جواز توجيه اليمين الحاسمة أمام قضاء المستعجل وقضاء التنفيذ
تختلف منازعات التنفيذ الموضوعية عن الوقتية، من ناحية أن؛ الأولي تنصب علي صحة التنفيذ أو بطلانه أو وجود الحق في التنفيذ أو عدمه؛ فهي تهدف إلى الحصول علي حكم موضوعي في إحداها، وليس حماية وقتية فقط، أما منازعات التنفيذ الوقتية فهي المنازعات التي يطلب فيها إجراء وقتي هو الأستمرار في التنفيذ أوأيقافه مؤقتا. وتختلف كذلك من ناحية نصاب الطعن فيها،فرغم أن الأختصاص نوعيا منعقد لقاضى التنفيذ بكلا النوعين ، ولكن الأمر يختلف عند الطعن في أحكامه، حيث أن الأولى يراعى فيها النصاب الانتهائي للطعن في أحكام المحاكم الجزئية، وأما الثانية فدائما ينعقد الأختصاص بنظر الطعون بالأستئناف فيها للمحكمة الأبتدائية بهيئة أستئنافية، بصرف النظر عن قيمتها.
هذا ويقول الدكتور فرج محمد علي، المحامي بالنقض، أن الأمر يختلف من ناحية حجية الحكم الصادر في المنازعة، لأن منازعة التنفيذ ليست طريقا من طرق الطعن في الأحكام، لانها ترمي إلى الإعتراض علي أجراءات التنفيذ التي لا تتفق مع القانون، فهي إذا أعتراض علي أجراءات النشاط التنفيذي، أما الطعن في الاحكام القضائية فهوأعتراض علي سلامة الحكم من حيث الشكل أو الموضوع.
والآشكال لايجوز قبوله الا إذا كان سببه قد جد بعد صدور الحكم المستشكل في تنفيذه، وأنه لم يكن في مكنة المحكوم ضده أن يبدي هذا السبب أثناء نظر الدعوي فأن هو قصر في إبدائه وصدر الحكم مشمولا بالنفاذ فلا يجوز التحدي به أمام قاضي الاشكال، لانه يكون قد أندرج ضمن الدفوع التي صدر الحكم فيها، ويفترض إن الحكم قد تناوالها.
وعلي ذلك فرقابة القاضي تتمثل في: أنه لا يجوز أن تتخذ طلبات الخصم في منازعات التنفيذ القضائي وسيلة للمساس بما للاحكام من حجية، تحت ستار المنازعة في التنفيذ بمحاولة التوصل إلى عكس ما قضي به الحكم القضائى.اواذا أستندت إلى تجريح الحكم ذاته أو نقده توصلا لاصلاحه، لأن في ذلك أيضا مساس بحجيته، ولكن بالرغم من أن الحكم الذي يصدر من قاضى التنفيذ في المنازعة الموضوعية في التنفيذ، هو حكم وقتى لا حجية له أمام محكمة الموضوع إذا رفعت منازعة التنفيذ الموضوعية، الا أن له حجية أمام قاضى التنفيذ – كقضاء مستعجل – وذلك إذا أعيد طرح النزاع أمامه مرة أخرى بين ذات الخصوم، وعن ذات الموضوع والسبب، طالما لم يحدث تغيير في المركز القانونى أو الواقعى للخصوم بعد صدور الحكم الاول.
غير أن هذا الأمر إذا كان ينطبق عندما تكون المنازعة في التنفيذ، مقامة ممن يعتبر الخصم حجة عليه، أما إذا كان من الغير الذي لا يعد الحكم المنفذ به حجة في مواجهته، فانه يستطيع الأستناد علي وقائع سابقة علي صدور الحكم ويبني أشكاله في التنفيذ عليها كل ذلك دون أن يقبل ضده التمسك بحجية هذا الحكم. بل ويجوز له أيضا المنازعة، قبل حتي أتخاذ أجراءات التنفيذ ضده متي أحس بالتهديد الجدي. وقد يكون هناك تشابه بين الأشكال الوقتي بطلب أيقاف التنفيذ مؤقتا من قاضي التنفيذ وبين طلب وقف التنفيذ من محكمة الطعن لانها جميعها صور للحماية الوقتية ؛ ولكن توجد أختلافات لأن الاشكال الوقتي يقبل بصرف النظر عن أمكان الطعن في الحكم من عدمه، بعكس طلب ايقاف التنفيذ أمام محاكم الطعن فهو يرفع بالتبعية للطعن، وأجراءات رفع الأشكال الوقتي تختلف عن أجراءات طلب ايقاف التنفيذ من محكمة الطعن.
وتختلف شروط الأشكال عن شروط وقف التنفيذ؛ أمام محاكم الطعن العادى، في أنه لايشترط في الأشكال الوقتي الضرر الجسيم الذي قد يصيب رافعه؛ إذا لم يحكم له بايقاف التنفيذ لأن شرط الأستعجال مفترض فيه، ولكنه يشترط لوقف التنفيذ من محكمة الطعن غير العادى، أن يكون الضرر الجسيم الذي يتعذر تداركه. واخيرا فأنه لا يجوز أن تبدى اليمين الحاسمة أمام محاكم التنفيذ باعتباره قضاء نوعى متفرع من القضاء المستعجل يتعلق بمنازعات التنفيذ فقط ولا يتعرض الى الموضوع الذى فصل فيه الحكم المنفذ به ولكن يجوز توجيهها فيما يخص المنازعة الوقتية اذا كان من شانها حسمها.
وبخصوص مدى جواز توجيه القاضي المستعجل لليمين القضائية، نرى بأنه لا يجوز توجيه اليمين القضائية بشكل عام –حاسمة كانت أو متممة -من قبل قاضى الأمور المستعجلة فيما يخص الموضوع أصل الحق.
ولكن نرى أن الوضع يختلف إذا كان توجيهها يتعلق بما يدخل في اختصاص القضاء المستعجل من أمور أولا فيما يخص اليمين الحاسمة: فأننا نرى أنه لا يجوز توجيهها في شأن وقائع تدخل في اختصاص القاضي المستعجل، وذلك لما لهذه اليمين من إثر في شان حسم النزاع.
وقد قضت محكمة النقض بأنه(عملا بنص المادة ٢٧٥ من قانون المرافعات أن قاضي التنفيذ يفصل في منازعات التنفيذ الوقتية ومنها إشكالات التنفيذ الوقتية بوصفه قاضياً للأمور المستعجلة وأن إختصاصه بشأن هذه المنازعات قاصر على الإجراءات الوقتية التي يخشى عليها من فوات الوقت لدرء خطر محقق أو للمحافظة على حالة فعلية مشروعة أو صيانة مركز قانوني قائم وذلك دون المساس بأصل الحق وليس له أن يعرض في أسباب حكمه إلى الفصل في موضوع النزاع أو أن يؤسس قضاءه في الطلب الوقتي على أسباب تمس أصل الحق ومن ثم فإن أحكامه وما أفرغه فيها من أسباب لا تحوز حجية أمام محكمة الموضوع).
(الطعن رقم ٣٣٤٩ لسنة ٨٠ قضائية،الصادر بجلسة 15/8/2020م)