تاثير تقنية Blockchain على القانون المصري

إعداد: محمود مسعود
ظهرت تقنية البلوك تشين عام 2008 على يد شخصية افتراضية مجهولة تدعى ساتوشى ناكاموتو satoshinakamoto  ، فى ورقة بحثية يشرح فيها الية عمل تلك التقنية في مجال العملات الرقمية ، يهدف نظام العملات الرقمية هذا الى الغاء الوسطاء و الوكلاء واى اطراف ثالثة فى تداول تلك العملات.
 فأصبح  بالامكان نقل الاموال من طرف الى اخر دون حاجة للبنوك او المؤسسات المصرفية او شركات نقل الاموال ، ودون رسوم باهظة وبنفس اللحظة بثقه وامان تام ، اى ان تقنية البلوك تشين ظهرت فى البداية لهدف محدد و هو اختراع العملات المشفرة الا انه فى الاربع سنوات الاخيرة تم فصل تلك التقنية واصبح يتم استخدمها فى مجالات اخرى غير العملات المشفرة cryptocurrencies.
فاصبح يتم استخدامها فى الثورة الصناعية الرابعة و المساهمة في تغير ملامح القانون و الاقتصاد العالمي ، حيث ان الثروة الاساسية لاكثر من 500 شركة عالمية تم تخصيصها للبحث العلمى لاكتشاف منافع تلك التقنية ،  لذلك سنحاول فى الفرع الاول تعريف تقنية البلوك تشين و في الثانى سوف نبين الية عمل تلك التقنية اما فى الفرع الثالث فسنخصصه لبيان مدى تاثيرها على القانون المصري .
   الفرع الاول : تعريف تقنية البلوك تشين او ما تعرف بسلسلة الكتلة :
هناك العديد من التعريفات لتقنية BlockChain حيث ان تلك التقنية لاقت اهتمام كبير من جانب الفقه الغربى المرتبط بمجالات الاعمال و القانون و هذا الاهتمام قليل جدا من جانب الفقه العربى سواء القانونى او المرتبط بالاعمال و من تلك التعريفات انها : ( نظام معلومات مشفر معتمد على قاعدة بيانات لامركزية ، اى موزعة على جميع الاجهزة المنضمة في الشبكة ، لتسجيل كل بيانات المعاملات و تعديلها بطريقة تضمن موافقة جميع الاطراف ذات الصلة على صحة  البيانات ).
أما البنك الدولى فقد عرفها بانها : ( نوع معين من هيكل البيانات تستخدم في بعض السجلات الموزعة التى تحفظ و تنقل البيانات فى حزمة تسمى كتل Blocks و تكون مرتبطة مع الكتل الاخرى عبر سلسلة Chain رقمية ، وسلاسل الكتل هذه تستخدم طرق التشفير و الخوارزميات لتسجيل و مزامنة البيانات عبر الشبكة ).
  الفرع الثاني : ألية عمل تقنية البلوك تشين BlockChain تعتمد تقنية البلوك تشين فى عملها على ثلاثة مبادئ الاول يتعلق بالسجل المفتوح Open Ledger ويعني هذا المبدئ ان جميع المعلومات الموجودة داخل الكتلة تكون متاحة لجميع الافراد الموجودين داخل السلسلة و يرى كل منهم ممتلكات بعضهم البعض و المبدئ الثاني هو قاعدة البيانات الموزعة     Distributed Database و هذا المبدئ يهدف للقضاء على المركزية حيث لا توجد جهة واحدة تتحكم فى سلسلة الكتل بل أن السلسلة موزعة بين جميع الافراد المشتركين في الشبكة حول العالم ، و المبدئ الثالث هو التعدين Mining و هم تلك الاجهزة حول العالم التى تشترك فى التاكد من صحة المعاملة قبل إتمامها فاذا  اراد احد الافراد تحويل مبلغ الى اخر عبر السلسلة فان المعاملة لا تتم حتى وإن كان الشخص يمتلك المبلغ فعلاً حتى تتم عملية التعدين.
  الفرع الثالث  :  تاثير تقنية البلوك تشين BlockChain على القانون المصري تغيير تقنية البلوك تشين لغالبية التشريعات التى تنظم المعاملات القانونية اصبحت مسألة وقت ، هل تخيلنا ان ياتى علينا اليوم الذي يمًّكن من خلاله الافراد من كتابة عقودهم الخاصة و تسجيل ممتلكتهم و توثيقها و ارسال الاموال و تاكيد مدى صحة المعاملة دون وجود اى طرف ثالث ؟ البلوك تشين يمكنها فعل ذلك فهى تحل محل البنوك فى تحويل الاموال و محل الشهر العقاري فى تسجيل الممتلكات ، ومحل ادارة المرور فى تسجيل السيارات و محل السماسرة في عمليات البيع و الشراء و محل شركات الوساطة فى تقديم الخدمات، و قد تاثر القانون المصرى اخيراً بهذه التقنية فى مجال عمليات البنوك فقد اعترف مشروع قانون البنك المركزي و الجهاز المصرفي الجديد للمرة الاولى فى تاريخ التشريع المصرى بالعملات المشفرة و افرد تنظيماً خاصاً لها حيث حظرت المادة 206 من مشروع القانون إنشاء او تشغيل منصات لاصدار او تداول العملات المشفرة و  النقود الرقمية او الترويج لها الا بعد الحصول على ترخيص من مجلس إدارة البنك المركزي المصري وفقاً للقواعد و الإجراءات التي يحددها البنك و يلاحظ ان مشروع القانون قد خالف المسلك المتبع فى غالبية دول العالم حيث فرق بين النقود الالكترونية و العملات المشفرة حيث عرف الاولى بانها (قيمة نقدية ، مقومة بالجنية المصري او باحدى العملات المصدرة من سلطات اصدار النقد الرسمية مستحقة على المرخص له باصدارها ، و تكون مخزنة الكترونيا ) اما العملات المشفرة فعرفها بانها ( عملات مخزنة الكترونيا ، غبر مقومة باي من العملات الصادرة من سلطات  اصدار النقد الرسمية ، و يتم تداولها عبر شبكة الانترنت ) اى انه جعل مسمى ( العملات المشفرة ) مقتصر على الاستخدام فى معاملات الانترنت كما لم يعترف بها مقبولة كوسيلة للدفع و غير مقومة بالجنية او باى من العملات الصادرة عن سلطات اصدار النقد الرسمية كما لم يذكر لها قيمة نقدية و هذا مسلك غير محمود حيث ان تقسيم العملات الافتراضية الى الكترونية و مشفرة امر انفرد به المشرع المصري دون بقية دول العالم حيث لا تفرق اي دولة فى العالم بين كلا النوعان فكلاهم افتراضي وكلاهم يعمل وفق BlockChain و التفرقة جائت بدون اى معيار واضح مما يفتح الباب لمزيد من المشكلات مستقبلاً ، الا ان مجرد الاعتراف بذلك النوع من الاموال الغير مرئية التى تعمل وفق تقنية البلوك تشين يعد خطوة جيدة جدا قد تفتح للمزيد من التطبيقات فى مجالات قانونية اخرى عن قريب .
زر الذهاب إلى الأعلى