«النقض»: لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 31768 لسنة 73 القضائية، أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة.
المحكمة
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحداث عاهة مستديمة قد شابه القصور فى التسبيب والفساد فى الاستدلال والخطأ فى الإسناد وتطبيق القانون ذلك بأنه أغفل بيان إصابات المجنى عليه وكيفية إحداثها وأحال فى ذلك إلى التقرير الطبى الشرعى مكتفيا بعبارة مرسلة، ورد بما لا يصلح ردًا على الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسبق الفصل فيها فى القضية رقم……… عسكرية مركزية، وأسند إلى المجنى عليه أن الطاعن طلب منه ومن الشاهد الثانى إبراز ما يحوزانه من نقود على خلاف الثابت بالأوراق، ولم يرد على ما أثاره المدافع عنه من أوجه دفاع تتعلق بتناقض الدليلين القولى والفنى وانعدام التحريات لكونها مجرد ترديد لأقوال المجنى عليه وشاهد الإثبات الثانى، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحداث العاهة المستديمة التى دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها فى حقه أدلة مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومن التقرير الطبى الشرعى وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده نص تقرير الخبير بكامل أجزائه وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت استنادًا إلى ما أورده من أدلة أن الطاعن قام بالاعتداء على المجنى عليه بضربه فى عينه اليسرى بقيد حديدى كان فى يده فأحدث به الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبى الشرعى والتى تخلف عنها انخفاض إبصار العين اليسرى وأورد الحكم مؤدى التقرير الطبى الشرعى فى قوله “وقد ثبت بتقرير الطب الشرعى أن إصابة المجنى عليه فى عينه اليسرى ذات طبيعة رضية حدثت من الاصطدام بجسم صلب راض أيا كان نوعه وهى جائزة الحدوث من مثل الضرب بقبضة اليد وجائزة الحدوث وفق التصوير والتاريخ الوارد بمذكرة النيابة العامة ونتج عن الإصابة انخفاض قوة الإبصار إلى رؤية حركة اليد فقط مما يعتبر عاهة مستديمة تقدر نسبتها بـ 35%” فإن ما أورده الحكم – على السياق المتقدم يوفر فى حق الطاعن ارتكابه فعلا عمديا ارتبط بتخلف العاهة ارتباط السبب بالمسبب ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا المنحى يكون غير سديد.
لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها فى القضية رقم…. عسكرية مركزية وأطرحه تأسيسًا على أن الحكم الصادر من محكمة تأديبية لا يحوز قوة الأمر المقضى أمام المحاكم الجنائية طبقًا لنص المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية وهو استناد صحيح فى القانون ذلك أن من المقرر أن الجزاءات المنصوص عليها فى قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971 سواء المتعلقة بالضباط وبغيرهم كلها جزاءات تأديبية بحتة بما فيها عقوبتى الحبس والسجن، وكان من المقرر أن القانون التأديبى مستقل عن قانون العقوبات لاستقلال ذاتية كل منهما وتغاير مجال تطبيقه وقد ينشأ عن الفعل الواحد خطأ تأديبى يستوجب المسألة التأديبية وفعل جنائى مؤثم بقانون العقوبات.
كذلك فإن الدعوى الجنائية تنفصل تماما عن الدعوى التأديبية لاختلاف الدعويين سببا وموضوعًا، كما أن من المقرر أن قوة الأمر المقضي أمام المحاكم الجنائية لا تكون إلا للأحكام الجنائية الباتة ومن ثم فإن الأحكام الصادرة عن المحاكم التأديبية لا تنقضى بها الدعوى الجنائية وليس لها قوة الشيء المحكوم به أمام المحاكم الجنائية ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن فى هذا الصدد لا يكون له محل.
لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم خطؤه في الإسناد ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر فى عقيدة المحكمة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن من أن الشاهد الأول – المجنى عليه – لم يقرر بأن الطاعن طلب منه ومن الشاهد الثانى إبراز ما يحوزانه من نقود – على خلاف ما حصله الحكم – وعلى فرض صحة ذلك يكون غير قويم لأن هذه الواقعة لم تكن عماد الحكم لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفنى فى كل جزئية بل يكفى أن يكون جماع الدليل القولى غير متناقض مع الدليل الفنى تناقضا يستعصى على الملاءمة والتوفيق ولما كانت أقوال شهود الإثبات – كما أوردها الحكم – والتى لا ينازع الطاعن فى أن لها سندها من الأوراق – لا تتعارض بل تتلاءم مع ما نقله من تقرير الطب الشرعى.
وكان الحكم قد خلا مما يظاهر دعوى الخلاف بين الدليلين القولى والفنى، وكان ليس بلازم أن يورد الحكم ما أثاره الدفاع عن الطاعن من وجود تناقض بين الدليلين مادام ما أورده فى مدوناته يتضمن الرد على ذلك الدفاع إذ المحكمة لا تلتزم بمتابعة المتهم فى مناحى دفاعه المختلفة والرد عليها على استقلال طالما الرد يستفاد من أدلة الثبوت التى أوردها الحكم ومن ثم يضحى ما يثيره الطاعن فى هذا الخصوص لا محل له.
لما كان ذلك، وكان لا ينال من صحة التحريات أن تكون ترديدا لما أبلغ به المجنى عليه لأن مفاد ذلك أن مجريها قد تحقق من صدق ذلك البلاغ فإن منعى الطاعن فى هذا الشأن – بفرض صحته يكون غير سديد. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعينًا رفضه موضوعًا.