حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢١٩ لسنة ٢١ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ٢١٩ لسنة ٢١ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ٢٢ سبتمبر سنة ٢٠٠٢ الموافق ١٥ رجب سنة ١٤٢٣ هـ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور / محمد فتحى نجيب رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : على عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى وعبد الوهاب عبد الرازق والدكتور حنفى على جبالى ومحمد عبد العزيز الشناوى وإلهام نجيب نوار .
وحضور السيد المستشار الدكتور / عادل عمر شريف رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ٢١٩ لسنة ٢١ قضائية دستورية
المقامة من
السيد / يحيى فؤاد عبد القادر العشرى بصفته رئيس مجلس إدارة الجمعية التعاونية لإنتاج وتسويق المحاصيل الحقلية بالدقهلية .
ضد
(١) السيد / رئيس جمهورية مصر العربية
(٢) السيد / رئيس مجلس الوزراء
(٣) السيد / وزير الزراعة واستصلاح الأراضى
(٤) السيد / أبو العينين الهوارى أبو العينين
(٥) السيد / على أحمد محمد القصيبى
(٦) السيد / محمد هلال شحاته
(٧) السيد / عبد الناصر حامد الفداوى
(٨) السيد / على على السيد كبشه
(٩) ورثة المرحوم / إبراهيم السباعى على يوسف وهم :\
أ – السيدة / جازية عبد اللطيف إسماعيل
ب – السيد / عزام إبراهيم السباعى على
ج – السيد / طارق إبراهيم السباعى على
د – السيد / علاء إبراهيم السباعى على
ه – السيدة / ألفت إبراهيم السباعى على
و – السيدة / رجاء إبراهيم السباعى على
ز – السيدة / فوقية إبراهيم السباعى على
ح – السيدة / عزة إبراهيم السباعى على
(١٠) السيد / فؤاد محمد طاهر الهوارى
(١١) السيد / محمد يوسف السيد
(١٢) السيد / سامى عبد العال سالم
(١٣) ورثة المرحوم حسن حسن الطنطاوى النمنم وهم :
أ – السيد / محمد حسن حسن الطنطاوى النمنم
ب – السيد / السيد حسن حسن الطنطاوى النمنم
ج – السيد / المهدى حسن حسن الطنطاوى النمنم
د – السيد / عيد حسن حسن الطنطاوى النمنم
ه – السيد / أحمد حسن حسن الطنطاوى النمنم
و – السيدة / هانم حسن حسن الطنطاوى النمنم
ز – السيدة / آمال حسن حسن الطنطاوى النمنم
ح – السيدة / نادية حسن حسن الطنطاوى النمنم
(١٤) السيد اللواء / محافظ الدقهلية
(١٥) السيد المهندس / مدير عام شئون التعاون الزراعى بالدقهلية
الإجراءات
بتاريخ الثالث عشر من شهر نوفمبر سنة ١٩٩٩ أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية نص المادة ٥٤ من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٠ فيما تضمنه من نهائية الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية فى الطعن على قرار المحافظ بإسقاط العضوية عن عضو مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة بدفاعها ، طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها .
ونُظِرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم .
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق ، والمداولة .
حيث إن الوقائع على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق تتحصل فى أنه بتاريخ ٢ / ٧ / ١٩٩٧ صدر قرار محافظ الدقهلية رقم ٨٢٢ لسنة ١٩٩٧ بإسقاط العضوية عن رئيس وبعض أعضاء مجلس إدارة الجمعية التعاونية لإنتاج وتسويق المحاصيل الحقلية بالدقهلية لما نُسِب إليهم من مخالفات ، فأقاموا ضده وآخرين الدعوى رقم ٣٥٨٩ لسنة ٩٧ مدنى كلى أمام محكمة المنصورة الابتدائية ، طالبين الحكم بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ ذلك القرار ، وفى الموضوع بإلغائه . وبتاريخ ٢٤ / ٨ / ١٩٩٧ أُودِعَتْ قلم كتاب تلك المحكمة صحيفة تدخل أُعْلِنَتْ قانوناً من السيد / يحيى فؤاد عبد القادر العشرى المدعى فى الدعوى الماثلة بصفته الرئيس الجديد لمجلس إدارة الجمعية التعاونية لإنتاج وتسويق المحاصيل الحقلية بالدقهلية ، طالباً قبول تدخله خصماً ثالثاً فى الدعوى ، وفى الموضوع برفضها ، وأثناء نظر دعوى الموضوع ، دفع المتدخل بعدم دستورية نص المادة ٥٤ من قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٠ ، فيما تضمنه من نهائية الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية فى الطعن على قرار المحافظ بإسقاط العضوية عن عضو مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية ، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية دفعه ، وصرحت له بإقامة الدعوى الدستورية ، فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث إن قانون التعاون الزراعى الصادر بالقانون رقم ١٢٢ لسنة ١٩٨٠ ينص فى المادة (٥١) منه على أن { مع عدم الإخلال بالعقوبات الجنائية تسقط العضوية فى مجلس الإدارة بقرار من الجمعية العامة وذلك بعد إجراء تحقيق كتابى مع العضو ينتهى إلى الإدانة فى إحدى الحالات الآتية :
(١) العبث بسجلات الجمعية أو أوراقها أو أختامها أو تعمد إتلافها أو إساءة استعمالها .
(٢) استغلال السلطة أو عدم مراعاة العدالة فى توزيع الخدمات .
(٣) تعمد الإدلاء ببيانات غير صحيحة بقصد عرقلة الإنتاج أو عرقلة تحقيق أغراض الجمعية أو الحصول على منفعة شخصية .
(٤) عدم رد العجز فى العهد الشخصية خلال الأجل الذى يعينه لذلك مجلس الإدارة أو الجمعية العمومية أو الجهة الإدارية المختصة .
(٥) القيام بعمل من شأنه الإضرار بمصالح الجمعية أو نظام العمل بها } .
وتنص المادة (٥٢) منه على أن { لكل من الوزير المختص بالنسبة للجمعيات العامة والمحافظ المختص بالنسبة للجمعيات التى تقع فى نطاق المحافظة ما يلى :
(١) وقف عضو مجلس الإدارة لمدة لا تزيد على شهرين إذا اقتضت مصلحة التحقيق ذلك
(٢) حل مجلس إدارة الجمعية أو إسقاط العضوية عن عضو أو أكثر للأسباب المشار إليها فى المادة السابقة بعد إجراء تحقيق مكتوب ينتهى إلى الإدانة }.
كما تنص المادة (٥٤) من ذات القانون على أن { لكل ذى شأن أن يطعن فى القرارات المشار إليها فى المادة (٥٢) أمام المحكمة الابتدائية الكائن فى دائرة اختصاصها مقر الجمعية وذلك خلال ثلاثين يوماً من تاريخ نشره قرار الحل والإسقاط فى الوقائع المصرية وإعلان صاحب الشأن بمقر الجمعية بكتاب موصى عليه بعلم وصول وتفصل المحكمة فى الطعن على وجه الاستعجال بغير مصروفات ويكون حكمها نهائياً } .
وحيث إنه من المقرر على ما جرى به قضاء هذه المحكمة إنه يشترط لقبول الدعوى الدستورية توافر المصلحة فيها ، ومناط ذلك أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة القائمة فى الدعوى الموضوعية ، وأن يكون من شأن الحكم فى المسألة الدستورية أن يؤثر فيما أبدى من طلبات فى دعوى الموضوع . متى كان ذلك ، وكان المدعون فى الدعوى الموضوعية يبغون وقف تنفيذ وإلغاء قرار محافظ الدقهلية رقم ٨٢٢ لسنة ١٩٩٧ بإسقاط عضويتهم من مجلس إدارة الجمعية التعاونية لإنتاج وتسويق المحاصيل الحقلية بالدقهلية ، وإذ كان ما يستهدفه المتدخل فى تلك الدعوى المدعى فى الدعوى الدستورية هو رفض طلبات المدعين فيها ، فإنه حال صدور قضاء المحكمة الابتدائية بالمنصورة بوقف تنفيذ القرار أو إلغاء القرار الطعين ، فإن المتدخل لن يتمكن من الطعن عليه أمام محكمة الدرجة الأعلى ، تطبيقاً لنص المادة ٥٤ المطعون عليها والذى يقضى بنهائية ذلك الحكم ، ومن ثم تضحى للمدعى مصلحة شخصية ومباشرة فى الطعن على هذا النص فيما تضمنه من نهائية الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية فى الطعن على قرار المحافظ بإسقاط العضوية عن عضو مجلس إدارة الجمعية التعاونية الزراعية ، ولا يمتد إلى ما عدا ذلك من أحكام شملها النص الطعين .
وحيث إن المدعى ينعى على النص الطعين محدداً نطاقاً على النحو المتقدم إهداره مبدأ تكافؤ الفرص المنصوص عليه فى المادة ٨ من الدستور ، وإخلاله بمبدأ المساواة الذى كفله الدستور للمواطنين جميعاً بمقتضى المادة ٤٠ منه ، ومخالفته لحكم المادة ٦٥ من الدستور التى تنص على أن استقلال القضاء وحصانته ضمانان أساسيان لحماية حقوق المواطنين وحرياتهم ، كما ينعى المدعى عليه كذلك مخالفته لنص المادتين ٦٨ و١٦٥ من الدستور والتى تكفل أولاهما حق التقاضى للناس كافة ، وحق كل مواطن فى الالتجاء إلى قاضيه الطبيعى ، والتى تنص ثانيتهما على أن السلطة القضائية مستقلة وتتولاها المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها باعتبار أن التقاضى على درجتين من المبادئ الرئيسية فى النظام القضائى المصرى ومن الضمانات الضرورية لحسن سير القضاء وتحقيق العدالة .
وحيث إن ما ينعاه المدعى من إخلال النص الطعين بمبدأ تكافؤ الفرص الذى تكفله الدولة للمواطنين كافة وفقاً لنص المادة ٨ من الدستور ، مردود بأن مضمون هذا المبدأ يتصل بالفرص التى تتعهد الدولة بتقديمها ، وأن إعماله يقع عند تزاحمهم عليها ، وأن الحماية الدستورية لتلك الفرص ، غايتها تقرير أولوية فى مجال الانتفاع بها لبعض المتزاحمين على بعض ، وهى أولوية تتحدد وفقاً لأسس موضوعية يقتضيها الصالح العام . إذ كان ذلك ، فإن مجال إعمال مبدأ تكافؤ الفرص فى نطاق تطبيق النص المطعون عليه يكون منتفياً ، إذ لا صلة له بفرص قائمة يجرى التزاحم عليها ، بما لا مخالفة فيه من هذه الناحية لأحكام الدستور .
وحيث إن مبدأ مساواة المواطنين أمام القانون مؤداه ألا تقر السلطة التشريعية أو تصدر السلطة التنفيذية تشريعاً يُخِّل بالحماية القانونية المتكافئة للحقوق جميعها ، سواء فى ذلك تلك التى نص عليها الدستور ، أو التى كفلها المشرع ، ومن ثم كان هذا المبدأ عاصماً من النصوص القانونية التى يقيم بها المشرع تمييزاً غير مبرر تتنافر به المراكز القانونية التى تتوافق عناصرها ، بأن يجعل القاعدة القانونية التى تحكمها ، إما مجاوزة باتساعها أوضاع هذه المراكز أو قاصرة بمداها عن استيعابها ، إذ كان ذلك وكان النص التشريعى الطعين لا يقيم تمييزاً بين مراكز قانونية تتحد العناصر التى تُكَوّنها ، أو يناقض ما بينها من اتساق ، بل يُظِل المخاطبين به بقواعد موحدة فى مضمونها وأثرها ، إذ يساوى فى الحكم بين طرفى الدعوى فلا يمنح لأحدهم مَكِنَة الطعن فى حكم المحكمة الابتدائية ويَحْرِمَ منها الطرف الآخر ، فإن قالة الإخلال بمبدأ المساواة المنصوص عليه فى المادة ٤٠ من الدستور ، لا يكون لها من أساس .
وحيث إن الأصل فى سلطة المشرع فى موضوع تنظيم الحقوق أنها سلطة تقديرية ما لم يقيدها الدستور بضوابط معينة تعتبر حداً لها . وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أنه ليس ثمة تناقض بين حق التقاضى كحق دستورى وبين تنظيمه تشريعياً ، بشرط ألا يتخذ المشرع هذا التنظيم وسيلة لحظر حق التقاضى أو إهداره ، كما أن قصر التقاضى على درجة واحدة ، هو مما يستقل المشرع بتقديره ، بمراعاة أمرين : أولهما أن يكون هذا القصر قائماً على أسس موضوعية تُمليها طبيعة المنازعة ، وخصائص الحقوق المثارة فيها ، ثانيهما : أن تكون الدرجة الواحدة محكمة أو هيئة ذات اختصاص قضائى من حيث تشكيلها وضماناتها والقواعد المعمول بها أمامها ، وأن يكون المشرع قد عهد إليها بالفصل فى عناصر النزاع جميعها الواقعية منها والقانونية فلا تراجعها فيما تخلص إليه من ذلك جهة أخرى . لما كان ذلك وكان النص الطعين ، فيما قرره من قصر التقاضى فى هذا النوع من المنازعات على درجة واحدة ، يهدف إلى سرعة حسم أوضاع أعضاء مجلس إدارة الجمعيات التعاونية الزراعية الذين صدر قرار بإسقاط عضويتهم ، وذلك إما بتأييدها إذا ما اتفقت وصحيح حكم القانون ، أو إلغائها إذا تنكبت السبيل ولم تقم على أسباب تبررها ، حتى تتفرغ هذه المجالس لممارسة اختصاصاتها التى نيطت بها بالمادة ٤٧ من القانون المشار إليه ، دعماً للحركة التعاونية الزراعية ، وحتى لا تكون المحاكم مسرحاً لعرقلة العمل التعاونى الزراعى ، فإنه بذلك لا يكون قد نال من ولاية القضاء ، أو تضمن مساساً باستقلال السلطة القضائية بما لا مخالفة فيه لأحكام المواد ٦٥ و٦٨ و١٦٥ من الدستور .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة برفض الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ، ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .