بيان نقابة المحامين المصرية بشأن إعادة مناقشة المادة (105) من قانون الإجراءات الجنائية

تؤكد نقابة المحامين المصرية وهي جزءٌ أصيل من البنية التشريعية والدستورية للدولة، ومرآةٌ صادقة تعكس ضمير المجتمع وعدالة قضاياه أن دورها الوطني والتاريخي يستند إلى الدفاع عن سيادة القانون وصون الحقوق والحريات العامة، بما يضمن ترسيخ دولة العدل والقانون في أبهى صورها.

ويُعَدُّ قانون الإجراءات الجنائية أحد أهم التشريعات التي تُنظِّم العدالة الجنائية في مصر، إذ يُجسِّد الضمانة الحقيقية للمواطن في مواجهة سلطة الاتهام، ويحفظ مبدأ التوازن بين حق المجتمع في العقاب وحق الفرد في الحرية والكرامة والعدالة الإجرائية.

وقد رحبت النقابة في وقتٍ سابق بمشروع القانون المقدم إلى مجلس النواب، لما تضمنه من توافقٍ كاملٍ مع المذكرة التفصيلية التي قدمتها النقابة للبرلمان، والتي تضمنت رؤية مهنية ودستورية متكاملة حازت تقدير أعضاء المجلس كافة، حتى أن البرلمان قد وجَّه الشكر للنقابة على موقفها الوطني وجهودها المخلصة في دعم مشروع القانون بروحٍ من التعاون والتكامل بين السلطات والمجتمع المدني.

إلا أنه — وللأسف — فقد انحرفت اللجنة المُشكَّلة لإعادة مناقشة المواد الثمانية المقدمة من السيد رئيس الجمهورية عن الغاية التي أرادها الرئيس من تلك التوجيهات، والتي كانت تهدف بوضوح إلى زيادة ضمانات المواطن وخلق بدائل أكثر إنسانية وعملية للحبس الاحتياطي؛ إذ فوجئت النقابة بمناقشاتٍ ومقترحاتٍ لا تمتُّ بصلةٍ لهذه التوجيهات، بل تنال من جوهر الضمانات الدستورية وتنتقص من حقوق الدفاع وتُضعف من معايير المحاكمة العادلة.

وتؤكد نقابة المحامين على ضرورة احترام الحكومة والبرلمان للدستور والقانون والمواثيق الدولية التي التزمت بها الدولة المصرية، وعدم المساس بالحقوق والحريات التي كفلها الدستور وقررتها الاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها مصر.
إن ضمانات المحاكمة العادلة والحريات العامة والشرعية الإجرائية ليست ترفًا أو منحةً من أحد، بل هي ركائز أساسية للدول الحديثة، تُبنى عليها الثقة في مؤسسات العدالة ويُقاس بها مدى تقدم الأمم وتحضرها.

وبناءً عليه، تعلن النقابة العامة للمحامين تمسُّكها التام بنص المادة (105) كما ورد في المذكرة المقدمة من النقابة إلى البرلمان، وترفض أي تعديلٍ أو إعادة صياغةٍ تمس جوهرها أو تُخل بتوازنها الدستوري الذي يضمن حماية حق الدفاع وصون الحرية الفردية.

وفي الختام، تؤكد نقابة المحامين المصرية أنها لن توافق ولن تقف مكتوفة الأيدي أمام أي قانونٍ يخالف الدستور أو يهدم القواعد الدستورية المستقرة، وأنها ستتخذ كافة الإجراءات القانونية والدستورية اللازمة لمواجهة هذا العوار التشريعي، مع سلوك المسالك السياسية الواجبة والتوجه إلى فخامة رئيس الجمهورية بوصفه حامي الدستور، لوضع حدٍّ لما ترتكبه تلك اللجنة من تجاوزاتٍ تمس صورة العدالة وتؤثر سلبًا على مكانة مصر الدولية كدولة قانونٍ تحترم الدستور وتصون كرامة الإنسان.

زر الذهاب إلى الأعلى