“النقض” في حكم هام لها: الخطأ في مواد العقاب لا يترتب عليه بطلان الحكم
كتب: أشرف زهران
أكدت محكمة النقض أثناء نظرها الطعن رقم ١٢٧٩٦ لسنة ٨٨ – الدوائر الجنائية – جلسة ٢٠٢١/٠٤/١٣، أن الخطأ في مواد العقاب لا يترتب عليه بطلان الحكم، ما دام قد بين ووصف واقعة الدعوي بيانا كافياً وقضى بعقوبة لا تخرج عن حدود المواد الواجبة التطبيق. لمحكمة النقض تصحيح ذلك الخطأ.
الوقائع
اتهمت النيابـة العامـة الطاعن – وآخرين سبق الحكم عليهم – في قضية الجناية رقــم …. لسنـة ٢٠١٤ جنايات مركز شرطة الفيوم ( المقيدة بالجدول الكلى برقم ….. لسنة ٢٠١٤ الفيوم) بأنه في يوم ١٤ من أغسطس سنة ٢٠١٣ بدائرة مركز شرطة الفيوم ـــــ محافظة الفيوم :ــــــ
ــــــ انضم وآخرين سبق الحكم عليهم لجماعة أسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع سلطات ومؤسسات الدولة من مباشرة أعمالها والاعتداء على الحريات الشخصية للمواطنين والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وكان الإرهاب من الوسائل التي تستخدم في تنفيذ وتحقيق الأغراض التي تدعو إليها تلك الجماعة و ذلك باستخدام القوة والعنف والتهديد والترويع تنفيذاً لمشروع إجرامي يهدف للإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر وإلحاق الضرر بالأموال والمباني والأملاك العامة حال كون المتهمين من الأول حتى الرابع قد تولوا زعامة فيها وأمدوا باقي المتهمين أعضاءها بالدعم المادي اللازم لارتكاب الجرائم التالية :ــــ
ـــــ اشترك و وآخرين سبق الحكم عليهم و آخرون مجهولون في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الترويع والتخويف والقتل والشروع فيه والجرح والضرب والتخريب والحريق العمدي والإتلاف مستعملين في ذلك القوة والعنف مع علمهم بالغرض المقصود منه حال حمل بعضهم لأسلحة نارية وبيضاء فوقعت منهم تنفيذاً لذلك الغرض الجرائم الآتية :ـــ
١ـــــ وضع وآخرين سبق الحكم عليهم النار عمداً في أموال ثابتة ومنقولة هي مبنى وملحقات مبني نقطة شرطة اللاهون الأمنية وسيارة الشرطة الرقيمة ….. شرطة والمملوكين لإحدى جهات الدولة ـــــ وزارة الداخلية ــــ بأن ألقوا بهما عدة زجاجات حارقة ” مولوتوف ” فشبت فيهما النيران وأتت على كافة محتوياتهما وكان ذلك بقصد الإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد .
٢ــــ حاز وأحرز وآخرون بالذات والواسطة أسلحة مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها “بنادق آلية ” وأسلحة نارية مششخنة “مسدسات وغير مششخنة “بنادق وأفردة خرطوش” بغير ترخيص وكان ذلك بقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام.
٣ــــــ حاز وأحرز وآخرين بالذات والواسطة ذخائر مما تستعمل في الأسلحة سالفة الذكر دون أن يكون مرخصاً لهم بحيازتها أو إحرازها وذلك بقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام.
٤ـــــ سرق وآخرين سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون الأسلحة النارية الآلية المبينة وصفاً بالتحقيقات والبالغ عددها سبع بنادق آلية وثلاثة مسدسات طبنجات وبندقية خرطوش وكذا الذخائر والأدوات والمهمات المبينة قدراً ووصفاً والمملوكة لوزارة الداخلية وذلك في طريق عام أمام نقطة شرطة اللاهون الأمنية وبطريق الإكراه الواقع على ضباط وأفراد نقطة الشرطة بأن أشهروا أسلحتهم النارية التي كانت بحوزتهم وكذا أسلحة بيضاء وزجاجات حارقة وعصي خشبية في وجوههم وقد ترك ذلك الإكراه أثر جروح بالمجني عليهم وهم الملازم ……، والمساعد شرطة …..، و…..، و…..، و…..، و…..، و…..وتمكنوا بهذه الوسيلة من شل مقاومتهم والاستيلاء على المسروقات.
٥ـــــ شرع وآخرين سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون في سرقة البندقية الآلية المملوكة لوزارة الداخلية وذلك في طريق عام أمام نقطة اللاهون الأمنية بطريق الإكراه الواقع على الشرطي/ …… بأن أشهروا أسلحتهم النارية والبيضاء في وجهه وقد ترتب على ذلك الإكراه أثر جروح إلا أنه أوقف أثر جريمتهم لسبب لا دخل لإرادتهم فيه وهو تمكنه من منعهم من سرقته.
٦ــــــ استعرض وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون القوة ولوحوا بالعنف واستخدموهما ضد المجني عليهم الواردة أسماؤهم بالتحقيقات ” أفراد نقطة شرطة اللاهون الأمنية ” وكان ذلك بقصد ترويعهم وإلحاق الأذى المادي والمعنوي بهم ولفرض السطوة عليهم وإرغامهم على الامتناع عن القيام بأعمال وظيفتهم الأمنية ومقاومة السلطات وكان من شأن ذلك التهديد إلقاء الرعب في أنفسهم وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر.
٧ــــــ خرب وآخرون سبق الحكم عليهم وآخرون مجهولون عمداً أملاكاً عامة هي مبنى نقطة شرطة اللاهون الأمنية وسيارة الشرطة رقم ….. شرطة والمملوكين لوزارة الداخلية وذلك في زمن هياج وفتنة وبقصد إحداث الرعب بين الناس وإلحاق الإضرار بالاقتصاد القومي للبلاد.
٨ـــــ حاز وآخرون بالذات والواسطة أسلحة بيضاء وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص دون مسوغ قانوني أو مبرر من الضرورة المهنية أو الحرفية وذلك بأحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام.
٩ــــ استعمل وآخرون القوة والعنف والتهديد مع موظفين عموميين ومكلفين بخدمة عامة وهم أفراد وضباط نقطة شرطة اللاهون الأمنية ( كمين اللاهون ) التابع لمديرية أمن الفيوم لحملهم بغير حق على الامتناع عن أداء عمل من أعمال وظيفتهم وهو التواجد بمقر خدمتهم المكلفين بها قانوناً ومنع التعدي عليه وقد بلغوا من ذلك مقصدهم بتمكن المتهمين من اقتحام مقر النقطة وسرقة محتوياتها وإتلاف البعض الآخر وإضرام النيران بالمباني وسيارة الشرطة حال كون المتهمين محرزين أسلحة نارية وبيضاء مما أدى إلى إجبار أفراد الكمين على ترك مقر خدمتهم.
وأحالتـــهم إلى محكمة جنايات الفيوم لمعـاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمرالإحـالة.
والمحكمــــة المــــــذكورة قضت حضوریاً في ١٤ من ديسمبر سنة ٢٠١٧ عملا بالمواد ۳۹ ،٤٠ ، ٤١، ٨٦ ، ٨٦ مكرر/ ١ ، ٢ ، ٣ ، ٨٦ مكرر أ/ ٣ ، ۸۹ مكرر / ١ ، ٢ ، ٣، ٩٠/١ ،٢ ،٣ ، ٩٥ ، ٩٦/١ ،٣ ، ١١٩ ، ١٣٧ مكرر/١، ٢، ٣، ١٦٢ ، ٢٥٢ مكرر/١، ٢ ،٣، ٣١٥ ، ٣٧٥ ، ٣٧٥ مكرر أ /١ من قانون العقوبات ، والبند ٧٧ من جدول إعادة حصر المواد المفرقعة والصادر بقرار وزير الداخلية ٢٢٢٥ لسنة ٢٠٠٧ ، والمواد ١ ، ٢ ، ٣ مكرر ، ٤ من القانون ١٠ لسنة ١٩١٤ المعدل بالقانون ٧٨ لسنة ١٩٦٨ ، والمواد ١/١ ، ٦ ، ٢٥ مكرر من القانون ۳۹٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل، مع إعمال المادتين ۱۷،٣٢/٢ من قانون العقوبات . بمعاقبة/ …… بالسجن المشدد لمدة عشر سنوات عما أسند إليه وألزمته المصاريف الجنائية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض في ١٦ من يناير سنة ٢٠١٨. وأودعت مذكرة بأسباب الطعن في ٢٧ من يناير سنة ٢٠١٨ موقع عليها من المحامي/.
وبجلسة اليوم سُمِعَت المرافعة على ما هو مبين بمحضر الجلسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذى تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً .
حيث إن الطعن استوفي الشكل المقرر في القانون.
وحيث إن الطاعن ينعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه وآخرين بجرائم الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة والسلطات العامة من مباشرة أعمالها والاعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين والحقوق العامة والإضرار بالوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي وكان الإرهاب وسيلتهم في تنفيذ اغراضها والاشتراك في تجمهر مؤلف من أكثر من خمسة أشخاص الغرض منه ارتكاب جرائم الاعتداء على الأشخاص وتخريب الممتلكات العامة وكان ذلك باستعمال القوة والعنف حال كون بعضهم حاملين أسلحة نارية، والحريق العمد، والإتلاف العمدي لأموال عامة ثابتة ومنقولة، والسرقة بالإكراه الذى ترك أثر جروح والشروع فيها في الطريق العام مع التعدد وحمل السلاح، وإحراز وحيازة بالذات والواسطة أسلحة نارية مششخنة مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها وذخائر مما تستعمل عليها وأسلحة نارية غير مششخنة وذخائرها بدون ترخيص بقصد استعمالهم في نشاط يخل بالأمن والنظام العام وأسلحة بيضاء بغير مسوغ بأحد أماكن التجمعات وبقصد استعمالها في الإخلال بالنظام والأمن العام واستعراض القوة والعنف لترويع المواطنين والحاق الأذى بهم، واستعمال القوة والعنف مع موظفين عمومين لحملهم على الامتناع عن آداء عمل من أعمال وظيفتهم وبلوغ المقصد، قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وأنطوى على البطلان والخطأ في القانون، ذلك أنه لم يبين الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها بياناً تتحقق به كافة أركان الجرائم التي دانه بها مكتفياً بترديد ما ورد بوصف الاتهام، ولم يستظهر أركان جريمتي التجمهر والانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون ملتفتاً عن دفعه في هذا الشأن، سيما وأن الانضمام إلى جماعة الاخوان المسلمين بتاريخ الواقعة لم يكن مجرماً لكونها مشهرة بوزارة التضامن برقم ….. لسنة ٢٠١٣ ولم تحظر تلك الجماعة وتعتبر إرهابية إلا بتاريخ لاحق على حدوث الواقعة، كما خلا من مواد القانون الذى حكم بموجبها والمنطبقة على أشد الجرائم التي عاقبه بها ، وعول على أقوال شهود الإثبات من رجال الشرطة التي لا تجدي في إثبات الجريمة في حقه لتناقض أقوالهم وعدم صحتها وعدم جديتهم لكونهم أفراد الكمين المعتدي عليه وكون شهادة بعضهم سماعية، كما تساند في الإدانة إلى التحريات وأقوال مجريها رغم عدم جديتها وعدم الإفصاح عن مصدرها وكونها لا تعدو أن تكون رأياً لمجريها، ورد بما لا يسوغ على دفوعه بعدم جواز نظر الدعوى لصدور قرار ضمني بالأوجه لإقامة الدعوى في شأن بعض المتحرى عنهم واستبعادهم من الاتهام دون الطاعن رغم تساوي مراكزهم القانونية ، وببطلان تحقيقات النيابة العامة لإجرائها بمعرفة وكيل نيابة بالمخالفة لنص المادة ٢٠٦ مكررا/١ من قانون الإجراءات الجنائية وبطلان تحريات الأمن الوطني لعدم توافر صفة الضبطية القضائية فيمن أجراها لخلو القرار المنشأ لهذا القطاع من النص على منحهم الضبطية القضائية وقصر اختصاصهم على جميع المعلومات فضلاً عن عدم نشر ذلك القرار بالجريدة الرسمية وأخيراً فإن المحكمة قد تخلت عن حيادها بإبداء رأيها السياسي في جماعة الاخوان المسلمين بالمخالفة لقانون السلطة القضائية وقضت بإدانته استناداً لذلك الفكر في غيبته ودون سماع دفاعه، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بيّن واقعة الدعوى بما تتوافر كافة الأركان القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدى إلى ما رتبه الحكم عليها مستمدة من أقوال شهود الإثبات ومما ثبت بتقرير قسم الأدلة الجنائية وأورد مضمونها في بيان كافٍ وبنى عقيدته على اطمئنانه لأدلة الثبوت التي بينها والتي لا يماري الطاعن في أن لها أصلها الثابت في الأوراق، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل على أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وإذ كان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، وإذ كانت صيغة الاتهام المبينة في الحكم تعتبر جزءاً منه، فيكفى في بيان الواقعة الإحالة عليها، ومن ثم فإن النعي على الحكم بالقصور فى هذا الشأن يكون ولا محل له. لما كان ذلك، وكانت المادتان الثانية والثالثة من القانون رقم ١٠ لسنة ١٩١٤ بشأن التجمهر قد حددتا شروط قيام التجمهر قانوناً في أن يكون مؤلفاً من خمسة أشخاص على الأقل وأن يكون الغرض منه ارتكاب جريمة أو منع أو تعطيل تنفيذ القوانين أو اللوائح أو التأثير على السلطات في أعمالها أو حرمان شخص من حرية العمل باستعمال القوة أو التهديد باستعمالها وأن مناط العقاب على التجمهر وشرط تضامن المتجمهرين في المسئولية عن الجرائم التي تقع تنفيذاً للغرض منه هو ثبوت علمهم بهذا الغرض، وكان يشترط لقيام التجمهر المؤثم بالمادتين الثانية والثالثة من القانون سالف البيان اتجاه غرض المتجمهرين الذين يزيد عددهم على خمسة أشخاص إلى مقارفة الجرائم التي وقعت تنفيذًا لهذا الغرض وأن تكون نية الاعتداء قد جمعتهم وظلت تصاحبهم حتى نفذوا غرضهم المذكور وأن تكون الجرائم التي ارتكبت وقعت نتيجة نشاط إجرامي من طبيعة واحدة ولم تكن جرائم استقل بها أحد المتجمهرين لحسابه دون أن يؤدى إليها السير الطبيعي للأمور وقد وقعت جميعها حال التجمهر ولا يشترط لتوافر جريمة التجمهر وجوب قيام اتفاق سابق بين المتجمهرين ، إذ إن التجمع قد يبدأ بريئاً ثم يطرأ عليه ما يجعله معاقباً عليه عندمــــــــا تتجه نية المشتركين فيه إلى تحقيق الغرض الإجرامي الذى يهدفون إليه مع علمهم بذلك . لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد دلل بوضوح على توافر العناصر اللازمة لقيام جريمة التجمهر في حق الطاعن على ما هى معرفة به فى القانون وهو ما يكفى للرد على دفاع الطاعن بانتفاء أركان تلك الجريمة فى حقه، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أعمل في حق الطاعن حكم المادة ٣٢ من قانون العقوبات، وكانت العقوبة المقررة قانوناً لجريمة حيازة وإحراز أسلحة نارية مششخنة ” بندقية آلية ” وذخيرتها بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام المنصوص عليها في المادة ٢٦ / ٦ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ في شأن الأسلحة والذخائر المستبدلة بالمادة الأولى من المرسوم بقانون رقم ٦ لسنة ٢٠١٢ وهى الإعدام أشد من العقوبة المقررة لكل من الجرائم الأخرى، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة الجريمة الأشد، وقضى بمعاقبته بعد أخذه بالرأفة ومعاملته بالمادة ١٧ من قانون العقوبات بالسجن المشدد لمدة عشر سنين ، فإنه يكون طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون بالتالي ما يثيره بشأن جريمة الانضمام إلى جماعة أُسست على خلاف أحكام القانون الغرض منها الدعوة إلى تعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها العامة من ممارسة أعمالها وكان الإرهاب وسيلتها لتنفيذ اغراضها لا جدوى منه . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد وصف الفعل وبين الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً كافياً وقضي بعقوبة لا تخرج عن حدود المادة الواجبة التطبيق فإن خطأه في عدم ذكر مادة عقاب جريمة إحراز وحيازة أسلحة نارية مششخنة وغير مششخنة وذخائرها بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام التي دان الطاعن بها لا يبطله ولا يقتضى نقضه اكتفاءً بتصحيح أسبابه بإضافة المادة ٢٦/٢ من القانون ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ في شأن الأسلحة والذخائر المعدل بالمرسوم بقانون رقم ٦ لسنة ٢٠١٢ عملاً بالمادة ٤٠ من القانون ٥٧ لسنة ١٩٥٩ في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها بثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق ، وكان من حق محكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدى إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى مادام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق، وأن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذى تطمئن إليه، وهى متى أخذت بشهادتهم، فإن ذلك يفيد أنها اطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وأن تناقض الشاهد أو اختلاف رواية شهود الإثبات في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم ولا يقدح في سلامته مادامت المحكمة قد استخلصت الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه، كما أن القانون لا يمنع المحكمة من الأخذ برواية منقولة متى ثبتت صحتها واقتنعت بصدورها عمن نقلت عنه، وأنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأن تلك الشهادة أن تؤدى إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه محكمة الموضوع يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذى رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وأنه لا يشترط أن تكون الأدلة التي يركن إليها الحكم بحيث ينبئ كل دليل منها ويقطع في كل جزئية من جزئيات الدعوى ، إذ الأدلة في المواد الجنائية متساندة يكمل بعضها بعضاً ومنها مجتمعة تتكون عقيدة المحكمة فلا ينظر إلى دليل بعينه لمناقشته على حدة دون باقي الأدلة بل يكفى أن تكون الأدلة في مجموعها كوحدة مؤدية إلى ما قصده الحكم منها ومنتجة في اقتناع المحكمة واطمئنانها إلى ما انتهت إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد كشف عن اطمئنانه إلى أقوال شهود الإثبات واقتناعه بوقوع الحادث على الصورة التي شهدوا بها، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة حول تصوير المحكمة للواقعة أو في تصديقها لأقوال شهود الإثبات أو محاولة تجريحها ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه لم يستند في الإدانة إلى دليل مستمد من تحريات الشرطة وإنما أقام قضاءه على أقوال شهود الإثبات وتقرير قسم الأدلة الجنائية وأن ما ورد بأقوال الضابطين في شأن التحريات إنما هو مجرد قول لهما يخضع لتقدير المحكمة التي أفصحت عن اطمئنانها إليهما، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون في غير محله. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الأمر بألا وجه – كسائر الأوامر القضائية والأحكام – لا يؤخذ فيها بالاستنتاج أو الظن بل يجب بحسب الأصل – أن يكون مدوناً بالكتابة وصريحاً بذات ألفاظه في أن من أصدره لم يجد من أوراق الدعوى وجهاً للسير فيها، وإذن فمتى كانت النيابة العامة لم تصدر أمراً كتابياً صريحاً بحفظ الدعوى الجنائية بالنسبة إلى متهم بل كان ما صدر عنها – حسب ما يثيره الطاعن بأسباب الطعن – هو استبعاد غيره من ارتكاب الجريمة، فإن ذلك لا يفيد على وجه القطع واللزوم حفظ الدعوى بالنسبة لهم بالمعنى المفهوم في القانون، كما أنه من المقرر كذلك أن الأمر بعدم وجود وجه لإقامة الدعوى الجنائية المبنى على أسباب خاصة بأحد المتهمين دون الآخرين لا يحوز حجية إلا في حق من صدر في صالحه، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعنون في هذا الصدد يكون غير قويم . فضلاً عن أنه لا يجدي الطاعن ما يثيره من أن هناك متهمين آخرين في الدعوى تم استبعادهم من الاتهام طالما أن استبعادهم فيها لم يكن ليحول دون مسائلته عن الجرائم التي دين بها. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النيابة العامة هي صاحبة الاختصاص الأصيل بالتحقيق الابتدائي في جميع الجرائم طبقاً للمادة ١٩٩ من قانون الإجراءات الجنائية، ويجوز استثناءاً ندب قاضي للتحقيق في جريمة معينة أو جرائم من نوع خاص، ومتي أحيلت الدعوى إليه كان مختصاً دون غيره بتحقيقها – المادة ٦٩ من القانون سالف الذكر – وقد حدد القانون إجراءات التحقيق التي يختص بها قاضي التحقيق والتي يحظر على النيابة العامة اتخاذ أي إجراء فيها قبل الحصول مقدماً على إذن مُسبق من القاضي الجزئي وليس التحقيق من بين هذه الإجراءات، ومن ثم يظل عضو النيابة العامة أياً كانت درجته هو صاحب الاختصاص الأصيل في مباشرة التحقيق في جميع الجرائم التي يختص قاضي التحقيق بتحقيقها – مادة ٢٠٦ مكرراً إجراءات جنائية – ولأعضاء النيابة العامة من درجة رئيس نيابة على الأقل – إضافة إلي الاختصاصات المقررة للنيابة العامة – سلطات قاضي التحقيق في تحقيق الجناية المنصوص عليها في الأبواب الأول والثاني مكرر والرابع من الكتاب الثاني من قانون العقوبات، وإذ كان يبين من مدونات الحكم المطعون فيه أن إجراءات التحقيق التي باشرها وكيل النيابة في القضية ليس فيها ما يدخل في اختصاصات قاضي التحقيق، إنما باشرها وكيل النيابة في نطاق سلطات النيابة العامة، فإن دعوى بطلان التحقيقات لهذا السبب لا يكون لها محل، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد ألتزم هذا النظر في الرد على ما دفع به الطاعن في هذا الشأن فإنه لا يكون قد خالف القانون في شيء. لما كان ذلك، وكانت المادة ٢٣ من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم ٢٦ لسنة ١٩٧١، قد منحت الضباط العاملين بإدارة البحث الجنائي وفروعه بمديريات الأمن – والتي حل محلها قطاع الأمن الوطني المنشأ بقرار وزير الداخلية رقم ٤٤٥ لسنة ٢٠١١ – بعد حل جهاز مباحث أمن الدولة – سلطة الضبط بصفة عامة وشاملة بما مؤداه أن يكون في متناول اختصاصهم ضبط جميع الجرائم، مادام قانون الإجراءات الجنائية حينما أضفى عليهم صفة الضبطية القضائية لم يرد أن يقيدها لديهم بأي قيد، أو يحد من ولايتهم فيجعلها قاصرة على نوع معين من الجرائم، لاعتبارات قدرها تحقيقاً للمصلحة العامة، وتلك الولاية بحسب الأصل إنما تنبسط على جميع الجرائم، حتى ما كان منها قد أفردت له مكاتب خاصة، لما هو مقرر من أن إضفاء صفة الضبط القضائي على موظف ما في صدد جريمة معينة، لا يعني مطلقاً سلب تلك الصفة، في شأن هذه الجرائم بعينها من مأموري الضبط ذوي الاختصاص العام، ولا ينال من هذا النظر ما أشتمل عليه قرار وزير الداخلية آنف الذكر بتنظيم قطاع الأمن الوطني، وتحديد اختصاص كل إدارة منه، فهو محض قرار تنظيمي لا يشتمل على ما يمس أحكام قانون الإجراءات الجنائية، وليس فيه ما يخول وزير الداخلية حق إصدار قرارات بمنح صفة الضبط القضائي، أو سلب أو تقييد هذه الصفة عن ضباط معينين بالنسبة إلى نوع معين من الجرائم ، كما أن المادة الأولى من القرار بقانون رقم ١٠٩ لسنة ١٩٧١ بشأن هيئة الشرطة لم تخول وزير الداخلية سوى سلطة إصدار القرارات المنظمة لكافة شئونها، ونظم عملها وهي جميعها أحكام تنظيمية لا شأن لها بأحكام الضبط القضائي التي تكفل قانون الإجراءات الجنائية بتنظيمها، ومن ثم فإن ما قام به مُحرر محضر التحريات – وهو ضابط بقطاع الأمن الوطني – من إجراء التحريات عن الواقعة إنما كان يُمارس اختصاصاً أصيلاً نوعياً ومكانياً بوصفه من رجال الضبط القضائي الذي ينبسط على كل أنحاء الجمهورية ومن ثم يكون نعي الطاعن على الحكم ببطلان الإجراءات غير سديد. لما كان ذلك، وكان الأصل أنه لا يقبل من أوجه الطعن إلا ما كان متصلاً بهذا الحكم، وكان ما يثيره الطاعن بوجه طعنه بشأن ما جاء بمدونات الحكم الصادر ضده غيابياً بتاريخ ١٤-٩-٢٠١٧ من أن المحكمة أبدت رأيها السياسي في جماعة الأخوان المسلمين بالمخالفة لقانون السلطة القضائية ، فإن هذا النعي بحسب ما ساقه لا يتصل بالحكم المطعون فيه ، وإنما انصب على الحكم الغيابي السابق صدوره في حقه، والذى سقط بالقبض عليه وإعادة محاكمته، ومن ثم فإنه لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أوقع على الطاعن عقوبة واحدة وهي المقررة لجريمة إحراز وحيازة أسلحة نارية مششخنة وغير مششخنة وذخائرها بقصد استعمالها في نشاط يخل بالأمن والنظام العام – وذلك بعد إعماله المادة ٣٢ من قانون العقوبات، وأغفل ما توجبه الفقرة الأخيرة من المادة ٣٧٥ مكرراً “أ” من ذات القانون من ضرورة القضاء في جميع الأحوال بوضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها باعتبارها عقوبة تكميلية ذات طبيعة وقائية، ولذلك يجب توقيعها مهما تكن العقوبة المقررة ، لما يرتبط بتلك الجريمة من جرائم أخرى، والحكم بها مع عقوبة الجريمة الأشد، وكان إغفال الحكم المطعون فيه توقيع عقوبة وضع المحكوم عليه تحت مراقبة الشرطة مدة مساوية لمدة العقوبة المحكوم بها عليه يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون، إلا أنه لما كان البين من مطالعة الحكم الغيابي السابق صدوره في ذات الجناية على الطاعن أن محكمة الجنايات سبق وأن قضت في ذات الدعوى بجلسة ١٤ من سبتمبر سنة ٢٠١٧ غيابياً بمعاقبة الطاعن بالسجن المؤبد. لما كان ذلك، وكانت المادة ٣٩٥ من قانون الإجراءات الجنائية المعدلة بالقانون ٩٥ لسنة ٢٠٠٣، والتي دين الطاعن في ظل العمل بها قد جرى نصها على أنه : ” إذا حضر المحكوم عليه في غيبته، أو قُبض عليه قبل سقوط العقوبة بمضي المدة، يُحدد رئيس محكمة الإستئناف أقرب جلسة لإعادة نظر الدعوى، ويعرض المقبوض عليه محبوساً بهذه الجلسة، وللمحكمة أن تأمر بالإفراج عنه، أو حبسه إحتياطياً حتى الإنتهاء من نظر الدعوى، ولا يسقط الحكم الغيابي سواء فيما يتعلَّق بالعقوبة، أو التعويضات إلا بحضور من صدر ضده الحكم جلسات المحاكمة، ولا يجوز للمحكمة في هذه الحالة التشديد عما قضى به الحكم الغيابي ” . وكان نص المادة ٣٩٥ المار ذكره ، وإن كان في ظاهره إجرائي ، إلا أنه يتضمن قاعدة موضوعية تُقيِّد محكمة الموضوع عند إعادة الإجراءات بمحاكمة المحكوم عليه غيابياً، ألا تزيد بالعقوبة التي حكم بها عما قضى به الحكم الغيابي، وهي قاعدة واجبة الإعمال على واقعة الدعوى، فإنه لا سبيل إلى تصحيح هذا الخطأ الذي وقع فيه الحكم الغيابي . لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد ألتزم هذا النظر في قضائه، وأوقع على الطاعن عقوبة لا تتجاوز مقدار العقوبة التي قضى بها الحكم السابق ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمَّته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهــذه الأسبــاب
حكمت المحكمة:ــ بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .