حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٢ لسنة ١٥ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٢ لسنة ١٥ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة فى يوم السبت ٣ ديسمبر١٩٩٤ الموافق٢٩ جمادى الآخرة ١٤١٥هـ.
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين الدكتور محمد إبراهيم أبو العينين وفاروق عبد الرحيم غنيم وعبد الرحمن نصير والدكتور عبد المجيد فياض وعدلى محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله أعضاء
وحضور السيد المستشار الدكتور / حنفى على جبالى رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
:
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ١٢ لسنة ١٥ قضائية دستورية
المقامة من
الشيخ / الخضر احمد محمد مصطفى
ضد
١ – السيد / رئيس الوزراء بصفته
٢ – السيد / وزير العدل بصفته
٣ – السيد / وزير الماليه بصفته
٤ – السيد المستشار / رئيس محكمة شبين الكوم الإبتدائية بصفته
٥ – السيد / عماد عزت عجيب مكسيموس رئيس الدائرة التاسعة بمحكمة شبين الكوم الكلية بصفته
الإجراءات
بتاريخ ٢٩مارس ١٩٩٣ أودع المدعى قلم كتاب المحكمة صحيفة الدعوى الماثلة طالبا الحكم بعدم دستورية قرارى الجمعية العمومية لمحكمة شبين الكوم الكلية الصادرين بقرارى السيد الأستاذ المستشار رئيس المحكمة المذكورة فى ٣٠ / ٩ / ١٩٩٢ و ١ / ١٢ / ١٩٩٢ ، بتوزيع العمل بالمحكمة الكلية وجزئياتها خلال الفترة من ١ / ١٠ / ١٩٩٢ حتى ٣٠ / ٦ / ١٩٩٣ وبإضافة دائرة الضرائب جلسة متميزة إعتباراً من ٥ / ١٢ / ١٩٩٢ ، وذلك فيما تضمناه من إسناد رئاسة الدائرة التاسعة الكلية بمحكمة شبين الكوم الكلية للسيد الأستاذ المستشار / عماد عزت عجيب مكسيموس – مسيحى الديانة – والتى شمل إختصاصها دائرة الضرائب جلسة متميزة .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين بالمحكمة تقريراً برأيها ، ونظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الإطلاع على الأوراق ، والمداولة .
وحيث أن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى بوصفه من قراء القرآن الكريم ، قد نازع مأمورية الضرائب بتلا بمحافظة المنوفية ، تقديرها لأرباحه عن نشاطه الأصلى ، وكذا عن نشاطه التكميلى فى تسجيل الأشرطة عن سنوات المحاسبة من ٨٦ حتى ١٩٨٩ . وأحيل الخلاف إلى لجنة الطعن المختصة بضرائب المنوفية . وإذ لم يرتض المدعى قرارها ، فقد طعن عليه بالدعوى رقم ٦٧٠ لسنة ١٩٩١ ضرائب شبين الكوم أمام محكمة شبين الكوم الكلية . وأثناء نظرها تقرر إحالتها إلى الدائرة التاسعة التى يرأسها – وفق قرارات الجمعية العمومية للمحكمة الصادرة بتوزيع العمل بها – أحد المستشارين المسيحيين ما حدا به إلى الطعن بعدم دستورية قرارات الجمعيه العمومية سالفة الذكر بمقولة مخالفتها لأصول التقاضى ، وخروجها كذلك على مبادئ الشريعة الإسلامية التى تنص المادة الثانية من الدستور على انها المصدر الرئيسى للتشريع ، ويندرج تحت هذه المبادئ عدم ولاية غير المسلم على المسلم . وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية الدفع وصرحت للمدعى برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة ، طالبا الحكم بعدم دستورية قرارى الجمعية العمومية لمحكمة شبين الكوم الكلية الصادرين بتوزيع العمل بالمحكمة على النحو سالف البيان .
وحيث إن البحث فى الإختصاص سابق بطبيعته على البحث فى شكل الدعوى أو موضوعها ، وتواجهه
المحكمة الدستورية العليا
من تلقاء ذاتها ، وكان الدستور قد عقد الفصل الخامس من بابه الرابع للمحكمة الدستورية العليا ، وعهد إليها فى المادة (١٧٥) منه – دون غيرها – بتولى الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه المبين فى القانون ، ثم صدر القانون المنظم لاوضاعها مبيناً إختصاصاتها ، محدداً ما يدخل فى ولايتها حصراً ، مستبعداً من مهامها ما لا يندرج تحتها ، فخولها الإختصاص المنفرد بالرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح ، مانعاً أى جهة من مزاحمتها فيه ، مفصلاً طرائق هذه الرقابة وكيفية إعمالها ، وذلك كله على النحو المنصوص عليه فى المواد ٢٥ ، ٢٧ ، ٢٩ منه ، وهى قاطعة فى دلالتها على أن إختصاص
المحكمة الدستورية العليا
فى مجال الرقابة على الدستورية من حصر فى النصوص التشريعية أيا كان موضوعها ، أو نطاق تطبيقها، أو الجهة التى أقرتها أو أصدرتها . ذلك أن هذه النصوص هى التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة . وما يميزها كقواعد قانونية ، هو أن تطبيقاتها مترامية ، ودائرة المخاطبين بها غير متناهية ، والأثار المترتبة على إبطالها إذا أهدرتها هذه المحكمة لمخالفتها الدستور بعيدة فى مداها .وتدق دائما ضوابط الرقابة على مشروعيتها الدستورية ، وتقارنها محاذير واضحة .وكان لزاما بالتالى أن يؤول أمر هذه الرقابة إلى محكمة واحدة بيدها وحدها زمام إعما لها ، كى تصوغ بنفسها معاييرها ومناهجها ، وتوازن من خلالها بين المصالح المثارة على إختلافها ، وتتولى دون غيرها بناء الوحدة العضوية لأحكام الدستور بما يكفل تكاملها وتجانسها ، ويحول دون تفرق وجهات النظر من حولها وتباين مناحى الإجتهاد فيها . إذ كان ذلك ، وكان الدستور هو القانون الأعلى الذى يرسى الأصول والقواعد التى يقوم عليها نظام الحكم ، ويحدد السلطات العامة ويرسم لها وظائفها ، ويضع الحدود والقيود الضابطة لحركتها ، ويقرر الحقوق والحريات العامة ، ويرتب ضماناتها الأساسية ، وكانت مظنة الخروج على أحكامه لا تنحصر فى النصوص القانونية التى تقرها السلطة التشريعية ، بل تتعداها إلى كل قاعدة عامة مجردة أصدرتها السلطة التنفيذية فى حدود صلاحياتها التى ناطها الدستور بها ، فإن محل الرقابة القضائية على الدستورية ، إنما يتمثل فى القانون بمعناه الموضوعى الأعم محدداً على ضوء النصوص التشريعية التى تتولد عنها مراكز قانونية عامة مجردة ، سواء وردت هذه النصوص فى التشريعات الأصلية أو الفرعية . ولا كذلك قرارات توزيع العمل فيما بين الدوائر المختلفة التى تضمها المحكمة الواحدة أيا كان نوعها أو درجتها والتى تصدر عن جمعيتها العامة وفقا لنص المادة ٣٠ من قانون السلطة القضائية الصادر بالقرار بقانون رقم ٤٦ لسنة ١٩٧٢ ، ذلك أن هذه القرارات وأيا كان وجه الرأى فى مخالفتها للدستور لا تعتبر فى محتواها ولا بالنظر إلى الآثار التى ترتبها ، تشريعاً أصليا أو فرعيا .إذ لا تعدو المراكز القانونية التى تنشئها أو تعد لها أو تلغيها، أن تكون مراكز فردية أو ذاتية يقتصر مجال سريانها على أشخاص معينين بذواتهم ، هم هؤلاء القضاة الذين تم توزيع العمل القضائى فيما بينهم تنظيما لسيره وضمانا لاستقامته ، لتفقد بذلك خصائص الأعمال التشريعية التى تمتد إليها الرقابة على الدستورية التى تباشرها
المحكمة الدستورية العليا
. ذلك أن النصوص القانونية التى تضمها هذه الأعمال ، هى وحدها التى تتولد منها وبالنظر إلى عموميتها وتجردها مراكز قانونية تنظيمية عامة من طبيعتها.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم إختصاصها بنظر الدعوى ، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .