تسجيل العقارات
بقلم: الأستاذ/ أشرف الزهوي
رغم وجود قانون التسجيل العقاري الذي ينظم عملية نقل الملكية للمشتري، إلا أن النسبة الغالبة من العقارات في مصر غير مسجلة لأسباب متعددة في مقدمتها صعوبة وطول إجراءات التسجيل بالإضافة إلى الشروط التي لا تتوافر في أغلب العقارات التي ترغب في التسجيل.
كل عقار له شهادة ميلاد تبدأ بالمالك الأول ثم يبدأ تسلسل الملكية وانتقالها من شخص إلى آخر سواء بالبيع أو بالميراث أو بوضع اليد الذي ينتهي باكتساب الملكية.
ينص القانون على أنه لا تنتقل الملكية في العقارات إلا بالتسجيل وهي الإجراءات التي يتولاها الشهر العقاري مستندا في ذلك إلى بحث الملاك الذين تناوبوا على العقار وكيف انتقلت الملكية بينهم منذ نشأة العقار وحتى المالك الحالي مع بحث المساحة والحدود وسندات الملكية وكلها أمور فنية لا ينتبه إليها الملاك ويجدون صعوبة في تحقيقها.
اكتفى المشتري للعقار سواء كان أرضا أو بيتا أو شقة بعقد البيع الابتدائي الذي يتم تحريره كتابة بين البائع والمشتري ثم الحصول بشأنه على حكم بصحة توقيع البائع على العقد وهو إجراء شائع لا يتعرض لبنود العقد إنما يتعلق فقط بصحة التوقيع بمعنى أن لكل من يدعي حقا على العقار أن يطعن في بنود هذا العقد حتى ولو صدر بشأنه حكم بصحة التوقيع.
من الإشكاليات التي أحدثها الأحجام عن تسجيل العقارات، استغلال البعض من معدومي الضمير لذلك، فيقوم مالك الأرض ببيعها لأكثر من مشتر واحد ويبدأ النزاع القضائي حول الأحقية في الأرض لهؤلاء المشترين ويفوز بها من كانت له الأسبقية في التسجيل ولا يجد باقي الضحايا من المشترين الذين تعارضت مصالحهم إلا اللجوء للقضاء لاسترداد الثمن الذي دفعوه ومثل هذه القضايا تستغرق سنوات في المحاكم.
دق وزير العدل ناقوس الخطر عندما أشار إلى النسبة الضئيلة من العقارات المسجلة إذا ما قورنت بالعقارات الغير مسجلة.
إننا بحاجة ماسة إلى قانون ذكي يمنح الفرصة لملاك العقارات ويحفزهم على التسجيل والبداية الصحيحة تكون من خلال سجلات الضرائب العقارية مع إجراء المعاينات لبيان واضعي اليد وسندهم فيه ومدته ومن ثم منح فترة انتقالية للتسجيل استنادا إلى الواقع مع حفظ الحق في الاعتراض في حالات الغصب أو وضع اليد دون سند من الواقع أو القانون ويجب أن يمنح القانون لمالك العقار الذي يسجل عقد شرائه الحق في الحصول على قرض لتنمية العقار وتطويره بنسبة فائدة بسيطة.
بالإضافة إلى تنشيط شركات الاستثمار العقاري التي تقبل على تفعيل دورتها المالية بعد الاطمئنان للتعامل مع الملاك الحقيقيين.
إن تسجيل العقارات في مصر سيحدد الفئات الأكثر احتياجا للدعم كما سينهي كافة المعوقات التي تصيب القوانين ذات الصلة بالعقارات مثل قانون التصالح وقانون البناء.
أطالب نقابة المحامين والمؤسسات القانونية والإعلامية أن تتبنى حملة تبين فيها أهمية التسجيل وإجراءاته في ظل قانون يبني نصوصه على الواقع ولا يتمسك بالإجراءات العقيمة التي لا تزال معمول بها منذ الأربعينيات.
وقد أضاع على ميزانية الدولة مبالغ طائلة استغلها أباطرة العقارات، ومكن البعض ممن لا يستحقون الدعم من الحصول على شقق وأراضي تم تخصيصها لأصحاب الدخول البسيطة.