حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١١٦ لسنة ٢١ دستورية
حكم المحكمة الدستورية العليا رقم ١١٦ لسنة ٢١ دستورية
المحكمة الدستورية العليا
بالجلسة العلنية المنعقدة يوم السبت ٣ يونيه سنة ٢٠٠٠ الموافق ٣٠ صفر سنة ١٤٢١هـ
برئاسة السيد المستشار / محمد ولى الدين جلال رئيس المحكمة
وعضوية السادة المستشارين / ماهر البحيرى ومحمد على سيف الدين وعدلي محمود منصور ومحمد عبد القادر عبد الله وعلى عوض محمد صالح وأنور رشاد العاصى
وحضور السيد المستشار / عبد الوهاب عبد الرازق رئيس هيئة المفوضين
وحضور السيد / ناصر إمام محمد حسن أمين السر
أصدرت الحكم الآتى
فى القضية المقيدة بجدول
المحكمة الدستورية العليا
برقم ١١٦ لسنة ٢١ قضائية دستورية
المقامة من
السيد / عبد الله محمد عيسوى صقر
ضد
١ – السيد رئيس الجمهورية
٢ – السيد رئيس مجلس الوزراء
٣ – السيد رئيس مجلس الشعب
٤ – السيد وزير العدل
الإجراءات
بتاريخ السابع والعشرين من يونيو سنة ١٩٩٩، أودع المدعى صحيفة هذه الدعوى قلم كتاب المحكمة ، طلباً للحكم بعدم دستورية البند (ب) والفقرة قبل الأخيرة من المادة (٢١) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر – قبل تعديلها بالقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١.
وقدمت هيئة قضايا الدولة مذكرة طلبت فيها الحكم بعدم قبول الدعوى .
وبعد تحضير الدعوى ، أودعت هيئة المفوضين تقريراً برأيها.
ونُظرت الدعوى على النحو المبين بمحضر الجلسة ، وقررت المحكمة إصدار الحكم فيها بجلسة اليوم.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق، والمداولة .
حيث أن الوقائع – على ما يبين من صحيفة الدعوى وسائر الأوراق – تتحصل فى أن مكتب الشهر العقارى بشمال القاهرة أصدر أمراً بتقدير الرسوم التكميلية المستحقة عن المحرر المشهر برقم ٤٨٥ لسنة ١٩٨٩ شمال القاهرة بمبلغ ١٢٦١٨.٢٥جنيها عن كامل أرض وبناء العقار المبين بالأوراق، فتظلم المدعى من هذا الأمر بتقرير فى قلم كتاب محكمة شمال القاهرة الإبتدائية طالباً إلغاءه. وأثناء نظر ذلك التظلم، دفع المدعى بعدم دستورية المادة (٢١) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر. وإذ قدرت محكمة الموضوع جدية هذا الدفع، وصرحت للمدعى بإقامة الدعوى الدستورية ، فقد أقام الدعوى الماثلة .
وحيث أن المادة (٢١) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر – قبل تعديلها بالقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١ – كانت تنص على أن الحالات التى نص فيها على تقدير الرسم النسبى على أساس قيمة العقار أو المنقول يقدر الرسم مبدئياً، ووفقاً للأسس الآتية :
أ – ……………………………….
ب – بالنسبة للعقارات المبنية تقدر قيمتها على النحو الآتى :
١ – المبانى السكنية المعدة للانتفاع قبل أول يناير سنة ١٩٦٦ تقدر قيمتها على أساس الثمن أو القيمة الموضحة فى المحرر بحيث لا تقل عن الضريبة الأصلية السنوية مضروبة فى ١٨٠ مضافاً إليها على الأساس الوارد بالبند (ج)، ما قد يكون قد استبعد من الأرض عند تقدير القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة فإذا لم تكن قد ربطت عليها ضريبة أصلية بصفة نهائية تقدر قيمتها على أساس الثمن أو القيمة الموضحة فى المحرر بحيث لا تقل عن مجموع قيمة الأرض مقدراً على الأساس الوارد بالبند (ج) بالإضافة إلى قيمة المبانى وتقدر بمجموع مساحات الوحدات المكونة للمبنى فى المناطق السياحية المحددة طبقاً لأحكام قانون تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر مضروباً فى ٥٠ جنيهاً للمتر المربع كحد أدنى ، وفى المناطق غير السياحية مضروباً فى ٢٠ جنيهاً للمتر المربع كحد أدنى .
٢ – المبانى السكنية المعدة للانتفاع اعتباراً من أول يناير سنة ١٩٦٦ حتى ٣١ ديسمبر سنة ١٩٧٤ تقدر قيمتها على أساس الثمن أو القيمة الموضحة فى المحرر، بحيث لا تقل عن الضريبة الأصلية السنوية مضروبة فى ٣٠٠ مضافاً إليها على الأساس الوارد بالبند (ج) ما قد يكون قد استبعد من الأرض عند تقدير القيمة الإيجارية المتخذة أساساً لربط الضريبة ، فإذا لم تكن قد ربطت عليها ضريبة أصلية بصفة نهائية تقدر قيمتها على أساس الثمن أو القيمة الموضحة فى المحرر بحيث لا تقل عن مجموع قيمة الأرض مقدرة على الأساس الوارد بالبند (ج) بالإضافة إلى قيمة المبانى وتقدر بمجموع مساحات الوحدات المكونة للمبنى فى المناطق السياحية مضروباً فى ١٠٠ جنيه للمتر المربع كحد أدنى ، وفى المناطق غير السياحية مضروباً فى ٣٠ جنيهاً للمتر المربع كحد أدنى .
٣ – المبانى السكنية المعدة للانتفاع اعتباراً من أول يناير سنة ١٩٧٥ فتقدر قيمتها كما يلى :
فى المناطق السياحية على أساس الثمن أو القيمة الموضحة فى المحرر بحيث لا تقل عن مجموع قيمة الأرض موضوع التعامل مقدرة على الأساس الوارد فى البند (ج) بالإضافة إلى قيمة المبانى وتقدر بمجموع مساحات الوحدات السكنية موضوع التعامل مضروباً فى ١٥٠ جنيهاً للمتر المربع كحد أدنى أو الضريبة الأصلية مضروبة فى ٣٥٠ أيهما أكبر.
وفى المناطق غير السياحية تقدر قيمتها على أساس الثمن أو القيمة الموضحة فى المحرر بحيث لا تقل عن مجموع قيمة الأرض موضوع التعامل مقدرة على الأساس الوارد بالبند (ج) بالإضافة إلى قيمة المبانى وتقدر بمجموع مساحات الوحدات السكنية موضوع التعامل مضروباً فى ٥٠ جنيهاً للمتر المربع كحد أدنى أو الضريبة الأصلية السنوية مضروبة فى ٣٠٠ أيهما أكبر.
كما كانت الفقرة قبل الأخيرة من المادة (٢١) المشار إليها، تنص على أنه وفى جميع الحالات المتقدمة يجوز لمصلحة الشهر العقارى والتوثيق بعد اتخاذ إجراءات التوثيق أو الشهر التحرى عن القيمة الحقيقية للعقار أو المنقول، ويحصل الرسم التكميلى عن الزيادة التى تظهر فى القيمة .
وحيث أن من المقرر أن مناط المصلحة الشخصية المباشرة فى الدعوى الدستورية – وهى شرط لقبولها – أن يكون ثمة ارتباط بينها وبين المصلحة فى الدعوى الموضوعية ، وذلك بأن يكون الفصل فى المسألة الدستورية مؤثراً فى الطلبات المرتبطة بها والمطروحة على محكمة الموضوع.
وحيث أن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن إلغاء المشرع لقاعدة قانونية بذاتها، لا يحول دون الطعن عليها بعدم الدستورية من قبل من طبقت عليه خلال فترة نفاذها، وترتبت بمقتضاها آثار قانونية بالنسبة إليه تتحقق بإبطالها مصلحته الشخصية المباشرة ، ذلك أن الأصل فى تطبيق القاعدة القانونية هو سريانها على الوقائع التى تتم من تاريخ العمل بها وحتى إلغائها. فإذا استعيض عنها بقاعدة قانونية أخرى ، فإن القاعدة الجديدة تسرى من الوقت المحدد لنفاذها، ويقف سريان القاعدة القديمة من تاريخ إلغائها. وبذلك يتحدد النطاق الزمنى لسريان كل من هاتين القاعدتين. فما نشأ فى ظل القاعدة القانونية القديمة من المراكز القانونية ، وجرت آثارها خلال فترة نفاذها، يظل خاضعاً لحكمها وحدها.
وحيث أن المدعى قصر مناعيه على البند (ب) والفقرة قبل الأخيرة من المادة (٢١) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر، وكان القانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١وإن أعاد تنظيم الأسس التى تبنتها المادة (٢١) من هذا القرار بقانون فى شأن تقدير قيمة الرسم النسبى المستحق، إلا أن النصوص المطعون فيها – وقبل تعديلها – هى التى جرى تطبيقها فى شأن المدعى وتم استناداً إليها استصدار أمر تقدير تكميلى للرسوم المستحقة ، فلا يكون إبطالها من خلال الدعوى الدستورية ، إلا كافلاً لمصلحته الشخصية .
وحيث أن المدعى ينعى على النصين المطعون فيهما، إخلالهما بالحماية التى كفلها الدستور للملكية الخاصة ، تأسيساً على أن المشرع فرض فى شأن العقارات موضوع المحررات التى تقدم للشهر حداً أدنى تحكمياً لقيمة المتر المربع منها، كما أقام نظاماً للتحرى عن قيمة العقار بعد تسجيل المحرر المتعلق به. بما يشكل افتئاتاً على حق الملكية .
وحيث أن هذا النعى سديد فى جوهره، ذلك أن البند (ب) المطعون عليه، كان قد عدل بالقانون رقم ٩٤ لسنة ١٩٨٠، وقد أعدت لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس الشعب تقريراً عن مشروع هذا التعديل تضمن أن القواعد التى أتى بها قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر لتقدير قيمة الأراضى والمبانى ، لم يعد تطبيقها ملائماً بالنظر إلى ما طرأ على الأوضاع الاقتصادية من تغيير جوهرى ، وأن التعامل فى هذه العقارات بأقل من قيمتها الحقيقية ، أضاع على الدولة نحو أربعين مليون جنيه كان يمكن أن توجهها إلى استثماراتها وخدماتها، لا سيما وأن بموازنتها عجزاً يقتضى إسهام المواطنين فى أعبائها. هذا فضلاً عن أن الحق فى ندب خبراء لتقدير القيمة الحقيقية للعقار أو المنقول، كان مقصورا فى ظل العمل بنص المادة (٢١) من قانون رسوم التوثيق والشهر – قبل تعديلها وفقاً لأحكام هذا المشروع – على الأحوال الواردة فى البند (ج ) منها. بيد أن المشروع عمم هذا الحكم، مجيزاً – ولو بعد تمام إجراءات التوثيق والشهر – ومن خلال التحريات، تقدير هذه القيمة تقديراً حقيقياً ضماناً لتحصيل رسم تكميلى على الزيادة التى تظهر فيها.
وحيث أن مؤدى ما تقدم، أن الرسم النسبى – فى الأحوال التى يقدر فيها على أساس قيمة العقار المبنى – إنما يقدر مبدئياً وفق القواعد التى فصلها البند (ب) من المادة (٢١) من قانون رسوم التوثيق والشهر قبل تعديلها بالقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١، وأن إتمام التقدير على هذا النحو، لا يعنى أن يصير نهائياً، بل يجوز إعادة النظر فيه من قبل خبراء يتحرون عن القيمة الحقيقية للعقار المبنى . بما مؤداه: أن القواعد التى يتضمنها البند (ب) من المادة (٢١) المطعون عليها، إنما تمثل حداً أدنى لقيمة العقار التى يحصل الرسم النسبى على مقتضاها، وهى بعد قيمة يجوز تكملتها بما قد يظهر من زيادة فيها، لينسب ذلك الرسم إليها.
وحيث أن الحماية التى فرضها الدستور للملكية الخاصة – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – تمتد إلى كل أشكالها، وتقيم توازناً دقيقاً بين الحقوق المتفرعة عنها، والقيود التى يجوز فرضها عليها، فلا ترهق هذه القيود تلك الحقوق بما ينال من محتواها أو يقلص دائرتها، لتغدو الملكية فى واقعها شكلاً مجرداً من المضمون، وإطاراً رمزياً لحقوق لا قيمة لها عملاً، فلا تخلص لصاحبها ولا يعود عليه ما يرجوه منها إنصافا، بل تثقلها تلك القيود لتنوء بها، مما يخرجها عن دورها كقاعدة للثروة القومية التى لا يجوز استنزافها من خلال فرض قيود لا تقتضيها وظيفتها الاجتماعية ، وهو ما يعنى أن الملكية ينبغى أن توفر لها من الحماية ما يعُينها على أداء دورها، ويكفل اجتناء ثمارها ومنتجاتها وملحقاتها، وبما يقيها تعرض الأغيار لها سواء بنقضها أو بانتقاصها من أطرافها. ولم يعد جائزاً بالتالى أن ينال المشرع من عناصرها، ولا أن يغير من طبيعتها، أو يجردها من لوازمها، ولا أن يفصلها عن بعض أجزائها، أو يدمر أصلها، أو يقيد من مباشرة الحقوق التى تتفرع عنها فى غير ضرورة تقتضيها وظيفتها الاجتماعية . ودون ذلك تفقد الملكية ضماناتها الجوهرية ، ويكون العدوان عليها غصباً أدخل إلى مصادرتها.
وحيث أن الدستور وإن قرن العدل بكثير من النصوص التى تضمنها كالمواد (٤، ٢٣، ٥٣، ٥٧) وخلا فى الوقت ذاته من تحديد معناه، إلا أن مفهوم العدل يتغيا التعبير عن تلك القيم الاجتماعية التى لا تنفصل الجماعة فى حركتها عنها، والتى تبلور مقاييسها فى شأن ما يعتبر حقاً لديها، فلا يكون العدل مفهوماً مطلقاً ثابتاً باطراد، بل مرنا ومتغيرا وفقاً لمعايير الضمير الاجتماعى ومستوياتها، وهو بذلك لا يعدو أن يكون نهجاً متواصلاً منبسطا على أشكال من الحياة تتعدد ألوانها، وازنا بالقسط تلك الأعباء التى يفرضها المشرع على المواطنين، فلا تكون وطأتها على بعضهم عدوانا، بل تطبيقها فيما بينهم إنصافاً، وإلا صار القانون منهياً للتوافق فى مجال تنفيذه، وغدا إلغاؤه لازماً.
وحيث أن الأعباء التى يجوز فرضها على المواطنين بقانون أو فى الحدود التى يبّينها – وسواء كان بنيانها ضريبة أو رسماً أو تكليفاً آخر – هى التى نظمها الدستور بنص المادة (١١٩)؛ وكانت المادة (٣٨) من الدستور، وإن خص بها النظام الضريبى متطلباً أن تكون العدالة الاجتماعية مضمونا لمحتواه، وغاية يتوخاها، فلا نفصل عنها النصوص القانونية التى يقيم المشرع عليها النظم الضريبية على اختلافها، إلا أن الضريبة بكل صورها، تمثل فى جوهرها عبئاً مالياً على المكلفين بها، شأنها فى ذلك شأن غيرها من الأعباء التى انتظمتها المادة (١١٩) من الدستور، ويتعين بالتالى – وبالنظر إلى وطأتها – أن يكون العدل من منظور اجتماعى ، مهيمناً عليها بمختلف صورها، محدداً الشروط الموضوعية لاقتضائها، نائياً عن التمييز بينها دون مسوغ، فذلك وحده ضمان خضوعها لشرط الحماية القانونية المتكافئة التى كفلها الدستور للمواطنين جميعاً فى شأن الحقوق عينها، فلا تحكمها إلا مقاييس موحدة لا تتفرق بها ضوابطها.
وحيث أن البند (ب) من المادة (٢١) المشار إليها، لم يحدد قيمة العقار المبنى – فى الأحوال التى يحصل الرسم النسبى على أساسها – وفق ما هو مدون بشأنها فى المحرر محل الشهر، ولا هو استعاض عنها – وعلى ما جاء بالأعمال التحضيرية للقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١ – بمعايير دقيقة تنضبط بها أسس التقدير، فلايكون تطبيقها محل نزاع، وإنما اتخذ من الجباية منهاجاً، متوخياً أن يوفر عن طريقها – وعلى غير أسس موضوعية – موارد للدولة تعينها على إشباع جانب من احتياجاتها. وهو مايعنى ملا حقتها الممولين من أجل استئدائها تأميناً لمبلغها – بعد أن أدرجتها بموازنتها على ضوء توقعها الحصول عليها من خلال رسوم التوثيق والشهر – وجنوحها بالتالى إلى المغالاة فى تقدير رسومها، وعلى الأخص من خلال ما قرره هذا البند من التمييز بين الأموال التى يتناول الشهر محرراتها، تبعاً لموقعها، ورجوعه كذلك فى تحديد هذه الأماكن إلى قوانين صادرة فى مجالات لا علاقة لها بالأغراض التى صدر قانون رسوم التوثيق والشهر من أجلها، ولا شأن لها بالتالى بحقيقة قيمتها السوقية .
وحيث أن المشرع عزز اتجاه الجباية التى استهدفها بالبند المطعون فيه بنظام التحرى عن القيمة الحقيقية للعقار المبنى بعد تمام عملية الشهر واستكمال إجراءاتها، تمهيداً لإخضاع ما قد يظهر من زيادة فى هذه القيمة لرسوم تكميلية يكون طلبها من ذوى الشأن مصادماً لتوقعهم المشروع، فلا يكون مقدارها معروفاً قبل الشهر، ولا عبؤها ماثلا فى أذهانهم عند التعامل، فلا يزنون خطاهم على ضوء تقديرهم سلفا لها ولا يعرفون بالتالى لأقدامهم مواقعها، بل تباغتهم المصلحة بها، ليكون فرضها نوعاً من المداهمة التى تفتقر لمبرراتها، ومن ثم حرص المشرع بالقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١ بتعديل قانون رسوم التوثيق والشهر على العدول عنها، ضماناً لاستقرار الملكية العقارية التى لا يجوز زعزعتها بما يلحق الضرر بأوضاع بيئتها الاقتصادية والاجتماعية والقانونية ، ويرتد بنظم شهرها على أعقابها إذا أحجم المواطنون عن ولوجها، وإخلالاً – فوق هذا – بحقائق العدل الاجتماعى التى احتضن بها الدستور الأعباء المالية على اختلافها، محدداً على ضوئها شروط اقتضائها؛ فإذا أهدرها المشرع – مثلما هو الحال فى النص المطعون فيه – كان ذلك عدواناً على الملكية الخاصة من خلال اقتطاع بعض عناصرها دون مسوغ.
وحيث إنه على ضوء ما تقدم، يكون نص كل من البند ( ب ) والفقرة قبل الأخيرة من المادة الطعينة ، مخالفاً لأحكام المواد (٣٢، ٣٤، ٣٨، ٦٥، ١١٩، ١٢٠) من الدستور.
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً: بعدم دستورية نص البند (ب) من المادة (٢١) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم ٧٠ لسنة ١٩٦٤ بشأن رسوم التوثيق والشهر قبل تعديلها بالقانون رقم ٦ لسنة ١٩٩١.
ثانياً: بعدم دستورية نظام التحرى عن القيمة الحقيقية للعقارات المبنية وتحصيل رسم تكميلى – بعد اتخاذ إجراءات الشهر – عن الزيادة التى تظهر فى هذه القيمة .
ثالثاً: بإلزام الحكومة المصروفات ومبلغ مائة جنيه مقابل أتعاب المحاماة .