حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٢ لسنة ١٤ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١٢ لسنة ١٤ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة في يوم السبت ٥ سبتمبر سنة ١٩٩٢ الموافق ٧ ربيع الاول سنة ١٤١٣ هــ .
برئاسة السيد المستشار الدكتور / عوض محمد عوض المر رئيس المحكمة
و حضور السادة المستشارين : الدكتور / محمد إبراهيم أبوالعينين ومحمد ولى الدين جلال وفاروق عبد الرحيم غنيم وحمدى محمد على ومحمد على عبد الواحد والدكتور / عبد المجيد فياض اعضاء
وحضور السيد المستشار / محمد خيرى طه عبد المطلب المفوض
وحضور السيد / رأفت محمد عبد الواحد أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيده بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ١٢ لسنة ١٤ قضائية دستورية
المرفوعه من
انسى ابراهيم خير
ضد
السيد / رئيس مجلس ادارة البنك الاهلى المصرى
السيد / رئيس مجلس الوزراء بصفته
الإجراءات
بتاريخ ٢ مايو سنة ١٩٩٢ أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة طالباً الحكم بعدم دستورية المواد (٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٢٩، ٢٣٢) من القانون المدنى .
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة ، طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة للمواد (٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٨) آنفة البيان، وبرفضها بالنسبة للمادتين (٢٢٩، ٢٣٢) من القانون المدنى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على الوجه المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق والمداولة .
حيث إن الوقائع – على مايبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن المدعى كان قد أقام الدعوى رقم ٦٤٧ لسنة ١٩٩٠ مدنى كلى سوهاج طالباً إجراء المحاسبة بينه وبين البنك الذى يمثله المدعى عليه الأول على سند من القول بأنه اقترض من البنك المذكور فى عام ١٩٨٣ مبلغ ثلاثين ألف جنيه. ورغم قيامه بالوفاء بقيمة هذا القرض على عدة سنوات ألا أنه فوجئ بمطالبة البنك له بمبلغ ٦٦٠ر٣٧٩٥٢ فضلاً عن الفوائد والمصاريف حتى تمام الوفاء، وقرر المدعى أمام الخبير الذى ندبته محكمة الموضوع أن المبلغ المطالب به عبارة عن فوائد مركبة تجاوز أصل الدين، وأنه دفع أمام محكمة الموضوع بعدم دستورية المواد (٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٢٩، ٢٣٢) من القانون المدنى لمخالفتها للشريعة الإسلامية طبقاً لنص المادة الثانية من الدستور. وإذ صرحت له المحكمة برفع الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة طالباً الحكم بعدم دستورية المواد سالفة البيان.
وحيث إن ولاية
المحكمة الدستورية العليا
فى الدعاوى الدستورية –وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – لا تقوم إلا باتصالها بالدعوى اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة فى المادة (٢٩) من قانونها الصادر بالقانون رقم ٤٨ لسنة ١٩٧٩، وذلك إما بإحالة الأوراق إليها من إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى للفصل فى المسألة الدستورية ، واما برفعها من أحد الخصوم بمناسبة دعوى موضوعية دفع فيها الخصم بعدم دستورية نص تشريعى وقدرت محكمة الموضوع جدية دفعه، وهذه الأوضاع الإجرائية تتعلق بالنظام العام باعتبارها شكلاً جوهرياً فى التقاضى تغيابه المشرع مصلحة عامة حتى ينتظم التدعى فى المسائل الدستورية ب
الإجراءات
التى رسمها. إذ كان ذلك وكان البين من محاضر جلسات الدعوى الموضوعية أن المدعى قصر دفعه بعدم الدستورية على المادتين (٢٣١، ٢٣٢) من القانون المدنى ، ولم يدفع بعدم دستورية المواد (٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٢٩) من القانون المذكور، فإن الطعن على هذه المواد الأخيرة ، لا يكون قد اتصل بالمحكمة اتصالاً مطابقاً للأوضاع المقررة قانوناً ويتعين الحكم بعدم قبول الدعوى بالنسبة إليها، كما أنه لما كان المدعى لم يضمن صحيفة دعواه الدستورية طعناً على نص المادة (٢٣١) من القانون المدنى والتى دفع بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع، فإن الفصل فى دستورية هذه المادة لا يكون مطروحاً على هذه المحكمة ، ومن ثم فإن نطاق الدعوى الماثلة – على ضوء ما تقدم – يتحدد بنص المادة (٢٣٢) من القانون المدنى ، التى دفع بعدم دستوريتها أمام محكمة الموضوع وأوردها بصحيفة دعواه الدستورية .
وحيث إن الطاعن ينعى على المادة (٢٣٢) من القانون المدنى التى تنص على أنه لا يجوز تقاضى فوائد على متجمد الفوائد، ولا يجوز بأية حال أن يكون مجموع الفوائد التى يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال، وذلك كله دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية تعارضها مع أحكام الشريعة الإسلامية ، ومخالفتها بالتالى نص المادة الثانية من الدستور القائم والتى جعلت مبادئ الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع.
وحيث إنه يبين من تعديل الدستور الذى تم بتاريخ ٢٢ من مايو سنة ١٩٨٠ أن المادة الثانية منه أصبحت تنص على أن الإسلام دين الدولة ، واللغة العربية لغتها الرسمية ، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع بعد أن كانت تنص عند صدور الدستور فى ١١ من سبتمبر سنة ١٩٧١ على أن الإسلام دين الدولة واللغة العربية لغتها الرسمية ومبادئ الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى للتشريع.
وحيث إنه من المقرر – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن ما تضمنته المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى ٢٢ من مايو سنة ١٩٨٠ يدل على أن الدستور – واعتباراً من تاريخ العمل بهذا التعديل – قد أتى بقيد على السلطة التشريعية مؤداه: إلزامها فيما تقره من النصوص التشريعية بأن تكون غير مناقضة لمبادئ الشريعة الإسلامية بعد أن اعتبرها الدستور أصلاً يتعين أن ترد إليه هذه النصوص أو تستمد منه لضمان توافقها مع مقتضاه، ودون ما إخلال بالضوابط الأخرى التى فرضها الدستور على السلطة التشريعية وقيدها بمراعاتها والنزول عليها فى ممارستها لاختصاصاتها الدستورية ، وإذ كان من المقرر كذلك أن كل مصدر ترد إليه النصوص التشريعية أو تكون نابعة منه يتعين بالضرورة أن يكون سابقاً فى وجوده على هذه النصوص ذاتها، فإن مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية التى أقامها الدستور معياراً للقياس فى مجال الشرعية الدستورية ، تفترض لزوماً أن تكون النصوص التشريعية المدعى إخلالها بمبادئ الشريعة الإسلامية – وتراقبها هذه المحكمة – صادرة بعد نشوء قيد المادة الثانية من الدستور الذى تقاس على مقتضاه، بما مؤداه: أن الدستور قصد بإقراره لهذا القيد أن يكون من حيث الزمان منصرفاً إلى فئة من النصوص التشريعية دون سواها، هى تلك الصادرة بعد نفاذ التعديل الذى أدخله الدستور على مادته الثانية بحيث إذا انطوى نص منها على حكم يناقض مبادئ الشريعة الإسلامية ، فإنه يكون قد وقع فى حومة المخالفة الدستورية ، وإذ كان هذا القيد هو مناط الرقابة التى تباشرها هذه المحكمة على دستورية القوانين واللوائح، فإن النصوص التشريعية الصادرة قبل نفاذه تظل بمنأى عن الخضوع لحكمه. لما كان ذلك وكان القانون المدنى – المتضمن نص المادة (٢٣٢) المطعون عليها – قد صدر قبل نفاذ المادة الثانية من الدستور بعد تعديلها فى ٢٢ مايو ١٩٨٠ ولم يدخل المشرع ثمة تعديل بعد هذا التاريخ على المادة المطعون عليها. فإن قالة مخالفتها حكم المادة الثانية من الدستور – وأياً كان وجه الرأى فى تعارضها مع مبادئ الشريعة الإسلامية – يكون فى غير محله، الأمر الذى يتعين معه الحكم برفض الدعوى بالنسبة إلى هذا الشق.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى بالنسبة إلى الطعن على المواد (٢٢٦، ٢٢٧، ٢٢٨، ٢٢٩) من القانون المدنى ، وبرفض الدعوى بالنسبة إلى الطعن على المادة (٢٣٢) من القانون المذكور، وبمصادرة الكفالة ، وألزمت المدعى المصروفات ومبلغ ثلاثين جنيهاً مقابل أتعاب للمحاماة .