«النقض»: رفع الدعوى ضد المتوفى لا يُبطل الخصومة
أكدت محكمة النقض، في حكمها بالطعن رقم 5436 لسنة 86 قضائيةK أنه يجوز تصحيح شكل الخصومة في الدعوي، إذا ما تبين رفعها على متوفي، وذلك باختصام ورثته في الدعوي، ومن ثم انعقاد الخصومة صحيحة منذ بدايتها، وبذلك تكون الهيئة العامة للنقض انهت على إنعدام الخصومة لوفاة المدعى عليه قبل رفع الدعوى.
الوقائع
وتعود واقعة القضية إلى دعوى أقامها هشام عكاشة بصفته رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى المصرى، ضد إحدى الشركات وعدد من الأشخاص (الضامنين)، يطلب الحكم بإلزامهم بالتضامن بأداء مبلغ يقترب من 40 مليون جنيه وفوائده، على سند من أن الشركة المطعون ضدها الأولى حصلت بموجب عقدى اعتماد بحساب جارٍ من البنك الطاعن على مبلغ 4 ملايين جنيه بضمان باقى المطعون ضدهم، والتى نشأت عنها المديونية المطالب بها.
وفى عام 2016، قضت محكمة أول درجة بانعدام الخصومة بالنسبة لمورثى المطعون ضدهم الثانى والثالث والسابع، وكذا بإلزام باقى المطعون ضدهم بالتضامن بأداء مبلغ 3 ملايين و83 ألف سنويا من تاريخ 13 أكتوبر 2015 وحتى تمام السداد بما لا يجاوز أصل الدين المحكوم به.
وطعن البنك الأهلي في هذا الحكم بطريق النقض، حيث عُرض الطعن على دائرة فحص الطعون الاقتصادية والتي رأت أنه جدير بالنظر فأحالته إلى الهيئة التي حددت جلسة لنظره.
• اتجاهين داخل النقض
قالت الدائرة التجارية والاقتصادية المختصة -المنظور أمامها الطعن- إن الأحكام الصادرة من محكمة النقض تباينت حول مسألة قبول أو رفض طلب تصحيح شكل الدعوى باختصام ورثة المتوفى الذى ثبتت وفاته قبل رفعها، والتحقق من انعدام الخصومة من عدمه، لا سيما إذا ما كانت أمام ذات درجة التقاضي الواحدة، وتعذر علم المدعى أو جهله بحالة الوفاة قبل رفعها.
وذهبت بعض دوائر المحكمة في أحكامها إلى عدم جواز تصحيح شكل الخصومة أو إدخال ورثة المتوفى قبل رفع الدعوى؛ لأن الخصومة ولدت منعدمة.
واستند أصحاب هذا الاتجاه إلى أن الأصل أن تقوم الخصومة بين طرفيها من الأحياء مدُعٍ أو مدعى عليه، فلا تنعقد إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة، وإلا كانت معدومة ولا ترتب أثرًا ولا يصححها إجراء لاحق، وعلى من يريد عقد خصومة أن يراقب ما يطرأ على خصومه من وفاة أو تغيير في الصفة قبل اختصامهم حتى تأخذ الخصومة مجراها القانوني الصحيح.
أحكام الدوائر الأخرى
بينما ذهبت بعض الدوائر الأخرى فى أحكامها إلى عدم إعمال أحكام انعدام الخصومة؛ وذلك بقبول طلب تصحيح شكل الدعوى واختصام ورثة الخصم المتوفى -أمام ذات درجة التقاضي الواحدة- الذي ثبتت وفاته قبل رفع الدعوى، وذلك بموجب صحيفة جديدة مستوفية كافة شرائطها القانونية وفي الميعاد المقرر قانونًا وتحقق الغاية من الإجراء بهذا التصحيح والتقليل من دواعي البطلان بتغليب موجبات صحة الإجراءات واكتمالها على أسباب بطلانها.
وإزاء هذا الاختلاف قررت الدائرة بجلستها المنعقدة بتاريخ 3 مايو 2023 إحالة الطعن إلى الهيئة العامة للمواد المدنية والتجارية، للفصل في هذا الاختلاف وإقرار المبدأ الذى قررته أحكام الاتجاه الثاني والعدول عن المبدأ الذي قررته أحكام الاتجاه الأول.
• الهيئة تقر اختصام الورثة
وقالت الهيئة في حكمها إن التشريعات الموضوعية هي موطن العدل بمضمونه وفحواه؛ وعليه فإن سبيل تحقيقه يكون من خلال التشريعات الإجرائية؛ إذ إنها الأداة والطريق للوصول إليه، ذلك أن الرسالة الأولى والأخيرة للتشريعات الإجرائية أن تكون أداة طيعة لعدل سهل المنال مأمون الطريق لا يغرق في الشكليات.
وأضافت أن قانون المرافعات هو حجر الأساس في بناء القوانين الإجرائية، وتمتاز نصوصه بالدقة والشمول والمرونة، لذلك فقد حرص المشرع فيه على الأخذ بالمعايير التي تتيح للقاضي تغليب موجبات صحة الإجراءات على غيرها من المعايير.
وذكرت الهيئة أنه طالما كان من المقرر أن الخصومة لا تقوم ابتداءً إلا بين طرفين من الأحياء فلا تنعقد أصلًا إلا بين أشخاص موجودين على قيد الحياة وإلا كانت معدومة، إلا أن التيسير على الخصوم وتحقيق موجبات سير العدالة يستتبع جواز اختصام ورثة المتوفى بإجراءات جديدة بموجب صحيفة مستوفية لكافة شرائطها القانونية إيداعًا وإعلانًا يتحقق به مبدأ المواجهة في الخصومة، على أن يكون في ذات درجة التقاضى ويراعى فيها المواعيد المقررة للخصومة الجديدة التي تكون مستقلة بذاتها ومرتبة لكافة آثارها من تاريخ انعقادها.
وانتهت الهيئة إلى العدول عن مبدأ الاتجاه الأول الذي يرى “عدم جواز تصحيح شكل الخصومة وتجديد الإجراء الباطل باختصام ورثة المتوفى واعتبار الخصومة منعدمة لوفاة مورثه”، والاعتداد بالمبدأ الذي ورد بأحكام الاتجاه الثاني وفقًا للأسباب الواردة سلفًا، ومن ثم فإن الهيئة وبعد الفصل في المسألة المعروضة عليها تُعيد الطعن إلى الدائرة التي أحالته إليها للفصل فيه وفقًا لما سبق وطبقا لأحكام القانون.