«النقض»: لا تلازم بين إقامة بناء بدون ترخيص وبين الإضرار بسلامة المبنى
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 370 لسنة 67 القضائية، أنه لا تلازم بين إقامة بناء بدون ترخيص وبين الإضرار بسلامة المبنى كسبب للإخلاء عملاً بالمادة 18/ د من القانون 136 لسنة 1981.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع – على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق – تتحصل فى أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم….. لسنة 1995 أمام محكمة شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم أولاً: بندب خبير لتقدير مقابل الانتفاع الشهرى للمنشآت المبينة بالصحيفة وإلزامها بأدائه حتى تاريخ إزالتها، ثانيًا: بفسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1973 والإخلاء، وقال بيانًا لذلك إنه بموجب هذا العقد استأجرت منه المطعون ضدها غرفتين بسطح العقار المبين بالصحيفة لاستعمالهما سكنًا خاصًا لها، إلا أنها أقامت منشآت معدنية مسقوفة بالصاج بمنطقة الارتداد على مسطح مقداره أربعون مترًا مربعًا من سطح العقار بالمخالفة للعقد والقانون 106 لسنة 1976 وتعديلاته وحرر عن هذه الواقعة محضر الجنحة رقم… لسنة 1994 النزهه حيث قضى فيها بالإدانة وإزالة المنشآت وأصبح هذا الحكم نهائيًا بتأييده فى الاستئناف رقم… لسنة 1995 جنح مستأنف النزهه.
وإذ لم تنفذ المطعون ضدها الحكم النهائى بالإزالة أقام الدعوى، حكمت المحكمة برفضها. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم… لسنة 113 ق القاهرة وبتاريخ 18/ 12/ 1996 قضت المحكمة بالتأييد. طعن الطاعن فى هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأى برفض الطعن. وإذ عُرض الطعن على هذه المحكمة – فى غرفة مشورة – حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ فى تطبيق القانون والفساد فى الاستدلال والقصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك يقول إن المطعون ضدها أقامت – بغير موافقته – فى منطقة الارتداد على سطح العقار غرفتين من منشآت معدنية مسقوفة بالصاج على مساحة أربعين مترًا مربعًا خارج نطاق العين المؤجرة وأدخلت فيها التيار الكهربائى وأجهزة التكييف وضُبط عن هذه الواقعة محضر الجنحة رقم…. لسنة 1994 النزهة لإقامتها بدون ترخيص وبالمخالفة لقوانين تنظيم البناء وقضى فيها – نهائيًا – بالغرامة والإزالة، الأمر الذى يتعين معه إزالة هذه المنشآت وإلزامها بمقابل انتفاع عن المسطح المغتصب طواعية لأحكام القانون المدنى الواجبة التطبيق على الواقعة دون أحكام قوانين إيجار الأماكن الاستثنائية.
إلا أن الحكم المطعون فيه المؤيد لحكم محكمة أول درجة قد خالف هذا النظر استنادًا إلى أن الأعمال التى أقامتها المطعون ضدها تمت على نفقتها الخاصة داخل العين المؤجرة لها ملتفتًا عن طلب ندب خبير لبحث ما إذا كانت هذه المنشآت داخل حدود العين المؤجرة أم خارجها بما يعيبه ويستوجب نقضه فى هذا الخصوص.
وحيث إن النعى فى محله، ذلك أنه لما كانت طلبات الطاعن قد تحددت بإلزام المطعون ضدها بالإزالة وبمقابل الانتفاع عن الجزء الذى اغتصبته من سطح العقار بمنطقة الارتداد خارج نطاق العين المؤجرة وأقامت عليه غرفتين حتى تاريخ إزالة هذه المنشآت، وكانت قوانين إيجار الأماكن قد خلت من نص يحكم تلك الواقعة لخروجها عن نطاق العلاقة الإيجارية التى نظمها هذا القانون.
ولما كان مؤدى نصوص المواد 558، 564، 566 من القانون المدنى – وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة – أن عقد الإيجار يخول المستأجر حق الانتفاع بالعين المؤجرة وملحقاتها، وإذا تضمن العقد تحديدًا للعين المؤجرة اقتصر حق المستأجر على الانتفاع بها فى نطاق هذا التحديد، فإذا انتفع المستأجر بجزء من عقار المؤجر يخرج عن نطاق العين المؤجرة كان انتفاعه بهذا الجزء بدون سند وحق للمالك طلب طرده منه كما حق له طلب إزالة ما أحدثه به.
ومن المقرر أيضًا – أن لصاحب العقار المغتصب الحق فى مطالبة من ارتكب العمل غير المشروع وهو الغصب بمقابل الانتفاع عن حرمانه منه. وأن طلب الخصم تمكينه من إثبات أو نفى دفاع جوهرى بوسيلة من وسائل الإثبات الجائزة قانونًا هو حق له يتعين على محكمة الموضوع إجابته إليه متى كانت هذه الوسيلة منتجة فى النزاع.
لما كان ذلك، وكان عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1973 المبرم بين الطرفين لم يحدد ملحقات الشقة المؤجرة إلى المطعون ضدها ولم يتضمن ما ينفى وجود هذه الملحقات فإن طرفيه يكونان قد تركا أمر تحديد تلك الملحقات لحكم المادة 566 المشار إليها باعتبارها مكملة لإرادتهما وطبقًا لما جرى به العرف، لما كان ما تقدم وكان الطاعن قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدها اغتصبت مسطحًا مقداره أربعون مترًا مربعًا خارج حدود العين المؤجرة لها بمنطقة الارتداد بسطح العقار المملوك له وأقامت عليه غرفتين من الألوميتال المسقوف بالصاج بالمخالفة لقوانين البناء ويحق له طلب إزالة المنشآت محل النزاع وإلزامها بمقابل الانتفاع عن الجزء المغتصب من سطح العقار.
فإن الحكم المطعون فيه الذى أيد الحكم الابتدائى إذ خالف هذا النظر وقضى برفض دعوى الطاعن فى هذا الخصوص استنادًا إلى أن هذه المنشآت أقامتها المطعون ضدها على نفقتها داخل العين المؤجرة دون أن يبين مدى اتصال هذه المنشآت بالعين المؤجرة وما إذا كانت من ملحقاتها أم لا والمصدر الذى استقى منه ما انتهى إليه، والتفت عن طلب الطاعن ندب خبير فى الدعوى لإثبات ما إذا كانت المنشآت محل النزاع داخل العين المؤجرة أم خارجها رغم أن هذا الطلب من وسائل الإثبات الجائزة قانونًا، فإنه يكون معيبًا مما يوجب نقضه نقضًا جزئيًا فى هذا الشق من النزاع على أن يكون مع النقض الإحالة.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه بباقى أوجه الطعن الخطأ فى تطبيق القانون ذلك أن إقامة المطعون ضدها للمنشآت التى أقامتها بمنطقة الارتداد على سطح العقار المملوك له بغير موافقته وبالمخالفة لأحكام قوانين البناء وصدور حكم نهائى ضدها بالغرامة والإزالة من شأنه أن يرتب له – فضلاً عن حقه فى طلب الإزالة ومقابل الانتفاع على ما سلف الإشارة إليه بمدونات هذا الحكم – الحق فى فسخ عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1973 وإخلاء العين المؤجرة، وإذ قضى الحكم المطعون فيه الذى أيد قضاء محكمة أول درجة برفض هذا الشق من الطلبات فإنه يكون معيبًا بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعى مردود – ذلك أنه من المقرر فى قضاء هذه المحكمة – أن حجية الحكم الجنائى بالإدانة أمام المحاكم المدنية مقصورة على الأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية، وأن استخلاص وقوع ضرر بالمبنى يجيز الحكم بالإخلاء من عدمه هو مسألة موضوعية يستقل بتقديرها قاضى الموضوع ما دام استخلاصه سائغًا، كما أنه لا تلازم بين إقامة بناء بدون ترخيص وبين الإضرار بسلامة المبنى كسبب للإخلاء عملاً بالمادة 18/ د من القانون 136 لسنة 1981.
لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائى المؤيد بالحكم المطعون فيه قد استخلص من أوراق الدعوى ومستنداتها أن مجرد إدانة المطعون ضدها عن واقعة إقامة المنشآت محل النزاع بدون ترخيص بالحكم النهائى الصادر فى الجنحة رقم…. لسنة 1994 النزهة لم يترتب عليه ضرر بسلامة المبنى وهو ما تأيد بقرار اللجنة المختصة بالحى والذى انتهى إلى أن هذه المنشآت لا تؤثر على سلامة المبنى، مما مؤداه عدم توافر شرط الإضرار بسلامة المبنى الموجب للإخلاء فى معنى المادة 18/ د من القانون 136 لسنة 1981، وكان هذا الاستخلاص من الحكم سائغًا وله أصله الثابت فى الأوراق ويدخل فى نطاق السلطة التقديرية لمحكمة الموضوع، فإن قضاءه برفض الدعوى فى شقها الخاص بطلب فسخ عقد الإيجار وإخلاء العين المؤجرة يكون قد صادف صحيح القانون مما يتعين معه رفض الطعن فى هذا الشق.