حدود الوعي القومي !

بقلم: أحمد سلام

في أدبيات السياسة يعد الشعب اللبناني اكثر تمرسا من خلال الفاعليات والأحزاب والتيارات والجماعات وكل هذا ترتب عليه وجود آليات بلورت شكل الدولة اللبنانية وهي الدولة العربية الوحيدة التي ديانتها الرسمية المسيحية بما ترتب عليه أن سطر الدستور الإطار الحاكم ممثلا لرئيس مسيحي ماروني ورئيس وزراء من السنة ورئيس مجلس النواب من الشيعة إضافة لحزب الله الشيعي في الجنوب كل هذا جعل اللبنانيين جميعهم ساسة بالتزامن مع ثقافة ووعي شكلا وجدان شعب جمع بين كل المتناقضات استطاع اجتياز آثار الحرب الأهلية التي استمرت سنوات انتهت باتفاق الطائف الذي اسكت المدافع ولكن ظلت التعددية وليدة الطائفية التي تتحكم في شكل الحياة السياسية.
لبنان فقط من تملك تلك المنظومة التي يستحيل القول بعدها أنها توجد في اي بلد عربي ولهذا من الصعب القول أن أي دولة عربية يمكن أن تشهد النموذج اللبناني ولهذا عندما ظهر مصطلح ثورات الربيع العربي كان من المستحيل أن تنتهي إلي إطار ديمقراطي حاكم يضع صياغة راقية للحياة السياسية ولهذا كان الإخفاق المقترن بالفوضي حليف ماجري في تونس وليبيا ومصر إلي أن استتب الوضع ولكن دون المبتغي في تونس التي ظلت جماعة الإخوان في السلطة بصورة أو بأخرى مع اصطدام دائم بالتوجه المغاير للعلمانية التي تولدت بعد الاحتلال الفرنسي وتأثير الثقافة الفرنسية علي الحياة وامتداد الأمر إلي الحدود بمساواة المرأة للرجل في الميراث.
نظرة إلي مصر وحدود الوعي القومي بعد ثورات الربيع العربي فقد وقر أنها مؤامرة والمحصلة ثورة اقتلعت الإخوان من الحكم وحل حزب السلطة في زمن مبارك وحزب السلطة في زمن الإخوان مع أحزاب لاحصر لها بلا اثر.
الرأي العام في مصر يسير في فلك مواقع التواصل الإجتماعي المتنفس الأوحد الذي يعج بمختلف الأطياف في عالم افتراضي أشبه ببيت من زجاج لايعرف قاطنيه أنه كذلك ولهذا فإن الأمر كارثي أن تجد مواقع التواصل الإجتماعي موضوعا لأحاديث تمس الأمن القومى المصري لدرجة تلحق الضرر بمصر ليضحي الفيسبوك حقلا ثريا لقياس الرأي العام بمصر دون حاجة للتجسس بمثل ماكان يحدث من إسرائيل تحديدا في الحقب الماضية .
قديما كان الوعي القومي وليد تجارب مؤثرة أهمها ثورة1919 التي تركت أثرا إيجابيا وقد صاغ الأديب والمفكر توفيق الأمر في مؤلفه الشهير عودة الروح .!
المحصلة مما جري إنما للحكم علي المشهد المصري الآن . الشارع المصري يتحدث من موقع شاغر هو موقع الأحزاب والمحصلة أن كل مواطن يتحدث كأنه حزب يتوغل كثيرا في مواضع كثيرة تصل لدرجة وضع إطار لسياسة الدولة وهنا يتكشف اصطدام الوعي بالأمن القومي الذي اضحي في مرمي نيران الرأي العام وهي نيران صديقة تقتل ولاتوجع لأن القصف مباشر.!
أين الأحزاب .. إنتهي هذا المسمي من أدبيات المصريين ؟!
المحصلة أن مواقع التواصل الإجتماعي ترغي وتزبد والدولة المصرية تعمل في صمت دون تأثر بالصخب المستمر العشوائي الذي تضيع معه ثوابت مفادها أن مصر أمة في خطر بما يعني أن يكون الكل في واحد وليس الكل في واد والدولة في واد آخر.
دعم الدولة المصرية مطلوب .التريث مطلوب . الصمت أيضا مطلوب اذا كان الكلام يعني العبث .ويستمر الرجاء أن تفارق مصر المسير في طريق الآلام في عالم يعج بقوي الظلام التي لاتريد لمصر التقدم قيد انملة للأمام .

زر الذهاب إلى الأعلى