تأثر إلتزامات الأطراف في عقود المشاركة النفطية بين أزمة جائحة كورونا وأزمة الحرب الأوكرانية (٢)

بقلم الدكتور /وليد محمد وهبه أستاذ القانون التجاري بكلية الحقوق الجامعة العربية المفتوحة

لقد بينا فى المقال السابق المدخل التاريخى للازمات الإقتصادية ألتى قد تطرأ على ال إلتزامات التعاقدية النفطية وإننا سوف نبين فى هذا المقال أهم البنود التعاقدية ألتى تشملها عقود المشاركة النفطية و الخاصة بتطبيق الشرط الجزائي و غرامات التأخير وهذا فى المطلب الثانى.

تحت عنوان :
النظام القانونى لغرامات التأخير فى القانون المصري
يوجد نوعان من غرامات التأخير, النوع الأول يتعلق بتأخر الملتزم في تنفيذ وتسليم العمل الذي التزم بإنجازه وأدائه في موعده المحدد, ومن أمثلة ذلك ما ينص عليه في عقد المقاولة من إلزام المقاول بدفع مبلغ معين من النقود عن كل يوم أو عن كل أسبوع أو عن أي فترة من الزمن يتأخر فيها عن إتمام وتسليم العمل الذي تعهد به, وكذلك ما ينص عليه في عقد التوريد من إلزام المورد بدفع مبلغ معين من النقود عن كل فترة زمنية معينة يتأخر فيها عن توريد الأشياء التي تعهد بتوريدها. يطلق عادة على هذا النوع من الغرامات في الفقه القانوني مصطلح الشرط الجزائي, وتكاد تجمع القوانين المقارنة على جواز هذا الشرط, ونسوق على ذلك مثلا المادة 223 من القانون المدني المصري التي أجازت للمتعاقدين أن يحددا مقدما قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق.

وأوضح الدكتور عبد الرزاق السنهوري – يرحمه الله – في الجزء الثاني من كتابه القيم ”الوسيط في شرح القانون المدني” وجود اختلاف بين القوانين المقارنة حول وجوب توافر عنصر الضرر لاستحقاق الشرط الجزائي, فطبقا لأحكام القانون المدني المصري لا يستحق الشرط الجزائي إذا لم يكن هناك ضرر أصاب الدائن, على أن عبء إثبات عدم وقوع الضرر يقع على المدين أي (الملتزم) لأن وجود الشرط الجزائي يجعل الضرر واقعا في تقدير المتعاقدين, ولذلك يفترض وقوع الضرر, ولا يكلف الدائن إثباته, وعلى المدين إذا ادعى أن الدائن لم يلحقه أي ضرر, أن يثبت ذلك.

أما في القانون المدني الفرنسي فقد نصت المادة 1153 منه على أنه (إذا ذكر في الاتفاق أن الطرف الذي يقصر في تنفيذه يدفع مبلغا معينا من النقود على سبيل التعويض, فلا يجوز أن يعطى لتعويض الطرف الآخر مبلغ أكثر أو أقل). كما ذهب القضاء الفرنسي إلى أن الشرط الجزائي يستحق حتى لو لم يثبت الدائن أن هناك ضررا أصابه, فإن اتفاق الطرفين على شرط جزائي, وتقديرهما مقدما التعويض المستحق, معناه أنهما مسلمان بأن إخلال المدين بالتزامه يحدث ضررا اتفقا على المقدار اللازم لتعويضه. واستقر الفقه الإسلامي المعاصر على جواز العمل بهذا النوع من غرامات التأخير (الشرط الجزائي) ذلك أن تأخر المتعاقد أو امتناعه عن تنفيذ التزامه في موعده المتفق عليه يلحق ضررا بالطرف الآخر في وقته وماله, فلو أن متعهدا بتقديم مواد خام معينة إلى صاحب مصنع تأخر عن تسليمها إليه في الموعد المضروب لتعطل المصنع وعماله, ولو أن بائع بضاعة لتاجر تأخر في تسليمها حتى هبط سعرها لتضرر التاجر بخسارة قد تكون فادحة.
ولقد طبقت هيئة قناة السويس هذا الإتجاه مسايرة به الاتجاهات العالمية بأعتبار أن الهيئة تلزم أطراف العلاقة التعاقدية فى أى شحنات يتم العبور بها عن طريق القناعه بيتم تطبيق شرط التأخير وتطبيقه جزاء بإضافة رسوم إلا أنه بالتطبيق على هذه الالتزامات التعاقدية لكونها تتمتع بنوع تعاقدى خاص وهناك ظروف إستثنائية مثل الحرب وهى تعتبر من ضمن القوة القاهرة.
فإن هيئة قناة السويس قامت بإستثناء بند التأخير وتوقيع الشرط الجزائي أو غرامة التأخير على أى ناقلات نفطية تعبر من القناه نظرا للظروف الإستثنائية ألتى أجبرت الناقلات تغير مسارها وإختيار خطوط وطرق ملاحية مسافاتها أبعد مما أطال زمن وصول البضاعة النفطية المستوردة.

ولقد أكدت ذات الإتجاه محكمة النقض فى حكم لهاوذلك بقوله
( أنه متى كان المتعاقدان قد اتفقا فى عقد البيع على أن يكون مفسوخاً فى حالة تأخر المشترى عن دفع باقى الثمن فى الميعاد المتفق عليه من تلقاء نفسه دون حاجه إلى تنبيه او إنذار أو حكم من القضاء ، فإن العقد ينفسخ بمجرد التأخير عملاً بنص المادة ١٥٨ من القانونى المدنى ولا يلزم أن صدر حكم بالفسخ ، فإذا ما لجأ الدائن إلى القضاء فإن حكمه يكون مقرراً للفسخ بعد التحقق من توافر شروط الفسخ الاتفاقى ووجوب إعماله ، ولا يستطيع المدين أن يتفادى الفسخ بسداد المستحق عليه بعد تحقق الشرط الفاسخ الصريح إذ ليس من شأن هذا السداد أن يعيد العقد بعد انفساخه .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه رغم افصاحه فى أسبابه بأن عقد البيع موضوع الدعوى تضمن شرطاً صريحاً فاسخاً عند تخلف المطعون ضدها عن سداد أقساط ثمن المبيع ، وأنه ثبت لديه عدم سداد القسط الثانى فى موعده إلا أنه قضى برفض دعوى فسخ العقد على سند من أن ما قامت المطعون ضدها بسداده لا يسوغ إعمال الشرط الفاسخ الصريح لمجرد تأخرها فى سداد القسط الثانى فى موعده وأن ذلك غير كاف للفسخ رغم أن فسخ العقد وقع على أثر تحقق الشرط الموجب للفسخ والذى يسلب القاضى كل سلطة تقديريه فى حدود الفسخ متى تحقق من وقوع المخالفة بما كان يتعن معه على المحكمة إعمال مقتضاه ، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ فى تطبيقه بما يعيبه ويوجب نقضه ) .
( الطعن رقم ١٤٩٦٤ لسنة ٧٩ قضائية – الدوائر المدنية – جلسة ٢٠١٧/٠٣/١٢ )

زر الذهاب إلى الأعلى