الوضع الظاهر وحسن النية في القانون

بقلم الأستاذ/ أشرف الزهوي، المحامي

اعتد المشرع المصري في عدة تطبيقات مهمة بحماية الوضع الظاهر؛ لاعتبارات توجبها العدالة، وحماية حركة التعامل في المجتمع، وتنضبط جميعًا مع وحدة علتها واتساق الحكم المشترك فيها بما يحول ووصفها بالاستثناء، وتصبح قاعدة واجبة الإعمال متى توافرت موجبات أعمالها، واستوفت شرائط تطبيقها، ومؤداها؛ أنه إذا كان صاحب الحق قد أسهم بخطئه – سلبا أو إيجابا – في المتصرف على الحق بمظهر صاحبه مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة، والتي من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع بمطابقة هذا المظهر للحقيقة، مقتضاه نفاذ التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية في مواجهة صاحب الحق.

إن تطبيق المشرع لهذه القاعدة هو حماية للغير من حسني النية.

وتواترت أحكام النقض على ترشيخ المبدأ، نذكر منها ما أورده الحكم ٢٢٠٦ لسنة ٨٢ ق جلسة ٢١/ ٦ /٢٠٢٢ ( أن النص في الفقرة الأولى من المادة ١٤٧ من القانون المدني على أن، العقد شريعة المتعاقدين فلا يجوز نقضه ولا تعديله الا باتفاق الطرفين وفي المادة ١٤٨ منه، على أنه يجب تنفيذ العقد طبقا لما اشتمل عليه وبطريقة تتفق مع مايوجبه حسن النية وفي المادة ١٥٠ من القانون ذاته، على أنه اذا كانت عبارات العقد واضحة فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها للتعرف على ارادة المتعاقدين، اما اذا كان هناك محل لتفسير العقد، فيجب البحث عن النية المشتركة للمتعاقدين، دون الوقوف على المعنى الحرفي للالفاظ مع الاستهداء في ذلك بطريقة التعامل وبما ينبغي من أمانة وثقة بين المتعاقدين وفقا للعرف الجاري في المعاملات، يدل على أن مبدأ سلطان الارادة مازال يسود الفكر القانوني، ولازم ذلك أن ما اتفق عليه المتعاقدان متى وقع صحيحا لايخالف النظام العام والآداب أصبح ملزما للطرفين، فلا يجوز نقض العقد ولا تعديله من جهة اي من الطرفين إذ أن العقد وليد ارادتين، وما تعقده ارادتان لاتحله ارادة واحدة، وهذا هو الأصل، كما يمتنع ذلك على القاضي أيضا لانه لايتولي انشاء العقود عن عاقديها، وإنما يقتصر عمله عن تفسير مضمونها بالتزام عبارات العقد الواضحة وعدم الخروج عنها بحسبانها تعبيرا صادقا عن الارادة المشتركة للمتعاقدين وذلك احتراما لمبدأ سلطان الارادة وتحقيقا لاستقرار المعاملات.

زر الذهاب إلى الأعلى