تنامي ظاهرة العنف الأسري … هل من حلول ؟

بقلم : أ/ محمد شعبان

في الآونة الأخيرة بدأت ظاهرة العنف الأسري تتنامى تنامياً ملحوظاً وشاعت على نحو خطير؛ فتواترت الأخبار المتداولة عن الزوج الذي يقتل زوجته، والزوجة التي تقتل زوجها، والأب الذي يذبح أبناءه، والمرأة التي تخنق ولدها، والجدة التي عذبت حفيدتها حتى الموت، والإبن الذي قتل والدته، والأب الذي هتك عرض ابنته، والأخ الذي هتك عرض اخته.. إلى آخر تلك الأخبار التي انتشرت انتشار النار في الهشيم على وسائل التواصل الاجتماعي، بما أعطى انطباعاً عن بزوغ نجم ظاهرة خطيرة تهدد أهم أساس للمجتمع وهي “الأسرة” وهي ظاهرة “العنف الأسري” وباتت هذه الظاهرة مظهراً من مظاهر التراجع الحضاري الذي شهده المجتمع المصري في الفترة الأخيرة، وصدَّر انطباعاً سيئاً عن منظومة القيم والأخلاق السائدة في المجتمع.

وظاهرة “العنف الأسري” هي نمط من أنماط السلوك الذي يصدرعن أحد أفراد الأسرة إساءة لأحد أفرادها، ومعيار سلوك العنف الأسري ليس واحداً، فهو قد يختلف باختلاف المجتمعات. وفي المجتمع المصري نجده أنه نمط يشيع في الغالب وقوعه بين الزوجين سواء الحاليين أو السابقين- وإن كان بقية افراد الأسرة عرضة له كذلك- ويتجسد في صورة إعتداء من أحد الشركاء على إحدى المصالح الجوهرية لشريكه الآخر؛ كما لو انصب هذا الاعتداء على سلامته الجسدية بضرب أو إيذاء أو نحو ذلك، أو انصب على إيذاءه النفسي بسب أو طعن في اشرف والعرض أو استغلال حالة من حالات الضعف لدى الضحية كما في أحوال التنمر، كما قد ينصب على الإضرار بمصالحه الإقتصادية كحرمانه من تلبية اجتياجاته الضرورية بتعمد عدم الإنفاق عليه بما يضر به ويعرضه لخطر الإنحراف والجنوح، وغير ذلك من الصور.

وبات التفكير للتصدي لتفاقم هذه الظاهرة يفرض نفسه على الساحة، سيما بعد أن خرجت الأمور عن السيطرة؛ ففي أقل من أسبوع واحد وفي توقيت ينعم المجتمع فيه بسلام الفرحة بعيد الأضحى، قضَّتْ مضاجع المجتمع أخبارٌ تداولتها الصحف عن حوادث عنف أسري خطيرة، بدأت بخبر الزوجة التي قتلت زوجها بطعنة سكين في صدره، والزوج الذي باغت زوجته بأحد عشرة طعنة نافذة أودت بحياتها، والزوج الذي اعتدى على زوجته بإلقاء مادة حارقة على جسدها على إثر خسارته لقضية خلع أقامتها ضدها!!. فتحولت وسائل التواصل الاجتماعي على إثر هذه الحوادث المتتالية إلى ساحة جدل ونقاش واستهجان واستنكار لهذه الحوادث، وفي ذات الوقت سادت حالة من الدهشة بعد الوقوف على التكوين الإجتماعي والثقافي للجناة والمجني عليهم؛ فالزوج المقتول كان محاسباً والزوجة المغدورة كانت طبيبة وزوجها المتهم طبيب كذلك!!! وهو ما بات يفرض تساؤلاً حول العوامل التي ساهمت في تنمية الإستعداد الإجرامي لدى المتهمين إلى الحد الذي بلغ بهم سبيل هذه الجرائم الخطيرة (إزهاق الروح)؟!!.

حتماً هناك عوامل أدت إلى تردي هؤلاء إلى سبيل الجريمة؛ من هذه العوامل ما قد يرجع إلى أسباب بيولوجية وتستوي على قمتها “الأسباب النفسية” التي تنشأ نتيجة لبعض التراكمات النفسية “السلبية” المتولدة في نفس المتهم من جراء سوء التصرفات التي يتعرض لها من شريكه، كتلك المرتبطة بسلوكة الأخلاقي أو فلسفته في التعامل والتي قد تكون مبنية على التحقير والإساءة وعدم الإعتداد بكرامة شريكه. ومنها ما يرجع إلى “أسباب اجتماعية” وهذه الأسباب منها منها –وأكثرها- ما قد يرتبط بالظروف الإقتصادية للأسرة، سيما في ظل الظروف الإقتصادية الصعبة التي يعاني منها المجتمع في الآونة الأخيرة نتيجة زيادة الاحتياجات وقلة الموارد التي تلبي هذه الاحتياجات، مما يتسبب في زيادة الضغوط الاقتصادية على أحد الشريكين أو كليهما فينغمس كلٌ في همومه على نحو يزيد من اتساع الفجوة في العلاقة الأسرية نتيجة تراخي كل شريك عن تفهم الظروف الحالية والتماهي مع شريكه ومشاركته في حمل المسئولية، وهو ما يفتح الباب –رويداً رويداً- أمام الإنفجار والتفكك الأسري. أضف إلى ما تقدم؛ بعض الظروف الإجتماعية الأخرى المرتبطة بـ”البيئة المحيطة” بتركيبتها الثقافية والإجتماعية، والتي طرأ عليها الكثير من التحولات الخطيرة التي انعكست مباشرة على السلوك والقيم الحاكمة له. فنتيجة لتزايد الإقبال على استخدام وسائل التواصل الإجتماعي والإنفتاح الثقافي الهائل على وسائل الإعلام المختلفة التي تبث عبر السماوات المفتوحة، تسللت إلى البيوت العديد من الثقافات والقيم المستحدثة والمستوردة والتي لم تجد (مصدات) تحد من تدفقها، وتسعى إلى تنقيتها من شوائب الأفكار المندسة التي دست السم في العسل، فازدادت معدلات المروق بين أفراد الأسرة عامة والزوجين خاصة. فبدأنا نسمع ونرى عن الزوجة التي تستقي ثقافتها من وسائل الإعلام وصفحات التواصل الإجتماعي والتي أضحى لها أثرها الفعال والخطير في تكوينها الثقافي. ومع التزايد  المستمر في إنشاء مجموعات التواصل الإجتماعي النسائية التي تستقطب الكثير الزوجات الذي لديهن فضول الإطلاع على التجارب “النسوية” التي باء أغلبها بالفشل لخروجها وانقضاضها على العادات والتقاليد المتجذرة في المجتمعات الشرقية، ومع التزايد المستمر كذلك للبرامج الإعلامية التي تتناول الأفكار المستحدثة عن “الحركة النسوية feminist” ، بدأت تتسلل إلى أذهان الزوجات افكار التمرد على الأزواج الذين في غالب الأحيان ترهق كاهلهم الحياة الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي في كثير من الأحيان  تضعهم أمام زوجاتهم موضع المقصرين!. وأمام غواية هذه الأفكار المندسة تقع الزوجة فريسة لهذه الأفكار الهدامة، وتبدأ عملية التمرد والمروق والتخلي عن الصبر وازدياد معدلات الشكوى وتصدير الأزمات التي غالباً ما تكون مصحوبة بالعصبية والعصبية المضادة، مما يزيد من فرص فصم عرى الأسرة شيئاً فشيئاً، حتى ينفرط العقد وينقض الميثاق الغليظ. هذا عن الزوجات؛ أما الأزواج فهم ليسوا بمعزل عن هذه المعركة الضروس التي تدور رحاها مستهدفة تفكيك الأسرة؛ فزيادة الإقبال على وسائل التواصل الإجتماعي من قبل الأزواج والإسراف في استخدامه استخداماً ضاراً، أظهر نمطاً جديداً من الانحراف السلوكي المهدد لكيان الأسرة. فالرجل بات يومياً في مرمى الفتن، تُعرض عليه كل ساعة في المجموعات المغلقة والتي يندفع إليها كثير من الرجال أصحاب الفضول بحثاً عما يرضي شغفهم وفضولهم بعيداً عن شريكته، وبما أن التواصل والإتصال بات سهلاً وعوامل الجذب إلى طريق الإنحراف أضحت أكثر سهولة، فلم يعد أمام الشيطان من عوائق ليقوم بدوره كوسيط لتقريب وجهات النظر بين أصحاب وجهات النظر المنحرفة سواء كانوا من الرجال أومن النساء، فيدبُّ داء الخيانة وتتسع رقعتها ويحدث ما لا يحمد عقباه.

تلك هي خلاصة موجزة لما يراه كاتب هذه السطور من عوامل مؤدية الي ظاهرة العنف الأسري، وهي في نظره تعد اسباباً جوهرية، آية ذلك ودليله هو ذيوع انتشار وصيت هذه الظاهرة في السنوات العشر الأخيرة بالذات والتي شهدت اتساعاً مفرطاً في استخدام صفحات التواصل التواصل الاجتماعي، والتركيز على البرامج الإعلامية غير المنقاة والتي تتسرب منها الأفكار الخبيثة بقصد أو بغير قصد.

وإذا كنا نبحث عن حلول لظاهرة العنف الأسري؛ فثمة طريقان لا ثالث لهما لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة:

الطريق الأول: يكون بالتركيز على التدابير المنعية التي تحد من العوامل الإجتماعية والنفسية لهذه الظاهرة، وذلك بالتركيز على تبني الإعلام لبرامج توعية أسرية، سواء عن طريق البرامج الحوارية أو عن طريق الأعمال الفنية الإجتماعية، لما للفن من تأثير هام وفعال في الحد من هذه الظاهرة أو المساهمة في تفاقمها؛ ففي حقبة التسعينات كنا نتأثر إيجابياً ببعض الأعمال الفنية الهادفة كمسلسل “لن أعيش في جلباب أبي” ومسلسل “أبناء ولكن” ومسلسل “الشهد والدموع” و مسلسل ” أبوالعلا 90 ” وغيرها من الأعمال الدرامية الهادفة التي كانت تسهم في البناء والحفاظ على قيم الأسرة لا الهدم. هذا كله إلى جانب وجوب اهتمام المؤسسات الدينية والتربوية والثقافية بقضية الأسرة؛ فينبغي على المؤسسات الدينية وعلى رأسها (الأزهر الشريف) و(وزارة الأوقاف) أن تتبنى برنامج لإعادة تأهيل الأسرة من خلال خطب الجمعة ودروس المساجد والقوافل الدعوية لغرس قيمة المسئولية لدى أرباب الأسر وإرشاد الشباب إلى معايير الاختيار السليم لشريكات حياتهم وإيثار صاحبة الخلق والدين المحسنة في معاملاتها القوامة على مسئوليتها بأمانة وإخلاص، مع فتح المجال كذلك أمام قبول دعاة من النساء لينطلقن في القوافل الدعوية يوجهن ويرشدن النساء إلى فضائل الأمور، وكيفية اختيار أزواجهن بالعقل والحكمة لا بالمشاعر الجوفاء والعواطف الزائفة، وتهذيب سلوكهن وإرشادهن إلى الإدارة الرشيدة للبيوت، وتهيئة المناخ لبناء أسرة صالحة للمجتمع، وأظن أن هذا الأمر متبع في الكنيسة من خلال حلقات الوعظ المستمرة. كما يتعين على (وزارة التربية والتعليم) و(وزارة التعليم العالي) أن تتبنى هذه القضية وأن تفرد لها برامجاً تربوية تغرس من خلالها القيم النبيلة لدى البنات والأولاد، فأطفال اليوم هم رجال ونساء الغد، وكما يقال أن التعليم في الصغر كالنقش على الحجر، لذلك فمن المهم أن يحاط النشئ بالأفكال البناءة لا الهدامة، وأن تكون البرامج التربوية أكثر واقعية وحرفية لتؤدي الغرض منها. وأخيراً يتعين على (وزارة الثقافة) أن تطور هي الأخرى من أدائها في التعامل مع هذه القضية وأن تفتح المجال أمام المعتدلين فكرياً للحديث عن قضية العنف الأسري والتوعية بمخاطره وآثاره.

أما الطريق الثاني: فيكون بإعادة النظر في الآليات القانونية للتصدي لمظاهر السلوك العنيف الذي يقع في نطاق الأسرة، وأخص بالذكر هنا الآليات التي تقمع هذا السلوك وتحد منه. وعلى هذا الصعيد فثمة مسئولية تقع على عاتق المشرع للتدخل لوضع حلول تشريعية لهذه الظاهرة ، وهذه الحلول من وجهة نظر كاتب هذه السطور يمكن إيجازها في الآتي:

أولاً: إدخال بعض التعديلات التشريعية على الباب الأول “الخاص بجرائم القتل والجرح والضرب” والباب الثالث ” الخاص وإسقاط الحوامل إعطاء الجواهر الضارة” والباب السابع ” الخاص بالسب والقذف وإفشاء الأسرار” من الكتاب الثالث من قانون العقوبات.

وهذه التعديلات تتمثل في إضافة ظرف مشدد للعقوبات المقررة للجرائم المنصوص عليها في المواد (236 الجرح أو الضرب المفضي إلى الموت) و (239 إخفاء جثة قتيل أودفنها بدون إخبار جهات الاقتضاء) و (240 الضرب أو الجرح المفضي إلى عاهة مستديمة) و (241 الجرح أو الضرب المعجز عن الأشغال الشخصية مدة تزيد على عشرين يوماً) و (242 الجرح أو الضرب الذي لم يبلغ الجسامة المنصوص عليها في المادة 241) و ( 260 و 261  إسقاط المرأة الحبلى من الغير بالضرب أو نحوه من أنواع الإيذاء أو بإعطائها أدوية أو باستعمال وسائل مؤدية إلى ذلك ) و (306 مكرراً الخاصة بالتعرض للغير و308 و 308 مكرراً المشددتان لعقوبات السب والقذف) و (309 مكرراً و 309 مكرراً (أ) المتعلقتان بجريمة الاعتداء على الحياة الخاصة ) ويكون موضوع التشديد الحالات التي يكون فيها مرتكب أي من هذه الجرائم أو أحد مرتكبيها “زوجاً للمجني عليه أو من أصوله أو فروعه أو من المتولين تربيته أو حضانته أو الوصاية أو القوامة عليه، أوإذا كانت تربطه به في الماضي رابطة خطبة أو زواج“.

ثانياً: إدخال تعديلاً تشريعياً على قانون الإجراءات الجنائية بإضافة مادة جديدة تحت رقم (18 مكررا “ج”) بإقرار “الوساطة الجنائية” كأحد وسائل التحول عن الخصومة الجنائية في الجنح المنصوص عليها في الأبواب الأول والثالث والسابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، على أن يكون نصها كالتالي :

مادة 18 مكررا (ج):

” لعضو النيابة العامة المختص قبل التصرف في الأوراق، إما من تلقاء نفسه أو بناء على طلب المجني عليه أو المضرور أو من ينوب عنهما قانوناً أو وكيل أيهما الخاص، عرض الصلح بالوساطة في الجنح المنصوص عليها في الأبواب الأول والثالث والسابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، متى كان المجني عليه فيها زوجاً للمتهم أو من أصوله أو فروعه أو من المتولين تربيته أو حضانته أو الوصاية أو القوامة عليه، أوإذا كانت تربطه به في الماضي رابطة خطبة أو زواج، ورأى من أخلاق المتهم أو ماضيه أو سنه والظروف التي ارتكب فيها الجريمة ما يبعث على الإعتقاد بأنه لن يعود إلى مخالفة القانون مرة أخرى، بعد تعهده بجبر الضررالذي لحق بالمجني عليه أو المضرور من الجريمة، وخضوعه لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ستة أشهر – على نفقته الشخصية- لبرامج التأهيل النفسي والإجتماعي والأسري التي تقرها وزارة التضامن الإجتماعي.

وتجرى عملية التسوية عن طريق أي من الخبراء القانونيين أوالنفسيين أوالاجتماعيين بمكتب تسوية المنازعات الأسرية التابع لمحكمة الأسرة التي يقع في دائرتها موطن المجني عليه.

ومتى قبل أطراف الوساطة بنود الصلح، وأقر المتهم أو المتهمين بقبول الإلتزام بالتعويض المتوافق عليه، وتمت الموافقة على الخضوع لبرنامج التأهيل النفسي والاجتماعي والأسري المقرر، يحرر محضر من عدة نسخ تبعاً لعدد أطراف الواقعة محل الوساطة، ويوقع منهم أو ممن ينوب عنهم قانوناً أواتفاقاً بتوكيل خاص.

ويعرض محضر التسوية وملحقاته على النيابة العامة لتتولى عرضه على أحد قضاة محكمة الأسرة المختصة للتصديق على الإتفاق بعد التأكد من استيفاء الصلح لشروطه الشكلية والموضوعية، ويجوز للقاضي قبل التصديق –متى رأى لزوماً لذلك- الإستماع إلى أطراف الإتفاق أو من ينوب عنهم من المحامين.

ويعطى لكل طرف من أطراف الصلح نسخة من محضر الإتفاق بعد التصديق عليه، وتودع نسخة طرف مكتب التسوية المختص ونسخة أخرى تعرض على النيابة العامة لإرفاقها في ملف القضية، وتزيل النسخة المسلمة إلى المجني عليه أو من ينوب عنه بالصيغة التنفيذية ويعتد بها كسند للتنفيذ الجبري في حال تقاعس المتهم عن الوفاء بالتعويض المتفق عليه.

ويلتزم المتهم أو المتهمون خلال عشرة أيام على الأكثر من تاريخ إخطارهم من النيابة العامة المختصة بالتصديق على اتفاق التسوية ودخوله حيز السريان، بموافاة النيابة إما بعدم موافقته على اتفاق التسوية أو بموافقة على الإستمرار في تنفيذ بنوده، وفي الحالة الأخيرة يتعين أن يكون الإخطار مشفوعاً على  بما يفيد التحاقه بمركز التأهيل المعتمد من الوزارة المختصة بالتضامن الاجتماعي لتلقي التأهيل المطلوب في الفترة المعينة، وما يفيد الوفاء بمبلغ التعويض المستحق للمجني عليه أو المضرور من الجريمة، ويجوز له تقسيط هذا المبلغ على أقساط في مدة لا تجاوز ثلاثة أشهر، وفي هذه الحالة يرفق بالإخطار الموجه للنيابة جدول بتواريخ السداد.

ومتى انتهى الأجل المنصوص عليه في الفقرة السابقة دون إخطار النيابة العامة بما يفيد رفض اتفاق التسوية أو ما يفيد قبوله والشروع في تنفيذ بنوده، يعتبر اتفاق التسوية مفسوخاً من تلقاء ذاته دون حاجة لإعذار أو حكم من المحكمة، وتقدم أوراق الدعوى الجنائية إلى المحكمة المختصة ويكلف المتهم بالحضور وفقاً للإجراءات المعتادة.

وفي جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد مدة التسوية والوساطة عن ستين يوماً ويوقف خلالها سريان تقادم الدعوى الجنائية، ولا يعتبر السير في إجراءاتها أو قبول اتفاق التسوية إقراراً من المتهم بارتكاب الجريمة ولا يعتد بأية إقرارات صدرت عن المتهم في مرحلة التسوية أمام المحكمة المختصة بنظر موضوع الدعوى.

ثالثاً: إدخال تعديل تشريعي على قانون محكمة الأسرة باستحداث نصوص جديدة وتعديل نصوص قائمة وذلك على النحو التالي:

النصوص التي يقترح استحداثها

مادة (3 مكرر) :

دون الإخلال بأحكام قانون الطفل الصادر بالقانون رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008 وبنص المادة (3) من هذا القانون، تنشأ دوائر متخصصة بمحاكم الأسرة تختص – دون غيرها- بالفصل في الدعاوى الجنائية الناشئة عن الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثالث والسابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، متى كان المجني عليه فيها زوجاً للمتهم أو من أصوله أو فروعه أو من المتولين تربيته أو حضانته أو الوصاية أو القوامة عليه، أوإذا كانت تربطه به في الماضي رابطة خطبة أو زواج.

ويجوز للمضرور من الجريمة الإدعاء مدنياً أمام هذه الدوائر تبعاً للدعوى الجنائية المرفوعة من النيابة العامة.

 

مادة (3 مكررا “أ”):

تنشأ بمحكمة الأسرة بنطاق اختصاص كل محكمة جزئية دائرة أو أكثر، تؤلف كل منها من ثلاثة قضاة يكون أحدهم على الأقل بدرجة رئيس بالمحكمة الابتدائية، ويُعهد إليها بالفصل في مواد الجنح المنصوص عليها في الأبواب المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة.

وتستأنف الأحكام الصادرة من هذه الدوائر أمام الدوائر الجنائية المتخصصة المنصوص عليها في المادة (3 مكرراً “ب”) منعقدة بهيئة استئنافية.

مادة (3 مكرراً “ب”)

تنشأ في دائرة اختصاص كل محكمة من محاكم الاستئناف، دوائر جنايات متخصصة، تؤلف كل منها من ثلاثة من قضاة محاكم الاستئناف يكون احدهم على الأقل بدرجة رئيس بمحاكم الاستئناف، ويُعهد إليها بالفصل في مواد الجنايات  المنصوص عليها في الأبواب المشار إليها في الفقرة الأولى من هذه المادة.

مادة ( 3 مكرراً “ج”)

يتبع أمام الدوائر المشار إليها في المادتين (3 مكرراً “أ”) و 3( مكرراً “ب”) من هذا القانون، سائر الإجراءات المنصوص عليها في الكتاب الثاني من قانون الإجراءات الجنائية فيما لا يتعارض مع نصوص هذا القانون.

ويعاون هذه الدوائر خبيران أحدهما من الأخصائيين الاجتماعيين والآخر من الأخصائيين النفسيين يكون أحدهما على الأقل من النساء، يعينان من بين المقيدين في الجداول التي يصدر بها قرار من وزير العدل بالإتفاق مع الوزير المختص بشئون التضامن الاجتماعي والصحة بحسب الأحوال.

ويجب قبل صدور الحكم في الدعوى الجنائية إيداع تقريرين من الخبيرين المشار إليهما، يتناول الحالة النفسية والظروف الإجتماعية للمتهم ويصدر الحكم على ضوء هذين التقريرين.

النصوص التي يقترح تعديلها

المادة (4)

فقرة أولى : تنشأ نيابة متخصصة لشئون الأسرة تتولى المهام المخولة للنيابة العامة أمام محاكم الأسرة ودوائرها الاستئنافية ودوائر الجنح والجنايات المتخصصة.

فقرة أخيرة: وتختص نيابة شئون الأسرة دون غيرها بالتحقيق والتصرف ورفع الدعوى الجنائية ومباشرتها في الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثالث والسابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، متى كان المجني عليه فيها زوجاً للمتهم أو من أصوله أو فروعه أو من المتولين تربيته أو حضانته أو الوصاية أو القوامة عليه، أوإذا كانت تربطه به في الماضي رابطة خطبة أو زواج.

 

المادة (6)

فقرة أخيرة: كما يجوز أن يُعهد إلى هذه المكاتب بمهام التوفيق والوساطة للصلح في الجرائم المنصوص عليها في الأبواب الأول والثالث والسابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، متى كان المجني عليه فيها زوجاً للمتهم أو من أصوله أو فروعه أو من المتولين تربيته أو حضانته أو الوصاية أو القوامة عليه، أوإذا كانت تربطه به في الماضي رابطة خطبة أو زواج، وذلك على النحو المقرر بقانون الإجراءات الجنائية.

والبين من هذه النصوص المقترح استحداثها وتعديلها

أن الغرض من إدخال هذه التعديلات هو إضافة اختصاص جديد لنيابة شئون الأسرة متعلق بتوليها الدعوى الجنائية الناشئة عن جرائم العنف الأسري؛ فبوصفها نيابة متخصصة بشئون الأسرة، فتحماً ستكون أقدر على التحقيق والتصرف ومباشرة إدارة الدعوى والخصومة الخصومة الجنائية الناشئة عن جرائم العنف الأسري المشمولة بنصوص الأبواب الأول والثالث والسابع من الكتاب الثالث من قانون العقوبات، متى كان المجني عليه فيها زوجاً للمتهم أو من أصوله أو فروعه أو من المتولين تربيته أو حضانته أو الوصاية أو القوامة عليه، أوإذا كانت تربطه به في الماضي رابطة خطبة أو زواج.

الخلاصة

تلك هي محاولة اجتهادية قدم كاتب هذه السطور خلالها حلولاً ذات طبيعة اجتماعية وقانونية لواحدة من أخطر الظواهر الإجتماعية التي بدأت تلوح في الأفق، وذلك انطلاقاً من مبدأ المشاركة في تحمل المسئولية الاجتماعية حيال هذه الظواهر المستحدثة، متمنياً من الله تعالى أن يصل صدى هذه الفكرة إلى سمع وبصر متخذي القرار والقائمين على شئون التشريع وذلك للعلم والاحاطة.

والله من وراء القصد

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى