جريمة التزوير في أحكام محكمة النقض المصرية
جريمة التزوير في أحكام محكمة النقض المصرية
بقلم: الأستاذ/ أحمد فهيم
من المقرر أن التزوير أيًا كان نوعه يقوم على إسناد أمر لم يقع ممن أسند إليه في محرر بشرط أن يكون الإسناد قد ترتب عليه ضرر أو يحتمل أن يترتب عليه ضرر
والمتأمل في أحكام محكمة النقض المصرية يجد أنها فرقت بين البيانات الجوهرية التي أعد العقد لإثباتها واعتبرت أن كل تغيير للحقيقة فيها يعتبر من قبيل التزوير المعاقب عليه، وبين البيانات الغير الجوهرية التي لم يعد العقد لإثباتها واعتبرت تغييرها ليس من قبيل التزوير فقضت ببراءة سيدة تقدمت بطلب لشركة الكهرباء ادعت فيه أنها مالكة للعقار لأن هذا الطلب لم يعد لإثبات الملكية فقالت:
(من المقرر انه ليس كل تغيير للحقيقة في محرر يعتبر تزويرا فهو إذا ما تعلق ببيان صادر من طرف واحد مما يمكن أن يأخذ حكم الإقرارات الفردية فإنه لا عقاب إذا ما كان البيان يحتمل الصدق أو الكذب أو كان من ضروب الدفاع التي يلجأ إليها الخصوم فهو بهذه المثابة يكون عرضة للفحص بحيث يتوقف مصيره على نتيجته لما كان ذلك وكان البيان الخاص بمالك العقار في الطلب المقدم من الطاعنة إلى شركة كهرباء دمياط هو مما يصدق عليه هذه الأوصاف وكان ما صدر من الطاعنة قد اقتصر على الادعاء بأنها مالكة العقار وكان هذا الطلب لم يعد لإثبات ملكية العقار. فإن ما ارتكبته لا يعدو أن يكون من قبيل الإقرارات الفردية مما ينحسر عنه وصف التزوير ويكون الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر قد أخطأ في تأويل القانون وفي تطبيقه، وكان فعل الطاعنة لا يندرج تحت أي نص عقابي فانه يتعين نقض الحكم المطعون فيه وإلغاء الحكم المستأنف والقضاء ببراءة الطاعنة من التهمة المنسوبة إليها)
الطعن رقم 11109 لسنة 61 ق
وقضت أيضا بأن إقرار الزوج في وثيقة الزواج بأنه ليس في عصمته زوجة أخرى بالرغم من وجودها لا يعد تزويرا وكذلك إقرار الزوجة أو وليها أنها بكر على غير الحقيقة لا يعد تزويرا أيضا
وهذا ما قضت به محكمة النقض في الطعن رقم 2597 لسنة 59 ق
((إن مناط التزوير في وثيقة الزواج هو أن يقع تغيير الحقيقة في إثبات خلو أحد الزوجين من الموانع الشرعية مع العلم بذلك، باعتبار أن ذلك هو من قبيل البيانات الجوهرية التي أعد عقد الزواج لإثباتها وإن كل تغيير للحقيقة في ذلك يعتبر من قبيل التزوير المعاقب عليه.
بعكس البيانات التي ليست من هذا القبيل أي البيانات غير الجوهرية فلا يعد تغيير الحقيقة من قبيل التزوير وإن خضعت للتأثيم طبقاً لنصوص أخرى غير التي تعاقب على جريمة التزوير ذلك لحكمة خاصة ارتآها المشرع.
لما كان ذلك، وكانت وثيقة الزواج أعدت فقط لإثبات الزواج ولم تعد لإثبات وجود زوجة أخرى في عصمة الزوج، ذلك لأن القول بأن الطاعن ليس في عصمته زوجة أخرى كما جاء في وثيقة زواجه يستوي في النتيجة مع القول بأنه متزوج من أخرى وهو ما يحل به العقد الجديد ما دام الأمر أن يلتقيان مع الواقع في الدلالة على خلو الزوج من الموانع الشرعية عند العقد، وما دام أنه لم يجمع في عصمته أكثر من أربع زوجات، مما يجعله مطابقاً للواقع في نتيجته ويجعل بالتالي انعقاد العقد صحيحاً)
وفي الطعن رقم 2060 لسنة 33 ق قضت بأنه:
((لما كان ما أسنده المتهم إلى الطاعنين من أنهم أثبتوا في عقد زواجه بالطاعنة الأولي علي غير الحقيقة أنها بكر لا ينطوي علي جريمة تزوير إذ لم يعد عقد الزواج لإثبات هذه الصفة كما أنه من المقرر شرعا أن اشتراط بكارة الزوجة لا يؤثر في صحة عقد الزواج بل يبقي العقد صحيحا ويبطل هذا الشرط ومن ثم فان الحكم المطعون فيه إذ انتهي إلى أن ما أسنده المتهم إلى الطاعنين لا يستوجب معاقبتهم جنائياً أو تأديبياً لا يكون معيباً في هذا الخصوص))
بل ذهبت محكمة النقض المصرية إلى أبعد من ذلك فقالت:
إذ كان المحرر عرفيًا وكان مضمونه مطابقاً لإرادة من نسب إليه معبرًا عن مشيئته انتفي التزوير بأركانه ومنها ركن الضرر، وعلى فرض أنه لم يوقع على المحرر مادام التوقيع حاصلاً في حدود التعبير عن إرادته، سواء كان هذا التعبير ظاهرًا جليًا أو مضمرًا مفترضًا تدل عليه شواهد الحال — الطعن رقم ١١٠٦٦ لسنة ٧٩ ق
وخلاصة الأمر أن جريمة التزوير في العقود من حيث الوجود أو العدم تتوقف على نوع البيان وجوهريته في العقد.