“النقض”: لمحكمة الجنايات إيراد أدلة الثبوت في حكمها كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة

كتب: أشرف زهران 

أرست محكمة النقض أثناء نظرها الطعن رقم ٩٨٦١ لسنة ٨٩ قضائية، مبدأ هام ينص على أن لمحكمة الجنايات إيراد أدلة الثبوت في حكمها كما تضمنتها قائمة الإثبات المقدمة من النيابة العامة، مادامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة.

وجاء في حيثيات الحكم إن الطاعنين ينعيان علي الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجرائم حيازة وإحراز بالذات وبالواسطة أسلحة نارية غير مششخنة ( فرد خرطوش ) بغير ترخيص وبقصد استعمالها في نشاط يُخل بالأمن والنظام العام وحيازة وإحراز أسلحة بيضاء بغير مسوغ قانوني ودان الأول بجرائم وضع النار عمداً في مكان غير مُعّد للسكنى والسرقة بالإكراه والإتلاف العمدي والقبض والاحتجاز بدون أمر أحد الحكام المختصين .

ودان الثاني بالاشتراك في هذه الجرائم وإحراز ذخيرة ” طلقة واحدة ” بغير ترخيص قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه حُرر في صورة عامة معماه لا يبين منها الواقعة بياناً تتحقق به أركان الجرائم التي دانهما بها ومؤدى أدلتها مكتفياً بسرد أقوال الشهود ، كما وردت بقائمة أدلة الثبوت ، ولم يدلل على توافر أركان الجرائم التى دانهما بها ملتفتاً عن دفاعه بانتفاء القصد الجنائي بها ،ولم يستظهر دور الأول فيها والأفعال التي قارفها تحديداً واعتبره فاعلاً أصلياً رغم خلو مدوناته مما يوفر الاتفاق بينه وبين باقي المتهمين لانحسار دوره في كتابة بعض العبارات على جدران مسرح الجريمة، وأحال في بيان شهادة الشاهدين الثاني والثالث إلى ما شهد به الأول دون بيان مضمونها ، معولاً على أقوال المجنى عليهم رغم عدم معقوليتها وتناقضها وأنها ظنية لأنهم لم يستطيعوا تمييز الجناة ولعدم تواجد حارس العقار على مسرح الواقعة.

كما تساند إلى إقرارات المتهمين بتحقيقات النيابة العامة رغم عدم مطابقتها للحقيقة والواقع ولتناقضها بعضها مع بعض وتضاربها مع أقوال الشهود متخذاً من تحريات الشرطة دليلاً أساسياً للإدانة رغم عدم صلاحيتها لذلك لانعدامها ، وتناقضها مع أقوال الشهود ونسب للطاعن الأول إقراراً بتوافق إرادته مع باقي المتهمين مؤازراً لهم في ارتكاب الجريمة خلافاً للثابت بأقواله بتحقيقات النيابة العامة، ولم ينزل بالعقوبة وفقاً لما تسمح به المادة ١٧ من قانون العقوبات التى طبقها عليهم ودون أن يُبين الجريمة الأشد ودفع الطاعنان ببطلان استجواب الأول لمخالفته نص المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية وبطلان أمر الإحالة لسرد مواد اتهام لم ترد بقرار رئيس نيابة، وابتنائه على تحريات منعدمة وقصور التحقيقات لخلوها من سؤال الشاهدة وقعود النيابة العامة عن مواجهة المتهم بشهود الإثبات واستبعاد أخرى من الاتهام رغم تواجدها في الواقعة وانتفاء صلتها بالجريمة وعدم ضبط ثمة أسلحة أو مسروقات بحوزة الطاعن الأول لأن تواجده كان عرضاً على مسرح الجريمة وعدم معقولية تصوير الواقعة وتلفيق الاتهام وكيديته بيد أن المحكمة اطرحت البعض منها بما لا يصلح رداً وأغفلت الرد عن البعض الآخر دون أن تعن بتحقيق دفاعهما ، وأخيراً التفتت المحكمة عن المستندات المقدمة من الطاعن الأول تأييداً لدفاعه ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه .

وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة استقاها من أقوال شهود الإثبات وإقرار الطاعن الأول وآخر بتحقيقات النيابة العامة وما ثبت من تقريري الأدلة الجنائية وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها ، وجاء استعراضه لأدلة الدعوى على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يُفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد ولا محل له .

لما كان ذلك ، وكان لا يوجد في القانون ما يمنع محكمة الجنايات أن تورد في حكمها أقوال شهود الإثبات المقدمة من النيابة العامة ما دامت تصلح في ذاتها لإقامة قضائها بالإدانة فإن النعي على الحكم في هذا الصدد – بفرض صحته يكون بلا سند .

لما كان ذلك ، وكان يبين من استقراء أحكام القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ في شأن الأسلحة والذخائر والتعديلات التي طرأت عليه أن المشرع قد راعى فيما قرره من عقوبات القصد من الحيازة أو الإحراز وتدرج في المادة ٢٦ حتى وصل بالعقوبة إلى الإعدام ، إذا كانت حيازة أو إحراز تلك الأسلحة أو الذخائر أو المفرقعات بقصد استعمالها في أي نشاط يُخل بالأمن العام أو النظام العام أو بقصد المساس بنظام الحكم ، أو مبادئ الدستور ، أو النظم الأساسية للهيئة الاجتماعية أو بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي ، وكانت حيازة أو إحراز الأسلحة النارية أو الذخائر بقصد استعمالها في أي نشاط يُخل بالأمن العام أو النظام العام أو بقصد المساس بمبادئ الدستور ، والوحدة الوطنية ، والسلام الاجتماعي مسألة نفسية لا تستفاد فقط من أقوال الشهود ، بل لمحكمة الموضوع أن تتبينها من ظروف الدعوى وما توحي به ملابساتها ، ولا يشترط أن يتحدث عنه الحكم صراحة وعلى استقلال ، ما دامت الوقائع كما أثبتها تُفيد بذاتها توفره ، فإن النعي على الحكم بالقصور في التدليل على توافر هذا الغرض يكون في غير محله.

لما كان ذلك ، وكان مناط المسئولية في حيازة أو إحراز سلاح ناري بغير ترخيص هو ثبوت اتصال الجاني به اتصالاً مباشراً أو بالواسطة وبسط سلطانه عليه بأية صورة عن علم وإرادة إما بحيازة مادية أو بوضع اليد عليه على سبيل الملك والاختصاص ولو لم تتحقق الحيازة المادية ، إذ لا يشترط لاعتبار الجاني حائزاً للسلاح الناري أن يكون محرزاً له بل يكفي لاعتباره كذلك أن يكون سلطانه مبسوطاً عليه ولو لم يكن في حيازته المادية أو كان المحرز له شخصاً غيره ، ولا يلزم أن يتحدث الحكم استقلالاً عن هذا الركن بل يكفي أن يكون فيما أورده من وقائع وظروف – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – ما يكفي للتدليل على قيامه ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون سديداً .

لما كان ذلك ، وكان الثابت من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر الجرائم المسندة إلى الطاعنين جريمة واحدة وعاقبهما بالعقوبة المقررة لأشدهم وهي جريمة احراز وحيازة بالذات وبالواسطة سلاح ناري غير مششخن ” فرد خرطوش ” بغير ترخيص بقصد استعماله في نشاط يُخل بالأمن العام وبالنظام العام وأوقعت عليهما المحكمة عقوبتها عملاً بنص المادة ۳۲ من قانون العقوبات بوصفها الجريمة الأشد ، فإنه لا مصلحة للطاعن الأول فيما يثيره بشأن الجرائم الأخرى من حيث عدم التدليل على أركانها وعدم استظهار القصد الجنائي فيها – على النحو الوارد بأسباب الطعن ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير قويم .

لما كان ذلك ، وكان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أثبت في حق الطاعن الأول إسهامه بنصيب في الأفعال المادية المكونة للجرائم ومنها إحرازه وحيازته بالذات وبالواسطة سلاح ناري غير مششخن ” فرد خرطوش ” بغير ترخيص بقصد استعماله في نشاط يُخل بالأمن وبالنظام العام وتواجده على مسرح الجريمة مع باقي المتهمين لكتابة عبارات التحذير والسب حال قيامهم جميعاً بالجرائم محل الاتهام وهو ما يكفي لاعتباره فاعل أصلي فيها ، فإن ما ينعاه الطاعن الأول في شأن التدليل على مشاركته في ارتكاب الجريمة لا يكون صائباً.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الاتفاق على ارتكاب الجريمة لا يقتضي في الواقع أكثر من تقابل إرادة المساهمين ولا يشترط لتوافره مضي وقت معين ومن الجائز عقلاً وقانوناً أن تقع الجريمة بعد الاتفاق عليها مباشرة أو لحظة تنفيذها تحقيقاً لقصد مشترك بين المساهمين هو الغاية النهائية من الجريمة أي أن يكون كل منهم قصد قَصَّد الآخر في إيقاع الجريمة وأسهم فعلاً بدور في تنفيذها بحسب الخطة التي وضعت أو تكونت لديهم فجأة وأنه يكفي في صحيح القانون لاعتبار الشخص فاعلاً أصلياً في الجريمة أن يساهم فيها بفعل من الأفعال المكونة لها ، وكان ما أورده الحكم من بيان واقعة الدعوى وما ساقه من أدلة الثبوت كافياً بذاته للتدليل على اتفاق المتهمين على الجريمة التي دينوا بها من معيتهم في الزمان والمكان ونوع الصلة بينهم وصدور الجريمة عن باعث واحد واتجاههم وجهة واحدة في تنفيذها وأن كلاً منهم قصد قَصَّد الآخر في إيقاعها وقارف عملاً من الأفعال المكونة لها ، ومن ثم يصح طبقاً لنص المادة ٣٩ من قانون العقوبات اعتبار كل منهم فاعلاً أصلياً في تلك الجرائم ويضحى النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يُحيل في إيراد أقوال الشاهد إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة فيما استند إليه الحكم منها ، فإنه لا يضير الحكم إحالته في بيان أقوال بعض الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر طالما لا يمارى الطاعنان في اتفاق أقوالهم فيما استند إليه الحكم منها فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون قويماً .
لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التى تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه بغير معقب، كما أن التناقض بين أقوال الشهود – على فرض حصوله – لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ومتى أخذت المحكمة بأقوال الشهود فإن ذلك يُفيد إطراحها جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، وإذ كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الشهود وصحة تصويرهم للواقعة ، فإن كل ما يثيره الطاعنان في هذا الصدد ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان الأصل أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدي إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع ويتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان لا يلزم أن تكون الأدلة التى اعتمد عليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى، ذلك بأن الأدلة في المواد الجنائية متساندة ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة ولا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حده دون باقي الأدلة بل يكفي أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه ، فإن ما يثيره الطاعنان من أن أقوال المجنى عليهم لا تنبئ عن وقوع الجريمة لعدم تعرفهم على الجناة وقت الواقعة لا يكون له محل .

لما كان ذلك ، وكانت محكمة الموضوع قد أقامت قضاءها على ما اقتنعت به من أدلة ترتد إلى أصل صحيح في الأوراق واستخلصت في منطق سائغ صحة إسناد التهمة إلى الطاعنين وكان قضاؤه في هذا الشأن مبنياً على عقيدة استقرت في وجدانها عن جزم ويقين ولم يكن حكمها مؤسساً على الفرض والاحتمال حسبما يذهب الطاعنان ، فإن ما يثيراه في هذا الخصوص لا يخرج عن كونه عودة إلى الجدل الموضوعي الذى لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض .

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير الأدلة من اطلاقات محكمة الموضوع فلها كامل الحرية في الأخذ باعترافات المتهمين في حق أنفسهم أو في حق غيرهم من المتهمين متى اطمأنت إلى صحتها ومطابقتها للحقيقة والواقع ، وأن التناقض بين أقوال المتهمين وراوية الشهود بفرض قيامه – لا يعيب الحكم – ما دامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من تلك الأقوال استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه – كما هو الحال في الدعوى المطروحة – فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له سند.

لما كان ذلك ، وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم المطعون فيه من إقرار الطاعن الأول بالتحقيقات له صداه في تحقيقات النيابة العامة مما أدلى به من أقوال تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من معنى الإقرار بارتكاب الجريمة مما يجعل الحكم سليماً فيما انتهى إليه ومبنياً على فهم صحيح للواقعة إذ المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها ما تراه مطابقاً للحقيقة ، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعن الأول وبذلك ينحسر عن الحكم قاله الخطأ في الإسناد.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن تقدير العقوبة وتقدير قيام موجبات الرأفة أو عدم قيامها من اطلاقات محكمة الموضوع بغير معقب دون أن تسأل حساباً عن الأسباب التي من أجلها أوقعت العقوبة بالضرر الذي ارتأته وكانت محكمة الموضوع قد انتهت إلى اعمال المادة ٣٢ من قانون العقوبات ودانت الطاعنين بالجريمة الأشد وهي إحراز وحيازة بالذات وبالواسطة سلاح ناري غير مششخن ” فرد خرطوش ” بغير ترخيص بقصد استعماله في نشاط يُخل بالأمن وبالنظام العام وعقوبتها الإعدام طبقاً النص – البند الأخير – من الفقرة السادسة من المادة ٢٦ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ في شأن الأسلحة والذخائر ثم استعملت الرخصة الممنوحة لها بموجب المادة ١٧ من القانون ذاته ونزلت بالعقوبة إلى السجن المؤبد إلى حد تسمح به هذه المادة – على خلاف ما يزعمه الطاعن الأول – وقضاؤها في ذلك صحيح فلا ينال من سلامته إغفال تعيين الجريمة الأشد ، ويضحى النعي على الحكم في هذا الخصوص غير قويم.

لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما دفع به كل من الطاعنين من بطلان استجواب الطاعن الأول أمام النيابة العامة لحصوله في غيبة محاميه واطرحه استناداً إلى أن المحكمة قدرت أن الدعوى تستوجب السرعة في الاستجواب خشية ضياع الأدلة ونظراً لغلق نقابة المحامين حال إجراء الاستجواب وقبل بدئه ، فإن هذا الذى أورده الحكم صحيح في القانون وسائغ في الرد على دفاع الطاعنين ذلك بأن المادة ١٢٤ من قانون الإجراءات الجنائية إذ نصت على عدم جواز استجواب المتهم أو مواجهته – في الجنايات إلا بعد دعوة محاميه للحضور إن وجد ، قد استثنت من ذلك حالتي التلبس والسرعة بسبب الخوف من ضياع الأدلة ، وإذا كان تقدير هذه السرعة متروكاً للمحقق تحت رقابة محكمة الموضوع فما دامت هي قد أقرته عليه للأسباب السائغة التي أوردتها – ودللت بها على توافر الخوف من ضياع الأدلة فلا يجوز للطاعنين – من بعد مصادرتها في عقيدتها أو مجادلتها فيما انتهت إليه ، هذا فضلاً عن أن قانون الإجراءات الجنائية وإن أوجب ندب محامي للحضور مع المتهم بتحقيقات النيابة العامة إلا أنه لم يرتب البطلان جزاء مخالفة ذلك الإجراء ، ومن ثم يكون النعي على الحكم في هذا الصدد لا وجه له.

لما كان ذلك ، وكان قضاء هذه المحكمة قد استقر على اعتبار الإحالة من مراحل التحقيق وأن المحكمة هي جهة التحقيق النهائي ويجوز للمتهم أن يطلب منها استكمال ما فات النيابة العامة من إجراءات التحقيق وإبداء دفاعه بشأنها أمامها فإنه لا محل للقول بوجود ضرر يستدعى بطلان أمر الإحالة ، وإلا ترتب على البطلان إعادة الدعوى إلى جهة التحقيق من بعد اتصالها بالمحكمة وهو غير جائز ، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اطرح الدفع ببطلان أمر الإحالة يكون قد أصاب صحيح القانون ، ويضحى على الحكم في هذا الصدد غير سديد.

لما كان ذلك ، وكان ما يثيره الطاعنان من وجود نقص بتحقيقات النيابة العامة على النحو الوارد بأسباب طعنهما – لا يعدو أن يكون تعييباً للإجراءات السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن ، كما أنه لا يُجدي الطاعنان ما يثيراه من أن أخرى كانت متواجدة على مسرح الجريمة ومع ذلك لم يشملها قرار الإحالة إلى المحكمة طالما أن اتهام المذكورة لم يكن ليحول دون مساءلتهما عن الجرائم التى دينا بها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل .

لما كان ذلك ، وكان باقي ما يثيره الطاعنان من عدم ضبط ثمة أسلحة وعدم معقولية الواقعة وتلفيق الاتهام وكيديته وانتفاء صلتهما بالجريمة لا يعدو أن يكون من أوجه الدفاع الموضوعية ، وكان من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بالرد صراحة على كل جزئية من دفاع المتهم الموضوعي لأن الرد عليه مستفاد ضمناً من قضائها بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التى أوردتها ، فضلاً عن أن البين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعنين لم يطلب تحقيقاً معيناً بصدد ما أثاره من دفاع ، فليس لهما من بعد النعي على المحكمة قعودها عن إجراء تحقيق لم يطلب منها ولم تر هي حاجة إلى إجرائه ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون بلا سند.

لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه يجب لقبول وجه الطعن أن يكون واضحاً محدداً ، وكان الطاعن الأول لم يكشف بأسباب طعنه عن ماهية المستندات التى عاب على الحكم عدم التعرض لها حتى يتضح مدى أهميتها في الدعوى المطروحة ، بل ساق قولاً مرسلاً مجهلاً ، فإن ما يثيره في هذا الخصوص لا يكون مقبولاً .
لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .

زر الذهاب إلى الأعلى