«النقض»: عدم تقيد القاضى عند محاكمة متهم بحكم صادر فى ذات الواقعة على آخر
أوضحت محكمة النقض خلال نظرها الطعن رقم ١٢١٣٢ لسنة ٨٨ قضائية، أن القاضي غير مقيد عند محاكمة متهم بحكم آخر صادر في ذات الواقعة على متهم آخر، موضحة أن تمسك الطاعن بحجية الحكم الصادر في ذات الجنائية ببراءة متهم آخر في الدعوى تماثل موقفه مع موقف الطاعن فيها، غير مقبول.
المحكمـــة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :
حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانوناً .
وحيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الاشتراك في تزوير محرر رسمي واستعماله فيما زور من أجله مع علمه بتزويره وتقليد خاتم منسوب صدوره لإحدى جهات الحكومة قد شابه القصور في التسبيب ، والفساد في الاستدلال ، وانطوى على إخلال بحق الدفاع ، وران عليه البطلان ؛ ذلك أن أسبابه جاءت في صيغة عامة معماة.
ولم تطلع المحكمة على المحرر المزور ، ودانه رغم عدم علمه بالتزوير لدلائل عددها ، كما أن المدافع عن الطاعن تمسك في مرافعته ببراءته استناداً إلى حجية الحكم الصادر في ذات الجناية ببراءة متهمين آخرين في الدعوى وموقفهما يماثل موقفه فيها بيد أن الحكم التفت عن هذا الدفع إيراداً له ورداً عليه ، مما يعيبه بما يستوجب نقضه .
من حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها ، وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة ، حصل الحكم مضمونها ومؤداه على نحو كاف وواف ، وهى أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً خاصاً أو نمطاً معيناً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ومؤدى أدلة الثبوت فيها – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة كان ذلك محققاً لحكم القانون.
ومن ثم يضحى منعى الطاعن في هذا الخصوص غير سديد . لما كان ذلك ، ولئن كان من المقرر أن إغفال المحكمة الاطلاع على الورقة محل التزوير عند نظر الدعوى يعيب إجراءات المحاكمة لأن اطلاع المحكمة بنفسها على الورقة المزورة إجراء جوهري من إجراءات المحاكمة في جرائم التزوير يقتضيه واجبها في تمحيص الدليل الأساسي في الدعوى على اعتبار أن تلك الورقة هي الدليل الذي يحمل شواهد التزوير.
ومن ثم عرضها على بساط البحث والمناقشة بالجلسة في حضور المدافع عن الطاعن لإبداء رأيه فيها وليطمئن إلى أن الورقة موضوع الدعوى هي التي دارت مرافعتها عليها ، إلا أنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة اطلعت على المحرر المزور خلافاً لما يزعمه الطاعن ولم يفت المحكمة القيام بهذا الإجراء ، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد .
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت بأدلة سائغة توافر جريمة الاشتراك في التزوير وهو ما يتضمن إثبات توافر ركن العلم بتزوير تلك المحررات في حق الطاعن ، فإن هذا حسبه ولا يكون ملزماً من بعد بالتدليل على استقلال على توافر القصد الجنائي لديه ، ويضحى ما يثيره الطاعن بشأن انتفاء علمه بتزوير المحرر موضوع الاتهام مجرد جدل موضوعي في سلطة المحكمة في تقدير الأدلة واستنباط معتقدها مما لا يجوز الخوض فيه لدى محكمة النقض .
لما كان ذلك ، وكان لا وجه لما يثيره الطاعن بشأن حجية الحكم الصادر في ذات الجناية ببراءة متهمين آخرين في الدعوى عن ذات التهمة وتماثل موقفهم فيها ، إذ أنه لا سبيل إلى مصادرة المحكمة في اعتقادها ما دامت بنت اقتناعها على أسباب سائغة ، فإن الأمر يتعلق بتقدير الدليل ولا يتعدى أثره شخص المحكوم لصالحه.
لما هو مقرر من أن القاضي وهو يحاكم متهماً يجب أن يكون مطلق الحرية في هذه المحاكمة غير مقيد بشيء مما تضمنه حكم صادر في ذات الواقعة على متهم آخر ، ولا مبال بأن يكون من وراء قضائه على مقتضى العقيدة التي تكونت لديه قيام تناقض بين حكمه والحكم السابق صدوره على مقتضى العقيدة التي تكونت لدى القاضي الآخر ، ومن ثم فإن منعى الطاعن في هذا الخصوص لا يكون سديداً . لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً .
فلهــــــــذه الأسبـــــــاب
حكمت المحكمة :- بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع برفضه .