حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٨ لسنة ١٥ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٨ لسنة ١٥ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم الأحد ١١ ديسمبر سنة ٢٠٠٥م، الموافق ٩ ذى القعدة سنة ١٤٢٦هـ .
برئاسة السيد المستشار / ممدوح مرعى رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين : ماهر البحيرى وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وإلهام نجيب نوار وماهر سامى يوسف وسعيد مرعى عمرو
وحضور السيد المستشار / رجب عبد الحكيم سليم رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ١٨ لسنة ١٥ قضائية دستورية .
المقامة من
السيد / عبد الحميد مصطفى سلامة بصفته ممثلاً قانونياً لشركة الدلتا للسكر.
ضد
١ – السيد رئيس مجلس الوزراء.
٢ – السيد وزير المالية .
الإجراءات
بتاريخ العشرين من إبريل سنة ١٩٩٣ أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية البند السادس من الجدول الملحق بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١ بإصدار ضريبة الاستهلاك.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم برفض الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى عليه الثانى كان قد أقام على المدعى الدعوى رقم ١٢١٢٤ لسنة ١٩٨٩ مدنى كلى الجيزة طالباً الحكم بإلزام الشركة بأداء مبلغ ٥٤٤٢.٨٦٣ جنيهاً مصرياً قيمة فوائد التأخير المقررة عن مبلغ ٢٠٤١١٤٤.٨٥٢ جنيهاً مصرياً قيمة ضريبة الاستهلاك المستحقة عن نشاط الشركة خلال الفترة من ٢٠ / ٧ / ١٩٨٥ وحتى ٣٠ / ٧ / ١٩٨٥ بالإضافة إلى مبلغ ٥١٢٢٠.٦٤٩ جنيهاً مصرياً وفوائده التأخيرية عن ذات الفترة الزمنية . وبجلسة ٤ / ١١ / ١٩٩٢ دفع الحاضر عن المدعى عليه بعدم دستورية البند (٦) من الجدول المرفق بقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١، وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، فقد صرحت له برفع الدعوى الدستورية ، فأقام الدعوى الماثلة .
وحيث أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة – وهى شرط قبول الدعوى الدستورية – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية مؤثراً فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
لما كان ذلك وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن الملتزم بالضريبة دون أن يكون متحملاً بعبئها تقوم له مصلحة فى الطعن بعدم دستورية النص الفارض للضريبة ، ذلك أن الحكم بعدم دستورية ذلك النص، يعنى امتناع تحصيل الضريبة التى فرضها وانهدام الأساس القانونى الذى تقوم عليه، خاصة وأن الضريبة فى مثل هذه الحالة تعتبر جزءاً من عناصر تكلفة السلعة المحملة بها بما يؤدى إلى زيادة التكلفة ويؤثر بالضرورة فى فرص تسويق السلعة ، التى تتحكم فيها قوانين عرض هذه السلعة فى الأسواق المحلية والدولية وطلبها. ومن ثم تتوفر للشركة المدعية مصلحة مباشرة فى الدعوى الراهنة .
وحيث إن نص البند (٦) قد جاء كما يلى :
الضريبة على المنتج المحلى
الوحدة فئة الضريبة
سكر بنجر سوندر وسكر قصب جامدين وأنواع
سكر أخرى جامدة ، وسوائل سكرية كثيفة
لا تحتوى على مواد معطرة أو ملونة إضافية
مليم جنيه
(أ) من صرف بالبطاقة التموينية الطن القائم ٦٠٠ ٤٣
(ب) السكر الحر
١ – سكر ناعم الطن القائم ٦٨٠ ٥٥
٢ – سكر ماكينة الطن القائم ٦٠٠ ٥٧
٣ – سكر أقماع الطن القائم ٦٠٠ ٥٨
٤ – غيره الطن القائم ٦٠٠ ٥٨
وحيث أن الشركة المدعية تنعى على النص المطعون عليه سالف البيان إنه فرض ضريبة عامة على تداول السكر حاسباً قيمتها عن الطن القائم فأدخل فى حسابها وزن العبوات التى تختلف فيما بينها مما يجعل وعاء الضريبة الحقيقى يختلف من حالة إلى أخرى وغير محدد على أكمل وجه فضلاً عن إنه لا يحقق المساواة بين المكلفين بالضريبة تبعاً لاختلاف وزن العبوات مما يجعله مخالفاً لأحكام المواد (٣٨، ٤٠، ١١٩) من الدستور.
وحيث أن هذا النعى سديد فى جوهره، ذلك أن المقرر أن الضوابط التى يفرضها الدستور على السلطتين التشريعية والتنفيذية لضمان تقيدهما بأحكامه، هى ضوابط آمرة لا تبديل فيها ولا مهرب منها، وليس لأى جهة أو سلطة بالتالى أن تبغى عنها حولا، أو أن تقتنصها من أطرافها، أو أن تجعل لها عوجاً، أو أن تتحلل من بأسها أبداً، إذ هى باقية دوماً، نافذة أبداً، لتفرض بزواجرها ونواهيها – كلمة الدستور على المخاطبين بها، فلا ينسلخون منها، ولتكون قواعده مآباً لكل سلطة ، وضابطاً لحركتها، ومتكئاً لأعمالها وتصرفاتها على اختلافها، ومرتفقاً لتوجهاتها، وكان لكل ضريبة وعاء يتمثل فى المال الذى تفرض عليه. وكان قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن تحديد دين الضريبة يفترض التوصل إلى تقدير حقيقى لقيمة المال الخاضع لها باعتبار أن ذلك يعد شرطاً لازماً لعدالة الضريبة ، ولصون مصلحة كل من الممول والخزانة العامة ، وإذ كان ذلك، فقد تعين أن يكون وعاء الضريبة من حصراً فى المال المحمل بعبئها، ومحققاً ومحدداً على أسس واقعية يكون ممكناً معه الوقوف على حقيقته على أكمل وجه، ولا يكون الوعاء محققاً إلا إذا كان ثابتاً بعيداً عن شبهة الاحتمال أو الترخص، ذلك أن مقدار الضريبة أو مبلغها أو دينها، إنما يتحدد مرتبطاً بوعائها وباعتباره منسوباً إليه، ومحمولاً عليه، وفق الشروط التى يقدر المشرع معها واقعية الضريبة وعدالتها بما لا مخالفة فيه للدستور، وبغير ذلك لا يكون لتحديد وعاء الضريبة من معنى ، ذلك أن وعاء الضريبة هو مادتها، والغاية من تقرير الضريبة هو أن يكون هذا الوعاء مصرفها، فإذا حدد المشرع وعاء الضريبة على طن السكر قائماً أى شاملاً وزن العبوة التى يوضع فيها وليس على الوزن الصافى رغم اختلاف وزن كل عبوة عن الأخرى فى الغالب الأعم فإن وعاء الضريبة يضحى غير محدد يتسع لغير مادتها، وبالتالى فإن فرض الضريبة – وفقاً للنص الطعين – لا يقوم على أسس موضوعية محددة ، فضلاً عن أنه يخالف مبدأ المساواة إذا فرق بين المكلفين بالضريبة عن السكر – وهو الوعاء الحقيقى لها – تبعاً لاختلاف أوزان عبواته إذ يتحمل أصحاب العبوات الأثقل وزناً بعبء ضريبى أكبر من أصحاب العبوات الأخف وزناً. متى كان ذلك، فإن نص البند المطعن فيه يكون مخالفاً لأحكام المواد (٣٨، ٤٠، ١١٩) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم دستورية نص البند (٦) من الجدول المرفق بقانون الضريبة على الاستهلاك الصادر بالقانون رقم ١٣٣ لسنة ١٩٨١. وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتى جنيه مقابل أتعاب المحاماة .