«النقض»: سكوت ضابط الواقعة وانفراده بالشهادة لا ينال من سلامة أقواله
ضابط الواقعة، أكدت محكمة النقض في حكمها بالطعن رقم 13623 لسنة 87 قضائية ـ الدوائر الجنائية، أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة ، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق، وأن سكوت ضابط الواقعة عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة وانفراده بالشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وينحل النعي في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ويكون ما يثار في هذا الصدد لا محل له.
المحكمـة
بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد القاضي المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً :ـــ
من حيث إن الطعن استوفى الشكل المقرر قانوناً .
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي إحراز سلاح ناري مششخن ” بندقية آلية ” وذخيرته مما لا يجوز الترخيص بحيازتها أو إحرازها قد شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع ؛ ذلك أنه اطرح برد غير سائغ الدفع ببطلان إذن النيابة العامة بالقبض والتفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية بدلالة خلوها من نوع المخدر والسلاح الناري ودون مراقبة شخصية من مجريها ، ولم يرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن بهما ، وعلى دفاعه بانفراد ضابط الواقعة بالشهادة وحجب باقي أفراد القوة المرافقة عنها ، كل ذلك يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة مستقاة من أقوال شاهد الإثبات وتقرير المعمل الجنائي ، وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها . لما كان ذلك ، وكان تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الأمر بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع التي متى اقتنعت – كما هو الحال في الدعوى الراهنة – بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إجرائه ، فلا معقب عليها في ذلك لتعلقه بالموضوع لا بالقانون ، ولا يقدح في جدية التحريات – بفرض حصوله – عدم بيان نوع المخدر أو السلاح الناري بمحضر الضبط؛ لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها.
كما أن القانون لا يوجب حتماً أن يكون رجل الضبط القضائي قد أمضى وقتاً طويلاً في هذه التحريات ، أو أن يتولى بنفسه مراقبة الأشخاص المتحرى عنهم أو أن يكون على معرفة سابقة بهم ، بل له أن يستعين فيما يجريه من تحريات أو أبحاث أو ما يتخذه من وسائل التنقيب بمعاونيه من رجال السلطة العامة والمرشدين السريين أو من يتولون إبلاغه عما وقع بالفعل من جرائم ما دام أنه اقتنع شخصياً بصحة ما نقلوه إليه وبصدق ما تلقاه من معلومات ، ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت في الأوراق ، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير قويم .
لما كان ذلك ، وكان يبين من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش لحصولهما قبل صدور الإذن ، فليس له من بعد أن ينعى على المحكمة قعودها عن الرد على دفع لم يبد أمامها، هذا فضلاً عما هو مقرر من أن الدفع بصدور الإذن بعد الضبط والتفتيش هو دفاع موضوعي يكفي للرد عليه اطمئنان المحكمة إلى وقوع الضبط والتفتيش بناء على هذا الإذن أخذاً منها بالأدلة السائغة التي أوردتها في حكمها ، فإن النعي على الحكم في هذا الصدد يكون غير سديد.
لما كان ذلك ، وكان من المقرر أن الشارع لم يقيد القاضي الجنائي في المحاكمات الجنائية بنصاب معين في الشهادة ، وإنما ترك له حرية تكوين عقيدته من أي دليل يطمئن إليه طالما أن له مأخذه الصحيح في الأوراق، وأن سكوت ضابط الواقعة عن الإدلاء بأسماء أفراد القوة المصاحبة وانفراده بالشهادة لا ينال من سلامة أقواله وكفايتها كدليل في الدعوى وينحل النعي في هذا الصدد إلى جدل في تقدير الدليل مما تستقل به محكمة الموضوع بغير معقب ، ويكون ما يثار في هذا الصدد لا محل له.
لما كان ذلك ، وكان الحكم المطعون فيه قد عاقب الطاعن بالسجن المشدد لمدة ثلاث سنوات عن جريمتي إحراز سلاح ناري مششخن ” بندقية آلية ” وذخيرتها مما لا يجوز الترخيص بحيازته أو إحرازه مشيراً في مدوناته إلى تطبيقه المادتين ١٧ ، ٣٢ من قانون العقوبات ، ودون أن يقضي بالغرامة المقررة بنص المادة ٢٦/٤،٣ من القانون رقم ٣٩٤ لسنة ١٩٥٤ المعدل ؛ وذلك لعدم قضاء الحكم الغيابي بها ، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون لعدم تشديد العقوبة عما قضى به الحكم الغيابي مراعياً ما نصت عليه المادة ٣٩٥ من قانون الإجراءات الجنائية بعد تعديلها بالقانون رقم ٩٥ لسنة ٢٠٠٣. لما كان ما تقدم ، فإن الطعن برمته يكون قد جاء على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.
فلهــــذه الأسبــــــــــاب
حكمت المحكمة : ــــ بقبول الطعن شكلاً ، وفي الموضوع برفضه