنها فى إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التى تحتضنها ، وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها ــ منظوراً اليها فى مجموعها ـ لا يعتبر قيداً على حق كل منهم فى أن يستقل عنها بدعواه التى يكفل بها حقوقاً ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة ليتعلق بها مركزه القانونى الخاص فى مواجهة غيره فلا ينال من وجوده قيد تقرر دون مسوغ .

– – – ١٧ – – –
إن الطعن على قرار معين ـ وكلما توافر أصل الحق فيه لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التى يقتضيها تنظيم هذا الحق وإلا كان القيد مضيقاً من مداه أو عاصفاً بمحتواه ، فلا يكتمل أو ينعدم وكان حق النقابة ذاتها فى تكوينها على أسس ديمقراطية وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها ويقظتها فى الدفاع عن مصالح أعضائها وإنمائها للقيم التى يدعون اليها فى إطار أهدافها و وعيها بما يعنيهم ومراجعتها لسلوكهم ضماناً لصون الأسس التى حددها الدستور بنص المادة ٥٦ وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء أهدافها وبمراعاة جوهر العمل النقابى ومتطلباته إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها بإعتباره محدداً لكل قاعدة قانونية مجالاً لعملها ومقيداً أدناها بأعلاها فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطا للأعمال جميعها محيطاً بكل صورها ، ما كان منها تصرفاً قانونياً أو متمحصناً عملاً ماديا فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها بل ترد اليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعاً ليكون تقويمها حقاً مقرراً لكل من أعضائها بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة .

– – – ١٨ – – –
إن الطعن على قرار معين ـ وكلما توافر أصل الحق فيه لا يجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التى يقتضيها تنظيم هذا الحق وإلا كان القيد مضيقاً من مداه أو عاصفاً بمحتواه ، فلا يكتمل أو ينعدم وكان حق النقابة ذاتها فى تكوينها على أسس ديمقراطية وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها ويقظتها فى الدفاع عن مصالح أعضائها وإنمائها للقيم التى يدعون اليها فى إطار أهدافها و وعيها بما يعنيهم ومراجعتها لسلوكهم ضماناً لصون الأسس التى حددها الدستور بنص المادة ٥٦ وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء أهدافها وبمراعاة جوهر العمل النقابى ومتطلباته إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها بإعتباره محدداً لكل قاعدة قانونية مجالاً لعملها ومقيداً أدناها بأعلاها فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطا للأعمال جميعها محيطاً بكل صورها ، ما كان منها تصرفاً قانونياً أو متمحصناً عملاً ماديا فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها بل ترد اليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعاً ليكون تقويمها حقاً مقرراً لكل من أعضائها بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة .

– – – ١٩ – – –
بيد أن النص المطعون فيه نقض هذا الأصل حين جعل للطعن فى قرار صادر عن الجمعية العمومية لنقابة فرعية نصاباً عددياً فلا يقبل إلا إذا كان مقدما من خمسين عضواً على الأقل ممن حضروا اجتماعها ليحول هذا القيد وبالنظر إلى مداه ـ بين من يسعون لاختصامها من أعضائها وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالاً عن غيره ويكون موضوعها تلك الحقوق التى أخل بها القرار المطعون فيه والتى لا يقوم العمل النقابى سوياً بدونها .

– – – ٢٠ – – –
وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهم أو تغض بصرها عنها ، فلا تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها وثيقاً وقد إفترض النص المطعون فيه كذلك ، أن أعضاء الجمعية العمومية ــ الذين جعل من عددهم نصاباً محتوماً للطعن فى قراراتها ـ متحدون فيما بينهم فى موقفهم منها ، وأنهم جميعاً قدروا مخالفتها للدستور أو القانون ، وإنعقد عزمهم على إختصامها تجريداً لها من آثارها وتعطيلاً للعمل بها ، لتتخلى نقابتهم عنها . وهو افتراض قلما يتحقق عملاً ولا يتوخى واقعاً غير مجرد تعويق الحق فى الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق فيه ليكون أفدح عبئاً وأقل احتمالاً .

– – – ٢١ – – –
إن البين كذلك من النص المطعون فيه أن الطعن فى قرار صادر عن الجمعية العمومية لنقابة فرعية ـ ولو كان مكتملاً نصاباً ـ يظل غير مقبول إذا كان من قدموه غير مصادق على توقيعاتهم من الجهة الادارية ذات الاختصاص ؛ وكان ما توخاه النص المطعون فيه بذلك أن يكون هذا التصديق إثباتاً لصفاتهم فلا يكون تقرير الطعن مقدماً من أشخاص لا يعتبرون أعضاء فى النقابة الفرعية ، ولا من أشخاص يتبعونها ، ولكنهم تخلفوا عن حضور جمعيتها العمومية وكان التصديق وإن تم فى هذا النطاق وتعلق بتلك الأغراض يظل منطوياً على إرهاق المتقاضين بأعباء لا يقتضيها تنظيم حق التقاضى بل غايتها أن يكون الطعن أكثر عسراً من الناحيتين الإجرائية والمالية ؛ وكان هذا القيد مؤداه كذلك أن تحل الجهة الادارية محل محكمة الطعن فى مجال تثبتها من الشروط التى لا يقبل الطعن من الخصوم إلا بها ـ وتندرج صفاتهم تحتها ـ بإعتبار أن تحقيقها وبسطها لرقابتها على توافرها ، أو تخلفها مما يدخل فى اختصاصها ولا يجوز بالتالى أن تتولاه الجهة الإدارية وإلا كان ذلك منها عدواناً على الوظيفة القضائية التى إختص المشرع غيرها بها وانتحالاً لبعض جوانبها وباطلاً لاقتحام حدودها .

[الطعن رقم ٢٢ – لسنــة ١٧ ق – تاريخ الجلسة ٠٣ / ٠٢ / ١٩٩٦ – مكتب فني ٧ – رقم الجزء ١ – رقم الصفحة ٤٤٦ – تم قبول هذا الطعن]

بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة. حيث إن الوقائع – على مايبين من حكم الاحالة وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى – وهو عضو بالجمعية العمومية لنقابة المهن الفنية التطبيقية الفرعية بالبحيرة – كان قد أقام الدعوى رقم ٢٥١٢ لسنة ٤٧ قضائية أمام محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية (دائرة طلبات الأفراد والهيئات) – ضد النقيب العام لنقابة التطبيقيين بالقاهرة وآخرين طالباً الحكم بوقف تنفيذ القرار الصادر بتاريخ ٢١ / ٢ / ١٩٩٣ بإعلان نتيجة انتخابات نقابة التطبيقيين الفرعية بالبحيرة، وتنفيذ الحكم بمسودته وبغير إعلان، وفى الموضوع بالغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار، من بينها حل مجلس النقابة الحالى. وقال المدعى شرحاً لدعواه أنه بتاريخ ٢٠ / ٢ / ١٩٩٣ أجريت انتخابات التجديد النصفى لنقابة المهن الفنية التطبيقية بالبحيرة، وأعلنت نتيجتها فى ٢١ / ٢ / ١٩٩٣ وكانت نسبة عدد الحاضرين من أعضاء الجمعية العمومية لهذه النقابة لاتتجاوز ١٦%، وتمت الانتخابات – وفى غيبة الإشراف القضائى عليها – فى بندر دمنهور وزاوية غزال والمحمودية فقط مع حرمان باقى المراكز من الإسهام فيها وذلك كله بالمخالفة لأحكام القانون رقم ١٠٠ لسنة ١٩٩٣بشأن ضمانات ديموقراطية التنظيمات النقابية المهنية . وإذ دفع الحاضر عن النقابة المدعى عليها بعدم قبول الدعوى شكلاً لعدم التوقيع على صحيفتها من خمسين عضواً من أعضاء الجمعية العمومية للنقابة الفرعية عملا بالمادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، فضلاً عن تخلف باقى شروطها ؛ وإذ تراءى لمحكمة الموضوع عدم دستورية حكم هذه المادة، لانطوائها على تقييد لحق التقاضى المنصوص عليه فى المادة ٦٨ من الدستور، فقد قضت بتاريخ ١٥ / ١٢ / ١٩٩٤ بوقف الدعوى وإحالة الأوراق إلى المحكمة الدستورية العليا، للفصل فى دستورية مانصت عليه من اشتراط نصاب معين للطعن على قرارات الجمعية العمومية للنقابة الفرعية والتصديق على توقيعات الطاعنين من الجهة المختصة. وحيث إن هيئة قضايا الدولة دفعت بعدم قبول الدعوى الدستورية، تأسيساً على أن الدعوى الموضوعية أقيمت بعد الميعاد المحدد قانوناً لرفعها، وبالتالى لن يكون الحكم الصادر فى المسائل الدستورية، مؤثراً على الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، ولامنتجاً فى مجال الفصل فيها. وحيث إن هذا الدفع مردود أولاً: بأن لكل من الدعويين الموضوعية والدستورية ذاتيتها ومقوماتها، ذلك أنهما لاتختلطان ببعضهما ولاتتحدان فى شرائط قبولهما، بل تستقل كل منهما عن الأخرى فى موضوعها، وكذلك فى مضمون الشروط التى يتطلبها القانون لجواز رفعها . وليس من بين المهام التى ناطها المشرع بالمحكمة الدستورية العليا، الفصل فى شروط اتصال الدعوى الموضوعية بمحكمة الموضوع وفقاً للاوضاع المقررة أمامها . وإنما تنحصر ولايتها فيما يعرض عليها من المسائل الدستورية لتقرير صحة النصوص المطعون عليها أو بطلانها. ومردود ثانيا: بأن المسائل الدستورية التى تعرض على المحكمة الدستورية العليا تدخل – بقوة القانون – فى حوزتها، لتهيمن عليها وحدها، باعتبار أن الحكم الصادر فيها يؤثر بالضرورة على الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، ويكون محدداً تحديداً آمرا للقاعدة القانونية التى يتعين على محكمة الموضوع تطبيقها فى النزاع الموضوعى وإعمال كامل آثارها، ذلك أن المسائل الدستورية هى جوهر رقابتها، وهى التى تجيل بصرها فيها بعد إحاطتها بأبعادها، ومناطها مقابلة النصوص المطعون عليها بالقيود التى فرضها الدستور فى شأنها لضمان النزول عليها . ومن ثم يكون إهدار هذه النصوص بقدر تعارضها مع الدستور، إطاراً وحيداً للخصومة الدستورية، وهى كذلك موضوعها وغايتها . وليس لها بالتالى أن تفصل فى غير المسائل التى تثيرها الخصومة الدستورية، وبقدر اتصالها بالنزاع الموضوعى . ومردود ثالثا : بأن إبطال المحكمة الدستورية العليا لنص المادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، يعنى زوال القيود التى أحاط بها المشرع الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للنقابة الفرعية، وانفتاح طريق الطعن فيها دون قيد، لتفصل محكمة الموضوع فى المناعى الموجهة إليها على ضوء قضاء المحكمة الدستورية العليا، والتزاما بأبعاده، باعتبارها جهة الاختصاص بإعمال أثره فى النزاع الموضوعى المعروض عليها. وحيث إن المادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية تنص على ما يأتى: [يكون الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة الفرعية، وفى قراراتها، من حق خمسين عضواً ممن حضروا الجمعية العمومية للنقابة الفرعية، وبمراعاة باقى الشروط والأوضاع المحددة فى المادة ٢٠. كما يجوز لوزير الصناعة الطعن فى صحة انعقاد هذه الجمعية العمومية وقراراتها طبقا لما هو موضح فى المادة ٢٠. وتسرى أحكام الفقرة الأولى من المادة ١٢على هذه الطعون، كما تسرى أحكام الفقرة الثانية فى حالة الحكم ببطلان انتخاب رئيس النقابة الفرعية أو خمسة من أعضاء مجلسها.] وتنص الفقرة الأولى من المادة ٢٠ المشار إليها، على أن لوزير الصناعة الطعن فى صحة انعقاد الجمعية العمومية أو فى قراراتها، أو فى انتخاب النقيب وأعضاء مجلس النقابة…… وعملا بفقرتها الثانية يجوز لمائة عضو على الأقل ممن حضروا الجمعية العمومية الطعن فى قراراتها أو فى صحة انعقادها أو فى انتخاب أعضاء مجلس النقابة أو نقيبها بتقرير موقع عليه منهم، ومصدقاً على توقيعاتهم فيه من الجهة المختصة . على أن يقدم الطعن إلى قلم كتاب محكمة القضاء الإدارى، خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجمعية. وحيث إن البين من النص المطعون فيه – مرتبطاً بالفقرتين اللتين تضمنتهما المادة ٢٠ من قانون نقابة المهن الفنية التطبيقة المحال إليهما – أن الجمعية العمومية للنقابة – فرعية كانت أو مركزية – لايجوز الطعن فى صحة انعقادها أو فى قراراتها، إلا إذا كان الطعن مستوفيا نصابا عدديا، وكان من رفعوه مصادقا على توقيعاتهم جميعا من الجهة الإدارية ذات الاختصاص. وحيث إن المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط لقبول الدعوى الدستورية – مناطها أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية، وذلك بأن يكون الحكم الصادر فى المسائل الدستورية، لازما للفصل فى الطلبات الموضوعية المرتبطة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع . متى كان ذلك، وكان النزاع الموضوعى يدور حول حق عضو النقابة الفرعية فى الطعن فى قراراتها دون التقيد بالشروط التى تضمنها النص المطعون فيه – محدداً نطاقا على النحو المتقدم – وكان الفصل فى دستورية الشروط التى فرضها هذا النص، هو مدار دعواه الدستورية التى ابتغى بها إبطال هذه الشروط وتجريدها من كل آثارها، فإن دعواه هذه ترتبط بالنزاع الموضوعى برابطة وثقى، باعتبار أن الحكم فى المسائل الدستورية التى تدور حولها الخصومة الدستورية، يؤثر بالضرورة فى الطلبات الموضوعية المتصلة بها، والمطروحة على محكمة الموضوع. وحيث إن الدستور حرص على أن يفرض على السلطتين التشريعية والتنفيذية من القيود ما ارتآه كفيلاً بصون الحقوق والحريات العامة على اختلافها، كى لاتقتحم إحداها المنطقة التى يحميها الحق أوالحرية، أو تتداخل معها، بما يحول دون ممارستها بطريقة فعالة. ولقد كان تطوير هذه الحقوق والحريات وإنماؤها – من خلال الجهود المتواصلة الساعية لإرساء مفاهيمها الدولية بين الأمم المتحضرة – مطلبا أساسيا توكيداً لقيمتها الاجتماعية، وتقديراً لدورها فى مجال إشباع المصالح الحيوية المرتبطة بها، ولردع كل محاولة للعدوان عليها. وحيث إن قضاء المحكمة الدستورية العليا مضطرد على أن حق العمال فى تكوين تنظيمهم النقابى، فرع من حرية الاجتماع، وأن هذا الحق يتعين أن يتمحض تصرفا إراديا حراً لاتتداخل فيه الجهة الإدارية، بل يستقل عنها، ليظل بعيداً عن سيطرتها، ومن ثم تنحل الحرية النقابية، إلى قاعدة أولية فى التنظيم النقابى، تمنحها بعض الدول – ومن بينها جمهورية مصر العربية – قيمة دستورية فى ذاتها، لتكفل لكل عامل حق الانضمام إلى المنظمة النقابية التى يطمئن إليها، وفى انتقاء واحدة أو أكثر من بينها – عند تعددها – ليكون عضواً فيها، وفى أن ينعزل عنها جميعا، فلا يلج أيا من أبوابها، وكذلك فى أن يعدل عن البقاء فيها منهيا عضويته بها. وهذه الحقوق التى تتفرع عن الحرية النقابية، تعد من ركائزها، ويتعين ضمانها لمواجهة كل إخلال بها، وبوجه خاص لرد خطرين عنها لايتعادلان فى آثارهما، ويتأتيان من مصدرين مختلفين. ذلك أن المنظمة النقابية ذاتها قد تباشر ضغوطها فى مواجهة العمال غير المنضمين إليها، لجذبهم لدائرة نشاطها، توصلا لإحكام قبضتها على تجمعاتهم . وقد يتدخل رجال الصناعة والتجارة فى أوضاع الاستخدام فى منشآتهم، أو بالتهديد بفصل عمالهم، أو بمساءلتهم تأديبياً، أو بإرجاء ترقياتهم، لضمان انصرافهم عن التنظيم النقابى، أو لحملهم عن التخلى عن عضويتهم فيه. ويبنغى بالتالى أن يعامل مبدأ الحرية النقابية باعتباره لازما لاستقرار العمال وتطوير أوضاعهم، على تقدير أن حق العمال – وأيا كان قطاع عملهم، ودون تمييز فيما بينهم – فى تكوين منظماتهم التى يختارونها، غير مرتبط بآرائهم السياسية أو معتقداتهم أوانتماءاتهم، ودون إخلال بحق النقابة ذاتها فى أن تقرر بنفسها أهدافها، ووسائل تحقيقها، وطرق تمويلها، وإعداد القواعد التى تنظم شئونها. ولايجوز بوجه خاص، إرهاقها بقيود تعطل مباشرتها لتلك الحقوق، أو تعلق تمتعها بالشخصية الاعتبارية على قبولها الحد منها، ولا أن يكون تأسيسها رهنا بإذن من الجهة الإدارية، ولا أن تتدخل هذه الجهة فى عملها بما يعوق إدارتها لشئونها، ولا أن تُحل نفسها محل المنظمة النقابية فيما تراه اكفل لتأمين مصالح أعضائها، ولا أن تقرر إنهاء وجودها عقابا لها. وحيث إن الحرية النقابية – محدداً إطارها على النحو المتقدم – لاتعارض ديمقراطية العمل النقابى، بل هى المدخل إليه، ذلك أن الديموقراطية النقابية، هى التى تطرح – بوسائلها وتوجهاتها – نطاقا للحماية يكفل للقوة العاملة مصالحها الرئيسية، ويبلور إرادتها، وينفض عن تجمعاتها عوامل الجمود، وهى كذلك مفترض أولى لوجود حركة نقابية تستقل بذاتيتها ومناحى نشاطها، ولازمها أمران: أولهما أن يكون الفوز داخل النقابة بمناصبها المختلفة – على تباين مستوياتها وأيا كان موقعها – رهنا بالإرادة الحرة لأعضائها ويتعين أن تتهيأ لكل منهم – الفرص ذاتها – التى يؤثر من خلالها – متكافئا فى ذلك مع غيره ممن انضموا إليها – فى إدارة شئونها واتخاذ قرارتها ومراقبة نشاطها بطريق مباشر أو غير مباشر، يقترعون وينتخبون وفق أسس موضوعية تتم الحملة الانتخابية على ضوئها بما يكفل إنصافها وفعاليتها – بما فى ذلك حيدتها – لتكون مدخلهم إلى مباشرة مسئولياتهم قبل نقابتهم . ثانيهما: أن للحرية النقابية أهدافا لاتريم عنها، ولايعتبر طلبها حقا لفئة بذاتها داخل النقابة الواحدة، ولا هى من امتيازاتها، وليس لها أن تتخذها موطئاً لفرض وصايتها على أحد . ذلك أن العمل النقابى لايتمحض عن انتقاء حلول بذاتها تستقل الأقلية بتقديرها وتفرضها عنوة على المخالفين لها بحكم موقعها أو سيطرتها، بل يتعين أن يكون إسهاما جماعيا Collective Decision – Making فاعلاً، يعتمد على تعدد الآراء وتزاحمها واتساع آفاقها، ليكون أعضاء النقابة – على ضوئها – شركاء فى تقرير أهدافها، وصوغ نظمها وبرامجها، وتحديد طرائق تنفيذها، بما فى ذلك وسائل تمويلها، فلا تكون السيادة إلا لجموعهم، ولاتفرض قوة من بينهم، أو غريبة عنهم، هيمنتها على شئونهم . بل يكون القرار بأيديهم، نابعا من قناعتهم، ملبياً مصالحهم، يؤيد ذلك أن مفهوم الحرية ليس سلبيا، ولاعملا واقعا وراء جدران مغلقة، منعزلاً عن مفاهيم الحق والعدل محددة من منظور اجتماعى، بل قوامها ارتباطا بتربتها، ومناطها إرادة الاختيار تعقلاً لا انفلاتا، ليفاضل من يمارسونها بين البدائل تبصراً، ليظل نبتها متراميا، ومتطوراً كافلاً للحقوق التى تتولد عنها أو تتصل بها، ضماناتها، سواء فى جوهر بنيانها أومن خلال دعم وسائل الدفاع عنها. وحيث إن البين مما تقدم، أن لكل تنظيم نقابى خصائص لايقوم إلابها، من بينها: (١) أن مباشرة أعضاء هذا التنظيم لحقوقهم التى كفلها الدستور، يعتبر قيداً على كل قرار يصدر عن أغلبيتهم . كذلك لايجوز أن يعطل هذا التنظيم، مباشرة الآخرين لحقوقهم فى الحدود التى نص عليها الدستور. (٢) أن التنظيم النقابى يعد تجمعاً منظما تتولد عنه كل الحقوق التى ترتد فى أساسها إلى حرية الاجتماع، ومبناه بالضرورة الحوار والإقناع باعتبار أن تنوع الآراء فى شأن المسائل التى يثورحولها الجدل، وكذلك تعددهاDiversity and Plurality of Opinions يفترض التعبير عنها والاستماع إليها، ليكون اختلافها فيما بينها، ومقابلتها ببعض، لازما لتقرير الحلول التى توفق بينها قدر الإمكان أو تبدلها بغيرها، فلا يكون العمل النقابى إملاء أو التواء، بل تراضيا والتزاما، وإلا كان مجاوزاً لحدوده Ultra Vires Actions. (٣) أن مجتمعا مدنيا هو الإطار الوحيد لكل تنظيم نقابى . وهو يكون كذلك إذا كان مفتوحا لكل الآراء، قائما على ضمان فرص حقيقية لتداولها وتفاعلها، مقيداً بما يكون منها محققاً لمصلحة مبتغاه، موازنا بين حقوق المنتمين إليه وواجباتهم، نائيا عما يعد بالمعايير الموضوعية انحرافا بالسلطة، كافلاً ديمقراطية بنيانها على تعدد مستوياتها، مقرراً مباشرة مسئولياتها من خلال الوسائل القانونية التى ينبغى أن تكون ضابطاً لها وفقاً للدستور أو القانون، فلا يتنصل منها القائمون على تطبيقها، بل تتم محاسبتهم وفقاً لمعاييرها . وتنظيما نقابيا محدداً نطاقا على ضوء هذه المفاهيم، لايستقيم بتنحيتها، بل يكون التقيد بها – إنفاذا لمحتواها – ضرورة يلتزمها. (٤) يتعين أن تفرض النقابة على كيفية ممارستها لنشاطها، أشكالاً من الرقابة الذاتية فى حدود أهدافها، ليكون تقييمها لنواحى القصور فيه، موضوعياً وواقعيا، معتمداً على وسائل تحليلية Factual and Analatycal Material موثوق بها. (٥) أن تقرير ما إذا كان التنظيم النقابى صحيحاً أم باطلاً، لايجوز أن يكون معلقا على تدخل مسبق، لا من الجهة الإدارية، ولامن قبل السلطة القضائية، ولو بدا هذا التنظيم مشوبا بالبطلان، أو كان قد تقرر لغرض غير مشروع، وفى ذلك يقول المجلس الدستورى الفرنسى فى شأن الجمعيات – والتنظيم النقابى من صورها – مايأتى – La constitution d associations , alors meme qu,elles paraitraient entachées de nullité ou auraient un objet illicite , ne peut etre soumise pour sa validité a l intervention préalable de l autorité administrative ou meme de l autorité judiciare . (١٧ – ٤٤ DC , ٦١ juillet ١٧٩١ , cons . ٢ , Rec .P.٢٩ ) وحيث إن المعايير والخصائص التى يقوم عليها التنظيم النقابى، هى التى قننها الدستور – فى مجمل أحكامها – بنص المادة ٥٦، التى تحتم إنشاءه وفق أسس ديمقراطية يكون القانون كافلاً لها، راعياً لدوره فى تنفيذ الخطط والبرامج الاجتماعية التى استهدفها، مرتقيا بكفايتها، ضامنا تقيد من يسهمون فيها بسلوكهم الاشتراكى، فلا يتنصلون من واجباتهم أو يعملون على نقيضها، أوينحرفون عنها، ودون إخلال بحقوقهم المقررة قانوناً، وهو مايعنى أن إفراد النقابات بنص المادة ٥٦ المشار إليها، لايعدو أن يكون اعترافا من الدستور بأهمية وخطورة المصالح التى تمثلها، وعمق اتصالها بالحقوق المقررة قانوناً لأعضائها، وماينبغى أن يتخذ من التدابير للدفاع عنها فى مجموعها، وتوكيداً لضرورة أن يظل العمل النقابى تقدميا، فلا ينحاز لمصالح جانبية أوضيقة محدودة أهميتها – قطاعاً أوأثراً – Sectional or Influential Interests ، بل يكون متبنيا نهجا سياسيا مقبولاً من جموعهم، وقابلا للتغيير على ضوء إراداتهم. وحيث إن البين من النص المطعون فيه، أن شرطين يتعين توافرهما معا لجواز الطعن فيما يصدر عن الجمعية العمومية للنقابة الفرعية من قراراتها أولهما : أن يكون هذا الطعن مقدما من خمسين عضواً على الأقل ممن حضروا جمعيتها هذه، ليكون انضمامهم إلى بعض نصاباً للطعن، فلا يقبل بعدد أقل . ثانيهما : أن يكون الطعن على قراراتها مستوفيا شكليه بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، مصادقا عليها جميعا من الجهة المختصة. وحيث إن الشرطين المتقدمين ينالان من حق التقاضى، ويعصفان بجوهره، وعلى الأخص من زاويتين أولاهما: أن الدستور كفل للناس جميعاً – وبنص المادة ٦٨ – حقهم فى اللجوء إلى قاضيهم الطبيعى، لايتمايزون فى ذلك فيما بينهم، فلا يتقدم بعضهم على بعض فى مجال النفاذ إليه، ولا ينحسر عن فئة منهم، سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الإجرائية أو المالية التى يحاط بها ليكون عبئا عليهم، حائلا دون اقتضاء الحقوق التى يدعونها، ويقيمون الخصومة القضائية لطلبها، ذلك أنهم يتماثلون فى استنهاض الأسس الموضوعية التى نظم المشرع بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها، فقد كفل الدستور لكل منهم – سواء أكان شخصا طبيعياً أم معنويا – الحق فى الدعوى، ليكون تعبيراً عن سيادة القانون ونمطا من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها، وتكون بذاتها عاصما من جموحها وانفلاتها من كوابحها، وضمانا لردها على أعقابها إن هى جاوزتها، لتظهر الخصومة القضائية بوصفها الحماية التى كفلها القانون للحقوق على اختلافها، وبغض النظر عمن يتنازعونها، ودون اعتداد بتوجهاتهم، فلا يكون الدفاع عنها ترفا أو إسرافا، بل لازما لاقتضائها وفق القواعد القانونية التى تنظمها. ثانيتهما: أن الخصومة القضائية لاتعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها اجتناء منفعة يقرها القانون، تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التى يطلبها المتداعون، ويسعون للحصول عليها تأمينا لحقوقهم . وهم بذلك لايدافعون عن مصالح نظرية عقيمة، ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها، ولايعبرون فى الفراغ عن قيم يطرحونها، بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق الى أضيروا من جراء الإخلال بها، ويندرج تحتها مايكون منها متعلقا بمجاوزة نقابتهم للقيود التى فرضها الدستور عليها، لتنفصل حقوقهم هذه، عن تلك المصالح الجماعية التى تحميها نقابتهم بوصفها شخصا معنويا يستقل بالدفاع عنها فى إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التى تحتضنها. وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها – منظوراً إليها فى مجموعها – لايعتبر قيداً على حق كل منهم فى أن يستقل عنها بدعواه التى يكفل بها حقوقاً ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها، متصلا بمصلحته الشخصية المباشرة، ليتعلق بها مركزه القانونى الخاص فى مواجهة غيره، فلا ينال من وجوده – ولو بنص تشريعى – قيد تقرر دون مسوغ. وحيث إن الطعن على قرار معين – وكلما توافر أصل الحق فيه – لايجوز تقييده فيما وراء الأسس الموضوعية التى يقتضيها تنظيم هذا الحق، وإلا كان القيد مضيقا من مداه أو عاصفا بمحتواه، فلا يكتمل أو ينعدم، وكان حق النقابة ذاتها فى تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، ويقظتها فى الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنمائها للقيم التى يدعون إليها فى إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانا لصون الأسس التى حددها الدستور بنص المادة ٥٦، وإن كان كافلا لرسالتها محددة على ضوء أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابى ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها، ولايكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددا لكل قاعدة قانونية مجالا لعملها، ومقيداً أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطا للأعمال جميعها، محيطا بكل صورها، ماكان منها تصرفا قانونيا أو متمحضا عملا ماديا ، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعا، ليكون تقويمها حقا مقرراً لكل من أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة. بيد أن النص المطعون فيه نقض هذا الأصل، حين جعل للطعن فى قرار صادر عن الجمعية العمومية لنقابة فرعية، نصابا عدديا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدما من خمسين عضواً على الأقل ممن حضروا اجتماعها، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها، يقيمها استقلالا عن غيره، ويكون موضوعها تلك الحقوق التى أخل بها القرار المطعون فيه، والتى لايقوم العمل النقابى سويا بدونها. وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهم أو تغض بصرها عنها، فلا تتدخل لحمايتها ولو كان اتصالها برسالتها وتعلقها بأهدافها، وثيقا . وقد افترض النص المطعون فيه كذلك، أن أعضاء الجمعية العمومية – الذين جعل من عددهم نصابا محتوما للطعن فى قراراتها – متحدون فيما بينهم فى موقفهم منها، وأنهم جميعا قدروا مخالفتها للدستور أو القانون، وانعقد عزمهم على اختصامها تجريدا لها من آثارها وتعطيلاً للعمل بها، لتتخلى نقابتهم عنها. وهو افتراض قلما يتحقق عملاً، ولايتوخى واقعاً غير مجرد تعويق الحق فى الطعن عليها من خلال قيود تنافى أصل الحق فيه، ليكون “أفدح عبئا، وأقل احتمالاً”. وحيث إن البين كذلك من النص المطعون فيه، أن الطعن فى قرار صادر عن الجمعية العمومية لنقابة فرعية – ولو كان مكتملاً نصاباً – يظل غير مقبول إذا كان من قدموه غير مصادق على توقيعاتهم من الجهة الإدارية ذات الاختصاص، وكان ماتوخاه النص المطعون فيه بذلك، أن يكون هذا التصديق إثباتاً لصفاتهم؛ فلا يكون تقرير الطعن مقدماً من أشخاص لايعتبرون أعضاء فى النقابة الفرعية، ولا من أشخاص يتبعونها، ولكنهم تخلفوا عن حضور جمعيتها العمومية ؛ وكان التصديق وإن تم فى هذا النطاق، وتعلق بتلك الأغراض، يظل منطوياً على إرهاق المتقاضين بأعباء لايقتضيها تنظيم حق التقاضى، بل غايتها أن يكون الطعن أكثر عسراً من الناحيتين الإجرائية والمالية؛ وكان هذا القيد مؤداه كذلك، أن تحل الجهة الإدارية محل محكمة الطعن فى مجال تثبتها من الشروط التى لايقبل الطعن من الخصوم إلا بها – وتندرج صفاتهم تحتها – باعتبار أن تحقيقها وبسطها لرقابتها على توافرها، أو تخلفها، مما يدخل فى اختصاصها . ولايجوز بالتالى أن تتولاه الجهة الإدارية وإلا كان ذلك منها عدوانا على الوظيفة القضائية التى اختص المشرع غيرها بها، وانتحالا لبعض جوانبها، وباطلاً لاقتحام حدودها. وحيث إنه لما تقدم، يكون النص المطعون فيه مخالفاً للمواد ٤٠، ٦٥، ٨ ٦ من الدستور. فلهذه الأسباب حكمت المحكمة بعدم دستورية المادة ٤٩ من القانون رقم ٦٧ لسنة ١٩٧٤ بإنشاء نقابة المهن الفنية التطبيقية، فيما نصت عليه من أن يكون الطعن فى قرارات الجمعية العمومية للنقابه الفرعية موقعاً عليه من خمسين عضواً على الأقل ممن حضروا اجتماعها، ومصدقاً كذلك من الجهة الإدارية ذات الاختصاص على توقيعاتهم التى مهروا بها تقرير الطعن

زر الذهاب إلى الأعلى