تعرف على السلطة التقديرية للقاضي الجنائي
بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي
بعد الانتهاء من محضر جمع الاستدلالات والتحقيقات الابتدائية في الجناية أو الجنحة ثم تحديد القيد والوصف، يتم نظر القضية أمام المحكمة، التي لاتتقيد بما هو مُسطّر بمحاضر جمع الاستدلالات أو التحقيقات التي أجرتها النيابة العامة.
وقد تضم التحقيقات اعترافات للمتهم وأقوال للشهود أو ادلة أخرى ترتبط بعناصر الإثبات، ومع ذلك فإن كل هذا لايقيد المحكمة التي تنظر الدعوى، وتخضع هذه الأدلة لتقدير القاضي.
وللمحكمة أن تستبعد أقوال المتهم أمام النيابة، وتأخذ بأقواله في تحقيقات الشرطة أو العكس، كذلك لها أن تأخذ بشهادة الشاهد في التحقيق الابتدائي، حتى ولو كان الشاهد قد شهد أمامها بخلاف ماقرره في التحقيقات الأولية.
غير أن محاضر التحقيقات وإن كانت غير مقيدة للمحكمة بالنسبة لما ورد فيها، إلا أن ذلك لا ينفي عنها صفة الرسمية؛ لأنها صدرت من موظف عمومي، لذلك فهي حجة من ناحية إثباتها لوقوع الإجراء ذاته، إلا أن هذه الحجية غير ملزمة للمحكمة، فيمكن أن تقضي على عكس ماورد فيها من وقائع مثبتة للجريمة.
بمعنى أن المحضر يعتبر حجة في إثبات وقوع الأقوال التي وردت فيه على لسان المتهم أو على لسان الشهود، إلا أن الاقتناع الموضوعي بصدق هذه الأقوال من عدمه، يخضع لإطلاقات المحكمة، وللمحكمة أن تقدر القيمة الموضوعية للأدلة المطروحة، ومع ذلك يجوز للخصوم أن ينفوا حدوث الواقعة ذاتها المثبته للدليل دون أن يكونوا ملزمين بسلوك سبيل الطعن بالتزوير.
وللمحكمة أن تطرح حكمًا صادرًا من محكمة مدنية؛ إذ هي لاتتقيد بأي قيد لم يرد به نص في القانون.
وللمحكمة الالتفات عن دليل النفي- ولو حملته أوراق رسمية – مادام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها “المحكمة الجنائية” مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى وعلى الحكم أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه.