انتشار جائحة كورونا هل منظمة الصحة العالمية مسؤولة؟
بقلم: صالح حسب الله
تتمتع منظمة الصحة العالمية بالشخصية القانونية الدولية، ويرجع السند القانوني لتمتع المنظمات الدولية بالشخصية القانونية للرأي الاستشاري الذى أصدرته محكمة العدل الدولية في عام ١٩٤٩م، بناء علي الطلب المحال إليها من الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث تتمتع المنظمة في اقليم كل دولة عضو بالأهلية القانونية اللازمة لتحقق أهدافها.
ونصت العديد من الاتفاقيات الإتفاقيات الدولية علي الحق في التمتع بالصحة، والزمت الأمم المتحدة الدول الأعضاء فيها بتعزيز ذلك الحق، ومنذ تسعينيات القرن العشرين.
أولت لجنة القانون الدولي المسئولية الدولية للمنظمات الدولية دراسة خاصة، بناء علي اقتراح قدمها السيد الآن بيليه عام ٢٠٠١ م حيث طلبت الجمعية العامة من اللجنة الشروع في هذه الدراسة، وفي عام ٢٠٠٩ م، وبعد مناقشة سبعة تقارير مقدمة علي مدي سبع سنوات متتالية، اعتمدت اللجنة القراءة الأولى لمشاريع المواد المتعلقة بالمنظمات الدولية. وبعد ذلك طلبت اللجنة تعليقات وملاحظات الدول والمنظمات الأخري عليها. ومن الجدير بالذكر أن المواد المتعلقة بمسئولية المنظمات الدولية تهدف إلى معالجة موضوعات مرتبطة بالمسئولية الدولية لعمل المنظمات الدولية، وقد تضمن مشروع اللجنة بشأن مسئولية المنظمات الدولية ستة أبواب، ادرجت في الباب الأول الأحكام المتعلقة بنطاق سريان هذه المواد، واستخدام المصطلحات، ثم خصصت الباب الثاني للفعل غير المشروع دوليا الصادر عن منظمة دولية، الذي يؤدي إلي ترتيب المسئولية الدولية عليها، وخصصت الباب الثالث بتحديد مضمون المسئولية المنظمات الدولية كما تناول الباب الرابع من مشروع اللجنة آليات إعمال تلك المسئولية، والاحتجاج بالمسئولية والتدابير، وجاء الباب الخامس ليتناول مسئولية الدولة فيما يتصل بتصرف منظمة دولية واخيرا الفصل السادس تناول الأحكام العامة، وإن المسئولية الدولية للمنظمة الدولية تفترض عموما.
وبالتالي فإن المسئولية الدولية للمنظمة تنشأ عندما تنتهك المنظمة القوانين واللوائح الحاكمة لعملها تجاه دولة أو بعض الدول، مما يلزمها بجبر الضرر المترتب علي ذلك الانتهاك.
فيما يتعلق بالتطبيقات القضائية المتعلقة بمسئولية المنظمات الدولية، فهي تعد نادرة فأنشطة المنظمات الدولية لم تشهد نموا في أنشطتها الا من وقت قريب، كما أن المنظمات الدولية تمتنع عن عرض المنازعات المتعلقة بعملها علي التحكيم الدولي، إلا أن هذه العقبات لا تنال من تقرير المسئولية الدولية للمنظمة الصحة العالمية، آذار إذا خالفت الالتزامات القانونية والصحية الحاكمة لعملها.
والحقيقة أن هناك العديد من اللوائح والقواعد الصحية الحاكمة لعمل منظمة الصحة العالمية، من خلال تعاملها مع جائحة كورونا بحسبانها منظمة دولية تتمتع بالشخصية القانونية الدولية، بموجب ميثاقها المنشئ لها، والذي يعد الدستور الأعلى والحاكم لمسيرة عملها في مجال الصحة العمومية العالمية.
والحقيقة أن منظمة الصحة العالمية تقاعست عن أداء المهام المنوطة بها عند التعامل مع جائحة كورونا، سواء في حالات عدم تقديم الدعم الصحي المطلوب، وعدم تبنى منظمة الصحة لسياسة الشفافية والمكاشفة بحقيقة الأوضاع الصحية فى بداية الازمة بالصين بما يحول دون منع باقي دول العالم لانتشار الفيروس، من خلال المسارعة باتخاذ تدابير وقائية احترازية، وكذلك تقاعست المنظمة عن القيام بإجراء البحوث المرتبطة بالحالات الموبوءة.
ولما كانت منظمة الصحة العالمية أخلت بالتزاماتها، فإنها تكون وضعت نفسها في دائرة المسئولية الدولية وتخضع للمساءلة، وبالتالى تلتزم بالتعويض وجبر الضرر الناجم عن تقاعسها.