«النقض» : مشاهدة رجل الضبط القضائي للمتهم يقود سيارة بدون لوحات معدنية تلبس يبيح القبض
كتب: علي عبدالجواد
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم ١٦٦٤٣ لسنة ٨٨ قضائية الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٢١/٠٤/٠٣، لمأمور الضبط القضائي في أحوال التلبس بالجنايات والجنح المعاقب عليها لمدة تزيد على ثلاثة أشهر القبض على المتهم ، مشيرة إلى أن تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها من اختصاص محكمة الموضوع.
وتابعت: «مشاهدة رجل الضبط القضائي للطاعن الثاني يقود سيارة بدون لوحات معدنية، تلبس، تبيح القبض، مؤكدة إجازة القبض على المتهم كلما جاز تفتيشه» .
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر في القانون .
ومن حيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهم بجريمتي إحراز وحيازة بواسطة الغير جوهر الهيروين المخدر ونبات الحشيش المخدر ” البانجو” بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي وفي غير الأحوال المصرح بها قانوناً قد شابه القصور ، والتناقض في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على الإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أن أسبابه جاءت في عبارات عامة شابها الغموض والإبهام لا يبين منها واقعات الدعوى بما تتوافر به أركان الجريمة التي دانهم بها ، ولم يورد مؤدى الأدلة التي استند إليها في قضائه بالإدانة ، هذا وقد تمسك دفاع الطاعنون بجلسة المحاكمة ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية ، وببطلان القبض والتفتيش على الطاعن الأول لحصولهما قبل صدور إذن النيابة العامة ، وببطلان القبض على الطاعنين الثاني والثالث لحصولهما في غير حالة من حالات التلبس وعدم شمولهما الإذن الصادر بالقبض على الطاعن الأول ، بدلالة أقوالهم بالتحقيقات وما قدموه من مستندات تأييداً للدفع ، إلا أن الحكم اطرح دفوعهم بما لا يسوغ ، وعول الحكم على أقوال ضابط الواقعة واعتنق تصويره لواقعة الضبط رغم عدم معقوليتها وانفراده بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة ، مطرحاً دفاعه في هذا الشأن بما لا يسوغ ، ودانتهم المحكمة رغم قصور تحقيقات النيابة العامة لقعودها عن إجراء معاينة لمكان الضبط ودون أن تعمل في حقهم قاعدة أن الأصل في الإنسان افتراض البراءة والتفت عن دفعهم بانتفاء صلتهم بالمخدر المضبوط وعدم سيطرتهم على السيارة محل الضبط وببطلان إقرارهم المنسوب صدوره لهم بمحضر الضبط ولم تجر تحقيقاً في شأن ما أبدوه من دفوع ، كل ذلك مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهم أدلة مستمدة من أقوال شاهد الإثبات وما ثبت من تقرير المعمل الكيميائي وما ثبت بمعاينة النيابة العامة وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها ، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة ، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ، ومن ثم فإن منعى الطاعن بأن الحكم قد شابه الغموض والإبهام وعدم الإلمام بوقائع الدعوى وأدلتها يكون ولا محل له . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، وإذ كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها ، فإن ما ينعاه الطاعنون في هذا الشأن لا يكون مقبولاً . لما كان ذلك ، وكان الدفع بصدور الإذن بالتفتيش بعد الضبط هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط بناء على الإذن أخذاً بالأدلة التي أوردتها ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة وأن الضبط كان بناء على إذن النيابة العامة بالتفتيش ، فإن ما يثيره الطاعن الأول في هذا الخصوص ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعية فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى ، ومن ثم ما ينعاه الطاعن الأول في هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدئ من الطاعنين الثاني والثالث ببطلان القبض والتفتيش لانتفاء حالة التلبس واطرحه بمفاده : ” أن البين للمحكمة مشاهدة ضابط الواقعة للمتهم الثالث يقود سيارة بدون لوحات معدنية ومشاهدته للرابع مشهراً سلاح أبيض ” سيف حديدي ” ، الأمر الذي توافرت معه حالة التلبس بالجريمة الذي يبيح القبض والتفتيش ، ومن ثم يضحى القبض وارداً على غير صحيح من الواقع والقانون متعيناً الالتفات عن ذلك الدفع ” . لما كان ذلك ، وكانت المادة ٣٤ من قانون الإجراءات الجنائية قد أجازت لرجل الضبط القضائي القبض على المتهم في أحوال التلبس بالجنايات بصفة عامة أو الجنح المعاقب عليها بالحبس مدة تزيد على ثلاثة أشهر ، وكان تقدير توافر حالة التلبس أو عدم توافرها هو من الأمور الموضوعية البحتة التي توكل بداءة لرجل الضبط القضائي على أن يكون تقديره خاضعاً لرقابة سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع وفق الوقائع المعروضة عليها بغير معقب ما دامت النتيجة التي انتهت إليها تتفق منطقياً مع المقدمات والوقائع التي أثبتتها في حكمها . لما كان ذلك ، وكان مشاهدة رجل الضبط القضائي الطاعن الثاني يقود سيارة بدون لوحات معدنية يعتبر تلبساً بهذه الجريمة وهى جنحة معاقب عليها بالحبس مدة لا تزيد عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثمائة جنيه ولا تزيد عن ألف وخمسمائة جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين وفقاً لنص المادة ٧٥ من القانون رقم ٦٦ لسنة ١٩٧٣ المستبدلة بالقانون رقم ١٥٥ لسنة ١٩٩٩ والقانون رقم ١٢٢ لسنة ٢٠٠٨ ومن ثم تجيز لرجل الضبط القبض عليه ، ولما كان قانون الإجراءات الجنائية قد نص بصفة عامة في المادة ٤٦ منه على أنه في الأحوال التي يجوز فيها القبض على المتهم يجوز لمأمور الضبط القضائي أن يفتشه اعتباراً بأنه كلما كان القبض صحيحاً كان التفتيش الذي يجريه من خول إجراءه على المقبوض عليه صحيحاً أياً كان سبب القبض أو الغرض منه ، وذلك لعموم الصيغة التي ورد بها النص ، كما أن مشاهدة رجل الضبط الطاعنين ممسكين بطرف شيكارة بلاستيكة وبجوارهما الطاعن الثالث – المتهم الرابع – مشهراً لسلاح أبيض ” سيف حديدي ” أعلى السيارة التي كانا يستقلانها ويقودها الطاعن الثاني – حسبما أورده الحكم في مدوناته – يعتبر بذاته تلبساً بجنحة حمل سلاح أبيض بدون ترخيص تجيز لرجل الضبط القضائي القبض عليه وتفتيشه ، فإن الحكم يكون سليماً فيما انتهى إليه من رفض الدفع ببطلان إجراءات القبض والتفتيش تأسيساً على توافر حالة التلبس ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكاً لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد ، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وأن إمساك الضابط عن ذكر أسماء أفراد القوة المرافقة له عند الضبط لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى ، وكانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال شاهد الإثبات وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الشأن ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا يجوز مجادلتها أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنون في خصوص قعود النيابة العامة عن عدم إجراء معاينة لمكان الضبط لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة مما لا يصح أن يكون سبباً للنعي على الحكم . لما كان ذلك ، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعنين في الدعوى الماثلة قد واجهوا الأدلة التي قدمتها النيابة العامة قبلهم وكفلت لهم المحكمة حق نفيها بالوسائل التي قدر مناسبتها وفقاً للقانون ، وقد حضر معهم محامياً للدفاع عنهم وترافع في الدعوى وأبدى ما عن له من أوجه الدفاع فيها ثم قضت المحكمة – من بعد – بإدانتهم تأسيساً على أدلة مقبولة وسائغة لها أصلها في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا المنحى – بشأن الأصل في الانسان البراءة – يضحى تأويلاً غير صحيح للقانون . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الدفع بنفي التهمة وانتفاء الصلة بالمضبوطات وعدم السيطرة على مكان الضبط ، – بفرض إثارته – هو من أوجه الدفوع الموضوعية التي لا تستأهل رداً خاصاً من المحكمة اكتفاءً بما تورده من أدلة الثبوت التي تطمئن إليها بما يفيد اطراحها ، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإدانة الطاعنين على ما ثبت من انبساط سلطانهم على المخدر المضبوط تأسيساً على أدلة سائغة لها أصل في الأوراق وتتفق والاقتضاء العقلي والمنطقي ، وكان الطاعنون جميعاً لا ينازعون في صحة ما نقله الحكم من تلك الأدلة ، فإن منعاهم في هذا الخصوص يكون غير سديد . لما كان ذلك ، وكان لا جدوى من النعي على الحكم بالقصور في الرد على الدفع ببطلان إقرار الطاعنان ما دام أن البين من الواقعة – كما صار إثباتها في الحكم – ومن استدلاله أن الحكم لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من إقرار الطاعنان المدعي ببطلانه ، وإنما قام قضاءه على أدلة أخرى ليس من بينها ذلك الاعتراف ، فإن ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد يكون في غير محله ، ولا يجوز التحدي في ذلك بما ورد بأقوال ضابط الواقعة – حسبما حصلها الحكم – من أنه واجه الطاعنون بالمضبوطات فأقروا بإحرازها ، إذ هو لا يعد اعترافاً من الطاعنين بما أسند إليهم ، وإنما مجرد قول للضابط يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليه في هذا الشأن . لما كان ذلك ، وكان المدافع عن الطاعنين لم يطلب من المحكمة سائر طلبات التحقيق التي أشاروا إليها بأسباب طعنهم ، فليس لهم من بعد أن ينعوا على المحكمة قعودها عن إجراء لم يطلب منها ، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون مقبولاً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن – برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا .
فلهــــــــــذه الأسبـــــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .