«النقض»: لا تقبل أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه
أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 11117 لسنة 90 قضائية، أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه ، فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث بشأن قصور الحكم في التدليل على الاشتراك في الجريمة التي دانهما بها وعدم استظهاره الأدلة عليه.
المحكمة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد المستشار المقرر، والمرافعة، وبعد المداولة قانوناً:
أولاً: الطعن المقدم من المحكوم عليه الأول / ….:
من حيث إن المحكوم عليه الأول وإن قرر بالطعن بالنقض في الميعاد إلا أنه لم يودع أسبابا لطعنه ، ومن ثم يتعين عدم قبول طعنه شكلا .
ثانياً: الطعن المقدم من المحكوم عليهم الثاني والثالث والرابع :حيث إن الطعن قد استوفى الشكل المقرر في القانون .وحيث إن الطاعنين ينعون على الحكم المطعون فيه – بمذكرتي أسباب الطعن – أنه إذ دان الثاني والثالث بجريمة إجراء أعمال الحفر بقصد الحصول على آثار بغير ترخيص ، ودان الرابع بالاشتراك بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تلك الجريمة ، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في الإسناد.
ذلك بأن أسبابه جاءت في عبارات عامة معماة ومجملة لم يبن منها الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً تتحقق به أركان الجريمة التي دانهم بها في بيان مفصل جلي إذ خلا من بيان الأفعال والمقاصد التي أتاها الطاعنين ، وجاء قاصراً في التدليل على توافر أركان الجريمة التي دان الطاعنين بها مطرحاً بغير مبرر سائغ دفاعهم في هذا الخصوص ، ولم يدلل على توافر الاشتراك بين الطاعنين واتفاقهما على ارتكاب الجريمة.
واعتنق الحكم صورة غير صحيحة لواقعة الدعوى استمدها من أقوال الضابط وتحرياته رغم عدم معقوليتها مما ينبئ عن أن للواقعة صورة أخرى بخلاف ما جاءت بأقواله ، مما كان يجب معه عدم جواز التعويل على تلك الأقوال ، كما ارتكز على تحريات الشرطة واتخذ منها دليلًا أساسيًا في الإدانة على الرغم من أنها جاءت منقولة من مصدر مجهول كما أنها لا تصلح دليلاً لأنها لا تعبر إلا عن رأي صاحبها ، مطرحاً بما لا يسوغ الدفع بعدم جديتها ، مؤسسًا حكمه على رأى لسواه ، ودون أن تعنى المحكمة بإجراء تحقيق دفاعه باستدعاء مُجري التحريات ومصدره السري لمناقشتهما استجلاءً للحقيقة.
ونسب الحكم إلى الطاعن الرابع اعترافا بارتكابه الجريمة بالاشتراك مع باقي الطاعنين رغم أنه لم يعترف بها ، والتفت عن الرد – إيراداً ورداً – على دفوع الطاعنين بخلو الأوراق من دليل فني يقطع بأن مكان الحفر أثري، وبعدم وجود شهود رؤية ، وانتفاء صلة الطاعنين بالواقعة ، وانتفاء صلة الطاعن الرابع بأعمال الحفر لانعدام سيطرته المادية على المسكن محل الواقعة لكونه قام بتأجيره لآخرين ، والتفتت عن الرد عن هذه الدفوع منفردة ، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أنه لا يقبل من أوجه الطعن على الحكم إلا ما كان متصلاً بشخص الطاعن وله مصلحة فيه ، فإنه يكون غير مقبول ما يثيره الطاعنان الثاني والثالث بشأن قصور الحكم في التدليل على الاشتراك في الجريمة التي دانهما بها وعدم استظهاره الأدلة عليه – والذي لم تُدنهما المحكمة به – إذ دانتهما والطاعن الأول باعتبارهم فاعلين أصليين ؛ بينما دانت الطاعن الرابع فقط بوصفه شريكاً في الجريمة مما لا شأن للطاعنين الثاني والثالث به ، فإن ما يثار في هذا الشأن يكون لا محل له .
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها ، وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغا مستندا إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق ، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها الشهادة متروكا لتقدير محكمة الموضوع ، ومتى أخذت بشهادة شاهد فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها ، ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أقوال الضابط وتحرياته وصحة تصويره للواقعة ، فإن ما يثيره الطاعنين من منازعة في صورة الواقعة بقالة أن لها صورة أخرى لا يكون له محل .
لما كان ذلك ، وكان الأصل أن من يقوم بإجراء باطل لا تقبل منه الشهادة عليه ولا يكون ذلك إلا عند قيام البطلان وثبوته ومتى كان لا بطلان فيما قام به الضابط من إجراءات ، فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي عولت على أقواله – ضمن ما عولت عليه – في إدانة الطاعنين ويكون النعي على الحكم – في هذا الشأن غير قويم .
لما كان ذلك ، لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل القضاء على الطاعنين بعقوبة الغرامة المنصوص عليهما في المادة ٤٢ / ٣ بند ٢ من قانون حماية الآثار رقم ١١٧ لسنة ١٩٨٣ المعدل بالقانونين رقمي ٣ لسنة ٢٠١٠ و ٩١ لسنة ٢٠١٨ ، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ، إلا أنه لما كان الطاعنون هم المحكوم عليهم فقط ، فإن محكمة النقض لا تستطيع تصحيح هذا الخطأ ؛ لما في ذلك من إضرار بالطاعن ، إذ إن المقرر أنه لا يصح أن يضار الطاعن بناءً على الطعن المرفوع منه وحده . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهذه الأسباب
حكمت المحكمة :
أولاً : بعدم قبول طعن الأول / …. شكلا .
ثانياً : بقبول الطعن المقدم من الباقين شكلا وفي الموضوع برفضه .