«النقض»: لمحكمة الموضوع تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات
أكدت محكمة النقض في أثناء نظرها الطعن رقم ۱٤۱۳۱ لسنة ۹۱ ق، بجلسة 28 فبراير 2023 – دائرة الاثنين (ج)، أن تقدير آراء الخبراء والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ، ما دامت قد أخذت بما جاءت بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه.
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة ، والمداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانها بجرائم إرسال رسائل إلكترونية بكثافة للمجني عليه دون موافقته وتعمد إزعاجه بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك بـأنه اعتنق أسباب الحكم المستأنف دون أن يوردها مكتفيا بالإحالة إليها ، ولم يحط بواقعة الدعوى عن بصر وبصيرة ملتفتا عن دفاعها بانتفاء أركان الجرائم التي دانها بها .
وأشاح بوجهه عن دفاعها بعدم انطباق قيد ووصف النيابة العامة ، وخلو الأوراق من دليل على ملكية الطاعنة لخط الهاتف المنشأ عليه الحساب ، وبطلان التحريات وعدم جديتها ، واستند إلى تقرير الفحص الفني رغم عدم صلاحيته ، سيما وأنه أثبت عدم ملكيتها لخط الهاتف المنشأ عليه الحساب ، وهو ما ينفي صلتها بالواقعة ، والتفت عن دفاعها بشيوع الاتهام بدلالة مستنداتها المقدمة في هذا الشأن ، وعن طلبها بتعديل القيد والوصف ، وباستخراج شهادة من شركة فودافون مصر تفيد اختراق الحساب بيد أن دفاعها في هذا الشأن لم يثبت كاملا بمحضر جلسة المحاكمة ، مما يعيبه ويستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنة بها وأورد على ثبوتها في حقها أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراض الحكم لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، كما أنه من المقرر أن المحكمة الاستئنافية إذا ما رأت تأييد الحكم المستأنف للأسباب التي بني عليها فليس في القانون ما يلزمها أن تذكر تلك الأسباب في حكمها بل يكفي أن تُحيل عليها ، إذ الإحالة على الأسباب تقوم مقام إيرادها وتدل على أن المحكمة اعتبرتها صادرة منها ، فإن ما ترمي به الطاعنة الحكم المطعون فيه من قالة القصور في التسبيب يكون على غير أساس .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لبيان توافر أركان الجرائم التي دانها بها في قوله ……. (وهو الأمر الذي يستقر معه بيقين ووجدان المحكمة ثبوت الاتهام الأول في حق المتهمة بقيامها بتعمد إزعاج المجني عليه ومضايقته بإساءة استعمال أجهزة الاتصالات ، وذلك بأن أرسلت رسائل واتس آب للمجني عليه ، قدرت المحكمة أنها أزعجته وهو ما يمثل الركن المادي للجريمة ، وتعمده القيام بذلك وهي تعلم وتعي حقيقة فعلها ، واتجهت إرادتها إلي تحقيق ذلك مما يتحقق معه الركن المعنوي لجريمة الإزعاج ….
وكذلك ثبوت الاتهام الثاني في حقها بقيامها من تعمد كتابة ونشر تلك الرسائل واتجهت إرادتها إلى ذلك بما يمثل الركن المعنوي لجريمة إرسال رسائل إلكترونية بكثافة إلى المجني عليه دون موافقته مما يتحقق معه أركان الجريمة محل الاتهام الثاني والثالث وتتحقق معه الركن المادي للجريمة ، وكذا توافر الركن المعنوي وهو علمها واتجاه إرادتها لاقتراف ذلك الفعل وهو تكرار إرسال تلك الرسائل وهو ما تقضي معه المحكمة بمعاقبتها) ، وكان الحكم قد بين أركان تلك الجرائم – فإن منعى الطاعن على الحكم بالقصور إذ أغفل الرد على الدفع المتقدم يكون غير صحيح .
لما كان ذلك ، وكان ما تثيره الطاعنة من قرائن تشير إلى عدم انطباق قيد ووصف النيابة العامة وخلو الأوراق من دليل على ملكية الطاعنة لرقم الهاتف المنشأ عليه الحساب المستخدم على شبكة الإنترنت لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل أن الرد يستفاد من أدلة الثبوت التي أوردها، فإن ما تنعاه الطاعنة على الحكم في هذا الخصوص لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في استنباط معتقدها مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان لمحكمة الموضوع أن تعول في تكوين عقيدتها على تحريات الشرطة باعتبارها معززة لما ساقته من أدلة أخرى فإن منعى الطاعنة في هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير آراء الخبراء ، والفصل فيما يوجه إلى تقاريرهم من اعتراضات ومطاعن مرجعه إلى محكمة الموضوع التي لها كامل الحرية في تقدير القوة التدليلية لتلك التقارير، شأنها في ذلك شأن سائر الأدلة ، لتعلق الأمر بسلطتها في تقدير الدليل ، وأنها لا تلتزم بالرد على الطعون الموجهة إلى تقارير الخبراء ، ما دامت قد أخذت بما جاءت بها ، لأن مؤدى ذلك أنها لم تجد في تلك الطعون ما يستحق التفاتها إليه.
وإذ كشف الحكم عن اطمئنان المحكمة إلى ما جاء بتقرير الفحص الفني للجهاز المضبوط ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل ، مما تستقل به محكمة الموضوع ، ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان الدفع بانتفاء صلة الطاعنة بالواقعة وشيوع التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستوجب رداً صريحاً من الحكم بل يكفي أن يكون الرد مستفاداً من الأدلة التي عولت عليها المحكمة بما يفيد اطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها إياها ، وكان من المقرر أن للمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة ، فإن النعي على الحكم بأنه لم يعرض لدفاع الطاعنة القائم على شيوع التهمة والتفاته عما قدمته من مستندات رسمية تأييداً لذلك يكون في غير محله .
لما كان ذلك ، وكان النعي بأن المحكمة التفتت عن طلبها تعديل القيد والوصف إلى الجنحة المؤثمة بالمادة 76 من ق 10 لسنة 2003 وليست الجنحة المؤثمة بالمادة 25 من ق 175 لسنة 2018 لا يعدو أن يكون منازعة في الصورة التي اعتنقتها المحكمة للواقعة وجدلاً موضوعياً في سلطة محكمة الموضوع في استخلاص صورة الواقعة ، كما ارتسمت في وجدانها مما تستقل بالفصل فيه بغير معقب ، فإن ما تثيره الطاعنة في هذا الشأن لا يكون له محل .
لما كان ذلك ، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعنة وإن طلبت التصريح باستخراج شهادة إلا أنها بالجلسة الختامية لم يتمسك دفاعها بذلك الطلب وتنازل عنه واختتم مرافعته طالبا البراءة ، وكان الطلب الذي تلتزم محكمة الموضوع بإجابته أو الرد عليه هو الطلب الجازم الذي يصر عليه مقدمه ولا ينفك عن التمسك به والإصرار عليه في طلباته الختامية وكان هذا الطلب بهذا النحو غير جازم ولم يصر عليه الدفاع في ختام مرافعته ، فإن ما تثيره الطاعنة بقالة إخلال المحكمة بحقها في الدفاع يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكانت الطاعنة لا تدعي بأن المحكمة قد منعتها من إبداء دفاعها ، فإنه لا يعيب الحكم خلو محضر الجلسة من إثبات دفاعها كاملاً إذ كان عليها إن كان يهمها تدوينه أن تطلب صراحة إثباته في المحضر، ومن ثم فإن ما تثيره في هذا الصدد يكون غير مقبول . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن يكون على غير أساس، متعينًا رفضه موضوعًا مع مصادرة الكفالة .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة /بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه مع مصادرة الكفالة .